تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 80

الموضوع: تسلسل الحوادث في القدم هو قول السلف المقدم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي تسلسل الحوادث في القدم هو قول السلف المقدم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من المعلوم أن مسألة تسلسل الحوادث في القدم من المسائل الشائكة والمعتركات القوية في العقيدة لكن الشيء غير المعلوم أن نفي هذا التسلسل في الأزل هو قول الأشاعرة المخالف لقول السلف وهذا الذي سعى شيخ الاسلام في اثباثه واظهار الحق الذي خفي على كثير من الناس
    وقد صنف فيها تصنيفا كثيرا وقال فيها كلاما طويلا واستدل لها استدلالا قويا متينا منه استدلال نقلي ولكن معظمه عقلي يصعب على العقول استيعابه ويشفق اللبيب من خوض أعماق بحاره
    وهاهو هذا البحث أقدمه بين أيديكم , والباب مفتوح على مصراعيه للمناقشة والتعقيب , وما توفيقي الا بالله .
    ومعنى تسلسل الحوادث في القدم يقتضي أن لا يكون للمخلوقات ابتداء , وما من مخلوق الا وقبله مخلوق ويمتنع أن يكون الله تعالى في وقت من الأوقات معطلا عن صفة الخلق والفعل .
    وقد اعترض الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح على شيخ الاسلام حين قال بهذا القول .
    قال ابن حجر في شرح حديث عمران في بدء الخلق
    ((تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ قَوْلُهُ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ كَانَ اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ بِمَعْنَى كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ وَهِيَ أَصَرْحُ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَثْبَتَ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا مِنْ رِوَايَةِ الْبَابِ وَهِيَ مِنْ مُسْتَشْنَعِ الْمَسَائِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ وَوَقَفْتُ فِي كَلَامٍ لَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ يُرَجِّحُ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى غَيْرِهَا مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ تَقْتَضِي حَمْلَ هَذِهِ عَلَى الَّتِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ لَا الْعَكْسَ وَالْجَمْعُ يُقَدَّمُ عَلَى التَّرْجِيحِ بِالِاتِّفَاقِ ))
    أما قوله أنها من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية
    فنقول بل هي من أحسن المسائل وأعظم ما كتبه شيخ الاسلام في رد مذهب الكلابية والاشاعرة
    وما كتبه هو في مئات الأسطر لا يرد عليه بكلمات معدودات
    أما قضية الاجماع الذي اختلقه الأشاعرة في أن المخلوقات لها ابتداء وجوبا ومنع تسلسل الحوادث في القدم
    فالجواب أن يقال ائتونا بنقل واحد عن صحابي أوتابعي يقول بما ادعيتموه فنقبل عندئذ الاجماع ونكون أول المؤمنين به وأكبر المسلمين له
    أما ما ادعاه ابن حجر من دعوى الاجماع على تقديم الجمع بين الروايات المتعارضة على الترجيح بينها فهذا صحيح وان خالف فيه الأحناف
    لكن الجمع يكون فيما قد تيقنا أن النبي عليه السلام قد قاله حقا
    ومعلوم أن التعارض لا يمكن أن يكون في كلامه عليه السلام , وانما قد يكون في أفهام المخاطبين
    وهذا الحديث الذي رواه عمران بن الحصين ما هو الا قصة واحدة حين جاء وفد الأشعريين وسألوا النبي عليه السلام عن (أول هذا الأمر ) فأجابهم بهذا الكلام ولنكتب الحديث كاملا حتى يتجلى للقراء الأمر جيدا

    عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ» ، قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: «اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أَهْلَ اليَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ» ، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ» فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الحُصَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا،))

    ورواه في موضع آخر بلفظ (ولم يكن شيء قبله))

    فمما لا شك فيه أن القصة واحدة والراوي واحد بل الطريق كله من الأعمش الى عمران واحد
    فاذا تبين أن المجلس واحد فلا يمكن أن يقول النبي عليه السلام لفظين مختلفين في آن واحد
    فعلى هذا يكون أحد اللفظين قد قاله حقيقة والثاني روي بالمعنى قد قاله أحد الرواة ظنا منه أنه مقارب للمعنى المنطوق حقا
    فتعين مما تقدم البحث عن أي اللفظين الذي قاله النبي عليه السلام وهذا هو الترجيح الذي قصده شيخ الاسلام بين الروايتين وسنذكر فيما بعد أيضا كيف جمع شيخ الاسلام بين اللفظين بطريقة توافق ما ذهب اليه في اثبات التسلسل في القدم ليس فيها تكلف ولا تعسف
    فكيف السبيل اذا لترجيح أحد اللفظين على الآخر؟
    وكلام النبي عليه السلام يفسر بعضه بعضا ويصدق ما قاله في موضع الذي قاله في موضع آخر
    فبحثنا هل قال في موضع آخر كلاما يشبه هذا المعنى أو يقاربه
    فوجدنا في دعائه الذي أخرجه مسلم (( أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء))
    وسبحان الله العظيم , فمن عجائب الموافقة أن هذا الحديث قال في أوله
    ((«اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ..))
    فذكر أنه خالق ورب العرش والسماوات وكل شيء كما قال في حديث عمران لكن بترتيب مختلف في ذكره للمخلوقات
    فلفظ الدعاء (ليس قبلك شيء) موافق لاحدى الروايتين في حديث عمران وهي (لم يكن شيء قبله) فتترجح هذه الرواية على قوله (لم يكن شيء غيره)) لأن هذه الأخيرة لم تأت قط في كلام النبي عليه السلام الا في حديث عمران هذا وعلى جهة الاحتمال
    و لفظ رواية مسلم جاء لتفسير اسم الله تعالى (الأول)) فلو كان معنى الأول أن لا شيء معه أو لا شيء غيره لقاله النبي عليه السلام وفسره في ذلك الموضع ولما كتمه عن أمته
    فلما قال (أنت الأول فليس قبلك شيء )) دل على أن هذا هو تفسير معنى الأول الذي يجب قبوله ولا يقبل معه ولا يقدم عليه تفسير غيره
    والذين سألوا النبي عليه السلام انما سألوه عن بدء خلق هذا العالم المشهود ولم يسألوه عن ابتداء الخلق مطلقا لذلك قالوا
    ( قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ(أو قبله)، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ»

    فحرف الاشارة للقريب المشهود لذلك أخبرهم بابتداء خلق السماوات بعد أن كتب الله تعالى المقادير حال-أو وقت- كون عرشه على الماء
    فعرشه كان مخلوقا ولم يخبرهم أن الله تعالى خلق العرش وأيضا في جميع النصوص انما يذكر الله تعالى أنه استوى على العرش بعد خلق السماوات والأرض
    ولهذا اختلف السلف في أيهما خلق أولا العرش أو القلم ؟
    والجمهور على أنه العرش
    وفي حديث عبد الله بن عمرو (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ "،))
    والحديث الذي فيه أن أول ما خلق الله القلم فكتب في تلك الساعة كل ما هو كائن الى قيام الساعة لا يعارض الحديث السابق بل يوافقه , فأول المخلوقات باعتبار مايتعلق بهذا العالم المشهود هو القلم لذلك أخبر بأن الكتابة وقعت حال كون العرش على الماء أي أن العرش كان موجودا قبل بدء الكتابة ولم يخبرنا الله تعالى متى خلق العرش ولا الماء وانما أخبرنا سبحانه عن وقت استوائه على العرش
    فالقلم متعلق بخلق السماء والأرض والانسان
    أما العرش فهو متعلق بربوبيته لذلك يذكره الله تعالى في القرآن لاظهار علوه وربوبيته ( رب العرش العظيم ) أو (رب العرش الكريم ) (استوى على العرش ) (( وكان عرشه على الماء)
    ولم يقل أبدا (رب القلم ) فالعرش أعظم المخلوقات على الاطلاق
    ويؤيد ما سبق أن العرش متقدم على خلق القلم حديث أبي رزين
    (( قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ» )) وعماء هنا معناه سحاب
    وعلى فرض صحة رواية (لم يكن شيء غيره أو معه) فيمكن توجيه الكلام بأن الله تعالى لم يكن شيء معه من هذا العالم المسؤول عنه لكن وقتها كان عرشه على الماء
    فيكون المعنى لم يكن شيء غيره حال كون عرشه على الماء وعلى هذا تكون هذه واو الحال
    لكن كما سبق تقريره فالراجح من اللفظين هو لفظ القبلية
    لذلك اقتصر على اخراجه بلفظ القبلية أئمة الحديث كالحميدي والبغوي وابن الأثير كما قال شيخ الاسلام
    فالله هو الأول أي الذي ليس قبله شيء, أي لم يتقدمه أي مخلوق فلم ينف أن يكون معه مخلوق و هذا بعينه اثباث تسلسل الحوادث في القدم وأن ما من مخلوق الا وقبله مخلوق ولا يزال الله تعالى خالقا ولم يأت عليه أبدا حين من الدهر لم يكن خالقا ثم ابتدأ الخلق وأنشأ الحوادث
    و ليس في هذا اثباث لقدم العالم لأن ما من مخلوق الا وهو محدث بعد أن لم يكن وكان عدما فصيره الله بمشيئته موجودا بعد أن كان غير موجود
    فالعقلاء متفقون أن الفاعل يجب أن يتقدم مفعوله والفاعل هو الأول والفعل حادث بفعله موجود بايجاده وهو لا يكون الا بعده فيستحيل أن يكون قبله وهذا هو معنى اسم الله تعالى الأول الذي ليس قبله شيء وهو الذي خلق وأحدث كل شيء وكل مخلوق وجد بفعله
    وايضا في المقابل من جهة المستقبل فهو الآخر الذي ليس بعده شيء فلم يمنع كونه الآخر أن يكون معه شيء من مخلوقاته موجودة معه الى الأبد
    فاذا أمكن أن يقارنه المخلوق في المستقبل لم يمتنع أن تكون المقارنة في الماضي , فكما لم تمنع المقارنة باتصاف الخالق بأنه الآخر في المستقبل كان من لازم ذلك أن لا تمنع المقارنة اتصاف الخالق بانه الأول في الأزل
    وصفة الخلق هي من صفات الكمال لذلك قال تعالى (أفمن يخلق كمن لا يخلق))
    وصفات الكمال لازمة له وهو متصف بها في الأزل فلو أثبثنا للمخلوقات ابتداء لكان الله تعالى قبل ذلك المخلوق الأول غير خالق, وانعدام الخلق هي صفة نقص يتنزه الخالق عنها
    ولو كان لجنس المخلوقات ابتداء لكان الله معطلا عن هذه الصفة كل ذلك الزمان الذي سبق أول مخلوق له ,ولصار الله تعالى خالقا بعد أن لم يكن كذلك
    فان قيل هو موصوف بالخلق وان لم يخلق شيئا ولم يكتسب صفة الخلق بعد أن خلق بل هو متصف بها قبل أن يخلق
    فالجواب أن يقال يجب التفريق بين الاسم والصفة
    فالاسم هو الخالق و هذا اسم كمال ثابث له سواء خلق أم لم يخلق
    أما الصفة وهي الخلق فلا تكون الا بتحقيق الفعل وهي صفة كمال مدح الله تعالى بها نفسه, فلوقيل ان الله تعالى لم يخلق شيئا في زمن ما فهذا سلب لصفة الكمال وتعطيل لما وصف الله به نفسه , وحمد نفسه على وقوع الفعل والخلق منه فقال
    (( وهو الخلاق العليم)) بصيغة المبالغة الدالة على الاكثار والتكرار وهي مقرونة بالعلم

