أسئلة وجهت للشيخ من محاضرة كن داعيا
س/ هل يجب على الشاب الملتزم أن يترك طلب العلم من أجل حفظ القرآن الكريم؟
ج/ أولا حفظ القرآن من الأعمال الصالحة والقربات العظيمة؛ لأن قارئ القرآن له بكل حرف يقرؤه عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وكثرة القراءة تتهيأ مع الحفظ، ولذلك هو عمل صالح عظيم، وعبادة كبيرة لله جل جلاله فأحث نفسي والجميع أن نستزيد من القرآن تلاوة وحفظا وتدارسا، فهو النور الهدى وهو حجة الله على الأولين والآخرين.
أما مسألة طلب العلم والحفظ، فحفظ القرآن مستحب وطلب العلم نوعان: منه واجب، ومنه مستحب.
فأما العلم الواجب الذي لا يصح العمل إلا به، فإن هذا مقدّم على المستحب، فيقدم العلم الواجب على الأمور المستحبّة أو العلم الواجب تارة يكون في العقيدة تارة يكون في العبادات، تارة يكون في المعاملات بحسب حاله، عامة المسلمين لابد أن يتعلموا العلم الواجب في تصحيح قلوبهم وتوحيدهم لله جل وعلا حتى تكون شهادتهم بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله على علم، ?إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ?[الزخرف:86]، ?فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ?[محمد:19].
العبادات الصلاة الزكاة لابد فيها أيضا من العلم حتى يصلي على بينة وعلى علم، حتى يزكي على بينة، يصوم على بينة وهكذا.
كذلك إذا كان من أصحاب البيع والشراء لابد أن يتعلم بعض الأحكام الضرورية المتعلقة بذلك.
فإذن إذا كان العلم مما لا يجوز تركه أو لا يسعه جهله لطلبه من المكلّف، فإن هذا يقدم على جميع النوافل باتفاق العلماء.
وأما إذا كان العلم زائدا على ذلك -مستحبّا- فهل يقدم على حفظ القرآن أم لا؟
العلماء اختلفوا في ذلك:
فمنهم من قال يقدم حفظ القرآن.
ومنهم من قال يقدم العلم؛ لأن تعلم العلم أثره متعد وحفظ القرآن أثره من جهة العبادة غير متعد، فنقدم العبادة المتعدية على العبادة اللازمة.
والصحيح في ذلك هو التفصيل وهو أن الناس يختلفون:
فمنهم من يكون عنده ملكة في الحفظ قوية وعنده رغبة جازمة في العلم فهذا يوجه لحفظ القرآن ومعه أو بعده يتعلم.
وأما من كان لا يمكنه إلا أن يتعلم وليس عنده استعداد للحفظ ولو حفظ فإنه سيمضي سنوات طويلة يَمضي فيها فهمه وفترة شبابه ونحو ذلك وهو يحفظ.
أنا أعرف من مكث يحفظ ولم يثبت القرآن اثنا عشرة سنة وأربعة عشرة سنة لأجل ضعف الاستعداد وعدم القدرة على الحفظ، فهذا في حقه يكون تعلّم العلم والحضور عند العلماء أولى.
فإذن المسألة الصواب فيها التفصيل في الحال الثانية.