الاكذوبة الثالثة – قدماء المصريين كانوا موحدين :
بعيدا عن التعصب لافكارنا ومعتقدتنا ،يحق لنا أن نتسأل عن ماهية الحضارة المصرية القديمة ،ومعتقدتها فهي المفتاح لفهم مغاليق طبيعة هذه الحضارة ، وأول ما يتبادر للذهن هل عرف المصريون القدماء التوحيد ؟ وان كانوا عرفوه هل مارسوه في معاملتهم وعبادتهم وحياتهم ؟ ومن المعلوم ان الديانة المصرية تميزت بعدد هائل من الآلهة منها مايشبه الانسان (33)، ومنها ماهو مختلط بجسد بشري ورأس لاحد الحيوانات.(34) ايضا عبد المصريون شتي انواع الحيوانات ،بل كان لآلهتهم أنفسهم حيواناتهم المقدسة وقد أطلق الباحثون علي مثل هذه الديانة اسم "زوو- لاتربيا" أي السجود للحيوانات. لقد كانت البقرة والهرة والثور وأبي منجل والقرد والثعابين والاسماك لهم مكانة مرموقة عند المصريين .
انقسم علماء المصريات والمؤرخين فيما بينهم في الاجابة علي هذا التساؤل بين مؤيد بشدة لفكرة معرفة قدماء المصريين للتوحيد وآخرين معارضين لهذه الفكرة وفريق ثالث يري انهم وصلوا لمنتصف طريق التوحيد وتوقفوا ،وكل منهم برهن علي صحة نظريتة . لنبدأ بقول هيردوت الذي قال :" أن أهل طيبة كانوا يعبدون الله وحد وهو الاول والاخر والحي الابدب " (35) ولكنه للاسف لم يدلل علي مقولته!! اما شامبليون فيقول انه :" استنبط من ماهو مدون علي الآثار أنهم أمة موحدة لاتعبد الا الله ، غير أنهم أظهروا صفاته ممثلة في بعض المحسوسات (36)" " بأن الدين المصري هو توحيد صافي الذي اظهر نفسه خارجيا بالشرك بالاله وانه كان شركا رمزيا. (37) ولكنه لم يقل لنا لماذا عبدوا صفاته ولم يعبدوه مباشرة ؟!!! ولو اتفترضنا انهم عبدوا صفاته فهل من صفاته والعياذ بالله الزنا والكذب والسرقة كما صورو ألهتهم التي يدعي شامبليون وغيره انها صفاته!!! ثم يدلل علي قوله " وأنهم بمعرفتهم للتوحيد علموا أبدية الروح وأيقنوا أن هناك حساب وعقاب "ولاادري أي توحيد ؟ وأية حساب وعقاب هل من خلال رسومات كتاب الموتي التي يعول الكثير من علماء الاثار وعبدة الاحجار ومن يدور في فلكهم علي منظر المحاكمة في الاخرة والذي سيتضح في حينه عند الحديث عن هذا الكتاب انها محض أفترء . أما ماسبيرو فقد قال :" من تأمل الآثار واللوحات الدينية المنقوشة بالمقابر وفي اوراق البردي هالة كثرة الآلهة المصورة " وقد ارجع سبب ذلك بقوله " ان المصريين أمة مخلصة في العبادة ،اما بالفطرة أو التعليم فكانوا يرون الله في كل مكان فهامت قلوبهم في محبته، وعدوا صفاته العلية وميزوها بالاسماء واشتقوا منها صفات ونعوت وشخصوها في المحسوسات وجميعها يرجع اليه " ولاجل التمييز بينها جعلوا لكل اسم تمثال فأنتشرت هي وما اشتق منها حتي ملات المدن . وميز كل جهة معبوداتها عن غيرها لعدم الالتباس فنشأ عن ذلك جملة معبودات متباينة في الشكل والهيئة دخلت فيها الحيوانات والطيور والاسماك والحشرات.