قال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/268) في ثنايا كلامه على قصة اشتهرت على ألسنة بعض عوام الدعاة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في نفر من أصحابه فوجد ريحًا من أحدهم، فاستَحْيَا أن يقوم من بين الناس، وقد كان أكَل لحم جزور، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أكل لحم جَزُور فليتوضَّأ))، فقام جماعة كانوا قد أكلوا من لحمه فتوضؤوا ، وهذه القصة لا أصل لها في كتب السنة - وليس لها سند يعرف - ولا في غيرها من كتب الفقه المعتمدة ولا التفسير ، قال رحمه الله : (فإن أثرها سيِّئ جدَّا في الذين يَرْوُونَها، فإنها تصرِفُهم عن العمل بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لكلِّ مَن أكل من لحم الإبل أن يتوضأ، كما ثبت في (صحيح مسلم)، إلى أن قال - رحمه الله -: (وليت شِعْرِي، كيف يعقِلُ هؤلاءِ مثل هذه القصة ويُؤمِنُون بها، مع بُعْدِها عن العقل السليم، والشرع القويم؟! فإنهم لو تفكَّروا فيها قليلاً، لتبيَّن لهم ما قلناه بوضوح؛ فإنه مما لا يليق به - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر بأمر لعلةٍ زمنية، ثم لا يبيِّن للناس تلك العلة، حتى يصير الأمر شريعة أبديَّة، كما وقع في هذا الأمر، فقد عمِل به جماهيرُ من أئمة الحديث والفقه، فلو أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أمر به لتلك العلَّة المزعومة لبيَّنها أتم البيان، حتى لا يضلَّ هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق! ولكن قبَّح الله الوضَّاعين في كل عصر وكل مصر؛ فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدَتْ كثيرًا من المسلمين عن العملِ بسنَّة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم، ووفَّق الآخرين للاقتداء بهم في ذلك وفي اتباع كل سنة صحيحة، والله ولي التوفيق) .