قال شيخ الإسلام رحمه الله في ((التدمرية)) (57، 58):
((وينبغي أن يُعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء هو كما قيل ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون مدحًا أو كمالا. ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال))اهـ.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:
«ومعلوم أن المدح إنما يكون بالصفات الثبوتية، وأما العدم المحض فليس بكمال، فلا يُمدح به، وإنما يُمدح الرب تعالىٰ بالنفي إذا تضمن أمرًا وجوديًا؛ كمدحه بنفي السِّنة والنوم، المتضمن كمال القيومية، ونفي الموت، المتضمن كمال الحياة، ونفي اللغوب والإعياء، المتضمن كمال القدرة، ونفي الشريك والصاحبة والولد والظهير، المتضمن كمال ربوبيته وإلهيته وقهره، ونفي الأكل والشرب، المتضمن كمال صمديته وغناه، ونفي الشفاعة عنده إلا بإذنه، المتضمن كمال توحده وغناه عن خلقه، ونفي الظلم، المتضمن كمال عدله وعلمه وغناه، ونفي النسيان وعزوب شيء عن علمه، المتضمن كمال علمه وإحاطته، ونفي المِثْل، المتضمن لكمال ذاته وصفاته؛ ولهذا لم يتمدح بعدم محض لم يتضمن أمرًا ثبوتيًّا؛ فإن المعدوم يشارك الموصوف في ذلك العدم، ولا يوصف الكامل بأمر يشترك هو والمعدوم فيه»اهـ.([1])
[1])) «شرح الطحاوية» (1/ 214، 215).