ولكثرة الحيوانات المقدسة في الديانة المصرية يقول :" الديانة المصرية وخاصة في أقدم عصورها انها ضرب من الفيتشية (=عقيدة سحرية دينية في التمائم كما يدل الاصطلاح بالمعني المألوف علي نوع من المادية في الدين أو أي اتجاه ينظر الي الآلوهية كجسم أو كقوة طبيعية (38) ، ولكل واحدة وظيفة خاصة ترجع الي صفاته .من ذلك معبودهم "آمون" وهو الاله الذي انبعثت منه كل شيء ويعطي لنور العقل القوة لادارك الاشياء الخفية . ومنها " بتاح " أو " فتاح" وهو الذي أتقن فعل كل شيء . واوزوريس وهو الرحيم فاعل الخير ، فبناءا علي هذا يكون آمون وبتاح اوزوريس أسماء لصفات مترادفة ترجع اليه تعالي ،(39) . اما بروكش(40) والذي اجهد نفسه في جمع العديد من النصوص ولكنها لم تكن من تاريخ واحد فيقول : " ان المصريين حصروا صفاته في الاشياء النافعة كالشمس والنور وغيرهما وبالتالي عبدوا هذه المنفعة اذ هو مصدرها واصلها " وبالتالي عرف الكهنة الحقيقة وقصدوا في عبادتهم وجه الله ،أما العامة وهم الاكثرية فصاروا مع توالي الايام يعبدون الاشياء لذاتها ويتقربون اليها لجهلهم بالحقائق فتفشي الكفر بينهم " ومما يثبت ذلك مارواه أحد المؤرخين أنه كان مكتوبا في أحد الاسفار المصرية المنسوبة الي هرمس (في نظرهم أنه كان أدريس عليه السلام) وصورته " يا مصر يامصر يأتي عليك يوم يتغير فيه دينك القويم ومنهجك القديم فتظهر الخرافات وتعم الضلالات ويستبدل الايمان بعبادة الاوثان ويطفي الالحاد نور الهدي وتنحصر أخبارك في بعض اخبارك " (41)وايضا في نبؤءة (أسكليبوس)عن مصر " أيا مصر . .يامصر لن يبقي من عبادتك سوي الخرافات ،حتي أبنائك لن يؤمنوا بها في المستقبل ولن تخلفي ورائك سوي كلمات محفورة علي الحجر تروي مآثرك الورعة " (42) اما ماريت فقد قال : " اتفق كثير من المؤرخين أن المصريين كانوا يعبدون الله وحده ولكننا للاسف لم نجد هذا علي الآثار حتي نجعل قولهم في الكفة الراجحة " وله رأي أخر يقول مامعناه :"أن قدماء المصريين كانوا يقرون بوحدانية الله وأنهم وصفوه بمايليق به من الصفات العديدة والاسماء الكثيرة ولكنهم لم يثبوا علي هذا الطريق في كيفية ادراك الحقيقة الالهية بل تعدوا هذه الحدود وجعلوا لافعال الله تماثيل تدل علي كيفية أعماله،واتخذوا كل معبود منها الها آخر بالتبعية للذات الاصلية فكانوا يعتقدون مثلا أن فعل القدرة الذي يتعلق بجميع الاشياء ويوجد فيها ،الاستعداد للنمو الازدياد ورشدهم للنور هو اله كان يسمي عندهم بأسم "آمون" ومعناه الخفي ،والمحجوب.وكانو يرون أن الفعل الالهي الذي نظم العالم وعلق الشمس والقمر في السماء وحرك الارض هو اله آخر يسمي عندهم بتاح ويضيف ماريت ، وهذه التماثيل التي تكاثر عددها كانت عند العوام بمنزلة (43)، تماثيل يعكفون علي عبادتها اما الكهنة وغيرهم مما كان يعرف حقيقة الديانة القديمة يقولون انها رموز لافعال الله ،وقد آيد الاثري احمد كمال هذا الرآي.