    والعليم هو الذي يعلم الأشياء فكما أن صفة العلم تابثة له في الأول منذ الأزل قائمة بذاته لم تزل عنه ولم يسبقها عدم , كذلك صفة الخلق لا يزال ولم يزل خالقا فكلاهما صفة كمال لا يجوز نفيهما وسلبها عن الله تعالى في وقت من الأوقات ولا يجوز تخصيص احداهما دون الأخرى بالكمال
    و سر المسألة أن اتصاف الله تعالى بهده الصفة أي صفة الخلق يستلزم وجود مخلوق كما أن وصف أحد بأنه فاعل يستلزم وجود الفعل منه فاذا عدم الفعل لم يسم فاعلا ولا عرفنا أنه فاعل الا بعد وجود الفعل فلو قدر أن للمخلوقات ابتداء لانعدمت صفة الخلق ولم يتصف بها الله تعالى الا بعد وجود هذا المخلوق الاول وهذا باطل لأن الله موصوف بهذه الصفة منذ الأزل
    فالصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه كلها صفات كمال وضدها صفات النقص لا يجوز أن يوصف الله تعالى بها أزلا و لا مستقبلا أما صفات الكمال فهي قائمة بذاته لا تزول عنه
    لذلك قال (( وله الحمد في الأولى والآخرة )) فهو محمود باتصافه بصفات الكمال في الأولى وفي الآخرة
    وقال أيضا تقريعا للكفار الذين عبدوا آلهة لا تستطيع أن تخلق شيئا (( لا يخلقون شيئا وهو يخلقون )) فدل هذا على أن الذي لا يخلق لا يعبد ولا يستحق ذلك لأن هذه صفة نقص وضدها صفة الكمال وهي الخلق والفعل لذلك قال (( فعال لما يريد) فلا يزال فاعلا فعالا كما لا يزال مريدا فكما أن الارادة صفة كمال لا يوصف أبدا بضدها فكذلك صفة الفعل هي من صفات الكمال فلا ينبغي أن يوصف بضدها أي عدم الفعل
    وكذلك صفة الظاهر الذي ليس فوقه شيء لأنه تعالى هو فوق كل شيء وهو عال على كل مخلوقاته ومستو على عرشه ولو قدر أن لا شيء معه لكان اذا فوق العدم , والعلو صفة كمال فلا تسلب عنه في وقت من الأوقات
    ولما رأى كثير من الطوائف المنتسبين الى الاسلام قول الفلاسفة بقدم العالم ظنوا أن القول الصحيح هو في نفيه فنفوا بذلك أن يكون مع الله تعالى شيء من مخلوقاته
    وعطلوا عنه قيام الحوادث به حتى نفوا عنه صفة الكلام ونفوا أن يتكلم الله تعالى بمشيئته واختياره كما نفوا قيام الحوادث به فأشبهوا قول المعتزلة والمعطلة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القلي مشاهدة المشاركة
    لما رأى كثير من الطوائف المنتسبين الى الاسلام قول الفلاسفة بقدم العالم ظنوا أن القول الصحيح هو في نفيه فنفوا بذلك أن يكون مع الله تعالى شيء من مخلوقاته وعطلوا عنه قيام الحوادث به حتى نفوا عنه صفة الكلام ونفوا أن يتكلم الله تعالى بمشيئته واختياره كما نفوا قيام الحوادث به فأشبهوا قول المعتزلة والمعطلة
    نعم جزاك الله خيرا---أهل الحديث والأثر والسنة- هذا القول منهم لأجل إثبات الكمال للرب جل وعلا.وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل للرب عن أسمائه وصفاته؛ يعني أنّ الله جل وعلا كان بلا صفات وبلا أسماء، وأنه لما فعل وُجدت صفات الرب جل وعلا، وهذا نسبة النقص لله جل وعلا؛ لأنّ الصفات هي عنوان الكمال، والله سبحانه وتعالى كمالاته بصفاته. وأمّا قول الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم، هذا أيضا فيه وصف الرب جل وعلا بالنقص؛ لأن أولئك يزعمون أنه متّصف ولا أثر للصفة.ومعلوم أن هذا العالم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات، هذا العالم إنما وُجد قريبا، فوجوده قريب وإن كانت مدته أو عمره طويل لكنه بالنسبة إلى الزمن بعامة -الزمن المطلق- لا شك أنه قريب لهذا قال عليه الصلاة والسلام «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» جل وعلا فالتقدير كان قبل أن يخلق هذه الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وهي مدة محدودة، والله جل وعلا لا يحدّه زمان، فهو أول سبحانه وتعالى ليس قبله شيء جل وعلا، وفي هذا إقرار لأنه من جهة الأولية يتناهى الزمان في إدراك المخلوق، وننقل من الزمان المنسوب إلى الزمان المطلق، وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن إدراكه، وأما هذا العالم المنظور فإنه محدَث وحدوثه قريب. ولهذا نقول إنّ قول الآشاعرة والماتريدية بأنه كان متصفا بصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثارها ولم يفعل شيئا الا بعد وجود هذا العالم، نقول معناه أن ثم زمانا مطلقا طويلا طويلاً جدا ولم يكن الرب جل وعلا فاعلا، ولم يكن لصفاته أثر ولا لأسمائه أثر في المربوبات، ولا بد أن الله جل وعلا له سبحانه وتعالى من يعبده جل وعلا من خلقه، ولا بد أن يكون له جل وعلا مخلوقات؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله؛ لأن (ما) اسم موصول وأسماء الموصول تعمّ ما كان في حيّز صلتها. بقي أنْ يُقال إن قولهم أراد ولكن إرادته كانت معلقة غير منجزة، ونقول هذا تحكّم؛ لأن هذا مما لا دليل عليه إلا الفرار من قول الفلاسفة ومن نحا نحوهم بقدم هذا العالَم المنظور، وهذا الإلزام ولا يلزم أهل الحديث والسنة والأثر؛ لأننا نقول إن العوالم التي سبقت هذا العالم كثيرة متعددة لا نعلمها، الله جل وعلا يعلمها. وهذا ما قيل إنه يسمى بقِدم جنس المخلوقات، أو ما يسمى بالقِدم النوعي للمخلوقات، وهذه من المسائل الكبار -المهم أن مذهب الحديث والأثر في هذه المسألة لأجل كمال الربّ جل وعلا، وأن غير قولهم فيه تنقّص للرّب جل وعلا بكونه معطَّلا أو لكونه سبحانه وتعالى معطلا أن يفعل وأن تظهر آثار أسمائه وصفاته قبل خَلْق هذا العالم المنظور[شرح الطحاوية].----------------------------------------------------------يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الأزل ليس شيئاً محدوداً يقف عنده العقل، بل ما من غاية ينتهي إليها تقدير الفعل إلا والأزل قبل ذلك بلا غاية محدودة، حتى لو فرض وجود مدائن أضعاف مدائن الأرض في كل مدينة من الخردل ما يملؤها، وقدر أنه كلما مضت ألف ألف سنة فنيت خردلة - فني الخردل كله والأزل لم ينته، ولو قدر أضعاف ذلك أضعافاً لا ينتهي. فما من وقت يُقدَّر إلا والأزل قبل ذلك. وما من وقت صدر فيه الفعل إلا وقد كان قبل ذلك ممكناً. وإذا كان ممكناً فما الموجب لتخصيص حال الفعل بالخلق دون ما قبل ذلك فيما لا يتناهى؟ وأيضاً فالأزل معناه عدم الأولية، ليس الأزل شيئاً محدوداً، فقولنا: لم يزل قادراً، بمنزلة قولنا: هو قادر دائماً، وكونه قادراً وصف دائم لا ابتداء له، فكذلك إذا قيل لم يزل متكلماً إذا شاء، ولم يزل يفعل ما شاء، يقتضي دوام كونه متكلماً وفاعلاً بمشيئته وقدرته اهـ.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    بارك الله فيك على هذه الاضافة
    وقد طرح أحد الاخوة اشكالا على ما سبق قائلا
    سؤال مهم أود أن أعرف إجابته:هل من لازم اعتقاد المسلم أن صفات الله تعالى قديمة قدم الذات أن يترتب عن تلك الصفات آثارها أبديا؟
    فهل نقول مثلا أن الله الغفور لم يزل يغفر أبدا بلا ابتداء لمغفرته، أم أننا نقول أن صفة المغفرة متعلقة بخلقه الذي يخلقه ويذنب بعد أن يخلقه، ويغفر له بعد أن يذنب؟
    فكان الجواب
    يجب التفريق بين صفات الله تعالى اللازمة والمتعدية أي متعلقة بالخلق
    فالمغفرة مثلا تتعلق بمخلوق يخطئ فتكون عندئد المغفرة وكذلك التوبة
    أما الخلق فلا يتعلق بشيء بل الله تعالى هو الذي يبدئ و ينشيء من العدم مخلوقا
    وكذلك الفعل فالله تعالى هو الذي يفعل و يحدث ما شاء وقت ما شاء
    لذلك سبق التفريق بين اسم الخالق و صفة الخلق
    فالاسم متحقق متصف به وان لم يخلق ,
    أما الصفة فلا يوصف بها الا عند تحقق الخلق كما أن الفعل لا يوصف به الفاعل الا بعد وقوع الفعل
    لذلك قال تعالى ( يخلق ما يشاء)) فهذه صفة الخلق مقرونة بالمشيئة و المشيئة أزلية
    وأيضا (فعال لما يريد)) والفعل مقرون بالارادة والارادة أزلية ليس لها ابتداء
    فانظر كيف قرن الله تعالى الخلق والفعل بالمشيئة والارادة
    و لو تأملنا وقوع صفات الله تعالى في القرآن فغالبها يأتي على صفة الماضي
    كان الله عزيزا غفورا - كان الله بكل شيء عليما - كان الله على كل شيء مقتدرا _ كان الله سميعا بصيرا ...
    حتى سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذا الاشكال , هل هذه الصفات باقية ودائمة في حق الله تعالى ؟
    فهدا يدل على أن كل صفات الله تعالى ثابثة في الأزل و دائمة في المستقبل , لأنها صفات كمال لا يجوز ان تعطل لوازمها في وقت من الأوقات
    ولو تعطلت في وقت من الأوقات لجاز أن تعطل في وقت آخر بعده فليس وقت بأخص من وقت

    والحاصل أن من قال أن للمخلوقات ابتداء فيجب أن يعين لنا ما هو هذا المخلوق الأول
    وهذا لا سبيل له الا النقل
    والله تعالى لم يخبر بهذا وكل ما في القرآن اخبار عن كون العرش كان موجودا
    ولو كان العرش هو أول مخلوق لذكر ذلك ولو بنص واحد عن الصادق المصدوق
    فيجب أن نؤمن أن الله على كل شيء قدير وأنه يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد ,
    ومن تصور أن الله تعالى قد أتى عليه حين من الدهر لم يكن فيه خالقا ولا فعالا , فقد عطل الله تعالى عن صفاته التي هي من لوازم حياته الكاملة
    فالحي هو الذي يخلق ويفعل , ومن لا يخلق ولا يفعل شيئا فليس باله يستحق العبادة وكمال الصفات
    (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون )

    (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القلي مشاهدة المشاركة

    يجب التفريق بين صفات الله تعالى اللازمة والمتعدية أي متعلقة بالخلق
    فالمغفرة مثلا تتعلق بمخلوق يخطئ فتكون عندئد المغفرة وكذلك التوبة
    أما الخلق فلا يتعلق بشيء بل الله تعالى هو الذي يبدئ و ينشيء من العدم مخلوقا
    يقول الشيخ صالح ال الشيخ --- مذهب أهل السنة والحديث وهو أنّ التسلسل ثابت في الماضي وثابت في المستقبل، وثبوته في الماضي غير متعلق بخَلقٍ تتسلسل فيهم الصفات وتظهر فيهم آثار الصفات، بل يجوز أو نقول بل تتنوع التعلقات باختلاف العوالم، -[شرح الطحاوية]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,194

    افتراضي

    مما ينبغي ان يهتم و يعتنى به في هذه المسالة لتتضح الصورة و تتباين طريقة الاستدلال عند اهل السنة عن غيرهم من اهل البدع /
    - عظم المسالة فلا بد من كلام السلف فيها كما اشرت في العنوان . فقد تكلموا فيما هو اقل من ذلك فكيف اهملوها و اهل البدع من اهل الكلام ينفون التسلسل من القدم . فمع وجود الداعي لا يسع السكوت
    - قولك ان استدلال شيخ الاسلام غالبه كان عقلي . و انها خفت على كثير من الناس يشعر ان ادلة المسالة النقلية خفية . فكيف و هي من المسائل العظام
    ؟
    - قولك /
    يمتنع أن يكون الله تعالى في وقت من الأوقات معطلا عن صفة الخلق والفعل . هذا قول اهل السنة قاطبة و لا يكفي في اثبات التسلسل المذكور . لان صفة الخلق و الفعل مرتبطة بالمشيئة و الحكمة . فيخلق ما يشاء و يفعل ما يشاء . فمن هذه الحيثية الكمال في الخلق و الفعل مرتبط بالمشيئة و الحكمة . فليس من الكمال الخلق و الفعل عبثا بلا حكمة و مشيئة . و هذا قول اهل السنة في سائر صفات الفعل .
    - قولك للاشاعرة / ائتونا بنقل واحد عن صحابي أوتابعي يقول بما ادعيتموه فنقبل عندئذ الاجماع ونكون أول المؤمنين به وأكبر المسلمين له .
    للاشعري ان يقلب الجواب لك . فتكون مضطر لنقل كلام صاحبي او تابعي و هذا ما وددته من قرائتي عنوان الموضوع .
    - رواية (
    ولم يكن شيء قبله ) هي في دواوين الاسلام و قد جمع غير واحد بينها و راى انه لا تعارض بينها . فمن جمع يخالف شيخ الاسلام في المعنى .
    - كونها في دواوين الاسلام و لم يتعرض لها ارباب هذا الشان قبل شيخ الاسلام . خاصة اذا قلنا ان معناها المتبادر من اول وهلة باطل .
    - الطعن في راويها انه احال المعنى الحق الى المعنى الباطل و سكوت و غفلة اهل عصره و من اتى بعدهم من علماء الرواية و الدراية الى ان اتى شيخ الاسلام .خاصة اذا قلنا ان اللفظ لا يحتمل الا المعنى الباطل .
    - ان العبارة بعينها تداولها اهل العلم في كلامهم و كتبهم قبل شيخ الاسلام و لا منكر لذلك . و الكلام الباطل باطل سواء اضيف للمعصوم او تكلم به احاد الناس
    - قولك (
    ولهذا اختلف السلف في أيهما خلق أولا العرش أو القلم ) قد يعرف الحق في المسالة بالرجوع الى كلام السلف في هذا.
    فقد رجعت الى ذلك فوجدت ظاهر كلامهم و اختلافهم في اول الخلق مطلقا ليس كما نقيده بالعالم المشهود . فدونك كلامهم في تاريخ سيد المفسرين ابن جرير الطبري فقد كان ادرى بالكلام المروي عن السلف ممن تاخره . كيف و قد قبلنا مروياته في تفسير كلام الله عز وجل .
    - كون خلافهم ( ان قلنا انه في العالم المشهود ) حصل فكيف لا يؤثر لهم خلاف و لا كبير كلام و لا قليل في اول مخلوق على الاطلاق و هي مسالة اعظم من هذا العالم المشهود . بل الاخيرة تكون تابعة لها في التقرير .
    فلو سال احدنا سائل عن اول مخلوق لما حسن الجواب عن المقيد قبل احكام القول في المطلق الذي هو ظاهر السؤال .

