قال الألباني في الإرواء (1/72 - 74) : (لم أجده والمؤلف تبع فيه مجد الدين بن تيمية فإنه قال في " المنتقى " : " وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء من مزادة مشركة " . ومرَّ عليه الشوكاني في " نيل الاوطار " ( 1 / 70 ) فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوته ووروده بشئ ! وأنا أظن أن المجد يعني به حديث عمران بن حصين الطويل في نوم الصحابة عن صلاة الفجر لكن ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من المزادة . وهاك لفظه بطوله لفائدته قال عمران : ( كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وإنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة . ولا وقعة أحلى عند المسافر منها فما أيقظنا إلا حر الشمس فكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء . فنسى عوف ثم عمر بن الخطاب الرابع وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظه حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر وراى ما أصاب الناس وكان رجلا جليدا فكبر ورفع صوته بالتكبير . فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى لنا استيقظ لصوته النبي صلى الله عليه وسلم . فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم فقال : لا ضير أو لا يضر ارتحلوا فارتحلوا فسار غير بعيد ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ . ونودى بالصلاة فصلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم قال : ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ قال : أصابتني جنابة ولا ماء قال : عليك بالصعيد فانه يكفيك . ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانا - كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف - ودعا عليًا فقال : اذهبا فابتغيا الماء فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتن أوسطيحتين من ماء على بعير لها فقالا : أين الماء ؟ قالت : عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوف قالا لها : انطلقي إذن قالت : إلى أين ؟ قالا : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : الذي يقال له الصابئ ؟ قالا : هو الذي تعنين . فانطلقا فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث قال : فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين وأوكى أفواههما " وأطلق الفرارتين ونودى في الناس : اسقوا واستقوا فسقى من سقى واستقى من شاء وكان اخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال : اذهب فافرغه عليك وهى قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وايم الله لقد أقلع عنها شنة ليخيل إلينا أنها أشد ملئة منها حين ابتدأ فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أجمعوا لها . فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما فجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا لثوب بين يديها فقال لها : " تعلمين ما رزأنا من مائك شيئًا ولكن الله هو الذي أسقانا فاتت اهلها وقد احتبست عنهم قالوا : ما حبسك يا فلانة ؟ قالت : العجب لقيني رجلان فذهبا بى إلى هذا الرجل الذي يقال له الصابئ ففعل كذا وكذا فو الله انه لأسحر الناس من بين هذه وهذه أو قالت باصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والارض أو إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حقا فكان المسلمون بعد بغيرون على من حولها من المشركين . ولا يصيبون الصرم الذي هي منه فقالت يوما لقومها : ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم عمدا " فهل لكم في الإسلام ؟ فاطاعوها فدخلوا في الإسلام " .
قلت : (أبو البراء) : هذا صحيح ؛ لكن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للصحابة بالشرب من مزادة المشركة ، وكذا أذن للجنب أن يغتسل منها .