(44) اما الاثري العلامة واليس بدج مقتيسا عن "تايلي : " الديانة المصرية تخضع لمظهريين متعارضين ولايقبلان التوفيق ، المظهر الاول : فكر حي عن روحانية الله متحد مع أعلي درجات الفجاجة المادية في تجسيد الآلهة المختلفة ،والمظهر الثاني : لايقل عنه حيوية عن وحدانية الله مع تعدد يفوق حدود التصور للاشياء المقدسة ، وفي رأيه أن الكهنة الاكثر تعليما كانوا هم أنفسهم مرتبطين – بنفس درجة العامة – بتلك الاشكال والرموز التي فهمتها الجماهير الجاهلة بطريقة خاطئة والتي جسد فيها المصريون آلهتهم . ويضيف بدج أحب الآميون آلهة متعددة بينما من كان قادرا علي فهم الكتابة مثل الكهنة المتعلمين فقد وأموا بين فكرة الاله الواحد خالق السموات والارض وبين عدم قدرتهم علي التعبير عنه بطريقة أفضل فأطلقوا عليه كلمة آلهة فالكهنة ودارسوا اللاهوت لم يجدوا تعارضا بين اعتقادهم في الله الواحد وبين أن يكون له هو نفسه أشكال متعددة (45) والعجيب أن نجد عالم كبير مثل الاثري بدج ينتاقض مع نفسه اذا يقول : " الكهنة والمتعلمون كانوا يهتمون بالاشكال الشائعة لعبادة الآلهة ولكن بالافكار التي تخص طبيعة ثقافتهم لعدم امتلاكهم للنفوذ والقدرة الكافيان لاقامة شكل شعبي من العبادة أو الدين الذي يتناسب مع وجهات نظرهم الخاصة في مواجهة الاغلبية الغير متعلمة (46) وان عبارة الاله "تم "انجب" شو" و"تفنوت "عن طريق الاستمناء* لم تكن مقبولة عند الكهنة والمتعلم" ثم يضيف سنكون مخطئين اذا تصورنا ن الكهنة انفسهم كانوا يعتقدون هذا او ان العبارة كانت تمثل وجهة نظر اي مثقف في مصر فيما يخص موضوع اصل الالهة(47) ومع الاسف نجد بدج يناقض نفسه ويقول ان الاساطير التي اصر كهنة حمقي علي دسها أخفت نقاء العقيدة وسمو الافكار الخاصة بالتوحيد والخلود التي كانت موجودة في مصر منذ الازمنة المبكرة(48) ثم يقول ان المصريين في عصر ماقبل الاسرات عبدوا حجارة وحيوانات ونباتات واشجارا وانهم توصلوا لفكرة الآلهة كان منهم بشري والاخر حيواني ،ثم تتطوروا عبورا بالاله الحيوان الانساني الي فكرة الاله البشري واخيرا طورت عقولهم فكرة التوحيد. ثم نجد بدج وبطريقة خبيثة يتراجع خطوة للخلف قائلا صحيح احتفظت بعض مدنهم بعبادة عدد محدود من الحيوانات واستمرار الاشارة في بعض ادبياتهم الدينية الي عدد من الشعائر والعادات البدائية ،ولكن حجم التعديلات في طقوس وشعائر دينهم في المعابد التي صاحبت هذا التغيير كان محدودا بمعني آخر احتفظت العبادة من حيث الشكل فقط بما لم يعد يؤمن به أحد سوي عامة العامة وأورثته للاجيال التالية(49) والواقع يكذب وجهة نظره فقط اذهب الي اي مقبرة او معبد تشاء لامير او ملك أو حتي موظف كبير أو صغير وهم من الطبقة المثقفة وليست من عامة العامة ستجد عكس مايقوله السيد بدج. ولكن السؤال هل هذا الاله الواحد الاحد " النتر" توحي الينا بما تعنيه كلمة الله في العبادات الحديثة أو في التعريفات الفلسفية ؟ مع الاخذ في الاعتبار ان الاله المصري القديم كان كائنا يولد ويعاني ويموت مثل الانسان وهو هالك وغير متكامل وله عواطف وفضائل وغرائز!!!! مع الاخذ في الاعتبار عدم التعميم انه وجد من كانت له افكار توحيدية عن الله تماثل افكارنا الحديثة عن الله. وهذا ماسيتضح لاحقا ، فكرة الله عند المصريين (عند الحكميين كاجيمنا وبتاح حتب وانهم من ممفيس لان مقبرتهما وجدتا في سقارة وبالتالي الههم المحلي يكون بتاح جميل الوجه أو بتاح الحائط الابيض،(50) الذي كانت زوجته سيخيت وابنه أمنحتب ومع ذلك لم نجد لهم اي ذكر في الكتابات التالية ولايمكن ان يكون المشار اليه اوزوريس لان النصوص لم تكن جنازية ولان صفات هذا الاله لم تكن صفات آلهة الموتي ،اذن من هو الذين أضفوا عليه هنا القدرة والعطاء وأدارة العالم ؟ انه الاله الذين كانوا يعتقدون انه بالغ العظمة للدرجة التي لايمكن معها أن يطلق عليه اسم سوي الكلمة المجردة وهي الاله ، رغم انهم قد قدموا القرابين لآلهة معبد ممفيس علي نهج مواطينهم مع علمهم بأن الله مختلف اختلافا بيننا عن تلك الآلهة (51)بدج. (وان ارد انهم عباد الشمس هذا النتر ) في الدولة الحديث نحفص حكم اني ووصايا خنسو-حتب ،وتاريخ الكتابة يعود للاسرة 22 وان كانت النص الاصلي ربما يعود للاسرة 12 الاله قاضي الحق" أو الله هو الحكم العدل "بمعني: الحكم الذي يحكم باستقامة بمعني القانون والشريعة "
"لاتكون معروفة الاشياء التي يصنعها الاله (بمعني :الاشياء التي ستحدث عن طرق عمل الله غير معروفة :طرق الله مبهمة أو غير معروفة). "آكل الخبز طبقا لخطة الله (بمعني ان طعام الانسان يأتي بتدبير الله) (52)" حقا ابن جيد (يكون) من عطايا الاله".
"في تقديم القرابين لالهك تحمي نفسك ضد الاشياء التي يبغضها يا لاحظ بيعينك ، خططه كرس نفسك لعبادته ،اسمه هو الذي اعطي ارواح لملايين الاشكال وهو الذي يعظم كل من عظمه (53)..هذا يوضح سمو الافكار التي عبروا عنها ولكن في كل العبارات التي اقتبسنها سابقا لاتوجد عبارة واضحة تفيد ان الله المشار اليه فيها هو اله وحيد لايوجد آلهة أخري غيره!! . ومع ذلك توجد نوعية اخري من النصوص التي ينص أحد الآلهة بالوحدانية .فالاله "تا-تونبن " يدعي " صانع البشر الاوحد ومجمع الآلهة الاله رع-تم يدعي " رب السماء والارض صانع الكائنات السماوية والكائنات الارضية الاله الاحد الذي جاء للوجود في الزمن الاول صانع العالم خالق الكائنات الفانية وصانع "نو"السماء خالق النيل وصانع كل ماهو موجود في الماء ومعطي الحياه له ،من ضم الجبال بعضها ببعض جالب الرجال والنساء والحيوانات والماشية وخالق السموات والارض .وفي نص اخر نجد فيه نقل كل صفات اله الشمس رع ، الي آمون-رع(54) ،توجد عبارة تقول عن هذا الاله انه " الروح القدس التي جاءت للوجود قبل الزمن..