    قولك (
    فالله هو الأول أي الذي ليس قبله شيء, أي لم يتقدمه أي مخلوق فلم ينف أن يكون معه مخلوق و هذا بعينه اثباث تسلسل الحوادث في القدم وأن ما من مخلوق الا وقبله مخلوق ولا يزال الله تعالى خالقا ولم يأت عليه أبدا حين من الدهر لم يكن خالقا ثم ابتدأ الخلق وأنشأ
    الحوادث)

    لا يكفي هذا اخي الكريم في اثبات التسلسل ان كنت تقر ان افعال الله عز وجل تابعة للحكمة و المشيئة
    فيقول لك خصمك اتفقنا على ان الله عز وجل فعال لما يريد لا يعجزه شيء . لكن من ادراك انه شاء ذلك و اراده في تلك الازمنة . هلا تكون حكمته و مشئته تابى ذلك و انت عاجز عن ادراك ذلك
    - قولك /
    صفة الخلق هي من صفات الكمال لذلك قال تعالى (أفمن يخلق كمن لا يخلق))
    هو كذلك و مع هذا فقد نفى الله عز وجل العبث عن نفسه في الخلق و الفعل
    فخلقه و فعله مربوط بحكمة و مشيئة في زمانه و مكانه وصفته الى غير ذلك
    فان كنت تقر ان الله عز وجل يؤخر بعض الخلق لزمانه و حينه لحكمة يعلمها عز وجل و ان ذلك ليس نقصا او عيبا
    الزمك خصمك ان تاخير الخلق جملة لزمان يقدره سبحانه لا يستلزم نقصا و لا عيبا ما دام الامر مربوط بحكمة اعلم العالمين .
    - قولك (
    وصفات الكمال لازمة له وهو متصف بها في الأزل فلو أثبثنا للمخلوقات ابتداء لكان الله تعالى قبل ذلك المخلوق الأول غير خالق, وانعدام الخلق هي صفة نقص يتنزه الخالق عنها )
    يسعك ان تقول في مثل هذا ان الخلق من جملة افعاله عز وجل التابعة لحكمته و مشيئته . فعدم الخلق و الفعل يكون نقصا عند العجز و عدم القدرة . اما مع كمال العلم و الحكمة و نفوذ المشئة لا يسمى عيبا و لا نقصا .
    وقد يلزمك خصمك بان عدم خلق المخلوق المعين في زمان ما يعد نقصا وعيبا عندك
    فما يكون جوابك الا بان ترجع الى حكمة الرب و مشيئته و علمه و ان خلقه ليكون الا مرتبطا بذلك
    فرجعت لجواب خصمك الذي انكرته عليه .
    قولك / (
    فالاسم هو الخالق و هذا اسم كمال ثابث له سواء خلق أم لم يخلق
    أما الصفة وهي الخلق فلا تكون الا بتحقيق الفعل وهي صفة كمال مدح الله تعالى بها نفسه )
    العجيب انك تثبت صفة الاتيان و المجيء من قوله تعالى ( و جاء ربك و الملك صفا صفا ) و قوله تعالى ( هل ينظرون الا ان ياتيهم الله ....) الاية
    كيف ذلك و انت تقول ان الصفة لا تكون الا بتحقق الفعل ( تقصد وقوعه ) ؟
    - قولك
    (( وهو الخلاق العليم)) بصيغة المبالغة الدالة على الاكثار والتكرار وهي مقرونة بالعلم
    حجة لخصمك الذي يربط الخلق بالحكمة و المشيئة لانه تعالى ربط الخلق باسمه العليم .
    اما عن الكثرة و التكرار فلخصمك ان يقول ان الله عز وجل قادر ان يخلق اكثر مما خلق فلما كان خلقه بهذا المقدار
    فلا يحسن بك الا ان ترجع الامر كما قلنا و كررنا الا لعلمه و حكمته و مشيئته و الله تعالى اعلم و احكم
    - قولك (
    و سر المسألة أن اتصاف الله تعالى بهده الصفة أي صفة الخلق يستلزم وجود مخلوق كما أن وصف أحد بأنه فاعل يستلزم وجود الفعل منه فاذا عدم الفعل لم يسم فاعلا )
    هذا من قياس الخالق على المخلوق و قد قدمت لك من الصفات ما يحسن مثال لما يوصف الله عز وجل به مع تاخر قوع الفعل
    - اما قوله تعالى
    ( فعال لما يريد) فهي دليل على ما سبق فكما انه تعالى لا مانع له و لا معجز عن الفعل فهو سبحانه لا مكره له و لا مجبر على الفعل . ففعله مقرون بارادته و مشيئته سبحانه و تعالى .

    هذا و الله اعلم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    هذا كلام للشيخ صالح ال الشيخ يزيل بعض الاشكالات فى مسألة صفات الله تعالى--يقول الشيخ صالح فى شرح الطحاوية-(وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا) يعني أنّ صفات الرب جل وعلا كما أنه لم يزل عليها وهو أولٌ بصفاته وهو أيضا جل وعلا آخرٌ بصفاته سبحانه وتعالى، فصفات الرب جل وعلا أبدية أزلية لا ينفكّ عنه الوصف في الماضي البعيد ولا في المستقبل، بل هو سبحانه وتعالى لم يزدد بخلقه شيئا، لا في جهة الأولية ولا في جهة الآخرية؛ بل هو سبحانه وتعالى لم يزل بصفاته أولا سبحانه وآخرا.
    قال(لَيْسَ [بَعْدَ خَلْقِ الْخَلْقِ] اسْتَفَادَ اسْمَ "الْخَالِقِ"، وَلَا بِإِحْدَاثِ الْبَرِيَّةِ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْبَارِي") أراد بذلك أنه جل وعلا من أسمائه الخالق ومن صفاته الخلْق قبل أن يَخلق، فلم يصر اسمه الخالق بعد أن خلق؛ بل هو اسمه الخالق جل وعلا قبل أن يخلق، ولم يكن اسمه الباري بعد أن برأ الخليقة؛ بل اسمه الباري قبل أن يبرأ الخليقة.
    لهذا قال بعدها (لَهُ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ وَلَا مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الْخَالِقِ وَلَا مَخْلُوقَ) وقبل أن يكون سبحانه خالقا للخلق؛ يعني قبل أن يكون ثَم مخلوق هو خالق، وقبل أن يكون ثَم مربوب هو جل وعلا هو الرب سبحانه وتعالى.
    قال (وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي الْمَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَى اسْتَحَقَّ هَذَا الِاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ) فهو سبحانه المحيي قبل أن يكون ثم ميْت، قبل أن يميت الموتى هو المحيي، وكذلك هو المستحق لاسم الخالق قبل إنشائهم (ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
    هذه الجمل مترابطة في الدلالة على المعنى الذي ذكرته لك، وهذا المعنى الذي دلّ عليه كلام الطحاوي ترتبط به مسائل مهمة جدا بهذا الموضع، وهذا الموضع مما يظهر منه أنّ الطحاوي رحمه الله خالف ما عليه أهل الحديث والأثر في هذه المسألة العظيمة، وذلك أنّ أصول هذه المسألة قديمة في البحث بين الجهمية وبين المعتزلة وبين الكلابية والأشاعرة وبين الماتريدية وبين أهل الحديث والأثر، والمذاهب فيها متعددة، لهذا نبيّن ما في هذه الجمل من مباحث على مسائل إيضاحا للمقال.
    المسألة الأولى: أنّ الناس اختلفوا في اتّصاف الله جل وعلا بصفاته: هل هو متصاف بها بعد ظهور آثارها وأسماء الرب جل وعلا سمي بها بعد ظهور آثارها أم قبل ذلك؟ على مذاهب:
    المذهب الأول: هو مذهب المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم مِنْ أنّه جل وعلا لم يَصِر له صفات ولا أسماء إلا بعد أن ظهرت آثارُها، فلما خلق صارت له صفة الخلق، وصار من أسمائه الخالق، وذلك على أصلٍ عندهم وهو أن أسماء الله جل وعلا مخلوقة، فلما خلق سمّاه الناس الخالق، وخلق له اسم الخالق.
    فعندهم أنّ الزمان لما ابتدأ فيه الخلق أو الرَّزق أو الإنشاء صار بعده له اسم الخالق، وقبل ذلك لم يكن له هذا الاسم ولم تكن له هذه الصفات.
    فقبل أن يكون ثَم سامع لكلامه فليس هو سبحانه متكلما، فلما خلق سامعا لكلامه خلق كلاما -عند المعتزلة والجهمية- فأسمعهم إياه، فصار له اسم المتكلم أو صفة الكلام لمّا خلق مَنْ يسمع كلامَه، كذلك صفة الرحمة على تأويلهم الذي يؤولونه أو أنواع النعم والمنعم والمحيي والمميت، كل هذه لا تطلق على الله -عندهم- إلا بعد أن وُجد الفعل منه، على الأصل الذي ذكرته لكم عنهم أن الأسماء عندهم والصفات مخلوقة.

    المذهب الثاني: هو مذهب الأشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من أهل الكلام في أنّ الرب جل وعلا كان متّصفا بالصفات وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثار صفاته ولا آثار أسمائه؛ بل كان زمنا طويلا طَويلا معطلا عن الأفعال جل وعلا، له صفة الخلق وليس ثم ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئا، له صفة الإرادة وأراد أشياء كونية مؤجلة غير منجزة وهكذا.
    فمن أسمائه -عند هؤلاء- الخالق، ولكنه لم يخلق، ومن أسمائه عندهم أو من صفاته الكلام ولم يتكلم، ومن صفاته الرحمة بمعنى إرادة الإنعام وليس ثم مُنعَم عليه، ومن أسمائه المحيي وليس ثَم من أحيى، ومن أسمائه الباري وليس ثم برأ، وهكذا حتى أنشأ الله جل وعلا وخلق جل وعلا هذا الخلق المنظور الذي تراه يعني الأرض والسماوات وما قصَّ الله في كتابه، ثم بعد ذلك ظهرت آثار أسمائه وصفاته، فعندهم أن الأسماء والصفات متعلقة بهذا العالم المنظور أو المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقته.
    وقالوا هذا فِرارا من قول الفلاسفة الذين زعموا أن هذا العالم قديم، أو أن المخلوقات قديمة متناهية أو دائمة من جهة الأولية؛ من جهة القدم مع الرب جل وعلا.

    والمذهب الثالث: هو مذهب أهل الحديث والأثر وأهل السنة؛ أعني عامة أهل السنة، وهو أنّ الرب جل وعلا أولٌ بصفاته، وصفاته سبحانه وتعالى قديمة، يعني هو أوّل سبحانه وتعالى بصفاته، وأنّه سبحانه كان من جهة الأولية بصفاتهِ -كما عبر الماتن هنا بقوله (كَانَ بِصِفَاتِهِ)- وأنّ صفات الرب جل وعلا لابد أن تظهر آثارها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، والرب جل وعلا له صفات الكمال المطلق، ومن أنواع الكمال المطلق أنْ يكون ما أراد سبحانه وتعالى، فما أراده كونا لابد أن يكون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
    ومن مذهب أهل السنة والحديث والأثر أنّه سبحانه يجوز أن يكون خلق أنواعا من المخلوقات وأنواعا من العوالم غير هذا العالم الذي نراه، فجنس مخلوقات الله جل وعلا أعمّ من أن تكون هذه المخلوقات الموجودة الآن، فلا بد أن يكون ثَم مخلوقات أَوْجدها الله جل وعلا وأفناها ظهرت فيها آثار أسمائه وصفاته جل وعلا، فإن أسماء الرب جل وعلا وإنّ صفات الرب جل وعلا لابد أن يكون لها أثرُها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد، فما أراده سبحانه فعله، ووصف نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال بقوله ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، فما أراده سبحانه كان، وهذا متسلسل -كما سيأتي بيانه- في الزمن الأول، يعني في الأولية وفي الآخرية فهو سبحانه (كَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا).


