قد اختلف المذهب الحنبلي: هل الوتر اسم لجميع صلاة الليل؟ أم هو اسم للركعة الأخيرة وما اتصل بها فحسب؟
فالذي عليه جماهير الأصحاب، أن الوتر اسم لجميع صلاة الليل([1]).
وفي رواية عن أحمد أن الوتر اسم للركعة الأخيرة أو ما كان متصلًا بها فقط، وأما ما كان قبله فليس منه([2]).
قلت: وهو الذي يدل عليه ظاهر الأحاديث.
فمن ذلك حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى([3])».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا([4])».
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصَلِّي صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَهَا، فَأَوْتَرَتْ([5]).
وفي لفظ لمسلم: فَإِذَا أَوْتَرَ، قَالَ: «قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَةُ».
فدلت هذه الأحاديث على أن صلاة الليل لا تسمى جميعها وترًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم غاير بينهما؛ كما هو مصرح به في الأحاديث.
ورجح ذلك إسحاق ابن راهويه رحمه الله؛ حيث قال: ((مَعْنَى مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ، قَالَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مَعَ الْوِتْرِ، فَنُسِبَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ إِلَى الوِتْرِ([6])))اهـ.
ورجحه أيضًا: العلامة عبد الرحمن بن قاسم([7]).



[1])) انظر: ((الإنصاف)) (2/ 167).

[2])) السابق.

[3])) متفق عليه: أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749).

[4])) متفق عليه: أخرجه البخاري (998)، ومسلم (751).

[5])) متفق عليه: أخرجه البخاري (977)، ومسلم (744).

[6])) ذكره الترمذي في ((جامعه)) (2/ 320).

[7])) ((حاشية الروض المربع)) (2/ 183).