س: ما حكم دعاء ختم القرآن؟
ج: دعاء ختم القرآن خارج الصلاة سنةٌ ثابتةٌ عن أنس وغيره من أئمة السلف، وكانوا يقولون عند ختم القرآن: دعوة مستجابة!
أما دعاء ختم القرآن داخل الصلاة، فقد اختلف فيه أهل العلم قديما على أقوال: منهم من أباحه، ومنهم من منعه، ومنهم من نصّ على بدعيته.
وأيًّا كان الخلافُ، فإنا لا نعلمُ لمن أباح دعاءَ ختم القرآن مستندًا شرعيًّا ثابتًا لا في كتابٍ، ولا في سنةٍ!
بل لا نعلم لهم سلفًا عند أحدٍ من الصحابة أو التابعين لهم بإحسان!
لذا كان من المتعَّين تركُ دعاء ختم القرآن داخل الصلاة على القول الصحيح، وأخذاً بقاعدة التوقُّف في العبادات.
كما أننا ندعوا إخواننا أئمة المساجد، ولاسيما المتَّبعين للسنة، والمقتفين لآثار السلف: بأن يقتصروا على دعاء القنوت، وألا يركنوا إلى اتباع العادات الجارية التي ليس لها أصلٌ شرعي.
كما يجب عليهم: أن يُقيموا صلاةَ التراويح للمسلمين، كما شرعها النبي ، وكما فعلها عمر بن الخطاب عندما جمع لها الناسَ على أُبيّ بن كعب ، وكما جرى عليه أهلُ الصّدر الأول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
ثم اعلم رحمك الله أن ما جاء ذكره هنا، فهو مُتَّجهٌ لأئمة المساجد، ومن أعطاه الله بسطةَ يدٍ على شؤون المساجد.
أمّا من ائتمَّ بإمامٍ يرى دعاءَ ختم القرآن؛ فعليه أن يُتابع إمامٓه لوجوب متابعة الإمام، لقوله عليه الصلاة والسلام: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه..." متفق عليه.
وعليه فإنَّ متابعةَ الإمام واجبةٌ سواءٌ كانت في تركِ مأمورٍ، أو في فعلِ محظورٍ.
كما لو ترك الإمامُ جلوسَ التشهد الأول، أو سلَّم قبل تمام الصلاة، أو سجد للسَّهو عند شكّه ... وغير ذلك مما يتعيَّن فيه متابعةُ الإمام، والحالة هذه كان واجبًا على المأموم متابعةُ إمامه فيما يراهُ الإمامُ، لاسيما فيما جرى فيه خلافٌ بين الفقهاء قديما وحديثا.
ويزيدُ المسألةَ تصوّرا: أنَّ النبي قد أرشد المأمومَ إلى لُزومِ المتابعة حتى فيما أساء فيه الإمامُ، لاسيما في المسائل الخلافية، وهو ما ذكره بقوله: "إن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤا فلكم وعليهم" البخاري.
هنا تنبيهات:
١- أنه ينبغي للمأموم عند متابعة إمامه أن ينوي بهذا الدعاء: أنه دعاءُ قنوت، أو دعاءٌ مطلقٌ، لا خاصٌ بختم القرآن، وهو ما قاله الإمامُ أحمدُ عندما سُئل عن دعاء ختم القرآن، فقال: إنما هو دعاء.
٢- كما لا يجوز لأحد من المسلمين أن يتكّلف البحثَ عن المساجد التي تُقام فيها ختمةُ القرآن، فضلا أن يشدّ الرحال للسفر لأجل إدراكها، سواءً للمسجد الحرام أو غيره من المساجد الثلاثة.
٣- كما يجب على الأئمة الذاهبين إلى دعاء الختمة: أن يرفقوا بإخوانهم المصلين، وألا يشقّوا عليهم في إطالة الدعاء، فقد قال النبي : «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» متفق عليه.
وليتذكروا أيضا نهيَه عن إطالة خطبة الجمعة، بقوله: "إنَّ طولٓ صلاة الرجل، وقِصَرٓ خُطبتِه مٓئنَّةٌ من فقهِهِ، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإنَّ من البيان سِحرا" مسلم.
فإذا كان هذا النهي في خطبة الجمعة، وهي واجبة، فكيف والحالة هذه بإطالة دُعاءٍ مختلف فيه، وهو للبدعة أقربه منه للسنة!
٤ـ كما عليهم أن يتجنّبوا السّجعَ ورفعَ الصوت عند الدعاء.
قال الله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعا وخُفية إنه لا يحب المعتدين".
وقال رسول الله يقول: "سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" أخرجه أحمد بسند حسن.
٥ـ كما عليهم أن يَعلُموا أنّ الإمامَ كلما زاد في الدعاء وتعدّى: ازداد بُعدا عن السنة، وبغضًا في قلوب أولياء الله المصلين.
والله تعالى أعلم.
وكتبه
الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد الغامدي.
( ٢٦ / ٩ / ١٤٣٦ )