سؤال الفتوى: أنا طالبة في كلية التربية وحسب نظام الدراسة في كليتي يتوجب على طالبات السنة الرابعة السفر إلى الخارج و إلى استراليا بالتحديد لآخذ كورس في التدريب العملي...ومدة هذا الكورس أسبوعان تقريبًا أو ثلاثة...حيث أن جامعة ملبورن في استراليا هي الجامعة المنظمة و الراعية لتخصصنا في الدولة...وسيكون معنا مجموعة من الهيئة التدريسية و بعض المشرفات العربيات ..وبالتحديد مسؤولة كلية التربية في الدولة...حيث أنها سترافقنا في هذه الفترة....سؤالي : بالرغم من موافقة أهلي على سفري إلى استراليا حيث أنهم يثقون تماما أن المجموعة التي سأسافر معها مجموعة طيبه. وهناك مسئولات مسلمات...إلا إنني في حيرة بسبب موضوع المحرم...فهل يجب أن يكون معي محرم وإن كانت هذه الرفقة بصحبتي؟؟ ملاحظة: في حال عدم سفري إلى استراليا يتوجب على أسرتي إيجاد مسكن لي عند أحد الأقارب في أي مدينة أخرى غير مدينتي لأتدرب في مدارسها لأتمكن من اكتساب خبرة مختلفة...علمًا بأن والدي لا يعرف أحدًا في المدن المجاورة لذا لن يتمكن أهلي من إيجاد مكان تدريب آخر في الدولة, وقد تحاول الكلية أن تجد لي مكانًا آخر في مدينتي لأتدرب فيه...إلا أن التدريب الميداني سيكون حتمًا مختلفًا عن ذاك الذي سأحوز عليه في حال سفري ؟


< جواب الفتوى >

لا يجوز سفرك بأي حال من الأحوال إلا بمحرم شرعي حتى وإن كان لأداء فريضة الحج الواجب فضلًا عن دراستك التي لا تعتبر واجبة شرعًا عملًا بما أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم", فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة، قال: " اذهب فحج مع امرأتك "([1]).
ثم سفرك إلى بلاد الكفار قد يعرضك لأخطار كثيرة رغم أنه لا يجوز السفر إلى تلكم البلاد إلا لحاجة ماسة كعلاج أو دعوة عملًا بما في المسند وعند النسائي بإسناد حسن: " لا يقبل الله من مشرك عملًا بعد ما أسلم أو يفارق المشركين"([2]), ويقول أيضًا في الحديث الآخر وهو حسن لغيره : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"([3]).
إذن لا بد أن تنظري لك مكانًا في بلدك أي في المدينة التي فيها الجامعة ولست ملزمة بتلكم الدراسة فدينك خير لك على جميع الأحوال حتى وإن لم تجدي المكان أو كان مكان الدراسة أدنى رتبة من الدراسة الخارجية عند الكفرة, فحافظي على الدين ولو خسرتي الدنيا بأسرها فهو خير لك يقول الله تعالى: " وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى "([4]).
أسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، وبالله التوفيق.


([1]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الجهاد والسير, باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة وكان له عذر هل يؤذن له(3/1094 رقم 2844)], ومسلم في صحيحه [كتاب الحج, باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره(2/978 رقم 1341)] كلاهما من حديث ابن عباس.
(([2] أخرجه النسائي في سننه [كتاب الزكاة, من سأل بوجه الله عز وجل(5/82 رقم 2568)], ابن ماجة في سننه [كتاب الحدود, باب المرتد عن دينه( 2/848 رقم 2536)], أحمد في مسنده [أول مسند الكوفيين, حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه(5/4رقم 20049)] كلهم من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
([3]) أخرجه أبو داود في سننه [كتاب الجهاد, باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود(4/155 رقم 1604)] من حديث جرير بن عبد الله, صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود برقم(2304) دون الأمر بنصف العقل.
(([4] سورة الأعلى, الآية (17).
المصدر: السؤال المائة و ثلاثة و عشرون من المجلد الأول لكتاب المنتقى من فتاوى الدكتور صادق البيضاني