الجمهور من أهل اللغة على أن ( العجوز ) وصف خاص بالمرأة إذا شاخت وهرمت , ولكن جاء في
اللسان " ويقال للرجل عجوز " ونقله صاحب التاج عن الصّاغاني ونحن على هذا الرّأي , ولو لم
يأت فيه نص عن العرب لا بتدعناه وزدناه في اللغة , ووجهه عندنا أن الرجل والمرأة إذا بلغا
الهرم فقدا خصائص الذكورة والأنوثة فلم يعودا رجلاً وامرأة , فاستويا في العجز , فكان الرجل
أميناً أن يشارك المرأة في وصفها فيقع اللّفظ عليها جميعاً !
وإنما امتنع العرب أن يقولو ا للرجل ( عجوزاً ) وخصّوا ذالك بالمرأة , تعسفاً وظلماً وطغياناً ,
كدأبهم مع النساء فإذا شاخت المرأة فقد بطلت أنوثتها عندهم وعجزت عن حاجة الرجل
وعجزت في كثير ونفتها الطبيعة وبرأت منها أما الرجل فابالخلاف لأنه رجل , وإذا
شاخ وبطل وعجز ولم يستطع أن يكابر في المعنى كابر في اللّفظ ... وأبى أن يقال إنه
( عجوز ) وزعم أن ذالك خاص بالمرأة
ألا إن هذا تزوير في اللغة , وإن كان للرجال عليهنّ درجة فذالك في أوصاف القدرة لا في
أوصاف العجز .
مصطفى صادق الرافعي يرحمه الله