الحمد لله وبعد
في كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ورضي عنه بتحقيق علامة مصر محمد حامد الفقي رحمه الله
موقف لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. ذرفت منه عيني .
قلت أطرحه لتعلموا كيف كان يحب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ذكر فتح مكة .
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمى الله الأخبار عن قريش لكنهم على وجل، فكان أبو سفيان يتجسس، هو وحكيم بن حزام، وبديل ابن ورقاء.
وكان العباس قد خرج قبل ذلك بأهله وعياله مسلماً مهاجراً، فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ الظهران فنزل عشاء، فأمر الجيش فأوقدوا النيران فأوقد أكثر من عشرة آلاف نار، فركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وخرج يلتمس، لعله يجد بعض الحطابة أو أحداً يخبر قريشاً، ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخلها عنوة.
قال: فو الله إني لأسير عليها، إذ سمعت كلام أبي سفيان، وبديل، يتراجعان، يقول أبو سفيان: ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً.
قال يقول بديل: هذه والله خزاعة، حمشتها الحرب.
قال يقول أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها.
فقلت: أبا حنظلة؟ فعرف صوتي، فقال:أبا الفضل؟ قلت: نعم، قال: مالك، فداك أبي وأمي؟ قال قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله، قال: قال: فما الحيلة؟
قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة، حتى آتيه بك، فاستأمنه لك، فركب خلفي، ورجع صاحباه، فجئت به. فكلما مررت بنار من نيران المسلمين، قالوا: من هذا؟ فإذا رأونا قالوا: عمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته، حتى مررت بنار عمر، فقال: من هذا؟ وقام إلى، فلما رأى أبا سفيان قال: عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد.
ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركضت البغلة فسبقته، واقتحمت عنها، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني أضرب عنقه، فقلت: يا رسول الله، إني قد أجرته.
فلما أكثر عمر، قلت: مهلاً يا عمر، فوالله لو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا، قال: مهلاً يا عباس، فوالله لإسلامك كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذهب به يا عباس إلى رحلك، فإذا أصبحت فائتني به".
اللهم اغفر لنا تقصيرنا في حقك واعفر لنا تقصيرنا في حق نبيك صلى الله عليه وسلم
آمين