تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: بيان وضع حديث جرير " الإطعام والاجتماع عند أهل الميت من النياحة "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي بيان وضع حديث جرير " الإطعام والاجتماع عند أهل الميت من النياحة "

    بسم الله وبعد :
    فهذا الجزء الأخير من بحث في أدلة استحباب الإطعام والاجتماع عند أهل الميت : ...
    المسألة العاشرة: ذكر خبر جرير المعارض لكل الأحاديث السابقة وبيان وجهه وعلله:
    هذا وقد عارض أثر كل الأحاديث السابقة والكثيرة في مشروعية الاجتماع عند أهل الميت، واستحباب الإطعام عنه من ماله أو من طرف أهله أو آله أو غيرهم،
    عارض كل هذه الأحاديث خبرٌ واحد فقط وهو أثر موقوف يُروى عن جرير رضي الله عنه، مع اختلاف الرواة عليه فيه، فمرة يُنسَبُ الفعل للصحابة، وتارة يُنسب لفتوى جرير وحده، ومرة فيه النهي عن الإطعام وأخرى فيه النهي عن التعداد فقط، بالإضافة إلى اختلافات وعلل أخرى هذا بيانها :
    الأثر الأول : أثر جرير : مداره على إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير واختلف عنه :
    1/ فأما رواية هشيم فهي موضوعة، مدلسة عن الكذابين ولا أصل لها من حديث الثقات :
    . فقال ابن ماجة 1612 حدثنا محمد بن يحيى ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم ح وحدثنا شجاع بن مخلد أبو الفضل ثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي قال: "كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة"،
    هكذا رواه سعيد وأبو الفضل عن هشيم، وجعله ابن منيع بلفظ: "كانوا".
    . فقال الطبراني (ك 2/307): حدثنا عبدان بن أحمد ثنا أحمد بن منيع ثنا هشيم عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال: كانوا يرون أن اجتماع أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة"،
    وهذا إخبار عن الصحابة أو عن بعضهم في أنهم كانوا يرون عموم صنعة الطعام مكروهة مطلقا أيا كان صانع ذلك ، أهل الميت أو أقاربه أو جيرانه أو غيرهم، وهذا يُخالف كل الأحاديث السابقة ، وكل ما صح عن الصحابة على خلاف حديث جرير كما مضى ، وقد صححه جماعة من المتأخرين وهو وهْم شديد تتابعوا عليه .
    وقد تفرد بهذا اللفظ هشيم عن اسماعيل وهشيم مدلس كثير التدليس عن المجاهيل والمتهمين، باتفاق الحفاظ وشهرة ذلك بينهم ، ولم يُصرح بالتحديث ههنا ، ولا أراه إلا أخذه عن الكذابين ، ولا أصل له من السنة أبدا ، وهو موضوع .
    قال أبو داود في كما في مسائل الإمام أحمد (1867)": ذكرت لأحمد حديث هشيم عن إسماعيل ..., قال: "زعموا أنه سمعه من شريك، قال أحمد: وما أرى لهذا الحديث أصلا "،
    فتأمل قوله :" .. لهذا الحديث "، أي لا أصل لذاته بكل طرقه لوهائها ، ولم يقل " هذا طريق لا أصل له"
    وهذا يعني أنه لم يسمعه من شريك وهو لين ، بل سمعه من آخر متهم عن شريك ، ولذلك قال :" لا أصل له "، ولا تقال إلا عن المتهمين .
    ولا يُعتد أيضا بمتابعة خالد المدائني ولا نصر بن باب له، لأنهما متهمان بالكذب :
    . فأما رواية المدائني:
    فقال الدارقطني :" ورواه خالد بن القاسم المدائني عن هشيم عن شريك عن إسماعيل "، ومع ذلك لم يسمعه هشيم من شريك لأنه عنعن أيضا ، ولا أصل له .
    . وقد رواه نصر عن اسماعيل ، لكن زاد فيه تقييد الكراهة بما بعد الدفن فقط :
    2/ فقال أحمد في مسنده (2/204) ثنا نصر بن باب عن إسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعه الطعام بعد دفنه من النياحة "،
    ونصر هذا كذاب أو متهم بالكذب عند الأكثرين ، إلا الإمام أحمد فإنه رضي به ، ومع ذلك فالإمام أحمد مع روايته لهذه المتابعة عن نصر فهو لم يعتد بها، وقال بأن الخبر " لا أصل له "، ولم يذكر هذا الأثر في مسند جرير أصلا، بل ذكره في مسند عبد الله تبعًا .
