21-06-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
والحقيقة التي لا تخطئها بصيرة العاقل أن الإرهاب والعدوانية سمتان لازمتان لكل من أمريكا وإيران - حين يتعلق الأمر بأهل السنة - بقطع عن النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه رجل البيت الأبيض, أو كون الرئيس في إيران من الإصلاحيين أو المحافظين, فعداء الدولتين للمسلمين من أهل السنة بات اليوم مفضوحا ومكشوفا.


كان للمصطلحات السياسية والدينية أثر كبير على خداع الناس وإيهامهم بأمور هي في الحقيقة بخلاف الواقع تماما, فقد أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مصطلح "محور الشر" لأول مره على لسان بوش الابن في العام 2002 م, لتشير به إلى بعض الدول التي تزعم معاداتها لأنها تدعم "الإرهاب", بينما الحقيقة أنها وتلك الدول هي من يقود الإرهاب ويصنعه ويصدره إلى دول المنطقة, وعلى رأسها الدول الإسلامية السنية.
وفي المقابل فقد أطلقت إيران بعد قيام دولتها الدينية الشيعية الرافضية في إيران مصطلح "الشيطان الأكبر" على أمريكا, تدغدغ من خلاله مشاعر المسلمين الغاضبين من سياسات وتصرفات أمريكا العدوانية ضد المسلمين – وقد نجحت في ذلك خلال عقود مضت حتى غزو العراق وانطلاق الثورة السورية - وتخفي من خلاله عداءها الحقيقي لأهل السنة والجماعة.
والحقيقة التي لا تخطئها بصيرة العاقل أن الإرهاب والعدوانية سمتان لازمتان لكل من أمريكا وإيران - حين يتعلق الأمر بأهل السنة - بقطع عن النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه رجل البيت الأبيض, أو كون الرئيس في إيران من الإصلاحيين أو المحافظين, فعداء الدولتين للمسلمين من أهل السنة بات اليوم مفضوحا ومكشوفا.
إن الناظر لما تفعله الولايات المتحدة اليوم، وما تنوي فعله للقضاء على الثورة العراقية التي تعم بلاد الرافدين, ليثير في النفس العجب العجاب, من ذلك التناقض البين بين المصطلحات والشعارات الجوفاء التي ترفعها, وبين الأفعال التي تمارسها على أرض الواقع.
فها هي الإدارة الأمريكية اليوم تتعاون مع الدول التي كانت تنعتها "محور الشر"، ضد ثوار العشائر وأهل السنة في العراق، ممن اكتووا بنار طائفية المالكي وممارساته الإقصائية منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق, دون أن تتحرك أمريكا لإنصافهم ولو بشق كلمة, وقد حاولوا من خلال مظاهراتهم السلمية خلال عام كامل رد الأمور إلى نصابها دون جدوى, فلم يجدوا بدا من أن ينتفضوا ضد من يسلبهم حقوقهم.
وفي مقابل التناقض الأمريكي بين شعاراته وممارساته, يأتي التناقض الإيراني الشيعي، فقد رحبت طهران بالانفتاح الأمريكي للتعاون معها في سبيل القضاء على من تسميهم "المسلحين"، متناسية شعار "الشيطان الأكبر"، ليجتمع بذلك الشر والشيطان معا لمحاربة الثورة العراقية السنية.
الطريف في الأمر هو تطابق وجهة النظر الأمريكية والإيرانية في إطلاق مصطلح "الإرهاب" على جهة واحدة, بعد أن كان كل واحد منهما يحصر "الإرهاب" في الآخر دون سواه, فالإعلام الأمريكي "الشيطان الأكبر", والإيراني والسوري "محور الشر", يصور ثوار العراق على أنهم "إرهابيين", ويحاول اختزال المشهد العراقي الثائر, بما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".
لم تعلق أمريكا أو تصف فتوى السيستاني – وغيره التي تحرض على العنف والقتال الطائفي - بأنها فتوى طائفية أو "إرهابية", وإنما تطلق وصف المسلحين والإرهابيين على ثوار العشائر من أهل السنة دون أي تردد!!
إن المتابع لردود فعل الولايات المتحدة الأمريكية الهادئ والبارد لما يجري في سورية, رغم ارتقاء ما يقارب نصف مليون شهيد، بينهم الآلاف من الأطفال الذين قتلوا بدم بارد بالسلاح الكيماوي, على أيدي قوات بشار والميلشيات الشيعية, ناهيك عن الدمار الواسع في البلاد, وتهجير حوالي نصف سكان سورية, وبين ردة فعلها الحالية لما يحدث في العراق, يدرك تماما حجم العداء الأمريكي الشيعي لأهل السنة.
لم تسمح أمريكا رغم كل ما حصل في سورية بتسليح الثوار هناك، كما أنها لم تهدد بضرب قوات بشار وشبيحته بطائرات دون طيار، ولم تعرض التعاون الفعلي الجاد مع أي دولة في المنطقة لحماية الشعب السوري من هذا الإجرام, بينما هي منشغلة اليوم وبشكل فعلي وجاد بما يحدث في العراق, وقد سلحت المالكي من قبل للقضاء على الثوار, كما تحركت أساطيلها البحرية إلى مياه الخليج العربي مؤخرا، لإيقاف زخم الثورة العراقية.
إن النتيجة النهائية التي يمكن استخلاصها مما يحدث في العراق اليوم, أن "الشيطان الأكبر" و "محور الشر" ليسا خصمان أو عدوان على الإطلاق, وأن من لا يزال يصدق تلك المصطلحات والشعارات الجوفاء فهو "واهم", فأمريكا وإيران صديقان حميمان, وعدوهما المشترك في الحقيقة هم أهل السنة في المنطقة.