الاله الاكبر الذي يعيش في أو مع ماعيت (وماعيت هنا بمعني النظام الذي لايتوقف المنتظم غير المتغير). وهكذا تقدم لنا النصوص تا-تونين ،او رع-تم ،علي انهم يطلق عليهم "الله الواحد " ويطلق علي امون-رع "الله الواحد الاحد ".(55) وفي الفصل 17 من كتاب الموتي (سطر9) : " انا الاله العظيم صانع نفسه "نو"أي الذي صنع أسمائه مجمع الالهة مثل الله " والاجابة عن هذا الكائن ومن هو ؟تقول " انه رع الذي خلق اسمائه من أجل أعضائه" والتي جاءت الي الوجود في شكل الآلهة التي تتبع رع. (56)يقول واليس بدج " ان الديانة المصرية لم تكن مقززة أو تحتوي علي افكار هابطة ولكن الاساطير التي أصر الكهنة الحمقي علي دسها هنا وهناك أخفت نقاء العقيدة وسمو الافكار الخاصة بالتوحيد والخلود التي كانت موجودة في مصر منذ الازمنة المبكرة.(57) . ويضيف "ان ملامح التوحيد في الديانة المصرية تقوم علي قواعد متماسكة للغاية لايمكن هدمها أو استسلامها لنظام الطقوس الرمزية المحكم التي شكلت مظهرا دائما للعبادة المصرية ،فالتوحيد المصري احتفظ دائما بمكانة خاصة في عقول الذين تعلموا بالقدر الكافي ليدركوا الافكار التي تمثلها الرموز "ويدلل بدج ،علي ان المصري لم يخلط ابدا بين الله والآلهة وانه كان يميز بين الله وآلهة المدن ففي الاعتراف السلبي رقم 38 من كتاب الموتي يقول المتوفي : " يا أتو –ريخت يا من حضرت توا من منزلك أنا لم أسب الله(58). ولكن لم يقل لنا المتوفي أي اله لم يسبه هل رع ؟أم آمون أم اوزير أم بتاح ؟ وأي اله يقصده فالسيد بدج طبقا لنص كتاب الموتي يقول آلهة المدن ولم يقل الآلهة الرئيسية للدولة .، نكتفي بهذا العرض كمدخل لدراستنا ،فمن الملاحظ في العرض السابق للمؤرخين وعلماء الآثار انهم خلطوا بين الاساطير واقول الحكماء المصريين ،وخلطوا بين ماهو مدون ومصورعلي جدران المعابد والمقابر والتي تؤكد كفرهم وشركهم وبين اقوال بعض حكمائهم المتناثرة ،والتي تحمل بين ثنايها بقايا توحيد وان كانت اقوال تعليمية اخلاقية اكثر منها عقائدية ،والعجيب ان من يجهدون انفسهم في تأويلات من نبات افكارهم ان المصريين القدماء كانوا موحدين ينحصر كل كلامهم في انتقاء بعض اقوال لافراد لم يكونون مؤثرين في المجتمع ،من قمتة الي قاعدته وتجنبوا عمدا الحديث عن ماهو مدون ومصور في قبورهم ومعابدهم ةعلي كل حجر بانهم كانوا قوما كافرين مشركين ووالذي وخلطوا ايضا بين التوحيد كصفة اساسية عرفتها كل الشعوب العالم والتي لم تكن حكرا علي المصريين وحدهم ، والتي وجدت متناثرة في نقوشهم واقوال حكمائهم وبين دين الدولة الرسمي وحتي الشعبي،ايضا من الملاحظ حصر اقتباستهم علي اقوال ونصائح حكماء (59) عاشوا في ظل حضارة قامت بحسب تقديراتهم من 3200 قبل الميلاد حتي سقوط عام 332 ق.م علي يد الاسكندر الاكبر .