    بينما رواه عباد بن العوام وهو ثقة عن اسماعيل بلفظ السؤال والنهي عن التعداد فقط ، ولم يذكر فيه النهي عن الإطعام، وهو الأصح لثقة كل رجاله مع اتصاله :
    3/ فقال الطبراني (2/207) 2278 حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا سعيد بن سليمان عن عباد بن العوام عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال قال جرير بن عبد الله: يعددون الميت أو قال أهل الميت بعدما يدفن؟ شك إسماعيل، قلت: نعم، قال: كنا نعدها النياحة "،
    ففي هذا الخبر أن جريرا هو الذي سأل قيس بن أبي حازم عن هذا العدد للميت وأنه هو النياحة، لا ذكر فيه للطعام أصلا ، وهذا أصح طريق وحديث في الباب .
    والمقصود بالتعداد هو المبالغة في تعداد مآثر الميت بما لا يستحق، وربما من عد الأيام ، كل يوم يفعلون فيه عادة معينة منذ الوفاة .. والله أعلم .
    الأثر الثاني : وورد هذا الأثر عن عمر وقيل عن جرير مما يزيد في اضطرابه :
    4/ فقد رواه سعيد بن منصور في سننه ولم أجد إسناده، وجعل فيه جريرا سأل عمر بن الخطاب عن هذا الفعل، ولفظ حديثه: أن جريرا وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هل يناح على ميتكم ؟ قال: لا، قال: فهل تتجمعون عند أهل الميت وتجعلون الطعام ؟ قال: نعم، قال: ذاك النوح"،
    وكأنه يرجع إلى الحديث التالي :
    قال أبو بكر في المصنف باب ما قالوا في الإطعام عليه والنياحة، حدثنا وكيع عن مالك بن مغول عن طلحة قال: قدم جرير على عمر فقال: هل يناح قبلكم على الميت؟ قال لا، قال: فهل تجتمع النساء عندكم على الميت ويطعم الطعام؟ قال نعم، فقال: تلك النياحة "،
    وهذا فيه أن عمر ومن كان معه كانوا يجتمعون ويطعمون، وأن جريرا زعم بأنه من النياحة ، وليس فيه ما يدعي المخالفون من أن عمرا رجع عن قوله، إذ لا يوجد ذلك في الخبر أصلا .
    على أنه خبر منكر، ومنقطع بل هو معضلٌ بيْن طلحة وعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمد بعيد .
    وورد عكس ذلك ، وأن الأثر من كلام عمر لا جرير، وهو معضل أيضا، ليس له مرَدّ إلا أنه مأخوذ عن الكذابين المضطربين كما قال الإمام أحمد : لا أصل له :
    5/ قال أسلم في تاريخه (126) ثنا عبد الحميد: نا يزيد بن هارون نا عمر أبو حفص الصيرفي وكان ثقة قال: ثنا سيار أبو الحكم قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت بعد ما يدفن من النياحة "، وهذا أكثر إعضالا من سابقه ، مع المخالفة .
