ومن كان يذهب إلى جواز رواية الحديث على المعنى وبعض المحفوظ عنه في ذلك
----------------------
ومذهب القائلين بالرواية على المعنى أن الحديث لما سماته من النبي صلى الله عليه وسلم مرةً واحدة كان عزيزاً أن يحفظ باللفظ دون الزيادة أو النقصان وكان الرواية على المعنى لمن كان عالما بما يحيل المعاني والألفاظ من غيرٍ لحنٍ -يغير المعنى- أو وهمٍ أو زيادة أو نقصان في المعنى وهذا قول واثلة بن الأسقع .
وقد يكون للحديث أصل واحد والكلام مختلف كما ذكر جرير بن حازم عن الحسن وهو قول ابو الاحوص كذلك . وكذا لصعوبة تأدية ما سمع لفظاً واجهاد النفس في حفظه على ألفاظه ومعانيه مما يمنع الرواة على التحفظ في رواية كثير من الاحاديث خشية الزيادة والنسيان والنقصان وهو قول سفيان الثوري .
وقد لا يحدث الراوي إلا بحديثين اذا كان ممن يجهدون أنفسهم في تأدية ما سمع من الحديث كما ذكر الحسن البصري " لوكنا نحدثكم إلا كما سمعنا ما حدثناكم إلا بحديثين" فإصابة معنى الحديث هى الغاية وقد يشددون في أحاديث الحلال والحرام وقد يؤدونها على رسمها ولفظها وهذا قول الحسن والزهري .
ومن يرى ان يصيب في الاسناد ولا يبالي كيف يحدث الراوي به ، وقد تجد من الرواة من يقدم ويؤخر ويميز بالحديث وسرده ، حتى تقول هذا ليس من أهل العلم ولكن لا يزيغ عن المعنى ولا يزول عنه ، كما ذكر ابن مهدي عن سفيان. والرواية على المعنى تجعل الراوي يغير ألفاظه على مرار لذا تجد اختلافات كثيرة في الالفاظ عند المحدث الواحد وتظن أن ذلك من فعل الرواة عنه وهم برآء ..ولا يستحسن تغيير الالفاظ إذا كان المعنى واحداً.
وقد أجاز على التحديث على المعنى جمهرة من السلف ، عن عبد الله بن مسعود، وأبي الدرداء وانس بن مالك وعائشة ام المؤمنين رضي الله عنها، وعمرو بن دينار وعامر الشعبي وابراهيم النخعي وابن ابي نجيح وعمرو بن مرة وجعفر بن محمد بن علي وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان..
وهناك من أهل العلم من رأى أن لفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز تغييره ويجوز تغيير غيره إذا اصيب المعنى وذلك قول مالك بن أنس .
عن ابن عفير قال : سألت مالكا عن الرجل سمع الحديث يحدث به على معناه فقال : لا بأس به إلا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أحب أن يؤتى على ألفاظه
وذهب ابو بكر -الخطيب البغدادي- إلى الرواية على المعنى لحديث النبي صلى الله عليه وسلم وغيره جائزة عندهم ولها ضوابط وشروط :
1- اذا كان الراوي عالما بمعنى الكلام وموضوعه
1- بصيرا بلغات العرب ووجوه خطابها
1-عارفا بالفقه واختلاف الاحكام ،
1-مميزا لما يحيل المعنى ومالا يحيله اذا كان المعنى ظاهرا معلوما
1-اما اذا كان غامضا محتملاً فإنه لا ايجوز رواية الحديث على المعنى ويلزم ايراد اللفظ بعينه وسياقه على وجهه .
لذا كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يتبع روايته على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول ( أو نحوه ، أو شكله
لما كانوا يعلمون من الرواية على المعنى من الخطر وكان عبد الله بن مسعود يجيز الرواية على المعنى ويتبع حديثه ( نحو من هذا) أو ( قريبا من هذا) وكان يرتعد وكذا أبو الدرداء فكان اذا حدث بالحديث عن رسول الله قال ( اللهم إلا هكذا) وانس بن مالكفكان قليل الحديث عن رسول الله واذا حدث عنه قال " أو كما قال"
-----------
الناسخ عبد الباسط آل القاضي ( الفقرة مُلَخصةٌ- من قبلي- من كتاب الآداب للبغدادي)