. ما سبق كانت وجهة نظر بعض الاثريين والمؤرخيين الاجانب .. ،ولكن القول الفصل لاتوجد امة أو شعب في شتي بقاع الدنيا لم يرسل الله اليها رسول ونذير ، " وان من امة الا خلا فيها نذيرا"سورة فاطر . " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا" يدعوهم لعبادته والتسليم بوحدانيته منذ أدم عليه السلام حتي خاتم المرسلين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ،اذن مسألة معرفة الاله الواحد الاحد والدعوه لعبادته محسومة ،ولكن الملاحظ ان علماء المصريات لايألون جهدا لمحاولة اثبات ان المصريين القدماء (الفراعنة )مارسوا متطلبات التوحيد والوحدانية وهذا هو ماننتقده بشدة فلا توجد امة تقر بالوحدانية لله وتمارس الشرك بالواحد الاحد وهذا ما ينظر له الاوربيون فقالوا ان هولاء الالهة التي تعج بها المعتقدات المصرية ماهي الا صفات له ،واستدلوا بوحدانية الله علي بضع اقوال متناثرة هنا وهناك تسربت اليهم من اقوال الانبياء والحكماء مثل مانجده في ادب الحكمة من تعبيرات " الاله يعاقب " الاله يحب" الاله يعطي الخ توحي خداعا بوجود مصريين كانوا يقرون ديانة التوحيد ولكن السؤال الاهم هل المصريين مارسوا متطلبات التوحيد في حياتهم بداية من المواطن البسيط انتهاء بملوكهم ؟ الاجابة المصريون عبدوا كل شيء من بشر وجماد وحيوان وحجارة "الا الله سبحانه وتعالي"لم يعرفوه استكبارا وكفرا وعنادا ،الم يقل فرعون موسي "ماعلمت لكم رب سوي "هو يؤمن بآلهة وليس بأله لانه لايقر باله سواه ، وربما قائل مابالك بأمراءة فرعون: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } " ومؤمن فرعون الذي قال : وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (غافر الاية 29)،اقول له نحن نتكلم عن امة ودولة هل مارست التوحيد ام لا ،ولانتكلم عن بضعة افراد مؤمنيين عاشوا في مجتمع مارس الكفر والشرك بشتي انواعه،اقول . اما من يتشدقون بنظرية بأخناتون وانه كان يدعو لعبادة الواحد الاحد فقد ثبت كذب هذه الدعوة .بل نعتبر العربي القديم الذي عاش في ظل وثنية لامثيل لها اذكي واوضح في تعامله مع آلهته فقد قالها صريحة " والجدير بالذكر ان عبادة العرب للاصنام لم تكن عبادة لذاتها وانما وسيطا بينهم وبين الاله الاكبر. " ومانعبدهم الا ليقربونا الي الله زلفي" ، " ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله". ولم ينتظر الالاف السنين حتي يأتي عبدة الاحجار والمهوسين بالحضارة الفرعونية لينظروا لمن اظهروا كفرهم علي الحجر قولا وفعلا، بأنهم كانوا يقصدون كذا وكذا زورا وبهتانا ، اريد فقط ممن يهيمون عشقا بهذه الحضارة الكافرة ان يعطوني نقشا واحدا يقول مثل ما قالته عرب الجاهلية ماعبدناهم الا ليقربون الي الله زلفي او حتي قريبا من هذا المعني لن تجد . ولن تجد في اقوال حكماء الفراعنة مثل قول زيد بن عمرو بن نفيل(60) الذي عاش في الجاهلية :

أرب واحدا أم ألف رب ادين اذا تقسمت الامور
فلاعزي أدين ولاابنتيها ولاصنمي بني عمرو أزور
ولكن أعبد الرحمن ربا ليغفر ذنبي الرب الغفور (61)
هوامش
33- مثل الاله بتاح ،وأمين وزوجنه " موت" وخنسو ،وايزيس و اوزوريس. –انظر أسرار الديانات والآلهة ص 10
34- مثل تحوت وسخمت وباست وحورس وسبك وغيرهم .
35- الاثر الجليل ص 123.