    وبناءا على هذا فإما أن نسلك أحد المَسْلَكين :
    أولاهما : مسلك الترجيح : فنقدم وجوبا أحاديث الجواز الصحيحة والكثيرة، مع أثر طاوس في استحباب الإطعام مطلقا، مع عد الأيام، لأنها أصح وأقوى لعدة أمور :
    منها الكثرة وثقة الرجال، مع وجود الاتصال، وعدم الاختلاف فيها، لأنَّ كلَّ الأحاديث الكثيرة تؤيد أثر طاوس في استحباب الصحابة للإطعام عن الميت كما مضى، بالإضافة إلى الشواهد الكثيرة جدا في هذا الباب، العامة والخاصة، كلها تؤيد ذلك، بخلاف حديث جرير المنكر والمضطرب ، فإنه واحد مضطرب ، ثم ليس بصريح، مع الاختلاف عليه فيه :
    [ فأما الطريق الأولى ففيها هشيم وهو مدلس، ومعه نصر بن باب وهو متهم وقد زاد التقييد بما بعد الدفن، وأما الطريق الثالثة وما بعدها فهي معضلة ضعيفة، ومع ذلك فقد اختلفوا في الألفاظ ، فرواها بعضهم من فتوى جرير وحده، وجعله آخرون عن الصحابة أو بعضهم، وجعل بعضهم الحوار مع قيس، وجعله آخرون مع عمر بن الخطاب وغير ذلك من العلل التي توجب رد هذا الحديث، كيف وقد خالف الأحاديث الكثيرة في استحباب الإطعام كما مضى ]،
    ولم تبق إلا طريق عباد بن العوام عن اسماعيل، وهي صحيحة متصلة ليس فيها ذكرٌ للطعام أصلا، وإنما أفتى فيها جرير بكراهة التعداد عن الميت فقط،
    والثاني : مسلك الجمع : وعلى افتراض صحة اللفظ السابق ولم يصح ، فلا بد من أن نسلك مسلك الجمع على بُعْده وكوْنه مرجوحا فنقول:
    1/ إن الاجتماع وصنيعة الطعام المنهي عنهما هما ما وافق مجالس النياحة والصياح والغيبة، والجواز إذا لم يكن هنالك نياحة كما مضى من قول البخاري والأحاديث الصريحة في ذلك، وهو قول المالكية،
    وقال أشهب: وسئل مالك عن أهل الميت هل يبعث إليهم بالطعام ؟ فقال إني أكره المناحة، فإن كان هذا ليس منها فليبعث"، قال ابن رشد كما في البيان والتحصيل: وهذا كما قال، لأن إرسال الطعام إلى أهل الميت لاشتغالهم بميتهم إذا لم يكونوا اجتمعوا لمناحة من الفعل الحسن المرغب فيه المندوب إليه"،
    وفي الفواكه الدواني (1 / 332) قال:" وأما ما يصنعه أقارب الميت من الطعام وجمع الناس عليه فإن كان لقراءة قرآن ونحوها مما يرجى خيره للميت فلا بأس به، وأما لغير ذلك فيكره، ولا ينبغي لأحد الأكل منه إلا أن يكون الذي صنعه من الورثة بالغا رشيدا فلا حرج في الأكل منه، وأما لو كان الميت أوصى بفعله عند موته فإنه يكون في ثلثه ويجب تنفيذه عملا بفرضه".
    2/ أو قد يُقال بأن الاجتماع المذموم هو اجتماع النسوة مع بيتوتهن عند أهل الميت ، لأنه يكثر منهن الندب والصياح وإظهار الحزن والغيبة ، فإن ذلك هو النياحة التي نهى عنها جرير، والله أعلم.
    خرج عبد الرزاق (3/550) عن معمر عن ليث عن سعيد بن جبير قال: " ثلاث من عمل الجاهلية: النياحة، والطعام على الميت، وبيتوتة المرأة عند أهل الميت ليست منهم ". قال: ذكره الثوري عن هلال بن خباب عن أبي البختري .
    3/ وقد يُقال بأن الاجتماع وصنعة الطعام المنهي عنهما ما قصد بهما الرياء والسمعة والمفاخرة، والجواز إذا انتفى هذا القصد .
    4/ أو يقال بأن الاجتماع المذموم هو الذي يَسْتَدِيم فيه الْمُعَزِّي الْجُلُوسَ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى الحاجة فيحرجهم بذلك، وهو قول للحنابلة .
    5/ وقد يُقال بتقييد حديث جرير بالنهي عن صنعة الطعام بعد دفن الميت والجواز على ما قبل ذلك، كما مضى في رواية نصر بن باب لكنها لم تصح وهذا أيضا من أبعد الاحتمالات لمخالفته الأحاديث السابقة .
    6/ أو يُقال بأن النهي محمول على العقر وهو الذبح والإطعام عند القبر أو في المقبرة ، أو حمل الطعام إليها، مع تخصيص التعداد في ذلك كما في رواية جرير الصحيحة، فإن هذا هو المنهي عنه،
    يؤيد ذلك ما رُوي عن أنس :" لا عقر في اللإسلام "،
    قال في البزازية: يكره اتخاذ الطعام في اليوم الأول والثالث وبعد الأسبوع، ونقل الطعام إلى المقبرة في المواسم واتخاذ الدعوة بقراءة القرآن وجمع الصلحاء والقراء للختم أو لقراءة سورة الأنعام أو الإخلاص"، ومع ذلك فقد تعقبه البرهان الحلبي فقال:" ولا يخلو عن نظر لأنه لا دليل على الكراهة إلا حديث جرير المتقدم وهو ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة اهـ يعني وهو فعل الجاهلية"، وقد تقدم أنه موضوع مدلس عن الكذابين لا أصل له .
