فوائد منتقاة من رسالة "السيوطي ورسالته: (فهرست مؤلفاتي)" تأليف أ.د. سمير الدروبي انتقاء أبي معاوية مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد، فهذه فوائد منتقاة من تحقيق د. الدروبي لرسالة "فهرس مؤلفات السيوطي"، وهي على صغر حجمها غنية بالفوائد : - "التعريف بالقاضي عياض" ألفه ولده أبو عبدالله محمد، وعقد فيه باباً لتسمية مؤلفاته، والتعريف بموضوعاتها وعدد أجزائها، وما أكمل منها، وما تركه في مبيضته ( الكتاب مطبوع، تحقيق وتقديم: محمد بن شريفة، ط2، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغرب،1402 هـ/1982م ).- "فهرست كتب ابن الجوزي" المتوفى سنة 597هـ/1200م، الذي ألّفه مجهول، وعلى الرغم من أن هذا الفهرست لا يشتمل على مؤلفات ابن الجوزي كلها إلا أنه جاء مبوباً على النحو الآتي: التفسير والأصول والحديث والفقه والعربية والمناقب، ومشتملاً على ذكر عدد أجزاء كتبه ومجلداتها، مما ينبئ عن معرفة دقيقة لصاحب هذا الفهرست بمؤلفات ابن الجوزي وموضوعاتها، وربما كان واضع هذا الفهرست واحداً من تلاميذه. (انظر: ناجية عبدالله إبراهيم: "ابن الجوزي"فهرست كتبه"، مجلة المجمع العلمي العراقي، الجزء الثاني من المجلد الحادي والثلاثين، جمادى الأول 1400هـ، نيسان 1980م:ص1-28).- يُعدّ أبو شامة المقدسي المؤرخ الدمشقي (ت665هـ/ 1266م) من المؤلفين الذين ترجموا لأنفسهم في تواريخهم، إلا أن ترجمته جاءت موجزة، وحديثه عن كتبه لم يتجاوز صفحة واحدة (تراجم رجال القرنين: ص 37 - 39 / ط. دار الجيل )، تلاها بمنظومة تجمع بعض أسماء هذه المصنفات، وقفا أثره لسان الدين الخطيب ( الإحاطة في أخبار غرناطة: 4/459- 462 ) (ت776هـ/ 1374م) ذاكراً أسماء تآليفه في ترجمته الذاتية المودعة في كتابه "الإحاطة في أخبار غرناطة"، والسيوطي كتب لنفسه ترجمة ذاتية موجزة ساقها في كتابه "حسن المحاضرة" وقد ضمت هذه الترجمة كثيراً من أسماء مصنفاته.- من السير الذاتية المطولة كتاب السيوطي "التحدث بنعمة الله" الذي عقد فيه فصلاً لأسماء مصنفاته مرتباً إياها وفقاً لقيمتها العلمية من وجهة نظره، وكتاب ابن طولون الصالحي (ت953هـ/ 1546م) الموسوم بـ" الفلك المشحون في أحوال محمد بن طولون" الذي رتب فيه مؤلفاته ترتيباً ألفبائياً.- كتب السيوطي تاريخاً لمدينة أسيوط وسمه بـ "المضبوط في أخبار أسيوط"، علماً بأن السيوطي لم يسافر إلى أسيوط وهي مدينة آبائه وأجداده ، إلا أنه كتب تاريخاً لها وفاءً لذكرهم، وألّف رسالة في الأهرام، وتاريخاً لجزيرة الروضة بمصر وسمه بـ "كوكب الروضة"، والروضة محل إقامته وسكناه، ... وألّف الأجزاء المفردة في أشهر وأهم الجوامع والمدارس والزوايا والخوانق القائمة بمصر حتى عصر السيوطي، مثل: "جزء في جامع عمرو" و"جزء في جامع ابن طولون" و"جزء في المدرسة الصلاحية" و"جزء في الزواية الخشابية" و"جزء في الخانقاه الصلاحية"، وخصَّ مصر برحلتين من رحلاته الثلاث، هما: "الرحلة الفيومية" و"الرحلة الدمياطية".