القيادة النبوية لكل مرب للشيخ جمال القرش وفقه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد
ما أحوجنا إلى الرجوع إلى منابع الخير والنفع كتاب الله وسنته في جميع أحوالنا - خاصة التربوية والاجتماعية- قبل الرجوع إلى ما لدى الغرب، وذلك من باب تعظيم شعائر الله، وجذب الانتباه حول ما لدى الأمة الإسلامية من معان فياضة وقيم عظيمة في المجال التربوي، والاجتماعي. وغيره، فيتحول عمل المربي إلى عبادة يتقرب بها إلى الله
وإلى رسالة ربانية يبتغي بها وجه الله تعالى.
وهذه مشاركة من كتابي (مهارات التدريس الفعال) حول بعض القيم التربوية في مجال القيادة النبوية، والتي تمثل ركيزة هامة ومنطلق لكل مرب، وهي يغلب عليها الشواهد المضيئة لكل تربوي من معين القرآن والسنة كأدلة عملية يسترشد بها المربي والمدرب، والمدير والقائد في جميع المجالات، والله من وراء القصد ، وهو نعم المولى ونعم النصير.
سائلا الله الرحمن الرحيم أن يسدد خطانا وإياكم لما بحبه ويرضاه. جمال القرش
أولاً: احتساب الأجر والمثوبة
قال تعالى:[ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ] [ البينة:5 ].
يقول العلامة السعدي: فالتربية الإسلامية تهدف إلى تقوية الإيمان بالله وحده وذلك بالاعتراف بانفراد الله بالوحدانية والألوهية لله وحده، لا شريك له، وإخلاص الدين لله، والقيام بشرائعه الظاهرة، وحقائقه الباطنة (1).
وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه r يقول: (( إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ )) متفق عليه. البخاري رقم 1 ومسلم رقم / 1907.
ثانيًا: طلب التوفيق من الله
قال تعالى: [ ومَا توْفيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ] [هود: 88].
أي: وما توفيقي في إصابة الحق فيما أريده إلا بالله عليه توكلت في جميع أموري، وإليه أرجع (1).
ومن صور الأدعية الجامعة:
* [ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي] [طه: 25: 28]، أي: رب وسع لي صدري لتحمل الرسالة، وأطلق لساني بفصيح المنطق; ليفهموا قولي [تفسير الجلالين، لسورة طه/25:28]
* [رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ][الأعراف:89]
* عَنْ أَنَسٍ t قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا النَّبِيِّ r يَقُولُ: (( اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النارِ )) متفق عليه. رواه البخاري / 2688 ومسلم / 6389.
ثالثًًا: التحلي بالأخلاق الحميدة
1- حسن الخلق
قال تعالى: [ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ] [القلم:4].
قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )) صحيح الترمذي 1162.
2 - العدل
قال تعالى: [ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ] [الحجرات:9].
قال r: (( اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ )) رواه مسلم.
3- عدم إدعاء كمال العلم
عن أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ t قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: ((بَيْنَمَا مُوسَى فِي ملإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لا، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً ……فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ )) متفق عليه: البخاري/74، مسلم /2380.
4- كن متواضعًا بين طلابك
قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( وإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ …)) رواه مسلم /2865.
5- الصبر والرفق واللين
قال تعالى: [ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ] [هود:115]، أي: لا يضيع ثواب المحسنين في أعمالهم. [التفسير الميسر، لسورة هود / 115].
قال تَعَالَى: [وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ] [النحل: 127].
أي: واصبر حتى يأتيك الفرج, وما صبرك إلا بالله, فهو الذي يعينك عليه ويثبتك، [الميسر، سورة النحل/127].
قال تَعَالَى: [ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ] [طه:132].
وقَالَ r: ((إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إلا زَانَهُ )) رواه مسلم./2594.
6- عدم الانتقام للنفس
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: (( وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِr لِنَفْسِهِ، إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ )) متفق عليه. البخاري/3560. ومسلم./ 2327.
7- لا تغضب
قَالَ r لرجل طلب منه الوصية مرارًا: (( لا تَغْضَبْ، لا تَغْضَبْ، لا تَغْضَبْ)) رواه البخاري رقم / 6116.
8- التجمل بالسكينة
قال تعالى: [ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ] [الفرقان:63].أي: وعباد الرحمن الصالحون يمشون على الأرض بسكينة متواضعين [الميسر، سورة الفرقان / 62].
عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال النَّبِيُّ r: (( …… أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ ……)) متفق عليه: البخاري/1671، مسلم /1282(1).