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    رد كلامك يحتاج الى مصنف
    لكن سأحاول الاختصار والاقصار على الأهم , وغالب ما ذكرته قد سبقك اليه أهل الكلام والأشاعرة قديما وحديثا
    الذين تحاملوا على شيخ الاسلام وتظاهروا على الطعن فيه وتمالؤوا على اخراج أضغانهم ومكنون صدورهم , أمثال السبكي وابن حجر الهيثمي و الكوثري والبوطي وغيرهم ممن اتهموه أنه خالف الاجماع وأتى ببدع من القول , كما سيأتي تفصيله
    عظم المسالة فلا بد من كلام السلف فيها كما اشرت في العنوان . فقد تكلموا فيما هو اقل من ذلك فكيف اهملوها و اهل البدع من اهل الكلام ينفون التسلسل من القدم . فمع وجود الداعي لا يسع السكوت
    واهل البدع من أهل الكلام والأشاعرة والكلابية والماتردية قديما وحديثا نفوا استواء الله على عرشه , ونفوا أن يتكلم الله بمشيئته ونفوا قيام الحوادث به
    فهل عدم وجود كلام للصحابة أو التابعين صريح في اثبات ما نفاه أهل البدع يدل على ثبوت باطلهم وبطلان المثبتين لما نفوه ؟
    شيخ الاسلام حين أظهر عقيدة السلف في زمانه , ثار عليه الأشاعرة من كل حدب وصوب , ورموه بكل بدعة و اتهموه بمخالفة اجماعات الصحابة , حتى انتهى بهم الأمر الى أن سجنوه في دمشق والقاهرة بعد أن رموه بالكفر , ولم يفارق الدنيا الى الملأ الأعلى الا وهو مسجون رضي الله عنه وأرضاه
    - قولك ان استدلال شيخ الاسلام غالبه كان عقليا . و انها خفت على كثير من الناس يشعر ان ادلة المسالة النقلية خفية . فكيف و هي من المسائل العظام ؟
    وكيف خفي على كثير من الأشاعرة والمعتزلة والجهمية أن الله مستو على عرشه , يفعل ما يشاء بقدرته واختياره وهي من المسائل العظام المتعلقة بأوصاف رب الأنام ؟؟
    وقلت لك أن غالب استدلاله عقلي , وهذا لا ينفي وجود الاستدلال النقلي , لكنه قليل بجنب الآخر
    لأنه كان في معرض الرد على أهل الكلام والأشاعرة وأتباع الفلاسفة الذين يعتمدون كثيرا على الدليل العقلي ويؤولون كثيرا وينفون الدليل النقلي
    ولولا الاطالة لنقلت لك من كلام شيخ الاسلام العقلي ما يطير منه العقل حيرة و تحيرا و دهشة واندهاشا , وهو منتشر مشتهر في مصنفاته لمن أراد أن ينظر فيه
    وقد قرأت بأم عينيك كلام الحافظ العسقلاني وهو من علماء الحديث كيف أنه استشنع على شيخ الاسلام واستعظم هذه المسألة
    فان كان هذا من مثل الحافظ ابن حجر فكيف بمن دونه من علماء الكلام والأشاعرة ممن لن يبلغوا معشار ما أوتي من علم الحديث والأثر والاطلاع على أقوال من غبر؟
    وأيضا نفى التسلسل في الماضي الامام الطحاوي على جلالته , فكيف بشرذمة الأشاعرة ؟
    قال ابن أبي العز في الشرح
    (قَوْلُهُ: (لَيْسَ بَعْدَ خَلْقِ الْخَلْقِ اسْتَفَادَ اسْمَ"الْخَالِق" ، وَلَا بِإِحْدَاثِهِ الْبَرِيَّةَ اسْتَفَادَ اسْمَ"الْبَارِي" ).
    ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَمْنَعُ تَسَلْسُلَ الْحَوَادِثِ فِي الْمَاضِي، وَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ،)
    ونفى ذلك العلامة الألباني ورد على شيخ الاسلام لكن لم يطعن فيه كما يفعل أهل البدع
    - قولك / يمتنع أن يكون الله تعالى في وقت من الأوقات معطلا عن صفة الخلق والفعل . هذا قول اهل السنة قاطبة و لا يكفي في اثبات التسلسل المذكور . لان صفة الخلق و الفعل مرتبطة بالمشيئة و الحكمة . فيخلق ما يشاء و يفعل ما يشاء . فمن هذه الحيثية الكمال في الخلق و الفعل مرتبط بالمشيئة و الحكمة . فليس من الكمال الخلق و الفعل عبثا بلا حكمة و مشيئة . و هذا قول اهل السنة في سائر صفات الفعل .
    ان هذا لكلام عجاب , يمجه أولوا الألباب ؟
    هل حقا هو كلام أهل السنة قاطبة ؟
    نعم يصح كلامك اذا أخرجنا الأشاعرة ومن شاكلهم من أهل السنة وحشرناهم مع أهل البدعة والضلالة .
    ان كان الله عزوجل غير معطل في وقت من الأوقات عن الخلق والفعل وعن احداث الحوادث , فما الذي يمنعه اذا من الخلق والفعل والاحداث ؟؟
    هذا هو الفرق بين ما أراد شيخ الاسلام اثباته وبين ما نفاه سلف نفاة التسلسل من الأشاعرة وأهل البدع
    هم يقولون أنه عزوجل كان قادرا على الفعل والخلق ولكنه لم يفعل ولم يخلق ,
    وشتان ما بين الأمرين , وهم أثبتوا في الحقيقة صفة القدرة وأنه قادر على أن يفعل , لكنه لم يفعل
    وأنت أضفت عليهم صفة الحكمة , ونفيت بها تحقق صفة الفعل والخلق
    فضربت صفات الله بعضها ببعض كما فعل الأشاعرة من قبل
    قال شيخ الاسلام واقرأ بتمعن وتدبر وبتحقيق دقيق كلامه العميق
    (فإن قلتم: إثبات حادث بعد حادث لا إلى أول قول الفلاسفة الدهرية؟
    قلنا: بل قولكم أن الرب تعالى لم يزل معطلاً لا يمكنه أن يتكلم بشيء ولا أن يفعل شيئاً ثم صار يمكنه أن يتكلم وأن يفعل بلا حدوث سبب يقتضي ذلك قول مخالف لصريح العقل ولما عليه المسلمون،
    فإن المسلمين يعلمون أن الله لم يزل قادراً، وإثبات القدرة مع كون المقدور ممتنعاً غير ممكن لأنه جمع بين النقيضين فكان فيما عليه المسلمون من أنه لم يزل قادراً ما يبين أنه لم يزل قادراً على الفعل والكلام بقدرته ومشيئته، )) انتهى
    فتأمل كيف أن أهل الكلام أثبتوا القدرة على الفعل مع نفي وقوع الفعل , والقدرة على التكلم مع نفي الكلام أو اثبات الكلام النفساني في الأزل ونفي أن يتكلم الله بمشيئته واختياره بصوت وحرف
    وكل هذا لأجل نفي وقوع الحوادث في الأزل ودوامها فيه الى غير انتهاء
    وهم احتكموا الى صفة القدرة -كما احتكمت أنت الى صفة الحكمة -, وأعرضوا عن صفة الخلق والفعل , ولا يمكن عند من بقي في رأسه مثقال ذرة من عقل أن يستوي عنده القدرة على الشيء وفعل الشيء و الحكمة من ايجاد أو فعل الشيء وايجاد وفعل هذا الشيء

    قولك للاشاعرة / ائتونا بنقل واحد عن صحابي أوتابعي يقول بما ادعيتموه فنقبل عندئذ الاجماع ونكون أول المؤمنين به وأكبر المسلمين له .
    للاشعري ان يقلب الجواب لك . فتكون مضطر لنقل كلام صاحبي او تابعي و هذا ما وددته من قرائتي عنوان الموضوع .
    أنى لمن قلب الله قلوبهم الى الباطل أن يقلبوا علينا الأمور ؟؟
    وأنا لم أدع الاجماع حتى تطالبني بنقل عن صاحب أو تابع , وانما هم من ادعوه وتزعموه
    فأي الفريقين أولى بالنقل ان كنتم تعلمون ؟
    قال ابن حجر الهيثمي طعنا في شيح الاسلام وعلم الأعلام
    (واعلم أنه خالف الناس في مسائل نبه عليها التاج السبكي وغيره، فمما خرق فيه الإجماع قوله في ان العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوقاً دائماً فجعله موجباً بالذات لا فاعلاً بالاختيار) انتهى هراؤه
    وابتدأ الآن كلام الحق فاسمعه مدويا من عند شيخ الاسلام , واقرأه مرارا وتكرارا وثبت فيه بصرك ثم أرجع اليه البصر هل ترى فيه من خلل أو زلل؟
    (والقول بدوام كونه متكلماً
    ودوام كونه فاعلاً بمشيئته
    منقول عن السلف
    وأئمة المسلمين
    من أهل البيت
    وغيرهم

    كابن المبارك وأحمد بن حنبل والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم،
    وهو منقول عن جعفر الصادق بن محمد في الأفعال المتعدية فضلاً عن اللازمة وهو دوام إحسانه.) انتهى

    وهو لم يحك اجماعا كما حكى اعداؤه , وانما ثبت النقل عن أئمة المسلمين
    وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية وجل كلامه منقول عن شيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم
    ((التَّسَلْسُلُ فِي أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ طَرَفِ الْأَزَلِ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مَسْبُوقٌ بِفِعْلٍ آخَرَ، فَهَذَا وَاجِبٌ فِي كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةُ الْكَلَامِ فِي وَقْتٍ، وَهَكَذَا أَفْعَالُهُ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ كُلَّ حَيٍّ فَعَّالٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ: الْفِعْلُ،
    وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ:
    الْحَيُّ الْفَعَّالُ،
    وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: كُلُّ حَيٍّ فَعَّالٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَبُّنَا - تَعَالَى - قَطُّ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ مُعَطَّلًا عَنْ كَمَالِهِ، مِنَ الْكَلَامِ وَالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ.)) انتهى
    ألا ينتهي كل مبتدع ويرتدع عن أن يتبع أهل البدع , من الأشاعرة ومن شاكلهم ومن شابههم ؟؟
    أنظر الى قوة فقه السلف وعمق فهمهم , (الحي هو الفعال )
    فالحياة الكاملة ليس فيها الا الفعل ومن لا يفعل فهو ليس بحي
    ونقل البخاري عن نعيم بن حماد أنه قال : الْحَيُّ هُوَ الْفَعَّالُ وَمَا لَيْسَ بِفَعَّالِ فَلَيْسَ بِحَيِّ.))

    - رواية ( ولم يكن شيء قبله ) هي في دواوين الاسلام و قد جمع غير واحد بينها و راى انه لا تعارض بينها . فمن جمع يخالف شيخ الاسلام في المعنى
    ومن قال انها في دواوين الكفار ؟
    ولعلك تقصد الرواية الأخرى (ولم يكن شيء معه أو غيره)
    فهي الرواية التي تمسك بها المبطلون لدوام الأفعال والحوادث في الأزل
    قال السبكي الكبير أحد أكبر الأشاعرة في كتابه السيف الصقيل ردا على نونية ابن القيم حين انتصر لشيخه ابن تيمية في اثبات التسلسل
    (قد صرح بقبائح منها
    إمكان التسلسل، ومنها نسبة أكابر علماء الأشعرية إلى التلبيس، ومنها نسبة ذلك إلى القرآن والسنة وأنه لم يجيء أثر ينص على العدم المتقدم وقد جاء (كان الله ولا شيء معه) والشيء يشمل الجسم والفعل والنوع والآحاد.) انتهى
    وهو يقصد شيخ الاسلام وهو ينعته بأنه صرح بقبائح
    أما التسلسل فهو قول السلف الأول وهو قبيح عند أهل البدع و من تزينت في قلوبهم المحدثات و البدع , وقبح في صدورهم الحق الدمغ الرادع
    أما الثانية وهي نسبة أكابر علماء الأشاعرة الى التلبيس , فهذه هي كلمة الحق الوحيدة التي قلتها في أصحابك وأشياعك
    وهذه النسبة قليلة في حقهم ففيهم ما هو أعظم من ذلك .
    أما نسبة التسلسل الى القرآن والسنة فقد قرأت النصوص الدامغة والرادعة ولكن ما لجرح بميت ايلام
    أما احتجاجك برواية البخاري على أنه قد جاء اثبات للعدم المتقدم , فهذا باطل بعينه
    فالرويات مختلفة مضطربة والقصة واحدة فتعين الترجيح , وان لم تترجح رواية على أختها تعين التوقف وعدم تقديم واحدة على الأخرى , ولم يبق الا الانصراف الى نص خارجي يفسر معنى صفة الأولية وقد سبق بيانه لمن احتكم الى النص المعصوم ولم يلهث وراء الهوى المذموم
    - الطعن في راويها انه احال المعنى الحق الى المعنى الباطل و سكوت و غفلة اهل عصره و من اتى بعدهم من علماء الرواية و الدراية الى ان اتى شيخ الاسلام .خاصة اذا قلنا ان اللفظ لا يحتمل الا المعنى الباطل
    من الذي طعن في راويها ؟
    القصة واحدة لم تتعدد , ولم ينقلها الينا الا عن طريق عمران , ولم تصلنا الا برواية الأعمش فأحد الرواة رواها لفظا ومعنى كما سمعها , وآخر نلقها بالمعنى , وقد اختلف ائمة الحديث في مسألة الرواية بالمعنى وليس هذا موضع تفصيلها .
    فلا بد أن النبي عليه السلام قد قال لفظا واحدا لا ثاني له جوابا على سؤال الأشعريين , فانهم لم يسألوه مرتين
    ولا يوجد وفد غيرهم قد سأله مثل هذا السؤال , ولا يوجد نبي غير محمد صلى الله عليه وسلم سئل مثل هذا السؤال
    فتعين باتفاق الثقلين أنه أجاب بلفظ واحد
    اما قبله واما معه
    فاذا تعذر الترجيح بينهما طلب الترجيح من الخارج
    - ان العبارة بعينها تداولها اهل العلم في كلامهم و كتبهم قبل شيخ الاسلام و لا منكر لذلك . و الكلام الباطل باطل سواء اضيف للمعصوم او تكلم به احاد الناس
    أنت تحتج بالسكوت على الاباطل الذي لا يدعمه نقل ولا عقل , ولا ينسب الى الساكت قول ولا مذهب كما قال الشافعي
    وقد سبق وأن نقلت عن شيخ الاسلام أن أئمة الحديث كالحميدي والبغوي وابن الأثيراقثصروا على اخراج الحديث بلفظ (قبله)
    قولك / ( فالاسم هو الخالق و هذا اسم كمال ثابث له سواء خلق أم لم يخلق
    أما الصفة وهي الخلق فلا تكون الا بتحقيق الفعل وهي صفة كمال مدح الله تعالى بها نفسه )
    العجيب انك تثبت صفة الاتيان و المجيء من قوله تعالى ( و جاء ربك و الملك صفا صفا ) و قوله تعالى ( هل ينظرون الا ان ياتيهم الله ....) الاية
    كيف ذلك و انت تقول ان الصفة لا تكون الا بتحقق الفعل ( تقصد وقوعه ) ؟
    لا تتعجب ولا تستغرب , فأهل السنة والاثباث انما أثبتوا اتيانا ومجيئا خاصا في وقت مخصوص
    ولا نقول ان الله تعالى يأتي ونسكت أو ان الله ينزل ونسكت
    ولكن الله ينزل الى مكان معين وهو السماء الدنيا , في وقت معين وهو الثلث الأخير
    وسيأتي للفصل بين الخلائق وذلك يوم القيامة , وهذا الاتيان لم يتحقق بعد ولكن نؤمن بأنه سيكون , ولولا النقل ما علمناه
    وهذا مثل قوله عزوجل (وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات ..))
    فهل تحقق دخولهم أم هو اخبار عن المستقبل ؟
    لكن صفة الخلق ,نثبتها لله عزوجل دون قيد وبدون حد , فهو الخالق والخلاق , ولا نقول هو الآتي ولا النازل
    ونقول هو يخلق ويفعل في كل وقت وحين
    ولا يزال ولم يزل فاعلا , ولا نقول لم يزل آتيا نازلا
    والرد يطول فارقب وارتقب وانظر وانتظر ....


