مشهد من مشاهد يوم القيامة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ،والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى :"هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور"وفي هذه الآية الكريمة عدة أمور:
1- يختلف المفسرون والقرأة حول هذه الآية فمنهم من يعطف الملائكة على لفظ الجلالة ومنهم من يعطف الملائكة على الغمام ،والذي يبدو لي أن الملائكة معطوفون على لفظ الجلالة لأن الله تعالى لا يقدم الغمام على الملائكة وهم متقدمون على الغمام بالأهمية والفضل والشرف ،وهذا أجود كما يقول الأخفش، ومما يدل على عطف الملائكة على لفظ الجلالة قوله تعالى:"وجاء ربك والملك صفا صفا "والقرآن الكريم يفسر بعضه بعضا .
2- تم الفصل بين المتعاطفين بواسطة شبه الجملة بحسب الاحتياج المعنوي إليها لأنها أهم للفعل، والذي يأتي أولا هو الله تعالى يتبعه الملائكة ولو كان مجيئهم معا لقال تعالى :يأتيهم الله والملائكة ،ولكن تأخير المعطوف يعني تأخرهم في المنزلة والمكانة بالنسبة لفعل المجيء، والمتقدم في المنزلة والمكانة المعنوية متقدم في الموقع والمتأخر في المنزلة والمكانة المعنوية متأخر في الموقع كذلك ، وقد تقدمت شبه الجملة لأنها مبنية على الفعل أما المعطوف فمبني على المعطوف عليه والفعل أسبق من المعطوف عليه ،فأخذ الفعل ما يحتاجه ثم جاء دور المعطوف عليه.
3- المتكلم يربط بين المعاني وإن تباعدت كما هو الحال بربط المعطوف مع المعطوف عليه برابط الاحتياج المعنوي رغم الفاصل .