ما صحة قصة نقل جثتي حذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم؟
ملخص الجواب
السؤال:
سمعت أن أحد ملوك العراق في عام 1929 رأي في المنام الصحابيين جابر بن عبدالله وحذيفة بن اليمان يطلبان منه تغيير مكان قبريهما، فأتى الملك ونبش القبرين فوجدوا الجثتين كما لو أنهما ماتا منذ ساعات ، فهل هذه القصة صحيحة ؟
الجواب:
الحمد لله
انتشر بين الناس خبر نقل جثتي حذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم ، حيث كانا مدفونين بمحاذاة نهر دجلة بالعراق ، إلا أن تكرار فيضان النهر جعل الحكومة العراقية في عهد الملك غازي تقوم بنقلهما إلى مكان آخر .
وقيل : جاءا إلى الملك في المنام ، وطلبا منه نقل قبريهما ، فنبشهما ونقلهما .
وقيل : وجدوا الجثتين بحالتهما ، لم تتحللا .
وهذا غير صحيح ؛ فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مات بالمدينة ، ودفن بها ، كما نص على ذلك المؤرخون .
قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله :
" سنة ثمان وسبعين : فيها توفي جابر بن عبد الله بالمدينة، وصلى عليه أبان بن عثمان " .
انتهى من "تاريخ دمشق" (11/ 239) .
وقال ابن سعد رحمه الله في "الطبقات الكبرى" (5/ 115):
" كَانَتْ وِلايَةُ أَبَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ سَبْعَ سِنِينَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا سَنَتَيْنِ ، وَتُوُفِّيَ فِي ولايته جابر بن عبد الله ومحمد ابن الحنفية، فصلى عليهما بالمدينة وهو وال " انتهى .
وقال ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" (12/ 281):
" تُوُفِّيَ جَابِرٌ بِالْمَدِينَةِ، وَعُمْرُهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً ".
وقال ابن الأثير رحمه الله في "أسد الغابة" (1/ 492):
" توفي جابر سنة أربع وسبعين ، وقيل: سنة سبع وسبعين ، وصلى عليه أبان بْن عثمان ، وكان أمير المدينة " .
وانظر : "معجم الصحابة" للبغوي (1/ 448) ، "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 143)
وقال غير واحد : كان جابر بن عبد الله آخر من مات بالمدينة من الصحابة رضي الله عنهم .
فعن قتادة قال: " كان آخر أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم موتا بالمدينة : جابر " .
انتهى من "الإصابة" (1/ 546) .
وقال أبو نعيم : " يقال مات وهو ابن "94" سنة ، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة " انتهى من "تهذيب التهذيب" (2/ 43) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ بِالْمَدِينَةِ ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِهَا " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (27/ 419) .
أما حذيفة رضي الله عنه فمات بالمدائن من أرض العراق ، ودفن بها .
قال العجليّ رحمه الله :
" استعمله عمر على المدائن ، فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان ، وبعد بيعة علي بأربعين يوما " انتهى من "الإصابة" (2/ 39) .
وقال الذهبي رحمه الله :
" ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (4/ 29) .
وانظر : " التهذيب" (2/220) .
والرؤى المنامية لا يعول عليها في شيء من أحكام الشريعة .
ولعل هذه الرؤيا – إن كانت قد وقعت فعلا - تكون من تلبيس الشيطان على عوام المسلمين ، فيوهمهم بأن هذين القبرين لصحابيين جليلين ، ليعظموا هذين القبرين ، ويتبركوا بهما ، ومعلوم أن تعظيم القبور من أسباب الوقوع في الشرك بالله تعالى .
ولا ينكر عدم تحلل جثمان أحد من الصحابة ، لو ثبتت الرواية بذلك .
فإن هذه كرامة يكرمهم الله تعالى بها ، وقد ثبت ذلك لكثير منهم ، كما هو معلوم في كتب السير والتاريخ .
والخلاصة :
أن هذه القصة باطلة لا يلتفت إليها ، ولا يعول عليها .
وينظر السؤال رقم : (22748) ، والسؤال رقم : (109997) .
والله أعلم .
http://islamqa.info/ar/226962