36-
37- بدج كتاب الموتي ج1
38- فرانسوا دوما ص17
39- الاثر الجليل ص 124
40- والذي اجهد نفسه في جمع العديد من النصوص ولكنها لم تكن من تاريخ واحد ، للتدليل علي وان المصريين عرفوا الاله الواحد ،ولكنه لم يقل لنا هل كانت هذه الافكار هي السائد في المجتمع بداية من الملك الفرعون الي عامة الشعب ؟ولماذ البتر في النصوص التي جمعها . وبفرض ان هذه الاقوال تدل علي التوحيد ، فهناك مايماثلها في جميع حضارات العالم القديم وبالتالي لم تكن حصرية علي المصريين، وهي تدل علي ان الله سبحانه وتعالي ارسل رسله الي هولاء القوم ولكنهم كفروا وتكبروا وتناثرت اقوال الرسل في افواه بعض الناس ،ولكنها لم تكن القاعدة فالناس علي دين ملوكهم ،وملوكهم كانوا أئمة الكفر . واليك بعض ماجمعه بروكش " الاله واحد، وفقط. ولا شيء وجد معه، الاله الواحد ، الواحد الذي صنع كل شيء
-الاله روح-روح مخفية ، روح الارواح، الروح العظيمة للمصريين، الروح القدسية
الاله من البداية وهو كان من البداية ، هو وجد قديم، وجد عندما لم يكن وجود لشيء
هو كان عندما لاشي عنده، هو خلق بعد ان جاء ليكون هو ابو البدايات ، الاله الابدي الواحد
،هو الابدي اللانهائي هو ابدي للنهاية –الاله الخفي ، لا رجل يعرف شكله، لا يوجد رجل قادر
عن البحث عن تشابهه. هو مخفي عن الالهه، والرجال وهو لغز الي مخلوقاته،
لا يوجد رجل يعرف كيف يعرفه-اسمه يبقي خفي، اسمه لغز الي اطفاله،اسمائه
لاتحصي ولا تعد، ولا احد يعرف عددها ، الاله حقيقة ، هو يعيش علي الحقيقة ،
يتغذي علي ذلك. هو ملك الحقيقة ومؤسس الارض عقب ذلك-الاله حي ، وخلاله
فقط يحيا الرجل، واهب الحياة للرجل ، هو نفس، نفس الحياة من انوفه. –الاله يكون
اب وام وابو الاباء وام الامهات ، هو يلد ولم يولد ، منتج نفسه ، هو خالق لكنه لم يخلق
هو صانع شكله ومصمم ومبدع جسده. الاله نفسه هو موجود بلا زيادة او نقصان،هو
يضاعف نفسه ملايين الاوقات ، هو متنوع في الاشكال والاعضاء. الاله صنع الكون" الخ. انظر بروكش في كتابه " الدين والميثولوجيا ص96-99ز مع العلم ان هذه الصفات وصفوا بها كل آلهتهم سواء كانت آلهة محلية او أول رسمية للدولة
41- الاثر الجليل ص 125

42- فرانسوا دوما : حضارة مصر الفرعونية ،ترجمة ماهر جويجاتي 1998، ص13
43-- بغية الطالبيين ص53
44- حيث قال : " فلو تأملنا هيئة أبو الهول ذو جه الانسان وجسد الاسد لحكمنا بأن هذه الصورة التي لاوجود لها في المخلوقات انها موضوعة لرمز فقط ،ويضيف فاذا سأل سائل وكيف اتخذت العامة هذه التماثيل آلهةة ،قلنا ان الكهنة لتقدمهم صارت لهم سلطة كبيرة علي سكان مصر فخضعت لهم اكثرية العوام ،فغروهم وتغالوا في حب التماثيل حتي انهم اتخذوها اربابا من دون الله !!نفسه ص54،
45- واليس بدج :آلهة المصريين ص161
46- بدج الهة مصر مترجم ص143
47- نفسه ص144
48- بدج ص170
49- ص 178
50- ص125
51- ص126
52- ص123
53- ص129
54- ص131
55- ص132