- سرد السيوطي في "فهرست مؤلفاته" أسماء مقاماته التي ألفاها ردًّا على ابن الكركي وهي: "مقامة الدوران الفلكي على ابن الكركي" و"النزول الدركي في مقام ابن الكركي" و"الشكال الشركي في لسان ابن الكركي" و"الرباط الشبكي في رجل ابن الكركي" و"طَرز العمامة في التفرقة بين المقامة والقمامة" و"الجواب الزّكي عن قُمامة ابن الكركي".- من الأمثلة على أخطاء الباحثين في تصنيف موضوعات مؤلفاته ما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ( 2 /1083 ) وهو أن "الصواعق على النواعق" من مقامات السيوطي، ولكن "فهرست مؤلفاتي" لا يذكر الكتاب المذكور على أنه مقامة. وسلك جميل بك العظم – في كتابه "عقود الجوهر في تراجم من لهم خمسون تصنيفاً فمائة فأكثر" ( ص 207 ) - كتاب " طوق الحمامة" في عداد مقاماته، ولكن الأمر مخالف لما ورد في "فهرست مؤلفاتي" الذي لا يدرج هذا الكتاب في جملة مقاماته. وألحق أحمد الشرقاوي إقبال – في كتابه مكتبة الجلال السيوطي - رسالته "منهل اللطائف في الكنافة والقطائف" بمقاماته، وهي إشارة غير صحيحة وفقاً لما هو ثابت في "فهرست مؤلفاتي". وأما الخازندار فلديه خلط هائل في موضوعات كتب السيوطي، فقد جعل رسالته "تعريف الأعجم بحروف المعجم" ضمن الكتب المتعلقة بالقرآن وعلومه – في كتابه "دليل مخطوطات السيوطي" -، مع أنها- وفقاً لرسالة "فهرست مؤلفاتي" - تأتي ضمن فن اللغة والنحو، وغيّر في ثبته لمؤلفات السيوطي موضوعات كتب كثيرة.- نُسبَ للسيوطي ما ليس له، ونحل كتباً كثيرة وبخاصة في موضوع الكتب الجامعة لعدة فنون، وكتب الأدب والنوادر سيما ما يتعلق منها بالباه الذي لم يؤلف فيه السيوطي سوى ثلاثة مصنفات مذكورة في هذا الفهرست، وهي: "الوشاح في فوائد النكاح" و"اليواقيت الثمنية في صفات السمينة"و "وشقائق الأُترنج في رقائق الغُنج"، ومقامة تسمى بـ "رشف الزلال من السحر الحلال".- إنني أميل إلى أن جل ما نسب إليه من كتب في موضوع (الباه) غير صحيح النسبة إليه بل هو دعي في أدبه وعلمه، ولعله مما نحله إياه النساخ الذين يريدون رواجاً لمثل هذا الطراز من الكتب، أو مما دسّه عليه خصومه وأعداؤه اللّد، ولذلك فإن ما عزي إليه من مثل كتاب: "الإيضاح في أسرار النكاح" و"الأيك في معرفة…" و"مباسم الملاح ومناسم النكاح…" و"نواخر الأيك…"(4) وغيرها يُعد دخيلاً على الرجل، وهو مما عمله غيره باسمه وألحق به زوراً وميناً.- بعض الدارسين نسب إلى السيوطي مقامات ليست من إنشائه، ولم يذكرها في رسالته "فهرست مؤلفاتي"، فقد ذكر إسماعيل البغدادي (ت1339هـ/1920م) في "إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون" ( 4/536 ) : "شرح المقامات الطيفية السيوطية لفصيح الدين الحيدري"، ولكن عبد الله الجبوري محقق "رسالة الطيف" بيّن أن مبعث هذا الوهم خطأ وقع فيه أحد النساخ الذي عنون مخطوط مكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم (12236) بـ "هذه مقامة الطيف والظريف تأليف الإمام جلال الدين السيوطي"، وعند فحص الجبوري للنسخة المشار إليها تبين له بأنها "رسالة الطيف" لبهاء الدين الإربلي (ت692هـ/1292م) وليست مقامة للسيوطي ، وهذا ما يؤكده نص "فهرست مؤلفاتي" المتعلق بفن الأدب والإنشاء.قال أبو معاوية البيروتي: وذكر د. الدروبي مقامات أخرى نُسِبَت خطأ للسيوطي ذاكراً علّتها؛ منها: "كتاب في صفة صاحب الذوق السليم ومسلوب الذوق اللئيم"، ونشر أحدهم مقامتين بعنوان "مقامة الرياحين" وإحداهما غير صحيحة نسبتها للسيوطي، بل بعض الدارسين تعدّى ذلك حيث أوصل عدد مقامات السيوطي إلى مئة وعشرين مقامة!! وقال د. الدروبي: إن هذا العدد لمقامات السيوطي مردود؛ لأن السيوطي نص بصريح العبارة في "فهرست مؤلفاتي" عند حديثه عن مقاماته على أن: "المقامات المجموعة وهي سبع مقامات، المقامات المفردة وهي ثلاثون".- السيوطي معتد بعلمه اعتداداً شديداً، ومقدر لقيمة بعض كتبه تقديراً عظيماً، وآية ذلك وصفه بعض كتبه بأنه لم يسبق إليها، وبأنها فريدة لم يؤلف مثلها، إلى غير ذلك من العبارات الدالة على تميزها، كما أنه غضوب متجرىء على من ناصبه العداء العلمي بحيث لا يكتفي برد واحد على خصمه أحياناً بل يرسل عليه سيباً من مصنفاته أو رسائله أو مقاماته التي يتخير لها أسماء مصمية تكون سماماً للعدى وغيظاً للحسود من ناحية، كما أنها ثلج على قلوب الأنصار والمحبين من ناحية أخرى، ومن أمثلة ذلك ما كتبه رداً على معاصره محمد بن إبراهيم المعروف بالخطيب الوزيري، الذي رد عليه في ثلاث من رسائله هي: "نفح الطيب من أسئلة الخطيب" و"الجواب المصيب عن اعتراض الخطيب" و"السهم المصيب في نحر الخطيب"، ولا غرو في ذلك فهو يقول عن نفسه في "شرح مقاماته": (على أن لي لساناً لو مددته لوصل إلى جبل قاف، ولو نشرته لنسف رمال الأحقاف، ولو أدخلته البحر المحيط لكدره…).- وصف السيوطي بعض كتبه بأنه لم يسبق إليها، وبأنها فريدة لم يؤلف مثلها، كقوله في "فهرست مؤلفاته":أ - المُزْهِر في عُلومِ اللغة، عِلمٌ اخترعتُه لم أُسبق إليه، وهو خَمسونَ نَوعاً على نَمط أنواعِ عُلومِ الحَديثِ.ب - جَمعُ الجَوامعِ في النّحو والتصريفِ والخَطِ، لم يُؤلّف مثلُه.ج - الأشباه والنّظائرُ، لم أُسبق إليه، وهو سَبعةٌ أقسام، كُلُّ قِسمٍ مُؤلفٌ مُستقِل له خُطبةٌ واسم.قال أبو معاوية البيروتي: وكتاب "لباب النقول فيما وقع في القرآن من المعرب والمنقول" للسيوطي، ذكر في "إتقانه" أنه في أسباب النزول، ومدحه بكونه كتاباً حافلاً لم يؤلف مثله!وكتاب "بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنُّحاة"، قال السيوطي عنه في تاريخ الخلفاء ( ) أنه ألّف: كتاباً جليلاً في طبقات النحاة و اللغويين لم يؤلف قبله مثله!