عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْةُ سَيِّئًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ([1]).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله:
((وَأَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفَارُوقُ، ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمُرْتَضَى رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، عَابِدِينَ ثَابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ وَمَعَ الْحَقِّ، نَتَوَلَّاهُمْ جَمِيعًا، وَلَا نَذْكُرُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ إِلَّا بِخَيْرٍ([2])))ا ه.
وَقَالَ أَيْضًا رحمه الله:
((وَلَا تَتَبَرَّأْ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا تُوَالِي أَحَدًا دُونَ أَحَدٍ، وَأَنْ تَرُدَّ أَمْرَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ إِلَى اللهِ تَعَالَى([3])))ا ه.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ – أَيَضًا – رحمه الله:
((مَقَامُ أَحَدِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً وَاحِدَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِنَا جَمِيعَ عُمُرِهِ وَإِنْ طَالَ([4])))ا ه.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رحمه الله:
((مَنْ يُبْغِضُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ عَلَيْهِمْ غِلٌّ، فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الْحَشْر: 7 - 10] الآيَةَ.
وَذُكِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ يَنْتَقِصُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ مَالِكٌ هَذِهِ الآيَةَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الْفَتْح: 29]، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ أَصَابَتْهُ الآيَةُ([5])))ا ه.
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
((وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَسَبَقَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُمْ، فَرَحِمَهُمْ اللَّهُ وَهَنَّأَهُمْ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِبُلُوغِ أَعْلَى مَنَازِلِ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، أَدَّوْا إلَيْنَا سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَاهَدُوهُ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَعَلِمُوا مَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامًّا وَخَاصًّا وَعَزْمًا وَإِرْشَادًا، وَعَرَفُوا مِنْ سُنَّتِهِ مَا عَرَفْنَا وَجَهْلِنَا، وَهُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ وَاجْتِهَادٍ وَوَرَعٍ وَعَقْلٍ وَأَمْرٍ اُسْتُدْرِكَ بِهِ عِلْمٌ وَاسْتُنْبِطَ بِهِ، وَآرَاؤُهُمْ لَنَا أَحْمَدُ، وَأَوْلَى بِنَا مِنْ رَأْيِنَا عِنْدَ أَنْفُسِنَا([6])))ا ه.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله:
((أَفْضَلُ النَّاسِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ؛ كُلُّ مَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً وَرَآهُ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ لَهُ مِنَ الصُّحْبَةِ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ، وَكَانَتْ سَابِقَتُهُ مَعَهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَنَظَرَ إِلَيْهِ نَظْرَةً؛ فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي لَمْ يَرَوْهُ؛ وَلَوْ لَقَوُا اللهَ بِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ؛ كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِين صَحِبُوا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَوْهُ وَسَمِعُوا مِنْهُ، وَمَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَآمَنَ بِهِ وَلَوْ سَاعَةً، أَفْضَلُ – لِصُحْبَتِهِ - مِنَ التَّابِعِينَ وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الْخَيْرِ([7])))ا ه.
[1])) أخرجه أحمد (3600)، وغيره بإسناد حسن.
[2])) ((الفقه الأكبر)) (43).
[3])) السابق (80).
[4])) ((مناقب أبي حنيفة)) للمكي (76).
[5])) ((شرح السنة)) للبغوي (1/ 229).
[6])) ((إعلام الموقعين)) (1/ 63).
[7])) ((أصول السنة)) (40).