زَكَاةُ الْفِطْرِ

· الزكاة لغة :

الزَّكَاةُ هِيَ النَّمَاءُ يُقَالُ زَكَى الزَّرْعُ يَزْكُو أَيْ نَمَا وَهِيَ الطَّهَارَةُ أَيْضًا وَسُمِّيَتْ الزَّكَاةُ زَكَاةً لِأَنَّهُ يَزْكُو بِهَا الْمَالُ بِالْبَرَكَةِ وَيَطْهُرُ بِهَا الْمَرْءُ بِالْمَغْفِرَةِ . وقالَ ابنُ الأثيرِ: الزَّكاةُ فِي اللُّغَةِ الطَّهارةُ والنَّماءُ والبركةُ والمَدْحُ،
. وَأُضِيفَتْ إلَى الْفِطْرِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي وُجُوبِهَا، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ. وَقِيلَ لَهَا: فِطْرَةٌ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ. قَالَ تَعَالَى: {000فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا000} [الروم:من الآية 30] ، وَهَذِهِ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ،
حكمها: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ»(أخرجه البخارى ومسلم) وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ، وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ

· مقدارها:
مقدار زكاة الفطر عن الفرد ثلاثة كيلو تقريبا من الأرز أو غيره من قوت البلد،(فتاوى اللجنة الدائمة8-266)وهو قول جمهور الفقهاء والأصل عند الحنفية كغيرهم من الفقهاء أنها تخرج عيناً ، فقد جاء عن ابن نجيم في كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، وهو من كتب المذهب الحنفي مقدار صدقة الفطر : " نصف صاع من بُرٍ أو دقيقه أو سويقه ، أو زبيب أو صاع تمر ، أو شعير " البحر الرائق 2/273 ـ تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/306 ـ حاشية ابن عابدين المسماة برد المحتار 2/265ـ العناية شرح الهداية محمد بن محمد بن محمود البابرتي 2/290، ولكن الحنفية أجازوا القيمة كما جاء في كتاب الجوهرة النيرة " ويجوز دفع القيمة في الزكاة ، وكذا في النذور والكفارات والعُشْر ( هو ما يجب في زكاة الزروع ) وصدقة الفطر ، ولا يجوز في الهدايا ( وهو ما يُذْبحُ في الحج ) والضحايا" (الجوهرة النيرة
تأليف :أبو بكر محمد بن على الحدادي العبادي الحنفي 1/120)
ولا يمنع هذا من التصدق علي الفقير بنقود (من جنيه إلي أكثر من مليون جنيه) لكن غير صدقة الفطر ، ولها ثواب آخر ؛ فإنه أمر تعبدي ولله في شرعه حِكَمٌ ، قد لا تدركها عقولنا القاصرة ، ولا بد من الاهتمام بالفقراء علي مر الأيام والليالي ليس في رمضان فقط ولا في العيد فقط ، فالفقير له نفقاته اليومية ، ويحتاج إلي من يكفله ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ فرض أنواعاً أخرى من الزكاة مثل : زكاة المال ، وزكاة الذهب و الفضة ، وعروض التجارة .... ، قال تعالى (والله عليم حكيم) . سورة التوبة : 60
فالله هو الأعلم و الأحكم ـ سبحانه وتعالي ـ . قال ابن قدامة : قال أبو داود قيل لأحمد وأنا اسمع أعطي دراهم يعني في صدقة الفطر قال أخاف ألا يجزئه خلاف سنة رسول الله – صلي الله عليه وآله وسلم – (المغني لابن قدامة 4/295).
ويستحب إخراجها عن الحمل؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.(الملخص الفقهى للفوزان1-352)

· لمن تعطى(مصارف الزكاة) :

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْصِيصُ الْمَسَاكِينِ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَقْسِمُهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ قَبْضَةً قَبْضَةً، وَلَا أَمَرَ بِذَلِكَ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ،(زاد المعاد لابن القيم 2-21)

· وَقْتُ وُجُوبِ زَكَاة الْفِطْر:

فَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ. فَمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ.
وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، لَمْ تَلْزَمْهُ. وَمِنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ(المغنى لابن قدامه 3-89) والذي توفي قبل غروب الشمس ليلة عيد الفطر لا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنها تجب لغروب الشمس تلك الليلة وهو توفي قبل الوجوب(فتاوى اللجنة الدائمة 8-270)

· وقت اخراجها:

وأمَّا زمنُ دفعِها فله وقتانِ: وقتُ فضيلةٍ ووقتُ جوازٍ.
فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صباحُ العيد قبل الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كنَّا نُخْرِج في عهدِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الفطرِ صاعاً من طعامٍ» (أخرجه البخارى) وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ بزكاةِ الفطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاةِ» (أخرجه البخارى ومسلم ) .
ولذلك كان من الأفضل تأخيرُ صلاةِ العيد يومَ الفطرِ ليتسعَ الوقتُ لإِخراج الفطرةِ.
وأمَّا وقتُ الجوازِ
فهو قبْل العيدِ بيوم أو يومين ؛ فقد روى البخاري رحمه الله: أن الصحابة رضى الله عنهم -كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين، فكان إجماعا منهم..

ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرها عن صلاةِ العيدِ بلا عُذرٍ لم تُقْبَل منه لأنه خلافُ ما أمَرَ به رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سبق من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما «أنَّ مَنْ أدَّاها قبْلَ الصلاةِ فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقاتِ. »
أمَّا إن أخَّرها لعذرٍ فلا بأسَ، مثلُ أن يصادفَه العيدُ في البَر ليس عنده ما يدفعُ منه أو ليسَ عنده مَنْ يدفُع إليه، أو يأتَي خبرُ ثبوتِ العيدِ مفاجِئاً بحيثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن إخراجها قبْلَ الصلاةِ، أو يكون معتمداً على شخصٍ في إخراجها فينسى أنْ يُخْرِجها فلا بأسَ أن يخرجها ولو بعدَ العيد لأنه معذور في ذلك.
مكان اخراجها: هو المكان الذي يدركك العيد وأنت فيه، سواء كان بلدك أم بلداً آخر.
وعلى هذا فالمعتمرون في مكة الذين سيبقون إلى العيد، الأصل أنهم يخرجون زكاة الفطر في مكة، فيكون قد اجتمع في حقهم: أن مكة مكان إقامتهم في وقت الإخراج، وأن مكة أفضل من غيرها؛ لأن الأعمال الصالحة في مكة أفضل من الأعمال الصالحة في غيرها.
وإذا كنت في بلد آخر غير مكة وأدركك العيد، فإنك تخرج الزكاة في البلد الذي أدركك العيد وأنت فيه. وهل يجوز أن تخرجها في محل إقامتك بأن توكل أهلك في إخراجها؟
نعم يجوز ذلك ولا حرج.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين(مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين18-561،الملخص الفقهى للفوزان 1-352)

· التوكيل فى اخراج زكاة الفطر:

يجوز أن توكل غيرك بأن تعطيه مالا وتكلفه بأن يشترى طعاما ويوزعه على الفقراء لعلمه بهم-سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى -: هل يجوز التوكيل في صرف زكاة الفطر وزكاة المال وفي قبضها؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز التوكيل في صرف زكاة الفطر كما يجوز في زكاة المال، لكن لابد أن تصل زكاة الفطر إلى يدالفقير قبل صلاة العيد، لأنه وكيل عن صاحبها، أما لو كان الجار قد وكله الفقير، وقال: اقبض زكاة الفطر من جارك لي، فإنه يجوز أن تبقى مع الوكيل ولو بعد صلاة العيد، لأن قبض وكيل الفقير بمنزلة قبض الوكيل.(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 18-311)
التنبيه على حديث لا يصح عن رسولنا صلى الله عليه وسلم (حَدِيث: " شهر رَمَضَان مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَلَا يرفع إِلَى الله إِلَّا بِزَكَاة الْفطر "). رَوَاهُ ابْن شاهين، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي علله: لَا يَصح؛ فِيهِ مُحَمَّد بن عبيد الْبَصْرِيّ، مَجْهُول.( أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب
المؤلف: محمد بن محمد درويش، أبو عبد الرحمن الحوت الشافعي (المتوفى: 1277هـ ص167،ضعيف الجامع للألبانى 1-270)

· الخلاصة:

الأمر سهل ميسور لا يحتاج إلى كل هذا الخلاف والجدل فى كل عام . نجمع بين الخيرين فنخرج طعاما –سنة النبى صلى الله عليه وسلم –ونخرج مالا بجواره صدقة أخري من باب التطوع فيستطيع الفقير أن يشترى ملابس لأولاده أو يدفع إيجارا أو...خاصة فى مثل هذه الظروف الصعبة وقد ترى من يدخن وينفق مئات الجنيهات ويجادلك فى زكاة الفطر (هل تعلم أن المصريين ينفقون 28مليار سنويا على الحشيش و7مليار على السجائر-انظر:تقرير المخدرات العالمى الذى تصدره الأمم المتحدة عن أوضاع المخدرات فى العالم وهو منشور بمجلة المجاهد التى تصدرها الشئون المعنوية للقوات المسلحة –رمضان 1435ه،يوليو2014 )فنسأل الله أن يتوب على المدمنين والمدخنين اللهم آمين .وتقبل الله منا ومنكم .