التفويض العام

57 ـ روى البخاري في الأدب المفرد عَنْ أَبِي الضُّحَى ، قَالَ : " اجْتَمَعَ مَسْرُوقٌ وَشُتَيْرُ بْنُ شَكَلٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَتَقَوَّضَ إِلَيْهِمَا حَلَقُ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ : لا أَرَى هَؤُلاءِ يَجْتَمِعُونَ إِلَيْنَا إِلا لِيَسْتَمِعُوا مِنَّا خَيْرًا ، فَإِمَّا أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَأُصَدِّقَكَ أَنَا ، وَإِمَّا أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَتُصَدِّقَنِي ؟ ، فَقَالَ : حَدِّثْ يَا أَبَا عَائِشَةَ ، ....قَالَ : فَهَلْ قَالَ : فَهَلْ سَمِعْتَ عَبْدَ اللَّهِ ، يَقُولُ : " مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدَّ تَفْوِيضًا ، مِنْ قَوْلِهِ : " يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ سورة الزمر آية 53 ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَأَنَا سَمِعْتُهُ " .

قوله: (مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدَّ تَفْوِيضًا ، مِنْ قَوْلِهِ : " يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ سورة الزمر آية 53 ؟) ... تفويضا أي : ردا إلى الله تعالى وجعله حاكما في المغفرة للذنوب كلها ... فوضناك يا ربنا في مغفرة ذنوبنا كلها فاغفرها لنا فأنت قلت وقولك الحق: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

قال تعالى ـ حكاية عن تفويض موسى ـ : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِىٓ إِلَى ٱللَّهِ ۚ).
قال السعدي: أي: ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم أو من غيركم.