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    قد سبق في احتجاج شيخ الاسلام على الأشاعرة عندما أوجبوا أن يكون للمخلوقات ابتداء وكان من لازم هذا الايجاب أن يمنعوا أن يكون الله خالقا في كل وقت في الأزل ولم يجوزوا ذلك فألزمهم بأن من منع ذلك فقد أثبث العجز لله تعالى لأنه صار غير قادر على أن يخلق مخلوقا قبل هذا الذي جعلوه هم أول المخلوقات
    فنسألهم , هل الله تعالى قادر على أن يخلق قبل هذا المخلوق الأول مخلوقا آخر ؟
    فان قالوا نعم ,فقد بطل مذهبهم في أنهم أوجبوا ابتداء المخلوقات ومنعوا التسلسل
    وان قالوا لا , فقد أثبتوا العجز لله وأنه غير قادر وهذا محال وباطل
    فان قالوا
    هو قادر ولكن لم يخلق
    فالجواب أولا كيف عرفتم أنه لم يخلق ؟ فهذا لا سبيل اليه الا بالنقل وليس بالعقل
    فهو قادر على أن يخلق وأن لا يخلق
    وأنتم أوجبتم أن لا يخلق و الأمران متساويا الطرفين فأنتم رجحتم أحد طرفي الممكن بغير مرجح ولا سبب , وأوجبتم على الله تعالى أمرا لا يعلم وجوبه الا بطريق النقل وهو مرفوض أيضا بطريق العقل
    فمعلوم أن الأوقات كلها متساوية و متماثلة فاذا اخترتم وقتا من الأوقات وجعلتموه هو بداية المخلوقات فتكوتوا قد فضلتم ذلك الوقت على ما قبله وما بعده بلا سبب ولا مرجح وأوجبتم على الخالق أن لا يخلق الا في ذلك الوقت لا قبله ولابعده. فكان لهذا الوقت مزية واختصاص بغير سبب للتخصيص
    فههنا تخصيصان يلزمكم التدليل عليهما
    أولا تخصيص زمن معين يكون ظرفا لابتداء المخلوقات ويمنع الابتداء من الزمن الذي قبله
    وثانيا تخصيص مخلوق معين يكون هو أول المخلوقات بحيث لم يسبقه أي مخلوق آخر
    وأنتم لن تستطيعوا اثباث أحدهما لا نقلا ولا عقلا فكيف باجتماعهما
    ولم يخبرنا الشارع بزمن مخصوص ابتدأ فيه الخلق وكان قبله العدم المحض وكان الله تعالى وحده ليس معه أحد
    كما لم يخبرنا أبدا أن مخلوقا معينا هو أول المخلوقات كما سبق تقريره
    والذي نعلمه من الشرع أن العرش متقدم على القلم والسماوات والأرض, والذي نعلمه أن الماء كان مع العرش او قبله ولم يخبرنا الله تعالى أنه خلق أو لم يخلق قبل العرش أشياء وليس كل ما لا نعلمه فهو غير موجود فهدا لا يقوله عاقل
    فعدم العلم بالشيء لا يقتضي عدم وجوده
    و في الدعاء بعد الركوع (( حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد))
    وشيء نكرة وقبلها من , وقد ردها الى المشيئة المطلقة , فهي تعم فتوجد مخلوقات أخرى يعلمها الله ونجهلها
    والحمد يتضمن الثناء على الله تعالى بما يليق بجلال أوصافه و عظيم خلقه وسلطانه
    وأوصافه لا يحدها وصف ولا يحصرها عدد ولا تنتهي الى غاية
    فاستحق أن يحمد وأن يثنى عليه بمثل عدد مخلوقاته وملء ما خلق في السماوات والأرض وما بينهما
    وهل ينتهي الحمد الى هدا الحد؟
    لا , بل يمتد الى ما لا نعلمه مما شاء الله تعالى من مخلوقات , ومشيئته ليس لها حد ولا منتهى
    لذلك فان هذه المسألة العظيمة يجب أن لا تدرس الا بالنظر الى صفات الله تعالى وأفعاله
    ولذلك أيضا ضل فيها من ضل من الأشاعرة والفلاسفة لأنهم نظروا اليها بمعزل عن الصفات و الأسماء
    والحديث السابق موافق لما في مسلم من حديث جويرية حين علمها كلمات لا يعدلها شيء من الذكر فقالت ((قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ "،))
    وتسبيح الله تعالى وحمده هو تنزيهه عما لا يليق من النقص واثباث صفات الكمال والثناء عليه بما يستحقه , وما يستحقه من الثناء والكمال لا يحد بعدد ولا يحصى وليس له نهاية
    وأكد هذا المعنى في آخر الحديث بقوله ((ومداد كلماته ))
    ومعلوم أن كلمات الله ليس لها حد ولا تنتهي ولو مد البحر الى سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله
    وظن من منع التسلسل أن القول به يؤدي الى القول بقدم العالم كما يقول الفلاسفة
    فجواب هذا الاشكال كالتالي
    فأولا يجب التفريق بين النوع والجنس أو من حيث الآحاد والعموم
    فمن حيث النوع أو الآحاد فاذا أخدنا كل مخلوق على حده فهو لا بد أنه حادث و أنه مسبوق بالعدم وأن الله تعالى صيره وأخرجه من العدم الى الوجود
    لكن من حيث الجنس فنقول ما من مخلوق يخطر على بالك في وقت من الأوقات الا وقبله مخلوق آخر
    ولو قدر أنك فرضت للمخلوقات ابتداء وأن الله تعالى كان وحده ليس معه أحد ثم بدأ الخلق لرجعنا الى أصل المسألة وتواردت الايرادات على اختيار هذا المخلوق ليكون هو الأول في هذا الزمن بالذات ولأوجبنا على الله أنه لم يخلق شيئا قبله وعطلنا عنه صفة الخلق التي هي من صفات الكمال ولنفينا عنه الفعل وظل بلا فعل كل تلك المدة لا يفعل شيئا ولا يخلق
    وصفة الخلق هي صفة كمال يتوجب اثباتها لله تعالى فلوقيل على سبيل المثال أن الله تعالى لم يصر خالقا بعد اليوم فهل يجوز هذا على الله ؟
    لا شك أن الجميع يتفق
    أن هذا تعطيل لصفة الخلق التي يحمد الله تعالى نفسه على الاتصاف بها وتحقيقها فهو لا يزال خالقا الى ما لا نهاية في المستقبل
    فاذا امتنع أن تتعطل هده الصفة أبد الآبدين في المستقبل فكيف جوزتم تعطيلها في أحد الأزمان الماضية ؟ وما الفرق بين الأوقات ؟ فالفرق بين الماضي والمستقبل انما هو نسبي وليس مطلقا
    فالغد هو مستقبل ولكن بعد يومين سيصير ماضيا

    فمهما تقدمت في المستقبل فان ذلك الوقت الآتي سيصير وقتا ماضيا
    والكل متفق على أن أي وقت في المستقبل سيكون الله تعالى خالقا قادرا على الفعل يفعل ما يشاء فيه ولا تعطل عنه صفة الفعل والخلق في ذلك اليوم
    والكل متفق على أن ذلك اليوم -في المستقبل - يكون الله تعالى غير معطل عن الفعل والخلق في اليوم الذي قبله
    ثم نأتي الى اليوم الذي قبله و صفات الله تعالى فيه لا تتبدل ولا تتعطل
    وهكذا الى ما لا نهاية في الماضي المتسلسل
    فلا يمكن أن يأتي يوم فيما مضى يكون الله تعالى غير فاعل فيه ولاخالق
    ثم يصير فعالا خالقا في اليوم الذي يليه ....

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    يقول ابن القيم رحمه الله فى نونيته-في ذكر مذهب أهل الحديث------------------
    والآخرون أولوا الحديث كأحمد ... ذاك ابن حنبل الرضي الشيباني
    قد قال إن الله حقاً لم يزل ... متكلماً إن شاء ذو إحسان
    جعل الكلام صفات فعل قائم ... بالذات لم يفقد من الرحمن
    وكذاك نص على دوام الفعل ... بالإحسان أيضاً في مكان ثان
    وكذا ابن عباس فراجع قوله ... لما أجاب مسائل القرآن
    وكذاك جعفر الإمام الصادق ... المقبول عند الخلق ذو العرفان
    قد قال لم يزل المهيمن محسناً ... براً جواداً عند كل أوان
    وكذا الإمام الدارمى فإنه ... قد قال ما فيه هدى الحيران
    قال الحياة مع الفعال كلاهما ... متلازمان فليس يفترقان
    صدق الإمام فكل حي فهو ... فعال وذا في غاية التبيان
    إلا إذا ما كان ثم موانع ... من آفة أو قاسر الحيوان
    والرب ليس لفعله من مانع ... ما شاء كان بقدرة الديان
    ومشيئة الرحمن لازمة له ... وكذاك قدرة ربنا الرحمن
    وقديم الإحسان الكثير ودائم ... الجود العظيم وصاحب الغفران
    من غير إنكار عليهم فطرة ... فطروا عليها ولا تواصٍ ثان
    أو ليس فعل الرب تابع وصفه ... وكماله أفذاك ذو حدثان
    وكماله سبب الفعال وخلقه ... أفعالهم سبب الكمال الثاني
    أو ما فعال الرب عين كماله ... أفذاك ممتنع على المنان
    أزلاً إلى أن صار فيما لم يزل ... متمكناً والفعل ذو إمكان
    تالله قد ضلت عقول القوم إذ ... قالوا بهذا القول ذي البطلان
    ماذا الذي أضحى له متجدداً ... حتى تمكن فانطقوا ببيان
    والرب ليس معطلاً عن فعله ... بل كل يوم ربنا في شان
    والأمر والتكوين وصف كماله ... ما فقد ذا ووجوده سيان
    وتخلف التأثير بعد تمام موجبه ... محال ليس في الإمكان
    والله ربي لم يزل ذا قدرة ... ومشيئة ويليهما وصفان
    العلم مع وصف الحياة وهذه ... أوصاف ذات الخالق المنان
    وبها تمام العقل ليس بدونها ... فعل يتم بواضح البرهان
    فلأى شيء قد تأخر فعله ... مع موجب قد تم بالأركان
    ما كان ممتنعاً عليه الفعل بل ... ما زال فعل الله ذا إمكان
    والله فهو إله حق دائماً ... أفعنه ذا الوصفان مسلوبان
    أزلاً وليس لفقدها من غاية ... هذا المحال وأعظم البطلان
    إن كان رب العرش حقاً لم يزل ... أبداً إله الحق ذا سلطان
    فكذاك أيضاً لم يزل متكلماً ... بل فاعلاً ما شاء ذا إحسان
    والله ما في العقل ما يقضي لذا ... بالرد والإبطال والنكران
    بل ليس في المعقول غير ثبوته ... للخالق الأزلي ذي الإحسان
    هذا وما دون المهيمن حادث ... ليس القديم سواه في الأكوان
    والله سابق كل شيء غيره ... ما ربنا والخلق مقترنان
    والله كان وليس شيء غيره ... سبحانه جل العظيم الشان
    لسنا نقول كما يقول الملحد ... الزنديق صاحب منطق اليونان
    بدوام هذا العالم المشهود ... والأرواح في أزل وليس بفان
    هذى مقالات الملاحدة الأولى ... كفروا بخالق هذه الأكوان
    ---------------------------------

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    فكذاك أيضاً لم يزل متكلماً ... بل فاعلاً ما شاء ذا إحسان
    فلئن زعمتم أن ذاك تسلسل ... قلنا صدقتم وهو ذو إمكان
    كتسلسل التأثير في مستقبل ... هل بين ذلك قط من فرقان
    والله ما افترقا لذى عقل ولا ... نقل ولا نظر ولا برهان
    في سلب إمكان ولا في ضده ... هذى العقول ونحن ذو أذهان
    فليأت بالفرقان من هو فارق ... فرقا يبين لصالح الأذهان
    وكذاك سوى الجهم بينهما ... كذا العلاف في الإنكار والبطلان
    ولأجل ذا حكما بحكم باطل ... قطعا على الجنات والنيران
    فالجهم أفنى الذات والعلاف ... للحركات أفنى قاله الثوران
    وأبو علي وابنه والأشعري ... وبعده ابن الطيب الرباني
    وجميع أرباب الكلام الباطل ... المذموم عند أئمة الإيمان
    فرقوا وقالوا ذاك فيما لم يزل ... حق وفي أزل بلا إمكان
    قالوا لأجل تناقض الأزلي و ... الأحداث ما هذان يجتمعان
    لكن دوام الفعل في مستقبل ... ما فيه محذور من النكران
    فانظر إلى التلبيس في ذا الفرق ... ترويجاً على العوران والعميان
    ما قال ذو عقل بأن الفرد ذو ... أزل لذي ذهن ولا أعيان
    بل كل فرد فهو مسبوق ... بفرد قبله أبداً بلا حسبان
    ونظير هذا كل فرد فهو ... ملحوق بفرد بعده حكمان
    النوع والآحاد مسبوق ... وملحوق وكل فهو منها فان
    والنوع لا يفني أخيراً فهو ... لا يفني كذلك أولاً ببيان
    وتعاقب الآنات أمر ثابت ... في الذهن وهو كذاك في الأعيان
    فإذا أبيتم ذا وقلتم أول ... الآنات مفتتح بلا نكران
    ما كان ذاك الآن مسبوقاً يرى ... إلا بسلب وجوده الحقاني
    فيقال ما تعنون بالآنات هل ... تعنون مدة هذه الأزمان
    من حين إحداث السموات العلي ... والأرض والأفلاك والقمران
    ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن ... من قبلها شيء من الأكوان
    هل جاءكم في ذاك من أثر ومن ... نص ومن نظر ومن برهان
    هذا الكتاب وهذه الآثار و ... المعقول في الفطرات والأذهان
    إنا نحاكمكم إلى ما شئتمو ... منها فكل الحق في تبيان
    و ليس خلق الكون في الأيام كان ... وذاك مأخوذ من القرآن
    أو ليس ذلكم الزمان بمدة ... لحدوث شيء وهو عين زمان
    فحقيقة الأزمان نسبة حادث ... لسواه تلك حقيقة الأزمان
    واذكر حديث السبق للتقدير و ... التوقيت قبل جميع ذى الأعيان
    خمسين ألفاً من سنين عدها ... المختار سابقة لذى الأكوان
    هذا وعرش الرب فوق الماء من ... قبل السنين بمدة وزمان
    والناس مختلفون في القلم الذي ... كتب القضاء به من الديان
    هل كان قبل العرش أو هو بعده ... قولان عند أبي العلا الهمذاني
    والحق أن العرش قبل لأنه ... قبل الكتابة كان ذا أركان
    وكتابة القلم الشريف تعقبت ... إيجاده من غير فصل زمان
    لما براه الله قال: اكتب كذا ... فغدا بأمر الله ذا جريان
    فجرى بما هو كائن أبداً إلى ... يوم المعاد بقدرة الرحمن.
    أفكان رب العرش جل جلاله ... من قبل ذا عجز وذا نقصان
    أم لم يزل ذا قدرة والفعل ... مقدور له أبدا وذو إمكان
    فلئن سألت وقلت ما هذا الذي ... أداهم لخلاف ذا التبيان
    ولأي شيء لم يقولوا إنه ... سبحانه هو دائم الإحسان
    فاعلم بأن القوم لما أسسوا ... أصل الكلام عموا عن القرآن
    وعن الحديث ومقتضى المعقول بل ... عن فطرة الرحمن والبرهان
    وبنوا قواعدهم عليه فقادهم ... قسراً إلى التعطيل والبطلان
    نفي القيام لكل أمر حادث ... بالرب خوف تسلسل الأعيان
    فيسد ذاك عليهم في زعمهم ... إثبات صانع هذه الأكوان
    إذ أثبتوا بكون ذي الإجساد حادثة ****فلا تنفك عن حدثان
    فإذا تسلسلت الحوادث لم يكن ... لحدوثها إذ ذاك من برهان
    فلأجل ذا قالوا التسلسل باطل ****والجسم لا يخلو عن الحدثان
    فيصح حينئذ حدوث الجسم من ... هذا الدليل بواضح البرهان
    هذى نهايات لإقدام الورى ... في ذا المقام الضيق الأعطان .............................. ...........[من قصيدة الامام ابن القيم بتصريف لتناسب الموضوع-في ذا المقام الضيق الأعطان]

