قال في ((أخصر المختصرات)): (وَإِنْ جُمِعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ بَطَلَ الْبَيْعُ): ولو كانا الشرطان صحيحين؛ كأن يشترط حمل حطب وتكسيره، أو كأن يقول: بعتك السيارة بشرط أن أستعملها لمدة شهر وبشرط أن تقوم بغسلها.
ودليل بطلان العقد بالشرطين ولو كانا صحيحين حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ»([1]).
والصحيح – وهو رواية عن أحمد([2]) ورجحها ابن تيمية([3]) وابن عثيمين([4]) وغيرهم – أنَّ المقصود بالشرطين هنا الشرطان اللذان يلزم من اجتماعهما الوقوع في محذور شرعي.
مثل أن يقول: أبيعك هذا على أن تقرضني كذا. فهذا قرض جرَّ نفعًا.
ومثل أن يقول: بعتك هذه السيارة بخمسين ألفًا إلى سنة ثم يشتريها منه بأربعين ألفاً نقدًا. فهذا بيع العينة.
وأما إذا اشترطا شرطين صحيحين فلا يبطل العقد؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ»([5]).
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ»([6]).
فدلَّ الحديثان بمفهومهما على جواز اشتراط شرطين أو أكثر ما دامت هذه الشروط لا تخالف شرع الله تعالى.
[1])) أخرجه أحمد (6671)، وأبو داود (3504)، والترمذي (1234)، وقال: ((حسن صحيح))، والنسائي (4611)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7643).
[2])) ذكرها في ((المغني)) (4/ 169).
[3])) كما في ((حاشية الروض المربع)) (4/ 399).
[4])) ((الشرح الممتع)) (8/ 198).
[5])) متفق عليه: أخرجه البخاري (456)، ومسلم (1504).
[6])) تقدم.