الحمد لله القائل: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة: 120] وصلى الله وسلم على القائل: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟» متفق عليه.
فكل صاحب ضلالة لا يهدأ له بال، ولا يستقر له حال حتى يصرف أهل الحق عن السبيل، على سنة إمامهم الأول: إبليس اللعين؛ الذي قال: (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف: 16، 17]
وقال: (لَأُغْوِيَنَّه مْ أَجْمَعِينَ) [ص: 82]فلن يشتغل بعضهم ببعض أكثر من شغلهم بأهل الحق ليصدوا عن سبيل الله (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف: 8، 9] وما من سجية أرشد إليها الإسلام إلا ومن أهل الضلال من يسعى جاهداً إلى صرف الناس عنها، والتشكيك فيها، وتشويه صورتها، ومعاداة أهلها، والافتراء عليهم، من أعلى مراتب الدين وهو التوحيد، إلى إماطة الأذى عن الطريق!
ومن هذا الجنس الطائفة الليبرالية اللعينة، فهم أعداء الفضيلة، ودعاة الرذيلة، وسرَّاق الأخلاق، والمسوقون لكل من ليس له عند الله من خلاق!
هم جفاة السنن، ودعاة الفتن، ويزعمون بيننا أنهم يشهدون بأن محمداً رسول الله، والله يعلم أنه رسوله صلى الله عليه وسلم (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) [المنافقون: 1].
هم المرجفون في المدينة، المشككون للمرء في عقيدته ودينه (مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 61، 62].
هم الذين يعظمون اليهود والنصارى، ويلوذون بالغرب الكافر، ويقولون: نخشى أن تصيبنا دائرة (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين) [المائدة: 52] هم الذين (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) [آل عمران: 167].
هم –وللأسف!- الذين عاشوا أول الأمر بيننا وقرأوا وتعلموا التوحيد صغاراً، ثم حاربوه وتنكبوا عنه كبارا من (الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُ مْ فَلَعَرَفْتَهُم ْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّ هُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) [محمد: 25 - 32].
فلن يضروا الله شيئاً، والله متم نوره ولو كره الليبراليون.
نعم؛ الله كتب أنه غالبٌ ورسلُه صلوات الله عليهم أجمعين فقال: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة: 21].
وقدَّر أن الحق يبقى ويمكث في الأرض، والباطل كالزبد يذهب جفاء: (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) [الرعد: 17].
وبشَّر أنصاره بالنصر، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7] ووعدهم بالعلو والغلبة:(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139] وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة: 56] ويقول: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [الصافات: 171 - 173].
فيا ليبراليون:(مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 119] تريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم؟ فالله متم نوره ولو كره الليبراليون! وجند الله هم الغالبون.
فهذه المساجد التي أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه، وهذه العقيدة التي تُدرَّس وتُقرَّر، وتلك العباءة التي على تلبسها المسلمة، وذلك الحجاب الذي يغطي وجهها، بل ذاك السواك الذي يحمله كل مسلم ويسعد به! دينٌ مضى من دونه أكثر من 1400 سنة! فهل تظنون أن ذلك كلِّه يزول بكلمةٍ من أفواهكم؟ فلن تضروا الله شيئاً، والله متم نوره ولو كره الليبراليون.
قولوا ما تقولون؛ غرّدوا، وانهقوا، وشكِّكُوا، واستهزءوا، واكفروا، وألحدوا، لن تضروا الله شيئاً، ولن تحجبوا نور الله، لأن الله متم نوره ولو كره الكافرون، ولن يحزننا كفركم وإلحادكم الذي تبثونه في وسائل الإعلام (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران: 176، 177].
مضى قبلكم زنادقة العالم، وكفار الملل، وأعداء الشريعة، وملاحدة البشر، وأعداء الأنبياء، وكلُّ جنود إبليس! (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) [النحل: 26] هذه (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 62].
فيا أيها الليبرالي السعودي! البليد اتئدّ!:
فلست بأولِ ذي همةٍ دعته لما ليس بالنائلِ
هذا دين الله، هذا دين محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين يعز عزيز أو يذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وأهله، وذلا يذل الله به الكفر».
وكان تميم الداري راوي الحديث يقول: «قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية».
وتأتي أنت يا ليبرالي يا بليد؛ تشكك في العقيدة والأحكام والآداب؟ فلن تضروا الله شيئاً، ولن تضروا الدين شيئاً، ولن تضروا المؤمنين بشيء إذا تمسكوا بدينهم ولم يتبعوا أهواءكم.
فموتوا بغيظكم، والله متم نوره ولو كره الليبراليون.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
6 ذو القعدة 1435هـ
الطائف