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    رفع الله قدرك أن رفعت لنا هذه الأبيات التي
    ارتفع بها أهل الصدق والايمان والعرفان
    وانتكس بها أهل التعطيل والتأويل والنكران
    ولما كتبت ما سبق كنت أتوجس خيفة أن يتعقبني أحد فيقول من سبقك الى ذلك الكلام
    حتى قرأت ما نقله لنا أخونا المبارك محمد , ففرحت فرحا شديدا وحمدت الله حمدا كثيرا على هذا السبق من شيخ الاسلام ابن قيم الجوزرية

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    جزاك الله خيرا اخى احمد القلى -هذه الابيات من نونية ابن القيم رحمه الله قمت بنتقائها من قصيدة ابن القيم رحمه الله وحذفت كثير من الابيات التى لا تناسب المقام وكررت بعضها ونسقت بينها لتكون دلالة على ما تفضلت به اخى الكريم احمد القلى وجعلته كأنه متن لما تفضلت ببيانه مسبقا لان كلامك فى تسلسل الحوادث فى القدم[اوما يسمى بالقدم النوعى لجنس المخلوقات] موافق لمنهج الامامين الجليلين الامام بن تيميه وابن القيم رحمهما الله فنحن مع كل جهد لإعلاء الحق فجزاك الله خيرا

  13. #13

    افتراضي

    جزاكم الله خيـرا ؛ لكن ألا يكون قول شيخ الاسلام بن تيمية الحراني في الحوادث لا أول لها قولا بالإمكان لا بالوجوب خلاف جمهور المتكلمة الذين نفوا الإمكان وأوجبوا أن يكون للخلق ابتداءً ؛ لما في كلام شيخ الاسلام في درء التعارض من العسر أن تقف على معانيه كاملة ؛ بما أن المسألة خيض فيها من الجانب العقلـي من لدن المتكلمة وكذا شيخ الاسلام فيكون على مبادىء العقلية على الإمكان لما خفـي من الادلة النقلية الصريحة في الأمر ..والله اعلم

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,194

    افتراضي

    اخي الكريم صاحب الموضوع /
    قلت في اول مشاركة لك ( وهاهو هذا البحث أقدمه بين أيديكم , والباب مفتوح على مصراعيه للمناقشة والتعقيب )

    فارجوا منك ان لا تطلق العبارات و الالفاظ التي تغلق الباب على مصراعيه ؟

    شوف اخي الكريم /

    ينبغي للناظر في هذه المسالة ان يستحضر من الاصول المجمع عليها ما يجعله يصل الى المطلوب بلا تناقض و اضطراب .
    و الحمد لله لم ابني كلامي السابق على ما يبني عليه اهل الكلام مذاهبهم و اصولهم
    فهون على نفسك فلست تناقش اشعري و لا معتزلي و لا من تظن انه يعطل الله عز وجل عما هو ثابت له .

    فمن يخالفك يقول ان كمال الله عز وجل ثابت له ذاتا و وصفا لا يتوقف ثبوت ذلك الكمال على غيره
    و يقول ان الله عز وجل غني عن العالمين لا يحتاج الى غيره من المخلوقات بوجه من الوجوه

    و من كمال غناه عز وجل عن خلقه ان ايجاده للخلق مسبوق بمشيئته و ارادته التابعة لعلمه و حكمته
    فوجود الخلق و عدمه لا يجعل للباري كمالا كان مفتقر له قبل خلقه كما ان عدمه لا يسلب للباري كمالا كان ثابتا له قبل ذلك
    فلله عز وجل الكمال المطلق الثابت له لذاته سبحانه و تعالى
    فكونه عز وجل لا يخلق الخلق عموما في الزمن المعين لا يلزم من ذلك نقصا و لا عيبا كما قلنا من قبل
    و انتم توجبون وجود المخلوق على مر الازمان و الاوقات
    و العجيب انكم تقولون ان الكمال لا يوجد الا بوجود المخلوق .
    لذا احوجتم كمال صفات الباري عز وجل الى غيره سبحانه و تعالى
    ف ( لا يوجد ) لانكم تنسبون غيركم ممن يرجع الخلق عموما الى الحكمة و المشيئة تنسبونه الى التعطيل و نسبة النقص الى الله عز وجل . و توجبون لله خلقا يتوقف وجود الكمال معه
    فانتم لا تتصورون كمالا بلا مخلوق
    و غيركم يثبت الكمال الثابت لله بلا و جود مخلوق
    ذلك ان كمال الله عز وجل وصف له ذاتي لا يفتقر ثبوت ذلك الى غيره .
    و العجيب انكم تثبتون للخلق مشيئة و ارادة تابعة للعلم و الحكمة لا يكون المخلوق الا بمجموع ذلك
    ثم مع ذلك توجبون جنس الخلق الذي لا يكون الكمال الا مع وجوده و هذا - تناقض -
    تناقض من حيث انكم جعلتم جنس الخلق واجب لا يرجع الى المشيئة
    و ان كنتم تثبتون لاحاده ذلك .
    فكانكم تقولون لا بد ان يخلق سبحانه خلقا في الزمن المعين و الا كان ناقصا معطلا . وهو سبحانه يختار بعد ذلك الوجوب ما يشاء من ذلك .
    فجعلتم مشيئته تابعة لما توجبونه . توجبون جنس الخلق و بعد ذلك ترجعون مشيئته سبحانه و تعالى الى الاحاد .
    يا سبحان الله
    المخلوقات الموجودة في الزمن المعين كلها راجعة الى مشيئته سبحانه و تعالى باعتبار افرادها عندكم هل اذا اخرها جملة الى زمن معين لحكمة يعلمها يكون نقصا و عيبا في ذاته و اوصافه ؟



  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    اخي الكريم صاحب الموضوع /
    قلت في اول مشاركة لك ( وهاهو هذا البحث أقدمه بين أيديكم , والباب مفتوح على مصراعيه للمناقشة والتعقيب )

    فارجوا منك ان لا تطلق العبارات و الالفاظ التي تغلق الباب على مصراعيه ؟

    شوف اخي الكريم /......

    اسمعني جيدا -بارك الله فيك - وتتبعني على تمهل دون تعجل
    لا تضع نفسك موضع المتهم , فأين هي تلك العبارات التي أطلقتها ولم تلق منك الرضى والقبول ؟
    كل ما قلته أن كلامك واعتراضك قد سبقك اليه الأشاعرة , وهذا واقع لا محيد عنه ,
    فالناس في دوام فاعلية الرب (ولنترك لفظ التسلسل ) ثلاثة أصناف , فانظر أين تضع نفسك وأين تذهب برأيك وان كنت أراك قد وضعت رحالك وقر قرارك على المذهب المذموم وما زلت ولا تزال مصرا عليه غير راجع عنه
    ((فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ لِأَهْلِ النَّظَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ:
    أَضْعَفُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ، لَا يُمْكِنُ دَوَامُهَا لَا فِي الْمَاضِي وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، كَقَوْلِ جهم بن صفوان وأبي الهديل الْعَلَّافِ.
    وَثَانِيهَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي، كَقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
    وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الماضي والمستقبل، كما يقوله أئمة الحديث،..))

    وقال
    (ولهذا كان الذين اتبعوا هؤلاء من المتأخرين، كالرازي والآمدي وغيرهما، قد يتبين لهم ضعف هذا الأصل الذي بنوا عليه حدوث الأجسام، ويترجح عندهم حجة من يقول بدوام فاعلية الباري تعالى، وهم يعلمون أن دين المسلمين واليهود والنصارى: أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، وأن الله خالق كل شيء، لكن قد لا يجمعون بين ذلك وبين دوام فاعلية الباري، لكنهم لم يبنوا على ثبوت الأفعال القائمة به المقدورة المرادة له، فيبقون دائرين بين مذهب الفلاسفة الدهرية القائلين بقدم الأفلاك، معظمين لأرسطوا وأتباعه كابن سينا،..)) انتهى كلامه

    فهؤلاء أصحاب المذهب الأاول وهو قدم العالم وعدم حدوثه, مذهب الفلاسفة
    لذلك ناقضهم أهل الكلام فقالوا بأولية الأفعال فرارا من القول بقدم المخلوقات
    وهذا تمام كلام شيخ الاسلام
    (..وبين مذهب أهل الكلام القائلين بتناهي الحدوث، وربما رجحوا هذا تارة وهذا تارة،..)) انتهى

    والحوادث المقصود بها أفعاله وكذلك كلامه , فهم ينفون أن يكون الله تعالى لا يزال متكلما كما أنه لا يزال فاعلا
    وعلى هذا انقسم أهل البدع في مسألة الكلام الى قولين متناقضين كالقولين السابقين (قول الكلابية والأشاعرة وقول المعتزلة)
    لكن الأشاعرة يتناقضون كما قال شيخ الاسلام فأحيانا يقرون بدوام الفعل وعدم حدوثه

    قال في درء التعارض
    (ومصداق ذلك أن الرازي -مثلاً- إذا قرر في مثل نهاية العقول وأمثالها من كتبه الكلامية تناهي الحوادث، واستوعبت ما ذكره أهل الكلام في ذلك من الحجج،
    عارضه إخوانه المتكلمون فقدحوا فيها واحدة واحدة، ثم هو نفسه يقدح فيها في مواضع من كتبه، مثل المباحث المشرقية والمطالب العالية وغير ذلك،

    ويبين أن دوام فاعلية الرب مما يجب القول به،
    كما ذكره في المباحث المشرقية فإنه قال في بيان دوام فاعلية الباري: اعلم أنا بينا أن واجب الوجود لذاته، كما أنه واجب الوجود لذاته، فهو واجب الوجود من جميع جهاته.
    وإذا كان كذلك، وجب أن تدوم أفعاله بدوامه.
    وبينا أيضاً أن سبق العدم ليس بشرط.....)) انتهى
    سبحان الله امام المتكلمين وكبير الأشاعرة المتهجمين يثبت دوام الفاعلية في الأزل
    وقد ذكر أدلة عقلية قوية يطول نقلها , لكن هؤلاء لايقر لهم قرار, ولا يثبت لهم حال , فهم في تخبطهم مترددون وفي ريبهم متمادون
    ويقصد أن أفعال الله تعالى متعلقة بذاته , وذاته واجبة الوجود فأفعاله وصفاته اذا واجبة الوجود
    فوجب أن تكون دائمة الوجود ,
    لأنها لو لم تكن هذه الديمومة واجبة لكانت ممكنة واذا كانت ممكنة استوى عندها الوجود والعدم
    ولو عدمت في وقت من الأوقات لانعدم فعله الذي ثبت أنه واجب الوجود أبدا .
    فالمفعولات جائزة الوجود , لأن وجودها بغيرها , لكن الفعل من الله تعالى واجب الوجود ,ووجوده يقتضي نفي عدمه واذا لم يعدم دل ذلك على دوامه
    وبهذا ينحل وينجلي الاشكال الذي عرضه أخونا عبد الباسط ,وسيأتي مزيد بسط لهذا الأمر
    وتابع شيخ الاسلام كلامه متعقبا كلام الرازي فقال
    (قلت: فهذه الحجة مضمونها أن الفعل يمكن أن يكون واجب الوجود، فيجب أن يكون دائم الوجود، لأنه لو لم يكن كذلك لكان ممكن الوجود والعدم.
    والمقصود هنا أنه يمكن دوام وجوده بغيره، فيجب دوام وجوده بغيره لا بنفسه، إذ لو لم يجب بنفسه ولا بغيره بل أمكن عدمه، لوجب أن يمكن عدمه دائماً، إذ إمكان عدمه في حال دون حال مع تساوي الأحوال محال، وإمكان عدمه دائماً ينافي وجوبه بنفسه أو بغيره في شيء من الأوقات، فإنه لو وجب موجوداً في حال بنفسه أو بغيره، لم يكن ممكن العدم في حال وجوبه، وهو إذا كان موجوداً كان بغيره فيكون واجباً بالغير، فإذا كان موجوداً امتنع -في حال وجوده- أن يمكن عدمه، فإذا قدر أنه ممكن العدم دائماً، بحيث لا يجب لا بنفسه ولا بغيره، امتنع أن يكون موجوداً في شيء من الأحوال.
    والتقدير أنه ممكن الوجود، بل ممكن دوام الوجود.
    وإمكان الوجود ينافي امتناع الوجود، فما أمكن وجوده دائماً امتنع عدمه.
    ونكته الحجة أن ما أمكن وجوده دائماً، يكون مع وجوده واجباً بغيره، فإن الممكن إن اقترن به ما يوجب وجوده، صار واجباً بغيره، وإن لم يقترن به ما يوجب وجوده، صار ممتنعاً لغيره، إذ الممكن لا يحصل إلا عند المرجح التام الذي يوجب وجوده، إذ لو لم يجب معه لكان ممكناً، وإذا كان ممكناً لم يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح.
    وهذا الموضع قد نازع فيه طوائف المعتزلة، وغيرهم من أهل الكلام...)) انتهى