56- ص124 بدج (( هامش الذي خلق الاله "نو" ذاتيا كان الاله الذي يجمع أسماء مجمع الآلهة العظيمة ،وطبقا لعبارة أخري نعرف أن الآلهة التي كانت في موكب رع كانت تمثل أطرافه وأن هذه الاطراف أصبحت أسماء رع ،وهذا النص يقدم الدليل المباشر علي ان الاله "نو" قد نقل كل صفاته لرع فاذا اخذنا في الاعتبار ما عرضناه من نصوص سابقة عن رع ، انه قد نقل ايضا صفاته الي آمون الذي كان في الاصل كان مجرد اله محلي لطيبة بدمجهما معا في آمون-رع وان هذه الطريقة كانت سائدة علي الاقل في عصر الاسرات فسيمكننا هكذا من انقاص عدد الآلهة المصرية بنسبة كبيرة عن طريق تجنب الآلهة الشمسية التي تحولت الي نسخ من رع ". صفات وخصائص الوحدانية التي أسبغت من البداية علي الله خالق السموات والارض ومابداخلهما تم نقلها الي الآلهة الشمسية التي كانت تعتبر رمزا مرئيا لله بأشكالها المختلفة ثم بعد ذلك وفي فترة لاحقة لايزوريس .هذه المرحلة من مراحل الفكر الديني التي يطلق عليها اسم " هينوثيزم" بمعني عبادة اله واحد دون انكار عدد آخر من الآلهه . والتي قدمها لنا ماكس موللر من خلال الفيدا فهو يقول " انها مرحلة تختلف عن التوحيد وتسبقه " ثم يضيف "عندما كانوا يبتهلون لهذه الآلهة الفردية لم يتصوروا انها آلهة محدودة بقدرات الآلهة الاخري سواء الاعلي أو الاقل منها مرتبة ،لقد كان كل متضرع يتصور أن الهه يحمل مجمل صفات الالهة الاخري وكان يشعر في ذات الوقت أنه الاله الحق العلي المطلق وكان مجمع الآلهة تورث خصائصها بكاملها لكل اله مفرد فتتواري عن أنظار العابدين وهي يبقي الا هو في المجمع". بالفعل لقد مرت الديانة المصرية وأثبتت النصوص الدينية مايؤكد مقولةص135 ماكس موللر بما اطلق عليه هينويثزم .ولكن أي هينويثزم انه نوع آخر عملي يختلف عن ذلك الذي يقدمه ماكس موللر أو هارتمان أو أسمان .بمعني عبادة اله واحد فوق كل الآلهة الاخري كاله قبلي أو رب قومي لشعب معين شبيه بالتوحيد هذا التوحيد العملي بالتأكيد يختلف عن التوحيد النظري ص136
57- ص144
58- ص145
59-ص وهم الحكيم " كاجيمني" ،تعاليم الملك " مري كاو رع ،"وتعاليم بتاح حتب، تعاليم " حرددف"، الحكيم ايبور ،وهولاء يمثلون الدولة القديمة ، أما الدولة الوسطي فنجد "نبوؤة نفروهر" و " أنشودة عازف القيثارة و وصايا "امنمحات لابنه سنوسرت و"تعاليم خيتي" وتعاليم سحتب –اب-رع ،اما الدولة الحديثة فنجد "بردية من عصر الرعامسة تمجد الكتابة والحكماء ، و وصايا " آني" ابنه. واخيرا الحكيم خع –خبر رع سنب
60- لاحناف دراسة في الفكر التوحيدي – فهو من قؤيش من بني عدي لم تعجبه غبادة قومه واعتزل الاصنام ونهي عن المؤدة وامتنع عن البح للانصاب وعن أكل الميتة والدم والذبح للاصنام . واجمعت الاراء علي انه لم يتهود او يتنصر . وقد روت اسماء بنت ابي بكر قالت : رايت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره الي الكعبة يقول : يامعشر قريش ما اصبح احد منكم علي دين ابراهيم غيري ثم يقول : اللهم اني لو اعلم احب الوجوه اليك لعبتدك به ولكني لااعلم ثم يسجد علي راحته ويصلي الي الكعبة ويقول : الهي اله ابراهيم وديني دين ابراهيم –ص35
61- الفكر الديني الجاهلي قبل الاسلام ص 212 د. محمد ابراهيم الفيومي