سُئِلَ شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية عَنْ :
" إحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ " و " قُوتِ الْقُلُوبِ "
فَأَجَابَ :
أَمَّا ( كِتَابُ قُوتِ الْقُلُوبِ ) و ( كِتَابُ الْإِحْيَاءِ ) تَبَعٌ لَهُ فِيمَا يَذْكُرُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ : مِثْلَ الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ وَالْحُبِّ وَالتَّوَكُّلِ وَالتَّوْحِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَأَبُو طَالِبٍ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ ، وَالْأَثَرِ وَكَلَامِ أَهْلِ عُلُومِ الْقُلُوبِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَكَلَامُهُ أَسَدُّ وَأَجْوَدُ تَحْقِيقًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْبِدْعَةِ مَعَ أَنَّ فِي " قُوتِ الْقُلُوبِ " أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً وَمَوْضُوعَةً وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةً مَرْدُودَةً . وَأَمَّا مَا فِي ( الْإِحْيَاءِ ) مِنْ الْكَلَامِ فِي " الْمُهْلِكَاتِ " مِثْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالرِّيَاءِ وَالْحَسَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَغَالِبُهُ مَنْقُولٌ مِنْ كَلَامِ الْحَارِثِ الْمُحَاسَبِيِّ فِي الرِّعَايَةِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَقْبُولٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَرْدُودٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَنَازَعٌ فِيهِ . و " الْإِحْيَاءُ " فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ؛ لَكِنْ فِيهِ مَوَادُّ مَذْمُومَةٌ فَإِنَّهُ فِيهِ مَوَادُّ فَاسِدَةٌ مِنْ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ تَتَعَلَّقُ بِالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ فَإِذَا ذَكَرَ مَعَارِفَ الصُّوفِيَّةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ عَدُوًّا لِلْمُسْلِمِينَ أَلْبَسَهُ ثِيَابَ الْمُسْلِمِينَ . وَقَدْ أَنْكَرَ أَئِمَّةُ الدِّينِ عَلَى " أَبِي حَامِدٍ " هَذَا فِي كُتُبِهِ . وَقَالُوا : مَرَّضَهُ " الشِّفَاءُ " يَعْنِي شِفَاءَ ابْنِ سِينَا فِي الْفَلْسَفَةِ . وَفِيهِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ ضَعِيفَةٌ ؛ بَلْ مَوْضُوعَةٌ كَثِيرَةٌ . وَفِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ أَغَالِيطِ الصُّوفِيَّةِ وَتُرَّهَاتِهِم ْ . وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ الْعَارِفِينَ الْمُسْتَقِيمِي نَ فِي أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْأَدَبِ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا يَرِدُ مِنْهُ فَلِهَذَا اخْتَلَفَ فِيهِ اجْتِهَادُ النَّاسِ وَتَنَازَعُوا فِيهِ .