    ويقصد أن الشيء يمكن وجود دائما , لكن يصير وجوده واجبا بغيره.
    والله تعالى هو الفعال , وفعله دائم الوجود لا يتعطل وجوده في وقت من الأوقات
    وهؤلاء المتكلمون أثبتوا ذاتا بلا صفات
    وهذا الذي وقعت فيه أنت من حيث لا تشعر , فرحت تتكلم عن الذات العلية دون اشارة الى كمال الصفات
    ونبدأ في رد قولك
    فلله عز وجل الكمال المطلق الثابت له لذاته سبحانه و تعالى
    فهنا مكمن زللك ومعقد بعدك عن كلام السلف
    فكان الأولى والواجب أن تقول أن هذا الكمال المطلق (الثابت لذاته ولصفاته )
    وأرجو أن تثبت جيدا على اثبات الكمال المطلق المنافي لأدنى صفات النقص
    فكونه عز وجل لا يخلق الخلق عموما في الزمن المعين لا يلزم من ذلك نقصا و لا عيبا كما قلنا من قبل
    وهذا هو التناقض بعينيه وبنفسه
    أنت تنفي وتعطل صفة الخلق عن الخالق , ثم تدعى أن هذا هو الكمال المطلق
    وهذا التضارب لأجل أنك تناولت المسألة بمعزل عن الأسماء والصفات
    فصفة الخلق والفعل صفة كمال و الله تعالى مدح نفسه بها , فاذا أنت قلت أنه في وقت ما لم يخلق ولم يفعل اقتضى ذلك نفي صفة الخلق والفعل في ذلك الزمن , وهذا هو عين التعطيل
    فمن حيث النقل من نبأك أنه لم يخلق ولم يفعل في ذلك الزمن ؟
    وعقلا أنت أوجبت على الله أن لا يكون فاعلا وخالقا في ذلك الوقت , وعطلته عن الصفات التي مدح بها نفسه عند وجودها ولا يمدح ذاته العلية بصفات عند تجرده منها
    قال (يخلق ما يشاء) فهذه صفة فعل , (يخلق) بصيغة المستقبل الدال على الاستمرر والتجدد
    وكونه يخلق صفة كمال و ضدها صفة النقص وهي كونه لا يخلق
    (أفمن يخلق كمن لا يخلق) فهما لا يستويان
    وأنت تزعم أنه منذ الأزل الى أول مخلوق , في كل هذا الوقت اللامتناهي واللامحدود , في كل هذه الأزمان كان الله (لا يخلق ) ثم تدعي بعد ذلك أنه متصف بصفات الكمال المطلق
    وأنت حين عطلت الخالق عن هذه الصفة في كل هذا الزمن الغابر لم تكن قد عطلته عن صفةكمال واحدة بل هما اثنتان متكاملتان
    (يخلق ما يشاء ) , (اذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون)
    وما دام كل ذلك الزمن لم يخلق ولم يكن خالقا لشيء , فمعناه أنه لم يرد ولم يشأ أي شيء
    وهذا تعطيل لصفة الارادة والمشيئة كل ذلك الزمن الضارب في الأزل الى أن أوجبت على الله تعالى أنه أراد في زمن معين شيئا معينا فابتدأ الخلق
    وبعد كل هذا تقول أنك وصفت الله بصفات الكمال المطلق الواجبة له وحده .
    وهو (الفعال لما يريد) , والفعال بصيغة المبالغة تدل على تكرار وجود الأفعال وكثرتها , وهذه صفة كمال مدح الله بها نفسه
    والفعال من لوازم حياته , فالحي هو الذي يفعل كما سبق في كلام السلف
    وأنت تزعم أنه منذ الأزل لم يفعل ولم يكن فاعلا وانعدم فعله حتى بدأ أول فعل أراده بعد أن كان معدوم الفعل والارادة
    فجردت الفعال لما يريد من صفة الفعل والارادة وهما صفتا كمال مطلق , والكمال المطلق يقتضي وجوده مطلقا غير مقيد بزمن معين
    وارادته ومشيئته مطلقة ليس لها ابتداء كما أنها بلا انتهاء
    فاذا زعمت أنه ابتدأ الفعل من زمن معين , كان قبله الى الأزل مجردا عن الارادة والمشيئة الى أن أراد ذلك الفعل الأول , وهذا تعطيل ما بعده تعطيل لهذه الصفة العلية
    قال شيخ الاسلام
    (ثم وصف نفسه بالمجيد وهو المتضمن لكثرة صفات كماله وسعتها وعدم إحصاء الخلق لها وسعة أفعاله وكثرة خيره ودوامه وأما من ليس له صفات كمال ولا أفعال حميدة فليس له من المجد شيء والمخلوق إنما يصير مجيداً بأوصافه وأفعاله فكيف يكون الرب تبارك وتعالى مجيداً وهو معطل عن الأوصاف والأفعال تعالى الله عما يقول المعطلون علواً كبيراً بل هو المجيد الفعال لما يريد والمجد في لغة العرب كثرة أوصاف الكمال وكثرة أفعال الخير)

    (وَأَمَّا التَّسَلْسُلُ الْمُمْكِنُ: فَالتَّسَلْسُلُ فِي مَفْعُولَاتِهِ مِنْ هَذَا الطَّرَفِ، كَمَا تَتَسَلْسَلُ فِي طَرَفِ الْأَبَدِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَزَلْ حَيًّا قَادِرًا مُرِيدًا مُتَكَلِّمًا، وَذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ فَالْفِعْلُ مُمْكِنٌ لَهُ بِمُوجِبِ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهُ،
    وَأَنْ يَفْعَلَ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ مَعَهُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ تَقَدُّمًا لَا أَوَّلَ لَهُ، فَلِكُلِّ مَخْلُوقٍ أَوَّلُ، وَالْخَالِقُ - سُبْحَانَهُ - لَا أَوَّلَ لَهُ، فَهُوَ وَحْدَهُ الْخَالِقُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.))
    ( وَكُلُّ قَوْلٍ سِوَى هَذَا فَصَرِيحُ الْعَقْلِ يَرُدُّهُ وَيَقْضِي بِبُطْلَانِهِ، وَكُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ لَزِمَهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمَا: إِمَّا أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَزَلْ مُمْكِنًا، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ يَزَلْ وَاقِعًا، وَإِلَّا تَنَاقَضَ تَنَاقُضًا بَيِّنًا، حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ مُحَالٌ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يُمْكِنْ وُجُودُهُ، بَلْ فَرْضُ إِرَادَتِهِ عِنْدَهُ مُحَالٌ وَهُوَ مَقْدُورٌ لَهُ. وَهَذَا قَوْلٌ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
    وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ، أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، أَمَّا كَوْنُ الرَّبِّ - تَعَالَى - لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا عَنِ الْفِعْلِ ثُمَّ فَعَلَ، فَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي الْعَقْلِ مَا يُثْبِتُهُ، بَلْ كِلَاهُمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِهِ))

    ونختم بهذه الفتوى للجنة الدائمة و للحديث بقية
    السؤال الأول من الفتوى رقم (17749)
    س 1: ما معنى تسلسل الحوادث، وهل شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية يقول به؟ على أنني سمعت ذلك عن بعض طلبة العلم، وأنا أعلم باليقين أنه رحمه الله يقول: إن أول ما خلق الله العرش. أجاب بذلك رحمه الله حينما سئل عن العرش والقلم أيهما كان أولا؟
    ج: تسلسل الحوادث هي من العبارات المحدثة التي أحدثها علماء الكلام، ويقصدون بذلك أن أفعال الله سبحانه لا بد لها من بداية وليست أزلية؛ لئلا يلزم من ذلك تعدد القدماء، ولا قديم إلا الله، وهذا كلام باطل محدث في الإسلام، لأنه لا يلزم من أزلية أفعال الله وصفاته تعدد القدماء، فالله تعالى بأفعاله وصفاته قديم، ليس لأفعاله بداية، كما أنه ليس له بداية.))

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,194

    افتراضي

    اخي الكريم نحن نناقشك في تسلسل المخلوقات
    لا في تسلسل الافعال
    لم اناقشك في دوام فاعلية الرب
    كما هو معلوم من طرحك للمسالة
    فبين هذا الكلام و كلام الاشاعرة بون واسع يدركه من يعرف وجه الخلاف و الاتفاق فيما نحن بصدده
    و قد جاء ذكر الفعل باعتبار ان احاد الخلق يرجع الى نوع الفعل فهو فعل يحتاج الى مشيئة
    فلا توهم نفسك و غيرك اننا ننفي عن الله عز وجل الفعل ازلا و ابدا

    فنحن نتكلم عن الافعال المتعدية للمخلوق
    يعني تسلسل المخلوقات

    و قد اوردت عليك ما يلزم من هذا القول بكلام واضح
    فارجع اليه و اقراه بتدبر لعلك تختار من كلامك ما هو مناسب للرد في هذا المقام

  17. #17

    افتراضي

    بما انني متابع لما يثار في هذه المسألة فإني ارى الطيبوني كلامه متوجه بينما رد الاخ احمد القلي بعيد عن النقطة المثارة والتي لا تلزم الاخ الطيبوني لا من بعيد ولا من قريب فنرجو من الاخ احمد ان يعيد قراءة ردود الطيبوني واستيعابها ومن ثم الرد عليها من غيـر اللجوء الى الاقتباسات البعيدة لما اصله شيخ الاسلام في رده على المتكلمة وجزاكم الله خيرا ونفع بكم

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    اخي الكريم نحن نناقشك في تسلسل المخلوقات
    لا في تسلسل الافعال
    لم اناقشك في دوام فاعلية الرب
    كما هو معلوم من طرحك للمسالة
    فبين هذا الكلام و كلام الاشاعرة بون واسع يدركه من يعرف وجه الخلاف و الاتفاق فيما نحن بصدده
    و قد جاء ذكر الفعل باعتبار ان احاد الخلق يرجع الى نوع الفعل فهو فعل يحتاج الى مشيئة
    فلا توهم نفسك و غيرك اننا ننفي عن الله عز وجل الفعل ازلا و ابدا

    فنحن نتكلم عن الافعال المتعدية للمخلوق
    يعني تسلسل المخلوقات

    و قد اوردت عليك ما يلزم من هذا القول بكلام واضح
    فارجع اليه و اقراه بتدبر لعلك تختار من كلامك ما هو مناسب للرد في هذا المقام
    سبحان الله أليس قوله عزوجل (يخلق ) صفة فعل ؟
    والفعل عام والخلق خاص
    وأنا تكلمت بالعموم فقلت (الحوادث) ولم أقل (المخلوقات )
    وأصل المسألة هي (امتناع حوادث لا أول لها )
    وهذا مذهب الأشاعرة , وقد سبق نقل كلام الحافظ العسقلاني في الأول حين استشنع على شيخ الاسلام هذا المذهب
    ووصفه بأنه من مستشنع المسائل المنسوبة الى اين تيمية
    وبعد كل هذا تأتي الآن وتقول أنك تقصد الخلق لا الأفعال
    ومنذ البداية وقبل أن تبدأ الرد والتعقيب , قد نبهت الى الخطأ الذي وقعت فيه-ولما تخرج منه الى الآن - في التفريق بين الاسم والصفة
    فاسم الخالق ثابت له قبل أن يخلق
    لكن صفة الخلق فلا يوصف بها الا بعد وجود الفعل
    فلا نقول أن الله تعالى قد خلق , وهو لم يخلق بعد
    ولو تأملت هذا الكلام لهان عليك الأمر

