دور الأهمية المعنوية في تقديم العقيدة على الشخصية
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل
لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في الحيث النبوي الشريف الذي رواه مسلم في صحيحه من طريق العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا" فهذا الحديث النبوي الشريف مبني على الرضا والقناعة ، وقد تقدم الرضا بالله نحو المبني عليه وارتبط به أولا بحسب الأهمية المعنوية ،فهو الأهم يليه في الأهمية الرضا بالإسلام ،يليه الرضا بسيدنا محمد نبيا ورسولا ،الذي تأخر بسبب ضعف منزلة المعنى مع المبني عليه ، فالله تعالى أهم من العقيدة والعقيدة أهم من الشخصية ،لأن الرضا بسيدنا محمد مرتب على الرضا بالإسلام ،والرضا بالإسلام مرتب على الرضا بالله تعالى ربا ،أما من ناحية زمنية فكل رضا يستلزم الآخر ولا ترتيب بينها ،جاء في صحيح مسلم أن خطيبا قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى " فأنكر عليه - صلى الله عليه وسلم -إتيانه بالضمير المقتضي للتسوية وهو " هما " فأمره بالعطف ، وإفراد اسم الله تعالى وتقديم اسمه تعظيماً له ، لأن فيها الترتيب بالرتبة أو الأهمية ، إذ لا شك أن معصية الرسول مرتبة على معصية الله تعالى ، وإن كان كل واحد منها يستلزم الأخرى.
فالرسول الكريم يعلمنا أن العقائد والمبادئ أهم من الشخصية ،لأن العقيدة باقية أما الشخصيات فغير باقية ،قال تعالى:"وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين *وهذا درس من النبي الكريم كي نضحي في سبيل المبادئ والعقائد لا أن نضحي في سبيل الشخصيات .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس .