بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب
صناعة الفتوى وفقه الأقليات
لمعالي الشيخ
وزير العدل بجمهورية موريتانيا سابقًا
وعضو مجمع الفقه الإسلامي
وكتابه هذا من اهم الكتب التي تعالج موضوعا في غاية الاهمية والحساسية في كل العصور وفي زمننا الحاضر خصوصا الا وهي مسالة الفتوى .
قال الشيخ في مقدمة الكتاب ص 5-7 (ط. دار المنهاج)
"الْحَمْدُ لله عَلاَّمِ الْغُيُوبِ ، غَفَّارِ الذُّنُوبِ ، وَمُفَرِّجِ الْكُرُوبِ ، وَالْهَادِي مِنْ الضَّلاَلَةِ ، الَّذِي أَفَتى خَلْقَه عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَقَالَ :" يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ". وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ الأكمَلانِ الأَتَمَّانِ عَلَى مَنْ أَدَّى الأَمَانَةَ ، وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ الْكَاشِفِ لِظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالْجَهَالَةِ ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ نَبَارِيسَ الدُّجُنَّاتِ ، وَقَوَامِيسِ الْعُلُومِ الزّاخِرَاتِ ، وَمَفَاتِيحِ غَوَامِضِ الْمُشْكِلَاتِ .
وَبَعْد : فَإِنَّ دَرَجَةَ الإِفْتاءِ فِي سُلَّمِ الشَّرِيعَةِ مُنِيفَةٌ ، وَمَرْتَبَةَ صَاحِبِه مُرَتَبَةٌ شَرِيفَةٌ ، وَلِهَذَا كَانَ فَنُّ النَّوَازِلِ والفَتَاوَى مِنْ الْفُنُونِ الأَصيلَةِ فِي الْفِقْهِ الإِسْلاميِّ ، وَالَّتِي اشْتَهَرَتْ إِلَى جَانِبِ النُّصُوصِ وَالشُّرُوحِ والتعْلِيقاتِ .
وَلَكُلِّ زَمانٍ نَوَازِلُهُ وَفَتَاوِيه ، تَنَوَّعَتْ بِتَنَوُّعِ الْحوادِثِ وَالْوَقَائِعِ ، وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ اِجْتِهَادَاتِ المُجْتَهدِينَ ، وَاِخْتِلاَفِ أَهِلِ الصَّنَائِعِ .
وَمَا أَحَوْجَنَا فِي هَذَا الأوانِ لِضَبْطِ الْفَتَاوَى ، الَّتِي تَراوَحَتْ بَيْنَ شَدَّةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ، وَسُهولَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا ، فَاسْتَحَالَتْ السُّهُولَةُ إِلَى تَسَاهُلٍ ، وَالشِّدَّةُ إِلَى غُلُوٍّ وَتَنَطُّعٍ .
وَإِنَّمَا ذَلِكَ نضاشِيءٌ عَنْ عَدَمِ الإِلمْامِ بأُصُولِ الْفَتْوَى عِنْدَ الأَوائِلِ مِنْ مُجْتَهِدينَ وَمُقَلِّدِيْنَ ، فَاِنْتَحَلَ صِفَةَ المُجْتَهِدِ مَنْ نَزَلَ عَنْ دَرَجَةِ الْمُقَلِّدِ الْبَصيرِ ، واسْتَنْسَرَ البُغَاثُ واسْتَبْحَرَ الْغَدِيرُ .
وَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهَمِّ نَوَازِلِ الْفِقْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِقْهِ الأَقَلِّياتِ ، لِمَسِيسِ الْحاجَةِ إِلَيهِ، أَقْدَمْنَا عَلَى تَألِيفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَسُدَّ ثُغْرَةً فِي الْمَكْتَبَةِ
الْفِقْهِيَّةِ ، حَيْثُ إِنَّ أَوْضَاعَ الأَقَلِّياتِ الْمُسْلِمَةِ تَقْتَضِي فَتَاوَى مُعَاصَرَةً ، تُجِيبُ عَلَى أسْئِلَةِ الزَّمانِ وَالْمَكَانِ ، وَالَّتِي لَيْسَتْ بِالضَّرُورَةِ عَيْنَ النَّوَازِلِ الَّتِي أَفْتى فِيهَا الأَوَائِلُ ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكُونُ لَهَا بِهَا وَشِيجَةُ قُرْبَى وصِلَةُ نَسَبٍ ، يُدْرِكُهَا الْبَصيرُ الَّذِي مَارِسَ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ حَتَّى اتْلأَبَّتْ (استقامت) لَهُ السُّبُلُ ، وَاسْتَبَانَ لَهُ الْمِيْسَمُ ، فَأَلْحَقَ الْفُرُوعَ بالأُصُولِ ، وَسَلَكَ طَرِيقَ الاسْتِنْبَاطِ لِلْمُوَازَنَةِ بَيْنَ المَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ .
إِنَّ أَهَمِّيَّةَ الْمَوْضُوعِ وَتَشَعُّبَه يُبَرِّرُ تَقْديمُ الدِّراسَةِ تِلْوَ الدِّراسَةِ ، وَالْبَحْثَ تِلْوَ الآخَرِ ، لإيضاحِ كَيْفِيَّةِ التَّعَاطِي مَعَ النَّوَازِلِ وَالْقَضَايَا الْمُتَجَدِّدَة ِ ، بواسطَةِ تأصِيلِ عِلْمِ الْفَتَاوَى عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فِي مُخْتَلَفِ عُصُورِها ، وَكَيْفَ تَعَامَلُوا مَعَ النُّصُوصِ ، وَتَجَشَّمُوا الْفَتْوَى فِي غَيْبَةِ النَّصِّ ، أَوْ غُمُوضِ الدَّلالَةِ .
وَلَمَّا كَانَ أَهَمُّ مَجَالٍ تَدْعُو فِيه الْحاجَةُ إِلَى تَعْبِيدِ طُرُوقِ الْاِجْتِهَادِ ، وَاِسْتِنْباطَ وَسَائِلِ الإفْتَاءِ ، هُوَ وَضْعُ الأَقَلِّياتِ الْمُسْلِمَةِ فِي الْبِلادِ غَيْرِ الْمُسْلِمَةِ، فَإِنَّنَا سَنَتَوَقَّفُ عِنْدَ جُمَلَةٍ مِنْ الْقَضَايَا الَّتِي تُعْنَى بِهَا هَذِهِ الأَقَلِّياتُ ، لِتَكُونَ مَجَالاً لِتَطْبِيقِ قَوَاعِدُ التَّيْسيرِ ، وَتَنْزِيلِ الْحاجَاتِ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَاتِ ، وَتَغَيُّرِ الْفَتْوَى بِتَغَيُّرِ الزَّمانِ وَالْمَكَانِ ، وَلِهَذَا سَمِيَّنَا كِتَابَنَا هَذَا :
صِنَاعَةُ الْفَتْوَى وَفِقْهُ الأَقَلِّياتِ
وسَيَكُونُ كِتَابُنَا هَذَا مُرَتَّبَا ومُبَوَّباً كَمَا يَلِي :
الْقِسَمُ الأول : تَصْدِيرُ عَنْ الصِّنَاعَةِ .
مُقَدِّمَةٌ عَنْ النَّازِلَةِ وَالْفَتْوَى لغةً وَاِصْطِلاحاً، وَخَطَرِ الْفَتوى ، وآدابِ الإفْتاءِ ، ومَسئوولِيَّةِ الْمُفْتِي .
الْفَصْلُ الأول : مَا بِهِ الْفَتْوَى ، و الأَدِلَّةُ الْمُعْتَمَدَةُ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي : تَعْرِيفُ الْمُفْتِي ، والمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ : نَمَاذِجُ مِنْ مَنْهَجِيَّةِ الْفَتَاوى وَالنَّوَازِلِ ، وأَمْثِلَةٌ مِنْهَا بَعْدَ عَصْرِ المُجْتَهِدينَ ، مَعَ الإشارِةِ إِلَى كَيْفِيَّةِ الْاِسْتِفادَةِ مِنْهَا فِي التَّعَامُلِ مَعَ
الْقَضَايَا الْمُسْتَجَدَّة ِ .
الْقِسَمُ الثَّانِي :
الْفَصْلُ الأوَّلُ : فِقْهُ الأَقَلَّياتِ : تَعْرِيفُ الْمُصْطَلَحِ ، وَمَقَاصِدُهُ وأَهَمِّيَّتُهُ ، وَمِنْهَجُ تَحْرِيرِ الْاِجْتِهَادِ فِيه .
الْفَصْلُ الثَّانِي : قَوَاعِدُ كُبْرَى يَحْتاجُها الْفَقِيهُ فِي فِقْهِ الأَقَلِّياتِ .:
1 قَاعِدَةُ التَّيْسيرِ .
2 قَاعِدَةُ تَغَيُّرِ الْفَتْوَى بِتَغَيُّرِ الزَّمانِ .
3 تَنْزِيلُ الْحاجَةِ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ.
4 الْعُرْفُ وَتَحْقِيقُ الْمَنَاطِ .
5 النَّظَرُ فِي المَآلاتِ .
6 تَنْزِيلُ جَماعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْزِلَةَ الْقَاضِي .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ :
أَمَثِلَةٌ لِمَسَائِلٍ لَهَا أَهَمِّيَّةٌ خَاصَّةٌ مِنْ فِقْهِ الأَقَلِّياتِ :
- الإقامةُ بِدِيَارِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ والتَّجَنُّسُ بِجِنْسِيَّتِهِ مْ
- تأثيرُ الدَّارِ عَلَى حُكْمِ الْمُعَامَلَاتِ
- الْعَلاَقَاتُ الإنْسانِيَّةُ وَحُسْنُ التَّعَامُلِ ، وَتَحْتَهَا زُمْرَةٌ مِنْ الْقَضَايَا
- تَأْثِيرُ الاسْتِحَالَة وَاِنْقِلاب الْعَيْنِ فِي طِهَارَةِ بَعْضِ الأَطْعِمَةِ
- قَضِيَّةَ حجابِ المرأة .
- مُلْحَقٌ بِفَتَاوَى الْمَجْلِسِ الأُورُبِّي مَعَ التَّعْلِيقِ عَلَى بَعْضِهَا تَعْضيداً أَوْ نَقْدَا وَتَسْدِيداً.
- خَاتِمَةٌ .
وهو كتاب مفيد للغاية .