رابعًًا: غرس القيم والاتجاهات
القيمة: هي المعتقد، والاتجاه والميل والاهتمام والطموح، والمصالح المرسلة التي قررتها وطورتها مصادر التشريع الإسلامي، كالأمانة، والصدق، والعدل، وحسن الخلق، والتراحم، والتعاون، والإتقان، وتقدير الذات، والوسطية والاعتدال، والعلم والبحث، وتقدير الوقت، والتفكير وإعمال العقل، والإنجاز والتفوق، والتنظيم والتخطيط، وعدم اليأس (1).
1- الأصل في الإنسان الخير
قَالَ r: (( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، ....)) متفق عليه، البخاري: 1385. مسلم: 2658.
2- أحب لغيرك ما تحبه لنفسك
قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )) متفق عليه: رواه البخاري/ 13، ومسلم / 45.
3- ليكن شعارك الإخلاص والإتقان
قال تعالى: [ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ] [الملك:2].
4- كن ربانيًا
قال تعالى: [ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ] [آل عمران:79].
قَالَ ابْنُ جرير: (( كونوا، أيها الناس سادة الناس وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربَّانِيِّين بتعليمكم إياهم كتاب الله وما فيه من حلال وحرام، فرض وندب، وسائر ما حواه من معاني أمور دينهم، وبتلاوتكم إياه وِدرَاسَتِكُمُو هُ )) (1).
5- إياك واليأس
قال تعالى: [ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ] [يوسف:87].
أي: إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته, الكافرون به. [الميسر، سورة يوسف / 87].
خامسًا: حسن التواصل والتعامل
1- استخدام الحسنى
قال تعالى: [ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة] [النحل:125].
أي: ادع -أيها الرسول- أنت ومَنِ اتبعك إلى دين ربك وطريقه المستقيم, بالطريقة الحكيمة التي أوحاها الله إليك في الكتاب والسنة, وخاطِب الناس بالأسلوب المناسب لهم, وانصح لهم نصحًا حسنًا, يرغبهم في الخير, وينفرهم من الشر, [التفسير الميسر، لسورة النحل / 125].
2- التقليل من اللوم والعتاب
عَنْ أَنَسٍ t قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ r الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أَنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، (( فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟! وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا )) متفق عليه: البخاري/ 6911. مسلم / 2309.
3- مرعاة حال السامع
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ كَانَ النَّبِيُّ r (( يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا )) متفق عليه: البخاري: 68، مسلم 2821.
4 - النصيحة للمسلمين
قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ فذكر منها … وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ )) رواه مسلم/2162 والبخاري/1240.
قال العلامة السعدي: (( وعلى المعلم النصح للمتعلم بكل ما يقدر عليه، من التعليم والصبر على عدم إدراكه، وعلى عدم أدبه، وجفائه مع شدة حرصه وملاحظته لكل ما يقومه ويهذبه ويحسن أدبه )) (1).
5- الانبساط والتواصل
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ r وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r (( إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنّ َ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي )) متفق عليه: البخاري /6130، مسلم /2440 (2).
6- الحرصة على الألفة والمودة
قَالَ رسُولُ اللهِ r( وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا…)) رواه مسلم/54.
7- تقدير المسؤولية
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يقول:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) متفق عليه: رواه البخاري /893. ومسلم / 1829.
8- تعزيز المشاركات
قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ )) رواه مسلم / 2564.
سادسًا: بيان الخطاب ووضوحه
1- اجعل كلامك واضحًا مفهومًا
قال تعالى: [ وآتيناه الحِكمةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ ] [ص:20].
ومعنى [الحكمة] الفهم والعقل والفطنة، وقيل العدل والصواب.
ومعنى [فصل الخطاب]: قيل: هو إصابة القضاء وفهم ذلك، وقيل: هو الفصل في الكلام وفي الحكم (1).
عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ r (( كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ )) متفق عليه: البخاري/ 2568، مسلم /2493.
قال العلامة ابن حجر: [لو عده العاد لأحصاه] أي: لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم(2).
2- تحدث بلغة القرآن
قال تعالى: [ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ] [الزخرف:3].
- (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) بلغة العرب (لعلكم) يا أهل مكة (تعقلون) تفقهون معانيه [تفسير الجلالين، سورة الزخرف / 3].
3- لا تبالغ في رفع الصوت أو خفضه
قال تعالى: [ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا] [ الإسراء:110]. ، فالصوت العالي جدًا مزعج، والمنخفض لا يسمع الآخرين، ومعنى سبيلا: أي وسطًا بين السر والجهر.
4 - احذر من التكلف
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قال: (( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّق ُونَ وَالْمُتَفَيْهِ قُونَ )) قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّق ُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُ ونَ ؟ قال: (( الْمُتَكَبِّرُو نَ )) رواه الترمذي، وانظر صحيح الترمذي: 2018.
وَالثَّرْثَارُ: كَثِيرُ الْكَلامِ تكُلَّفًا، وَالْمُتَشَدِّق ُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلامِ.