    7/ وحمله بعضهم على ما لو كانت صنعة الطعام من تركة الصغير، ففي استحسان الخانية:" وإن اتخذ ولي الميت طعاما للفقراء كان حسنا إلا أن يكون في الورثة صغير فلا يتخذ ذلك من التركة". ا هـ
    8/ وقيل أن خبر جرير محمول على التبذير والمغالاة ، أو على ما لو وصى الميت بالإطعام عنه بما زاد عن الثلث، فإن الوصية بذلك منهي عنها، وأما الوصية بالإطعام بما دون الثلث مما ليس فيه تبذيرا فلا بأس بذلك كما مر وبالله التوفيق.
    والحاصل أن الحديث موضوع ، ولا أصل له من حديث الثقات كما قال الإمام أحمد وأشار لذلك الدارقطني وبالله التوفيق .

    كتبه أبو عيسى الزياني

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    13,328

    افتراضي

    ما حكم اجتماع الناس في العزاء ؟
    السؤال :
    ما حكم جلوس أهل الميت واجتماعهم في مكان معين لاستقبال المعزين ؟

    تم النشر بتاريخ: 2014-01-14
    الجواب :
    الحمد لله
    المقصود من الاجتماع للتعزية : أن يجلس أهل الميت ويجتمعوا في مكان معين ، بحيث يقصدهم فيه من أراد العزاء ، سواء اجتمعوا في بيت أهل الميت ، أو في تلك السرادقات التي يقيمونها لهذا الشأن وغيره .
    وهذه المسألة من مسائل الخلاف المعتبر بين أهل العلم ، وللعلماء فيها اتجاهان :
    الاتجاه الأول :
    لا يرى الاجتماع لأجل العزاء ، وأن هذا الاجتماع مكروه ، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية ، وصرح بعضهم بالتحريم .
    وأقوى ما استدلوا به القائلون بالكراهة أمران :
    1- أثر جرير بن عبد الله قَالَ : ( كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ). رواه أحمد (6866) ، وابن ماجه (1612) .
    2- أن هذا الأمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ، فهو من المحدثات ، وفيه مخالفة لهدي السلف الصالح ، الذين لم يجلسوا ويجتمعوا للعزاء .
    قال الإمام الشافعي: " وَأَكْرَهُ الْمَأْتَمَ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ ، وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مَعَ مَا مَضَى فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ" .
    انتهى من "الأم" (1/318).
    قال النووي : " أَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ ، فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ ... قَالُوا : بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الجلوس لها ..." .
    انتهى من "المجموع شرح المهذب" (5/306).
    وقال المرداوي : "وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا ، هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ " ، انتهى من " الإنصاف" (2/ 565).
    وقال أبو بكر الطُرطوشي : " قال علماؤنَا المالكيون : التصدي للعزاء بدعةٌ ومكروه ، فأَما إن قعد في بيته أَو في المسجد محزوناً من غير أن يتصدى للعزاء ؛ فلا بأس به ، فإنه لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم نعيُّ جعفر ؛ جلس في المسجد محزوناً ، وعزاه الناس". انتهى من "الحوادث والبدع" (ص:170).
    وبهذا القول يفتي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول : " بالنسبة لأهل الميت لا يشرع لهم الاجتماع في البيت وتلقي المعزين ؛ لأن هذا عدَّه بعض السلف من النياحة ، وإنما يغلقون البيت ، ومَن صادفهم في السوق أو في المسجد عزَّاهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/ 103) .
    وأما الاتجاه الآخر :
    فلا يرى حرجاً من الاجتماع والجلوس للتعزية إذا خلا المجلس من المنكرات والبدع ، ومن تجديد الحزن وإدامته ، ومن تكلفة المؤنة على أهل الميت ، وهو قول بعض الحنفية وبعض المالكية وبعض الحنابلة ، ينظر : "البحر الرائق" (2/207) ، "مواهب الجليل" (2/230) .
    قال ابن نُجيم الحنفي : " وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ إلَيْهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْأَطْعِمَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ". انتهى من " البحر الرائق" (2/207).
    وهذا القول رواية عن الإمام أحمد ، نقلها حنبل والخلال .
    قال المرداوي : " وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ ، قَالَ الْخَلَّالُ : سَهَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ...، وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ [ ابن تيمية ] .
    وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَلِغَيْرِهِمْ ، خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ".
    انتهى من "الإنصاف" (2/565) .
    وقال ابن عبد البر في "الكافي" (1/283) : " وأرجو أن يكون أمر المتجالسة في ذلك خفيفاً " انتهى .
    واختار هذا القول من العلماء المعاصرين : الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى كما في "مجموع الفتاوى" (13/373) - ، وهو ترجيح الشيخ محمد المختار الشنقيطي في "سلسلة دروس شرح الزاد" .
    وأقوى ما استدل به القائلون بالجواز :
    1- حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا ، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَتْ : كُلْنَ مِنْهَا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ). رواه البخاري (5417) ، ومسلم (3216). [ التلبينة : هي حساء يعمل من دقيق ونخالة ، وربما جعل معه عسل ، وسميت به تشبيها باللبن ، لبياضها ورقتها].
    فهذا الحديث فيه الدلالة الواضحة على أنهم كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً ، سواء اجتماع أهل الميت ، أو اجتماع غيرهم معهم .
    2- وعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : " لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَنْ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ ، فَقِيلَ لِعُمَرَ: أَرْسِلْ إلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ ، لاَ يَبْلُغُك عَنْهُنَّ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ .
    فَقَالَ عُمَرُ : " وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُهْرِقْنَ مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ ، أَوْ لَقْلَقَةٌ ". رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 290) ، وعبد الرزاق الصنعاني (3/ 558) بسند صحيح.
    وَالنَّقْعُ: التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ ، وَاللَّقْلَقَةُ : الصَّوْتُ ، أي ما لم يرفعن أصواتهن أو يضعن التراب على رؤوسهن.
    وأجاب هؤلاء عن أثر جرير بن عبد الله بجوابين :
    الأول :
    أن الراجح فيه أنه ضعيف ، فقد أعله الإمام أحمد ، والدراقطني.
    فهذا الاثر رواه أحمد بن منيع في "مسنده" ، وابن ماجه في "السنن" (1612) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/307) من طريق هُشيم عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن جرير به .
    وهذا سند ظاهره الصحة ، فإن رواته أئمة حفاظ ثقات ، لذلك صححه جماعة من أهل العلم كالنووي في "المجموع" (5/320) ، وابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/241) ، والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/289) ، والشوكاني في "نيل الأوطار" (4/148) ، والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (11/126) ، والألباني في "أحكام الجنائز" (ص/210) ، وكذا محققو مسند أحمد (11/505) وغيرهم .
    غير أن في الحديث علة خفية بينها الحفاظ والنقاد ، هي تدليس هشيم بن بشير ، فإنه على ثقته كان كثير التدليس والإرسال ، وأحيانا عن الضعفاء والمجاهيل .
    يقول الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/249) : " لا نزاع في أنه كان من الحفاظ الثقات ، إلا أنه كثير التدليس ، فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم " انتهى.
    ولذلك أعل بعض الحفاظ المتقدمين حديث جرير هذا بتدليس هشيم فيه :
    قال أبو داود : " ذَكَرْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثَ هُشَيْمٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ جَرِيرٍ: " كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ".
    قال : زعموا أنه سمعه من شريك ، قَالَ أَحْمَدُ: وَمَا أُرَى لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلاً".
    انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص: 388).
    وجاء في "العلل" (13/462) للدارقطني ما يشعر باحتمال تدليس هشيم له .
    فإن كان المدلَّس هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي فهي رواية ضعيفة ، فإنه ضعيف الحديث عند عامة المحدثين ، ومثله لا يقبل تفرده بحديث ينبني عليه حكم شرعي بالتحليل أو التحريم .
    نعم، تابعه نصر بن باب كما في مسند أحمد (6905) غير أن نصراً هذا جاء في ترجمته في "تعجيل المنفعة" (ص/420) : " قال البخاري : يرمونه بالكذب ، وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء ، وقال علي بن المديني : رميتُ حديثه ، وقال أبو حاتم الرازي : متروك الحديث ، وقال أبو خيثمة زهير بن حرب : كذاب ". انتهى.
