في مسند الإمام أحمد رحمه الله، ط الرسالة :
حَدِيثُ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ (1)
20732 - حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَزْرَةُ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْتَرِبْ مِنِّي "، فَاقْتَرَبْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: " أَدْخِلْ يَدَكَ فَامْسَحْ ظَهْرِي "، قَالَ: فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي قَمِيصِهِ، فَمَسَحْتُ ظَهْرَهُ، فَوَقَعَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ بَيْنَ إِصْبَعَيَّ، قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ: " شَعَرَاتٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ " (1)
20733 - حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادْنُ مِنِّي "، قَالَ: فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ، وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ:" اللهُمَّ جَمِّلْهُ، وَأَدِمْ جَمَالَهُ "، قَالَ: " فَلَقَدْ بَلَغَ بِضْعًا، وَمِائَةَ سَنَةٍ وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَيَاضٌ، إِلَّا نَبْذٌ يَسِيرٌ، وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ، وَلَمْ يَنْقَبِضْ وَجْهُهُ حَتَّى مَاتَ " (2)
ففي الحديث - الأخير - دعوة مباركة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الصحابي الجليل ، وقد بَلَغَ رضي الله عنه بِضْعًا وَمِائَةَ سَنَةٍ ، وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَيَاضٌ، إِلَّا نَبْذٌ يَسِيرٌ، وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ، ولم يُصب بالتجاعيد التي تصيب كبار السن ، وإنما بقي وجهُه على جماله حتى مات على تلك الحال ؛ ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذه الدعوة المباركة العظيمة متيسِّرٌ الظَّفَرَ بها ومنالها حتى في زماننا هذا لمن يكرمه الله تعالى بالعناية بسنة رسول الله صلى اله عليه وسلم وأحاديثه الشريفة العطرة ؛ حفظًا ، وفهمًا ، وعملاً ، ودعوةً إليها ؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِالْخَيْفِ: " نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا كما سمعها ".
فهذه دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من يُعنى بسنته الشريفة حفظًا وفهمًا ودعوةً إليها أن ينضر الله وجهه ، وهي دعوة مستمرة ، فمن أراد أن يفوز بهذه الدعوة المباركة في أي وقت ، وفي أي قرن ، وأي زمان ؛ فليعنَ بأحاديثه صلى الله عليه وسلم حفظًا لها ومذاكرةً لها وعملاً بها ودعوةً إليها ، قال سفيان بن عيينة رحمه الله (3) : ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "نضر الله امرءا سمع منا حديثا فبلغه ".
__________
(1) هو أبو زيد عمرو بن أخطب الأنصاري، قيل: هو من ولد عدي بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وإنما قيل له: أنصاري، وليس من الأوس والخزرج، لأنه من ولد أخيهما عدي بن حارثة بن ثعلبة، فإن الأوس والخزرج هما ولد حارثة بن ثعلبة، وكثيراً ما تفعل العرب هذا، تنسب ولد الأخ إلى عمهم لشهرته، وقيل: بل هو من بني الحارث بن الخزرج، مشهور بكنيته، وهو جد عزرة بن ثابت، له صحبة ورواية، وقد غزا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة غزوة، ومسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجهه ودعا له، فبلغ بضعاً ومئة سنة أسود الرأس واللحية، نزل البصرة.
(1) إسناده قوي على شرط مسلم. عزرة الأنصاري: هو ابن ثابت بن أبي زيد عمرو بن أخطب.
وأخرجه الطبراني 17/ (44) من طريق صالح بن عمر الواسطي، عن عزرة ابن ثابت، بهذا الإسناد.
وسيأتي الحديث عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن عزرة بن ثابت 5/341.
وسيأتي أيضاً من طريق أبي نَهِيك عثمان بن نَهِيك، عن أبي زيد الأنصاري 5/340.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، سلف (11656) ، وقد ذكرنا هناك بقية أحاديث الباب.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم كسابقه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/211 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. وقال في حديثه: "فمسح بيده على رأسي ولحيتي". وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح موصول.
وسيأتي الحديث عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن عزرة بن ثابت 5/341.
وسيأتي أيضاً من طريق أبي نَهِيك عثمان بن نهيك 5/340، ومن طريق أنس بن سيرين 5/340، كلاهما عن أبي زيد الأنصاري.
وقوله: "نَبْذ" بفتح فسكون، أي: شيء يسير أو قليل.
وقوله: "ولم يَنْقَبض"، أي: لم يظهر فيه يُبْسُ الكِبَر، ولم تَزُلْ منه طراوة الشباب.
___
(3) أخرجه اخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" ( 122 ).