والتشدق منبوذ شرعًا وعرفًا لما فيه من تكلف الكلام، والمبالغة في إخراج الحروف، ففيها نوع من الكِبْر، والتعاظم على الآخرين حيث يخرج الكلام من غير احتياط واحتراز، وقيل أراد بالمتشدق المستهزىء بالناس يلوي شدقه بهم وعليهم (1).
سابعًا: تعزيز المشاركات
التعزيز بالكلمة الطيبة
كقول جزاك الله خيرًا، قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ )) متفق عليه. رواه البخاري / 2707 ومسلم / 1009. أطلق على الكلمة صدقة كدعاء وذكر وسلام وثناء وغير ذلك مما يجمع القلوب ويؤلفها (1).
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلادَةً فَهَلَكَتْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلا فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُم ْ الصَّلاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِي نَ فِيهِ خَيْرًا. رواه البخاري / 324.
2- التحفيز بالثناء والمدح
وعن أُبي بنِ كعبٍ t قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قال: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قال: (( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ )) قال: قُلْتُ: اللَّهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وقال: (( وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ! )) رواه مسلم رقم /810.
قال الإمام النووي: قولهليهنك العلم) فيه دليل على كثرة علمه، وتبجيل العالم فضلاء أصحابه، وجواز مدح الإنسان في وجهه.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما قَالَ وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتْ الأَنْصَارُ: لا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلامٌ فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ فَقَالَتْ الأَنْصَارُ: لا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَحْسَنَتْ الأَنْصَارُ سَمُّوا بِاسْمِي وَلا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ. صحيح الأدب المفرد ج/1/293.
3- التعزيز بالدعاء
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْخَلاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) البخاري / 140.
قال الإمام النووي: (( فيه فضيلة الفقه واستحباب الدعاء بظهر الغيب واستحباب الدعاء لمن عمل عملا خيرا مع الإنسان وفيه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له فكان من الفقه بالمحل الأعلى )) (1).
4- التعزيز بالابتسامة
قَالَ رسُولُ اللهِ r: (( لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق )). رواه مسلم / 1894.
5- التعزيز بالمكافأة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُفُّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَكَثِيرًا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْزَمُهُمْ. رواه أحمد 1739.
ومثال ذلك: كأن يحفزه بمكافأة إذا فعل عملاً معينًا.
ثامنًا: جذب الانتباه وتنويع المثيرات
هو أسلوب تربوي يهدف إلى جذب انتباه الطلاب للدرس لطرد الغفلة وشرود الذهن، وتحفيزهم للمشاركة الفعالة.
من أمثلته:
1- تغيير نبرة صوتك عند الحاجة
وهو أسلوب يستخدم عند الحاجة لجذب انتباه السامعين لما سيطرح لطرد الغفلة والشرود من أذهانهم، برفع الصوت أو خفضه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ r فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا، وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ!: (( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ! )) مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. متفق عليه: البخاري /60 ومسلم /241.
قال ابن حجر: واستدل المصنف [يقصد البخاري] على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله [فنادى بأعلى صوته] وإنما يتم الاستدلال بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد أو كثرة جمع أو غير ذلك، ويلحق بذلك ما إذا كان في موعظة، كما ثبت ذلك في حديث جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب، وذكر الساعة أشتد غضبه وعلا صوته، الحديث أخرجه مسلم، واستدل به أيضا على مشروعية إعادة الحديث ليفهم (1)
2- تكرار الكلام للحاجة ،وتغيير المكان.
عَنْ أبِي بكْرَةَ t قال: قَالَ النَّبي r: (( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟! )) – ثَلاثًا-، قاَلُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قال: (( الإشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ )) وَجلسَ وكَانَ مُتَّكِئًا، فقال: (( أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ )) فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليه: رواه البخاري /2654، ومسلم/87، ومن صور تنويع المثيرات في هذا الحديث: 1- التكرار 2- وجلس وكان متكئاً.
3-طرح أسئلة
مثال الابتداء بسؤال ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَة t قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَات، هَلْ يَبْقَى مِنْ درنة شَيءٌ ؟ )) قالوا: لا يَبْقَى مِنْ درنة شَيءٌ، قال: (( فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا )) رواه البخاري / 528، ومسلم/667.
في هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ((أَرَأَيْتُمْ )) لجذب الانتباه وإثارة الذهن.
4-ضرب الأمثال
ما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: (( إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا، أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا، ذَهَبَتْ )) متفق عليه. رواه البخاري/ 5031. ومسلم / 789 .
في هذا الحديث مثل النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب القرآن بالإبل المعقَّلة لجذب الانتباه وإثارة الذهن.
تاسعًا: ترغيب المعلم طلابه على طرح أسئلة
هو أسلوب تربوي يساعد على تقييم حال المتعلم من حيث الفهم، وتحفيز همة الطالب الخجول، وإزالة الغشاوة لدى المتعلم، وتصحيح المفاهيم.
1- استخدام القرآن للفظ السؤال
فمن ذلك ما ذكره الله عن سؤال الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: [يسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ] [البقرة: 189]
وقوله تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ] [البقرة: 219]
وقوله تعالى: [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً] [طه: 105]
قال العلامة السعدي: (( وأما سؤال الاسترشاد والتعليم، فهذا محمود قد أمر الله به كما قال تعالى: [ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ] [النحل: 43]. (1).
2- الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من أصحابه أن يسألوه
عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ قَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، رواه البخاري / 90، ومسلم / 4255. لاحظ قوله صلى الله عليه وسلم : [ سلوني ] .
3- جبريل يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم
عن عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ t قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ r فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (( الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ r وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا )) قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ ؟ قال: (( أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ )) قال: صَدَقْتَ، قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ ؟ قال: (( أَنْ تَعْبدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ )) قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قال: (( مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ! )) قال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ أمَاراَتِهَا، قال: (( أَنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)) قال: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قال: (( يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مِنَ السَّائِلُ؟)) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قال: (( فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أمْرَ دِينَكُمْ )) رواه مسلم: 8.
لاحظ الألفاظ المستخدمة:
1. [أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ]
2. [ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ ]
3. [فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ]
عاشرًا: التعليق على إجابة الأخر بما يناسبها
هو أسلوب تربوي يقوم به المعلم لتصويب مفهوم خاطئ، أو تقييم لإجابته لأجل رفع الروح المعنوية للمتعلم، وله صور فمن ذلك:
1- مراعاة جهل السائل وَدَلِّه إلى ما ينفعه
عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ t قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ r قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: لا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ، قُلْ السَّلامُ عَلَيْكَ، قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ أَوْ فَلاةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ، قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ، قَالَ: ((لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا)) قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلا عَبْدًا، وَلا بَعِيرًا، وَلا شَاةً، قَالَ: ((وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَإِنْ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ))، رواه أبو داود 3562.
والشاهد في الحديث: أن النبي r لم يكتف بتصويب الخطأ للسائل بل دله على خالقه، وأنه سبحانه هو كاشف الضر، ولا ينبغي أن تصرف أي عبادة إلا لله وحده، وذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم بجهل الرجل، وحاجته إلى معرفة ما يهمه.
2- الإنصاف في تقييم فعل المتعلم
عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ، فذكر رؤيا، ثم عبرها له أبو بكر الصديق t، فقال: فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (( أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا، قَالَ: فَوَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَالَ: لا تُقْسِمْ )) ، رواه البخاري / 6524.
والشاهد في الحديث هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قيَّم فعل أبي بكر الصديق t، فلم يُخطأه كلية، ولم يصححه كلية، فكان صلى الله عليه وسلم مقسطًا في تقييمه يظهر ذلك في قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : (( أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا ))
(1) الفكر التربوي عند الشيخ عبد الرحمن السعدي، د عبد العزيز الرشودي، (ص:276).
(1) المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير لصفي الرحمن المباركفوري (ص: 646).
(1) أصول التربية الإسلامية د / سعيد إسماعيل علي (ص: 176: 179).
(1) أسس ومهارات بناء القيم التربوية، إبراهيم رمضان الديب، (ص:42، 43).
(1) تفسير الإمام ابن جرير الطبري: ( ج3/326).
(1) الفتاوى السعدية للعلامة عبد الرحمن السعدي: (ص: 450 ).
(2) خطوات الإبداع للمربين والمربيات، عبد الرحمن بن محمد آل عوضة (ص: 6).
(1) قال ابن كثير: وهذا يشمل هذا كله وهو المراد، تفسير ابن كثير ( ج4/ 39)
(2) فتح الباري لابن حجر العسقلاني، (6/578)
(1) والشدق جانب الفم [والمتفيهقون] هم الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم مأخوذ من الفهق وهو الامتلاء والاتساع، انظر: تحفة الأحوزي بشرح جامع الترمذي: (6/135 ).
(1) فيض القدير شرح الجامع الصغير عبد الرؤوف المناوي، (ج 5/ 21)
(1) شرح النووي على صحيح مسلم ( ج 16/37).
(1) شرح فتح الباري لابن حجر العسقلاني،( 1/143).
(1) الفكر التربوي عند الشيخ عبد الرحمن السعدي، (ص: 483، 484).
المبحث / جزء من كتاب مهارات التدريس الفعال ، ومهارات تدريس القرآن لـ جمال القرش