    فلا تقوى متابعته على تحسين رواية شريك ، بل هناك احتمال قوي بأن المدلَّس في رواية هشيم هو نصر بن باب نفسه وليس شريكاً .
    والخلاصة : أن قول جرير بن عبد الله البجلي لم يثبت من طريق صحيح ، والرواية المشهورة معلة بالتدليس ، وللاستزادة ينظر كتاب : " التجلية لحكم الجلوس للتعزية" للشيخ ظافر آل جبعان صـ 27 .
    الثاني :
    على القول بصحته فالمقصود منه : الاجتماع الذي يكون فيه صنعٌ للطعام من أهل الميت لإكرام من يأتيهم ومن يجتمع عندهم .
    ولذلك نص في الأثر على الأمرين : ( كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ) ، فاجتماع هذين الوصفين معاً ، هو الذي يعد من النياحة .
    قال الشوكاني:‏ ‏"‏ يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَأَكْلَ الطَّعَامِ عَنْدَهُمْ نَوْعًا مِنْ النِّيَاحَةِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّثْقِيلِ عَلَيْهِمْ وَشَغْلِهِمْ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ شُغْلَةِ الْخَاطِرِ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُخَالِفَةِ السُّنَّةِ ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِأَنْ يَصْنَعُوا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا فَخَالَفُوا ذَلِكَ وَكَلَّفُوهُمْ صَنْعَةَ الطَّعَامِ لِغَيْرِهِمْ ".
    انتهى من " نيل الأوطار" (4/ 118) .
    وقال الشيخ ابن باز : " المقصود أن كونهم يجمعونهم ليقرؤوا ويأكلوا هذا لا أصل له، بل هي من البدع ، أما لو زارهم إنسان يسلم عليهم ، ويدعو لهم ويعزيهم ، وقرأ في المجلس قراءة عارضة ليست مقصودة ، لأنهم مجتمعون فقرأ آية أو آيات لفائدة الجميع ونصيحة الجميع فلا بأس ، أما أن أهل الميت يجمعون الناس أو يجمعون جماعة معنية ليقرؤوا أو يطعموهم أو يعطوهم فلوساً ، فهذا بدعة لا أصل له".
    انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (14/ 202).
    وأما القول بأن الاجتماع للعزاء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهو من البدع المحدثة .
    فيجاب عنه :
    بأن الاجتماع للعزاء من العادات ، وليس من العبادات ، والبدع لا تكون في العادات ، بل الأصل في العادات : الإباحة .
    ثم إن التعزية أمر مقصود شرعاً ، ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا باستقبال المعزين ، والجلوس لذلك ، فإن ذلك مما يعينهم على أداء السنة .
    وقد سئل الشيخ ابن باز عن استقبال المعزين والجلوس للتعزية ، فقال : " لا أعلم بأساً فيمن نزلت به مصيبة بموت قريب ، أو زوجة ، ونحو ذلك ، أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب ؛ لأن التعزية سنة ، واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة ؛ وإذا أكرمهم بالقهوة ، أو الشاي ، أو الطيب ، فكل ذلك حسن " انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (13/373).
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ : " والذي رأيناه من علمائنا في هذا البلد وفي غيره حتى علماء الدعوة من قبل أنهم كانوا يجلسون ؛ لأنه لا تكون المصلحة إلا بذلك ، إذا فات ذلك فاتت سنة التعزية ". انتهى من موقعه على النت: http://saleh.af.org.sa/node/42 .
    وحتى على القول بالكراهة ، فإن الكراهة تزول عند وجود الحاجة كما هو معلوم عند العلماء ، ولا شك أن الجلوس للتعزية تشتد لها الحاجة في هذا الزمن لما فيها من تيسير على المعزين ورفع للحرج عنهم .
    فقد يكون أبناء الميت وأقاربه في أصقاع مختلفة أو في نواح متباعدة داخل المدينة الواحدة مما يصعب فيه على من أراد التعزية التنقل بينهم .
    وقد علل بهذا التعليل الشيخ عبد العزيز بن باز حينما سئل عن حكم الجلوس للتعزية، فأجاب بالجواز قائلاً : " إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فلا حرج إن شاء الله حتى لا يتعبوا الناس ، لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة " .
    انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/382).
    وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي : " كان السلف يمنعون ذلك ، وكان الإمام مالك رحمة الله عليه يشدد في ذلك كثيراً ويمنع منه ، وعلى ذلك درج فعل السلف ، لكن أفتى المتأخرون من العلماء والفقهاء أنه لا حرج في هذه العصور المتأخرة .
    والسبب في ذلك : أن العصور المتقدمة كان الناس قليلين ، ويمكنك أن ترى آل الميت في المسجد ، وأن تراهم في الطريق ، وأن تراهم في السابلة وتعزي ، وكان الأمر رِفقاً ، بل قل أن يموت ميت إلا وعلم أهل القرية كلهم وشهدوا دفنه ، فكان العزاء يسيراً .
    لكن في هذه الأزمنة اتسع العمران ، وصعُب عليك أن تذهب لكل قريب في بيته ، ويحصل بذلك من المشقة ما الله به عليم ، وفيه عناء ؛ لذلك لو اجتمعوا في بيت قريبٍ منهم كان أرفق بالناس وأرفق بهم ، وأدعى لحصول المقصود من تعزية الجميع والجبر بخواطر الجميع ؛ ولذلك أفتوا بأنه لا حرج -في هذه الحالة- من جلوسهم ، ولا يعتبر هذا من النياحة ، بل إنه مشروع لوجود الحاجة له ".
    انتهى من "سلسلة دروس شرح الزاد" (86/ 16، بترقيم الشاملة آليا) .
    وكثير من العلماء إنما أنكر الاجتماع لما يحدث فيه غالباً من البدع والمنكرات ، وأما مع الخلو من ذلك ، فلا حرج فيه .
    قال شمس الدين المنبجي الحنبلي : " إن كان الاجتماع فيه موعظة للمعزَّى بالصبر والرضا وحصل له من الهيئة الاجتماعية تسلية بتذاكرهم آيات الصبر ، وأحاديث الصبر والرضا ، فلا بأس بالاجتماع على هذه الصفة ، فإن التعزية سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن على غير الصفة التي تفعل في زماننا من الجلوس على الهيئة المعروفة اليوم ، لقراءة القرآن ، تارةً عند القبر في الغالب ، وتارةً في بيت الميت ، وتارة في المجامع الكبار ، فهذا بدعة محدثة ، كرهها السلف ".
    انتهى من " تسلية أهل المصائب " (ص: 121) .
    والخلاصة : أن مسألة الجلوس الخالي من المنكر وتهييج الأحزان مسألة دار فيها الخلاف ، وهي محل نظر، والأمر فيها واسع ، وأما مع وجود المنكرات والبدع فممنوعة .
    وأما مع الخلو منها ، فأدلة القول الثاني – وهو القول بالجواز – أصح إسناداً ، وأظهر دلالةً ، وأما أدلة المنع فهي آثار ضعيفة ، ليس منها شيء صريح الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن دلالتها محتملة ، إذ يبدو أن المنع فيها ليس عن الجلوس للتعزية المجردة ، بل عن تكلف أهل الميت للناس بصنع الطعام وقد جاءهم ما يشغلهم بالمصيبة .
    ثم لا يخفى أن القول بالجواز هو الأقرب إلى اليسر ورفع الحرج ، وخاصة مع اختلاف الزمان وتنوع مشاغل الناس ، مما اضطرهم إلى اتخاذ بعض الأعراف التي تساعدهم على تنظيم أمور حياتهم ، ومنها اجتماع أهل الميت لتلقي مواساة الناس وتعزيتهم في بداية هذه المصيبة ، فلا يضطر المعزون إلى التفتيش عن أهل المتوفى واحدا واحدا في أماكن عملهم أو مساجدهم أو حتى بيوتهم ، ولا يلجؤون إلى ترك أعمالهم أياما كثيرة لإدراك ذلك مع بعد المسافات واختلاف الظروف والأوقات .
    فلو لم يكن في القول بالجواز إلا رفع المشقة والحرج عن الناس لكان كافياً في ترجيحه ، فكيف وقد عضدته الأدلة الصريحة الصحيحة !
    والله أعلم .

    موقع الإسلام سؤال وجواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •