إذا شَكَّ في الميت، هل كان يصلي أم لا، فهل يصلي عليه؟



السؤال : في بعض الأوقات تكون هناك جنازة فأقوم بالصلاة عليها دون معرفة ما إذا كان صاحبها مسلما أم لا ، لأن المسجد يصلي على أي واحد ينطق بالشهادة حتى ولو لم يصل أبدا. فما الذي علي فعله ؟ .

نشر بتاريخ: 2009-03-25
الجواب :

الحمد لله

الأصل أن يصلى على كل مسلم يقول : لا إله إلا الله ، ولا يعلم وقوعه في ناقض من نواقضها ، فإذا جيء بجنازة للمسجد صلى عليها الإمام ، حملا على هذا الأصل ، وتغليبا لحسن الظن .

وتارك الصلاة الذي لا يصليها مطلقًا ، كافر ، سواء تركها كسلاً أو جحودًا ، في أصح قولي العلماء ؛ لأدلة كثيرة ، سبق ذكر بعضها في جواب السؤال رقم (5208) ورقم (83165) .

فإذا علمت أن فلانا من الناس قد مات تاركا للصلاة ، فلا يجوز أن تصلي عليه ؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) التوبة/84 .

وقوله تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) التوبة/113 .

وإذا شككت في حال الميت لوجود قرائن تدل على أنه لم يكن يصلي ، فإنك تصلي عليه وتشترط في الدعاء ، فتقول : اللهم إن كان مؤمنا فاغفر له وارحمه ... الخ .

فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا غلب على الظن بأن الميت لا يصلى فهل يمتنع المسلم من الصلاة عليه ؟

فأجاب :
" لا يمتنع من الصلاة عليه ، ولو غلب على ظنه أنه لا يصلى ، ما لم يتيقن أنه لا يصلى ولكن إذا كانت غلبة الظن مبنية على قرائن قوية فإنه إذا أراد الدعاء له يقيّد ذلك فيقول : اللهم إن كان مؤمناً اللهم فاغفر له وارحمه إلى آخر الدعاء . والدعاء بالشرط قد جاء به الكتاب والسنة فإن الله سبحانه وتعالى قال في آية اللعان في شهادة الرجل على امرأته بالزنى قال : ( فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ . وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ . وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ . وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ ) فهذا دعاء بشرط .

وفي حديث الثلاثة الأبرص والأقرع والأعمى حين ابتلاهم الله عز وجل ، وفي القصة أن الملَك أتى الأبرص والأقرع كلا منهما في صورته التي كان عليها وقال له : (أي : الملك) أنا فقير وعابر سبيل أسألك يعني أن يمده بشيء يتبلّغ به في سفره ، فقال كل منهما : الحقوق كثيرة ، وإنما ورثت المال هذا كابراً عن كابر فقال له الملَك : إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت .
فقيّد هذا الدعاء بالشرط .

وفي دعاء الاستخارة يقول الرجل : ( اللهم إن كنت تعلم أن هذا خير لي في ديني ودنياي ) فإذا قُدم الميت الذي يغلب على الظن أنه لا يصلى بدون يقين أنه لا يصلى فإن الإنسان يقول : اللهم إن كان هذا مؤمنا فاغفر له وارحمه .

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسأله عن أشياء مشكلة عليه ، منها : أنه يقدم جنائز للصلاة عليها يشك الإنسان في أنه مبتدع لا يصلى عليه أو متمسك بالسنة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في المنام : عليك بالشرط يا أحمد . والشرط أن يقول : اللهم إن كان مؤمنًا على السنة فاغفر له وارحمه... الخ .

أما إذا علمت أنه لا يصلى فإنه لا يحل لك أن تصلى عليه لا أنت ولا غيرك ؛ لقول الله تبارك وتعالى : ( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) فنهى الله تعالى أن يصلى على هؤلاء المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .

وسئل رحمه الله : إذا قُدِّم للإمام في صلاة الجنازة من يشكّ في إسلامه ماذا يصنع ؟

فأجاب : " يجب أن يصلي عليه ؛ لأن الأصل أن المسلم باقي على إسلامه ، ولكنه عند الدعاء له يشترط فيقول : " اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه "، والله تعالى يعلم حاله هل هو مؤمن أم لا ، وبهذا يسلم من التبعة ، يسلم من أن يدعو لشخص كافر بالمغفرة والرحمة ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (17/115).

والله أعلم .
https://islamqa.info/ar/130202