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,346

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الباسط آل القاضي مشاهدة المشاركة
    بما انني متابع لما يثار في هذه المسألة فإني ارى الطيبوني كلامه متوجه بينما رد الاخ احمد القلي بعيد عن النقطة المثارة والتي لا تلزم الاخ الطيبوني لا من بعيد ولا من قريب فنرجو من الاخ احمد ان يعيد قراءة ردود الطيبوني واستيعابها ومن ثم الرد عليها من غيـر اللجوء الى الاقتباسات البعيدة لما اصله شيخ الاسلام في رده على المتكلمة وجزاكم الله خيرا ونفع بكم
    أخي بارك الله فيك , أنا كتبت عنوان الموضوع (تسلسل الحوادث )
    والحوادث اسم عام يدخل فيه كل أفعال الرب عزوجل , من الخلق والكلام وغيره
    والأخ الطيبوني أبدى في أول مشاركة له اعتراضه الشديد على شيخ الاسلام وموافقة الأشاعرة
    ولا أدري ماذا حدث له الآن -فربما وقع له مثل ما وقع للرازي-, وهو صرح بقلمه أن الخلق يدخل في عموم الفعل , وأنكر دوام الفعل سابقا وأثبته لاحقا
    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
    يسعك ان تقول في مثل هذا ان الخلق من جملة افعاله عز وجل التابعة لحكمته و مشيئته . فعدم الخلق و الفعل يكون نقصا عند العجز و عدم القدرة . اما مع كمال العلم و الحكمة و نفوذ المشئة لا يسمى عيبا و لا نقصا .
    أما النقولات البعيدة التي نقلتها عن شيخ الاسلام فانما أردت أن أبين بها مذاهب الناس في هذه المسألة لتستبين سبيل كل متكلم هنا
    ولا أدري لحد الساعة ما مذهب الطيبوني , في تسلسل الحوادث , ولا حتى مذهبك أنت أخي
    فاما أن تقولا بقول شيخ الاسلام وتلميذه , وهو مذهب أهل الحديث بتسلسل الحوادث في الأزل ودوام فعل الرب في القدم
    أو تنفوا ذلك وتقولوا بامتناع حوادث لا أول لها ,
    وهذه بعض اشارات اخينا الطيبوني عن كلام شيخ الاسلام
    - كونها في دواوين الاسلام و لم يتعرض لها ارباب هذا الشان قبل شيخ الاسلام . خاصة اذا قلنا ان معناها المتبادر من اول وهلة باطل .
    وهذه اشارة من طرفي خفي أن شيخ الاسلام قد سبق ما لم يسبق اليه أحد من العالمين
    وأنه أحدث ما لم يقل به أحد من السابقين , وكان يسعه أن يسكت عما سكت عنه الأقدمون
    - الطعن في راويها انه احال المعنى الحق الى المعنى الباطل و سكوت و غفلة اهل عصره و من اتى بعدهم من علماء الرواية و الدراية الى ان اتى شيخ الاسلام .خاصة اذا قلنا ان اللفظ لا يحتمل الا المعنى الباطل .
    وهذا أشد من الأول , فكيف يسكت ويغفل أهل الرواية والدراية عن هذا المعنى الباطل حتى يأتي هذا الذي سموه شيخ السلام بعد قرون ويكتشف هذا الباطل ويخرج لهم هذه المسألة التي كبر فهمهما وتصديقها على الأشاعرة واشباههم وأشياعهم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الباسط آل القاضي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيـرا ؛ لكن ألا يكون قول شيخ الاسلام بن تيمية الحراني في الحوادث لا أول لها قولا بالإمكان لا بالوجوب خلاف جمهور المتكلمة الذين نفوا الإمكان وأوجبوا أن يكون للخلق ابتداءً ؛ لما في كلام شيخ الاسلام في درء التعارض من العسر أن تقف على معانيه كاملة ؛ بما أن المسألة خيض فيها من الجانب العقلـي من لدن المتكلمة وكذا شيخ الاسلام فيكون على مبادىء العقلية على الإمكان لما خفـي من الادلة النقلية الصريحة في الأمر ..والله اعلم
    بارك الله فيك
    نعم هو كذلك , فالقول بالامكان هو المتعين وهذا في مقابلة الأشاعرة الذين قالوا بامتناع ذلك
    والأمر لا يحتمل الا الامكان أو الامتناع ولا ثالث لهما
    لأنك لو قلت بالوجوب فهذا اساءة أدب مع الله تعالى , لأن في ذلك ايجاب الفعل على الله تعالى
    ومثل ذلك القول فيما يستقبل , فأمة الاسلام متفقة -ما خلا جهما- أن أفعال الله تعالى غير محدودة في المستقبل وأنه لا يزال يفعل ويتجدد له الفعل في كل وقت آت , ولا يوجد وقت في المستقبل يمتنع أن يكون الله فيه خالقا وفاعلا
    ومع ذلك فنقول في ذلك , أن تلسلسل هذه الحوادث في المستقبل ممكن وليس واجبا , لأن حدوثها يدخل تحت مشيئة الله
    ولا أحد يوجب على الله شيئا , ولكنه يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد
    ولا يمنع القول بالتسلسل في المستقبل بالقول أن الله هو الآخر
    فوجود المخلوقات معه في الأبد لا ينفي عنه الآخرية , فهو الآخر ليس بعده شيء
    وكذلك وجود المخلوق معه في الأزل لا ينفي عنه صفة الأولية , فهو الأول ليس قبله (لا ليس معه) شيء

    ولو لم يكن في المسألة الا هذا الدليل لكفى به دليلا وبرهانا
    وأيضا الذي ينفي دوام الأفعال في الأزل غاب عنه شيء لم يخطر على باله
    فلو فرض أنه وجد مخلوق أول لم يخلق الله تعالى قبله شيئا وكان قبله العدم المحض
    فمعنى هذا أن الله لم يحدث له خلق ابتداء من هذا المخلوق الى ما لا نهاية في الأزل
    أي أن هذا الوقت (من الأزل الى وقت المخلوق الأول) لم يفعل الله تعالى شيئا وكان سبحانه معطلا عن كل فعل وخلق
    وهذا وقت غير محدود من أحد طرفيه , أفيعقل أن الله تعالى ظل معطلا عن الفعل كل هذا الوقت اللامحدود وهو الذي مدح نفسه بوجود وكثرة الفعل والخلق وهي من صفات الكمال التي ينزه الله تعالى عن ضدها
    وليس أحد أحب اليه المدحة من الله عزوجل



  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,194

    افتراضي

    اخي الكريم في مشاركتك الاولى قلت /

    ( معنى تسلسل الحوادث في القدم يقتضي أن لا يكون للمخلوقات ابتداء , وما من مخلوق الا وقبله مخلوق ويمتنع أن يكون الله تعالى في وقت من الأوقات معطلا عن صفة الخلق والفعل .)

    انت تقر هنا ان المخلوقات ليس لها ابتداء و ما من مخلوق الا و قبله مخلوق و يمتنع ان يكون الله عز وجل في وقت من الاوقات معطل من صفة الخلق
    و صفة الخلق عندك
    كما قلت في مشاركتك الاخيرة (
    صفة الخلق فلا يوصف بها الا بعد وجود الفعل
    فلا نقول أن الله تعالى قد خلق , وهو لم يخلق بعد )
    يعني ان صفة الخلق لا تثبت الا بعد و جود الخلق
    و عدم الخلق ممتنع عندك مستحيل لانه يلزم منه ان يكون الباري معطلا عن صفة الخلق التي لا تثبتها لله صفة الا مع وجود المخلوق .
    فلا ضير علي ان قلت انك توجب تسلسل المخلوقات في الماضي و انك ترمي من يجعل ذلك ممكنا و يرده الى المشيئة ترميه بتعطيل الرب عز وجل عن كماله الذي لا يثبت الا بوجود المخلوق .
    تامل هذا جيدا لكي لا نرجع اليه .
    و بالمناسبة اخي الكريم الاشاعرة لا يقولون بامكانية ذلك في الماضي انما يقولون بالامتناع و لا يردون الامر الى المشيئة
    و الارادة .

    و غيرك من اهل السنة ممن يخالفك يقول بالامكان العقلي و يرجعون الامر الى الشرع فلا يثبتون ذلك و لا ينفونه الا بدليل .

    اما قولك ان /
    (
    قد نبهت الى الخطأ الذي وقعت فيه-ولما تخرج منه الى الآن - في التفريق بين الاسم و الصفة
    ف
    اسم الخالق ثابت له قبل أن يخلق . لكن صفة الخلق فلا يوصف بها الا بعد وجود الفعل
    فلا نقول أن الله تعالى قد خلق , وهو لم يخلق بعد )
    -
    اسم الخالق ثابت له قبل أن يخلق ؟
    * تثبت هنا اخي الكريم الاسم قبل وجود المخلوق و هذا لا يستقيم الا بان تنفي التسلسل فقد قلت قبل بامتناع عدم المخلوق و ان ذلك من المستحيلات . فكيف تثبت الاسم بلا مخلوق و عدم المخلوق ممتع عندك على مر الازمان و الاوقات ماضي و مستقبلا .
    * اسم الخالق باي شيء تثبته اخي الكريم ؟ انتظر الجواب
    * هل لي ان اثبت الصفة بنفس الدليل الذي اثبت به الاسم . فاجعله موصوفا بالصفة قبل الخلق كما انه موصوف بالاسم * قبل ذلك .
    * اثباتك للاسم اخي الكريم قبل الخلق اثبات للصفة ( فاسماء الله عز وجل اعلام و اوصاف ) ليست اعلام مجردة .
    فيلزمك ان تثبت الصفة مع الاسم قبل الخلق و الا سقط التفريق الذي تزعم اني لم اخرج منه .
    * اسماء الله عز وجل و صفاته لا اول لها ( قديمة قدم ذاته ) و انت تثبت الاسم قبل الخلق و الصفة بعده . فيلزم
    من كلامك ان يكون الاسم سابق للصفة و هذا نفي للاولية بالنسبة للصفة . لان وجود الاسم متقدم عليها .

    اما قولك ان
    (
    الحوادث اسم عام يدخل فيه كل أفعال الرب عزوجل , من الخلق والكلام وغيره
    والأخ الطيبوني أبدى في أول مشاركة له اعتراضه الشديد على شيخ الاسلام وموافقة الأشاعرة
    ولا أدري ماذا حدث له الآن -فربما وقع له مثل ما وقع للرازي-, وهو صرح بقلمه أن الخلق يدخل في عموم الفعل , وأنكر دوام الفعل سابقا وأثبته لاحقا )

    لا شيء علي اخي الكريم ان وافقت الاشاعرة في نتيجة اخالفهم فيها في الاستدلال و الاصول
    فهم يوافقوننا في اثبات صفات مع مخالفتهم لنا في طريقة الاستدلال و المعول في الاثبات
    فطالب العلم اذا تكلم بمقتضى الاصول المبنية على النصوص الشرعية و العقلية الصحيحة لا يدخله عيب و لا ذم و ان خالف شيخ الاسلام و وافق الاشعري في النتيجة .
    انما عليك انت ان تبين الخلل في طريقته و استدلاله و تترفع عن مثل قولك يعترض على فلان و يوافق فلان
    لاني احسب ان المرء يدرك الحق و الفقه في المسائل بعد ان يطرح مالديه بصدق و انصاف .
    و مجمل اعتراضي السابق مبني على ما احسبه قواعد و اصولا يجب مراعاتها في مثل هذه المسائل /
    فمن هذه الاصول /
    - ان السلف تكلموا في اصول مسائل الاعتقاد فلا بد ان كانت المسالة حقا ان يكون لهم كلام فيها .
    - ان البدعة قديمة قبل ان يولد شيخ الاسلام بزمان و باب النهي عن المنكر كان قائم انذاك . فلا بد ان يؤثر من
    ردودهم في هذه المسالة ما يغني و يشفي من الكلام .
    - ان اصول المسائل ثابتة بالادلة النقلية و العقلية الظاهرة . فكون ادلة المسالة غالبها عقلي و النقلي فيها خفي على الناس . مما لا يجعلها من الاصول و يجعل القدح يتطرق الى العقل اولى من ان يجعل دليل الاصل شرعي خفي .
    - ان اثبات دوام فاعلية الرب عز وجل ازلا و ابدا لا يلزم منه تسلسل المخلوقات . لان الخلق و ما يتبعه من الافعال يرجع الى بعض الافعال و هو تابع للمشيئة و الحكمة و العلم . فلا يثبت هذا التسلسل و لا ينفى الا بنص .
    - كما ان النفي لا يكون الا بدليل فالاثبات لا يكون الا بدليل فاثبات تسلسل المخلوقات كعقيدة يبدع فيها النافي المستند الى ما يظنه دليل شرعي . او المتوقف المرجع الامر للمشيئة مع اثبات الامكان العقلي يحتاج الى نقل عمن سلفه ممن كلامهم معتبر في مثل هذه المسائل .
    - رواية ( لم يكن شيء غيره او معه ) ارجوا من المشرف تصحيح اللفظ في اول المشاركة فقد ذكرت رواية " غيره "
    و شيخ الاسلام ينتقد الروايتين الاوليين و يقول انهما رويتا بالمعنى .
    قلت سابقا - ظاهر المعنى باطل عند شيخ الاسلام ( غيره او معه )
    فيلزم ان الراوي استبدل المعنى الحق بالمعنى الذي ظاهره البطلان . و هذا طعن في الراوي و لمن اقر هذا المعنى من بعده . و قصور منهم في انهم لم يدركوا ان رواية غيره و معه تفيد بظاهرها معنى باطل ينزه الله عنه .
    كيف يتوارد العلماء و ائمة الحديث بذكر هذه الروايات الظاهرة البطلان في دواوينهم بدون تنبيه
    كيف يعبر العلماء بهذه الالفاظ في حكاية عقائدهم و في كتبهم مع انها في غاية البطلان .
    بالمناسبة ابن القيم رحمه الله يقول في المدارج /
    فمتى طالع العبد عين هذا السبق شهد معنى الأزل وعرف حقيقته فبدا له حينئذ علم التوحيد فاستقبله كما يستقبل أعلام البلد وأعلام الجيش ورفع له فشمر إليه وهو شهود انفراد الحق بأزليته وحده وأنه كان ولم يكن شيء غيره ألبتة وكل ما سواه فكائن بعد عدمه بتكوينه .
    - كون الامام الطبري يحكي في تاريخه اختلاف الناس في اول مخلوق خلقه الله على الاطلاق ( ممكن ترجع الى ذلك )
    و لا يحكي قول لاحد كان انه يقول بالتسلسل في الماضي مما يشعر ان هذا القول لم يكن معلوم انذاك . فكيف يجعل مما اجمع عليه السلف و الطبري و ما ادراك ما هو في الرواية و معرفة اختلاف الناس يفوته ذلك و لا يعرج عليه بتاتا . و تفسيره معول لنا في فهم كلام الله و هو مقدم حتى سمي بسيد المفسرين .




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •