عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : " إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة , فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم , فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق , فقال : " أنا نازل " , ثم قام وبطنه معصوب بحجر , ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا , فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب , فعاد كثيبا أهيل أو أهيم , فقلت : يا رسول الله ائذن لي إلى البيت , فقلت لامرأتي : رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذلك صبر , فعندك شيء , قالت : عندي شعير وعناق , فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة , ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج , فقلت : طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان , قال : " كم هو " , فذكرت له , قال : " كثير طيب " , قال : " قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي " , فقال : قوموا فقام المهاجرون والأنصار , فلما دخل على امرأته قال :
ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم , قالت : هل سألك , قلت : نعم , فقال : " ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه , ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية , قال : " كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة " .
أخرجه البخاري (4101), وأحمد 3/ 300 و301 ,ووكيع في "الزهد" (124) , وهناد في "الزهد" (765), وابن أبي شيبة في "المصنف" 14/ 418 ، والدارمي (42) , وأبو عوانة 4/ 354 -355 , والبيهقي في "دلائل النبوة" 3 /415-417 و 422-424 , وحماد بن إسحاق في "تركة النبي" (35) , والفريابي في "دلائل النبوة" (18), والكلاباذي في "بحر الفوائد" ص: 65-66 ( ووقع عنده عبدالرحمن بن أيمن بدل عبدالواحد بن أيمن , وهو حتما خطأ ) والبغوي في "شرح السنة" 14/ 5وفي "الأنوار في شمائل النبي المختار" (358) : مطولا ومختصرا من طرق عن عبد الواحد بن أيمن ، عن أبيه، عن جابر به .
وله طريقان آخران عن جابر :
الأول :
أخرجه البخاري (3070) و (4102) ، ومسلم (2039) ، وأبو عوانة 4/ 355-358 و5/ 378-380، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 254، والحاكم 3/30-31، والفريابي في "دلائل النبوة" (17) , والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 425-426 : من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم» , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء». فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت:
قد فعلت الذي قلت، فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: «ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها» وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو".
وله طريق أخرى عن سعيد بن ميناء :
أخرجه أحمد 3/ 377 : من طريق ابن اسحاق ، حدثني سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله بنحوه .
الثاني : طريق مختصرة :
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2004): من طريق إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
" لما كان يوم الخندق نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته قد وضع حجرا بينه وبين إزاره يقيم صلبه من الجوع ".
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 314: " ورجاله وثقوا على ضعف في إسماعيل بن عبد الملك ".
وله طريق أخرى عن أبي الزبير :
أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 424: من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، قال: أخبرني جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة رجل نحفر الخندق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حجرا فجعله بين بطنه وإزاره، يقيم بطنه من الجوع، فلما رأيت ذلك قلت: يا رسول الله، ائذن لي فإن لي حاجة في أهلي، فأتيت المرأة فقلت: قد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا غاظني، فهل عندك من شيء؟ فقالت: هذه العناق فاذبحها، وهذا صاع من شعير فاطحنه، فطحنته وذبحت العناق، وقلت: اطبخي حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستتبعته، فانطلقت إليه فقلت: يا رسول الله، إني قد ذبحت عناقا، وطحنت صاعا من شعير، فانطلق معي، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في القوم: "ألا أجيبوا جابر بن عبد الله " . قال: فرجعت إلى المرأة فقلت: قد افتضحت، جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، فقالت: بلغته وبينت له؟ فقلت: نعم، قالت: فارجع إليه فبين له، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إنما هي عناق، وصاع من شعير، قال: «فارجع ولا تحركن شيئا من التنور، ولا من القدر حتى آتيها، واستعر صحافا» ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الله عز وجل على القدر والتنور، ثم قال: " اخرجي واثردي " ، ثم أقعدهم عشرة عشرة، فأدخلهم فأكلوا، وهم ثلاثمائة، وأكلنا وأهدينا لجيراننا. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ذلك:".
وهذا اسناد ضعيف من أجل أحمد بن عبدالجبار العطاردي .
وله شواهد من حديث البراء بن عازب , وابن عباس , وعبدالله بن عمرو , وسلمان , وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده, ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
أما حديث البراء :
فأخرجه أحمد 4/ 303 , والنسائي في "الكبرى" (8858) ، وأبو يعلى (1685), وابن أبي شيبة 14/ 421 - 422 , والروياني (410) , وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (430)( وتصحّف عنده عوف عن ميمون إلى عوف بن ميمون) , والبيهقي في"دلائل النبوة" 3/ 421 : من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن ميمون أبي عبد الله ، عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق،قال: وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق، لا تأخذ فيها المعاول، قال: فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عوف:، وأحسبه قال: وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة، فأخذ المعول فقال: " بسم الله " فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ". ثم قال:
" بسم الله " وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال: " الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا " ثم قال: " بسم الله " وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا".
وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 130- 131 : " رواه أحمد، وفيه ميمون أبو عبد الله، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات".
ميمون أبي عبد الله- ويقال له: ميمون بن أستاذ- وهو البصري، نقل الأثرم عن أحمد قوله: أحاديثه مناكير، وقال ابن معين: لا شيء، وقال أبو داود: تُكلم فيه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان يحيى القطان سيئ الرأي فيه، وقال النسائي وأبو أحمد الحاكم:
ليس بالقوي، وقال ابن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن ميمون أبي عبد الله الذي روى عنه عوف، فحمض وجهه وقال: زعم شعبة أنه كان فسلا.
قلت : معنى فسل في اللغة :الرديء الرذل من كل شيء , واصطلاحا : ضعيف متكلم فيه .
وأما حديث ابن عباس :
فأخرجه الطبراني (12052) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني سعيد بن محمد الجرمي، ثنا أبو تميلة، ثنا نعيم بن سعيد العبدي، أن عكرمة حدث، عن ابن عباس، قال: احتفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وأصحابه قد شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هل دللتم على رجل يطعمنا أكلة؟» قال رجل: نعم، قال: «أما لا فتقدم فدلنا عليه» فانطلقوا إلى الرجل فإذا في الخندق يعالج نصيبه منه، فأرسلت امرأته أن جئ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتانا، فجاء الرجل يسعى، فقال: بأبي وأمي وله معزة ومعها جديها، فوثب إليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجدي من ورائنا" فذبح الجدي، وعمدت المرأة إلى طحينة لها فعجنتها وخبزت فأدركت القدر فثردت قصعتها، فقربتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم إصبعه فيها، فقال:: "بسم الله اللهم بارك فيها اطعموا» فأكلوا منها حتى صدروا ولم يأكلوا منها إلا ثلثها وبقي ثلثاها، فسرح أولئك العشرة الذين كانوا معه أن اذهبوا وسرحوا إلينا بعدتكم فذهبوا وجاء أولئك العشرة مكانهم فأكلوا منها حتى شبعوا، ثم قام ودعا لربة البيت وسمت عليها وعلى أهل بيتها، ثم تمشوا إلى الخندق فقال: اذهبوا بنا إلى سلمان فإذا صخرة بين يديه قد ضعف عنها، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «دعوني فأكون أول من ضربها» فقال: "بسم الله" فضربها فوقعت فلقة ثلثها فقال: "الله أكبر قصور الروم ورب الكعبة" ثم ضرب بأخرى فوقعت فلقة فقال: "الله أكبر قصور فارس ورب الكعبة» فقال عندها المنافقون: نحن نخندق على أنفسنا وهو يعدنا قصور فارس والروم".
وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 131 : "رجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن أحمد ونعيم العبدي، وهما ثقتان".
قلت : نعيم بن سعيد العبدي لا أدري أين وجد الهيثمي توثيقه , فإني لم أقف له على ترجمة رغم حرصي الشديد مع دقة البحث في كل كتب التراجم والله أعلم .
وأما حديث ابن عمرو :
فأخرجه الطبراني 13/ (86) : حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهم يخندقون حول المدينة، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الفأس، فضرب به ضربة، فقال: «بهذه الضربة يفتح الله كنوز الروم» ، ثم ضرب الثانية، وقال: «بهذه يفتح الله كنوز فارس» ، ثم ضرب الثالثة، فقال: «بهذه الضربة يأتي الله بأهل اليمن أنصارا وأعوانا».
قلت : وهذا إسناد ضعيف , شيخ الطبراني إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري : لم أجد له ترجمة ,وحيي بن عبدالله فيه ضعف لكنه لم يتفرّد به فقد تابعه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي :
أخرجه الطبراني 13/ (54) : حدثنا هارون بن ملول، قال: ثنا أبو عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، قال:
لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخندق، فخندق على المدينة، قالوا: يا رسول الله إنا وجدنا صفاة، لا نستطيع حفرها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، وقمنا معه، فلما أتى أخذ المعول، فضرب به ضربة وكبر، فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط، فقال: «فتحت فارس» ثم ضرب أخرى وكبر، فسمعت هدة، لم أسمع مثلها قط، فقال: «فتحت الروم» ثم ضرب أخرى وكبر، فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط، فقال: «جاء الله بحمير، أعوانا وأنصارا».
وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي , وأبو عبدالرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرئ : ثقة فاضل .
وأما حديث سلمان :
فأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 417 : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق، قال:
حُدثت عن سلمان، قال: ضربت في ناحية من الخندق فغلظت علي صخرة ، فعطف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قريب مني، فلما رآني أضرب، ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي، فضرب به ضربة فلمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى ثم ضرب الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، ما هذا
الذي رأيت يلمع تحت المعول، وأنت تضرب به؟ فقال: أوقد رأيت ذلك يا سلمان؟ فقلت: نعم، فقال: أما الأولى فإن الله- عز وجل- فتح علي بها اليمن، وأما الثانية، فإن الله- عز وجل- فتح علي بها الشام والمغرب، وأما الثالثة، فإن الله فتح علي بها المشرق".
وهذا إسناد منقطع بين ابن اسحاق وسلمان .
وأما حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده :
فأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 418-420 : أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، رحمه الله قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علون المقرئ ببغداد قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يونس القرشي قال: حدثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب من أجم السمر طرف بني حارثة حين بلغ المداد، ثم قطع أربعين ذراعا بين كل عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلا قويا، فقالت الأنصار: سلمان منا، وقالت المهاجرون: سلمان منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلمان منا أهل البيت». قال عمرو بن عوف: كنت أنا، وسلمان، وحذيفة بن اليمان، والنعمان بن مقرن، وستة من الأنصار، في أربعين ذراعا، فحفرنا حتى إذا بلغنا الثدي أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مدورة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان، ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبر هذه الصخرة، فإنا إن نعدل عنها فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، فرقي سلمان حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله، بأبينا أنت وأمنا، خرجت صخرة بيضاء من الخندق مدورة فكسرت حديدنا، وشقت علينا حتى ما يحيك فيها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك، فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان في الخندق، ورقينا عن الشقة في شقة الخندق , فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها، يعني لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون. ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية فصدعها، وبرق منها برقة أضاء لها ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، وكبر المسلمون.
ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فكسرها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، وكبر المسلمون. ثم أخذ بيد سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد [ص:420] رأيت شيئا ما رأيته قط، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم فقال:
«هل رأيتم ما يقول سلمان؟» قالوا: نعم يا رسول الله، بأبينا أنت وأمنا، قد رأيناك تضرب، فخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر، ولا نرى شيئا غير ذلك، فقال: «صدقتم، ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة، فبرق منها الذي رأيتم، أضاءت منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر» . فاستبشر المسلمون وقالوا:
الحمد لله موعود صادق بأن الله وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب فقال المسلمون: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما} [الأحزاب: 22] .
وقال المنافقون: ألا تعجبون: يحدثكم ويمنيكم، ويعدكم بالباطل، يخبركم أنه بصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق، ولا تستطيعون أن تبرزوا؟ وأنزل القرآن: {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} [الأحزاب: 12]".
قلت : وهذا إسناد ضعيف جدًا, وفيه ثلاث علل :
الأولى : كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف : متروك .
الثانية : محمد بن يونس وهو الكديمي : ضعيف .
الثالثة :أبو بكر محمد بن علون المقرئ : لم أجد له ترجمة .
وأخرجه الحاكم 3/ 598 مختصرًا : حدثنا علي بن حمشاذ العدل ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، وإسماعيل بن أبي أويس ، قالا : حدثنا ابن أبي فديك ، عن كثير بن عبد الله المزني ، عن أبيه ، عن جده.
وقال الذهبي في "التلخيص" : "سنده ضعيف".
وأما حديث الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
فأخرجه النسائي (3176), وفي "الكبرى" (4385) أخبرنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا ضمرة، عن أبي زرعة السيباني، عن أبي سكينة رجل من المحررين، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، عرضت لهم صخرة حالت بينهم وبين الحفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق، وقال: {تمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}، فندر ثلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربة رسول الله صلى الله عليه وسلم برقة، ثم ضرب الثانية، وقال: {تمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}، فندر الثلث الآخر، فبرقت برقة فرآها سلمان، ثم ضرب الثالثة، وقال: {تمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}، فندر الثلث الباقي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رداءه وجلس، قال سلمان: يا رسول الله، رأيتك حين ضربت، ما تضرب ضربة إلا كانت معها برقة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا سلمان، رأيت ذلك» فقال: إي والذي بعثك بالحق يا رسول الله، قال: «فإني حين ضربت الضربة
الأولى رفعت لي مدائن كسرى وما حولها ومدائن كثيرة، حتى رأيتها بعيني» قال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، «ثم ضربت الضربة الثانية، فرفعت لي مدائن قيصر وما حولها، حتى رأيتها بعيني»، قالوا: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، «ثم ضربت الثالثة، فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى، حتى رأيتها بعيني»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عند ذلك دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم".
قلت : وإسناده ضعيف ، فإن أبا سكينة مجهول , وقال الحافظ : " مختلف فى صحبته ".
كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
الحادي عشر من ربيع الأول 1437 من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم