فقال عليه الصلاة والسلام :
(( هو رجل له عشرة أبناء بعضهم سكن في اليمن وبعضهم سكن في الشام ))
لكن الحديث هنا عمن سكن في الشام من ذرية هؤلاء
ماذا قال عز وجل عن هؤلاء الذين أعطاهم الله عز وجل وأغدق عليهم من النعيم ما لا يتصور ؟
((لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ )) أي دلالة وإشارة وبيان
ما هي هذه الآية : ((جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ))
عندهم واد :وكانوا ساكنين فوق هذا الوادي ، وإذا نظروا إلى اليمين وجدوا جنة أي بستان وإذا نظروا إلى الشمال وجدوا جنة بستان
وهذا من أعظم ما يتنعم به الإنسان :
كون الإنسان يعيش بين جنتين
هذا شيء من النعيم الذي يسرالقلب ويبهج الفؤاد
{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }الرحمن46
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ }الرحمن62
((وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ ))
ولهذا قال بعض السلف : " إذا ضرب الله مثلا في كتابه فلم أفهمه عزَّيت نفسي
قيلله : لماذا تعزي نفسك ؟
قال : لأني لم أكن عالما لأن الله جل وعلا قال : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } العنكبوت43
((جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَ ا بِنَخْلٍ ))
((وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً )) الكهف32
يعني : ليس بين هاتين الجنتين موضع خراب كلها خضرة كلها بهجة كلها نضرة
إلى آخر ما ورد في القصة فلما كفر بالله عز وجل وتكبر على الفقير قال جل وعلا :
((وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ))
يعني: أنزل الله عليه عقوبة من عنده لما كفر بالله عز وجل
وهذه قصص لا يعني أن تقرأ وأن تحفظ دون أن نوقف أنفسنا ونوقف عقولنا عند هذه القصص ونتأمل وأنه ربما يصيبنا مثل ما أصاب الأمم السابقة إن لم نرتدع إن لم ننزجر إن لم نرجع ونتوب ونئوب إلى الله جل وعلا
{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً }الكهف42
أصحاب الجنة قصها الله في سورة القلم :
((إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ ))
((كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا ) ) حلفوا بالله عز وجل : ((لَيَصْرِمُنَّه َا مُصْبِحِينَ{17} وَلَا يَسْتَثْنُونَ{18} ))
أي لا يستثنون في يمينهم هذا وفي حلفهم هذا
((فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ{19} فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ{20} ))
(( فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ{21} أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ {22} فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ{2 3} ))
يتسارون فيما بينهم حتى لا يسمعهم الفقراء فيأتون إليهم
((أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ{24} وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ{25} ))
يعني : على غضب وغيظ على الفقراء
((وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ{25} فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ{26} ))
ثم تبينوا أن هذا الطريق هو الطريق
((فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ{26} بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ{27} قَالَ أَوْسَطُهُمْ ))
يعني : أعقلهم وأرجحهم رأيا
((أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ{28} قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{29} ))
(( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ {30} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ {31} عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ {32} كَذَلِكَ الْعَذَابُ ))
الذي نزل بأولئك سينزل بنظرائهم وأشباههم
لما ذكر الله قصة قوم لوط قال :
((فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ{82} مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ{83} ))
((وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ{83} ))
(( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ ))
((كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ{15} فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ))
سلط الله عليهم هذا الوادي فأغرقهم
((فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ ))
يعني : ثمار من أشجار أكل مُرَّة الطعم
((ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ{16} ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ{17} وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ{18} فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ))
أن هؤلاء يتنقل أحدهم من قرية إلى قرية لا يحمل متاعا ولا زادا بل إذا مشى إذا بالثمار تتساقط عليه من جهة اليمين ومن جهة الشمال
يصلون إلى الشام دون أن يكون هناك عناء أو تعب لكنهم بطروا نعمة الله
قالوا: لا نريد راحة لا نريد سرورا لا نريد نعيما ، نريد شقاء ، نريد عناء ، نريد صحاري ، نريد أن نعطش نريد أن نجوع
الله عز وجل أعطاهم المن والسلوى :
((وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ ))
((مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُو نَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً ))
أي مكان تجدون هذه المأكولات وافرة كثيرة
هذه أطعمة يسيرة فكيف تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير
((فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا )) :
((فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُم ْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ{19} ))
هذا من آثار الذنوب
يتبع...