كلنا نعلم أنه لا يوجد كتاب على وجه الأرض إلا وله مقدمة وخاتمة وتوقيع الكاتب في آخره

فقياسا على ذلك ولله المثل الأعلى

سورة الفاتحة التي هي أم الكتاب هي المقدمة وهي تشمل جميع المواضيع التي تم تفصيلها في السور التي بعدها

ثم الخاتمة تبدأ من سورة الكافرون ثم النصر ثم المسد وهي الخلاصة لأسباب الهداية ونتائجها لأننا ان عبدنا الله وحده وتبرأنا من الكفار ومما يعبدون من دون الله وتمسكنا بما أنزله الله على رسوله حتى الموت إذا لأتى نصر الله والفتح ولرأينا الناس يدخلون في دين الله أفواجا ولتبت أيادي الكفار واعوانهم وكل ذلك إستجابة لدعائنا: "إهدنا الصراط المستقيم"

ثم توقيع المتكلم بالقرآن وهو الله جل جلاله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد

وقد يسأل سائل لما جعلت سورة الكافرون هي بداية الخاتمة
أقول والله أعلم قد ذكرت العبادة في هذه السورة ثماني 8 مرات وهذا ليس بعبث
فانها الغاية التي خلقنا لها وهي الوصية التي يجب أن نوصي بها أبنائنا عند الموت وقد قال الله تعالى عن ابراهيم وعن يعوب : وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)
فهذه السورة كالوصية وهي الخلاصة وقد أمر ربنا سبحانه بأن نقول يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون... ثم أمرنا بأن نقول هو الله أحد فوجود أمرين يدل على فصلين ففيها اشارة على أنها الخاتمة وعلى ان الإخلاص هي التوقيع

وفي الأخير سورة الموعذتين لمن أراد أن يعيد القرآءة ويبدأ بختمية جديدة قال تعالى : فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) "وجه من التفسير"

ولعل هذا هو السبب أن ابن مسعود حبر الأمة ! كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله وهذا القول فسره القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار وتبعه عياض وغيره فقال:
لم ينكر بن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك قال فهذا تأويل منه وليس جحدا لكونهما قرآنا.
فقوله إنهما ليستا من كتاب الله أي ليستا في المصحف المأمور بجمعه
و قد صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود ، وفيها المعوذتان
وقد صح انهم كانوا يحزبون القرآن تحزيبا ويقرؤنه كل سبعة أيام فهل يعقل أن يكون الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ منه القرآن لم يحفظ كتاب الله
فلعله رضي الله عنه كان يراهما كالإستعاذة لقراءة جديدة.
كما انه كان يرى ان الفاتحة تستفتح كل سورة.
وهذا من اجتهاده

والله أعلم