قَالَ الذّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، مُحَدِّثُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ وَفَقِيْهُهَا، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمَةَ بنِ سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الأَزْدِيُّ، الحَجْرِيُّ([1])، المِصْرِيُّ، الطَّحَاوِيُّ، الحَنَفِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، مِنْ أَهْلِ قريَةِ طَحَا مِنْ أَعْمَال مِصْر.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الغَنِيِّ بْنِ رِفَاعَةَ، وَهَارُوْنَ بْنِ سَعِيْدٍ الْأَيْلِيِّ، وَيُوْنُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَبَحْرِ بْنِ نَصْرٍ الْخَوْلاَنِيِّ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَعِيْسَى بْنِ مَثْرُودٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بْنِ مُنْقِذٍ، وَالرَّبِيْعِ بْنِ سُلَيْمَانَ المُرَادِيِّ، وَخَالِهِ أَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيِّ([2])، . . . وَطَبَقَتِهِمْ.
وَبَرَزَ فِي عِلْمِ الْحَدِيْثِ وَفِي الْفِقْهِ، وَتفَقَّهَ بِالْقَاضِي أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ الحَنَفِيِّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُفُ بْنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرِ بْنِ مَطْرُوحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ الخَشَّابُ، وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ الْمُقْرِئِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ الزَّجَّاجُ، وَعَبْدُ الْعَزِيْزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ قَاضِي الصَّعِيدِ، وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْإِخْمِيمِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عُمَرَ التَّنُوْخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ المُظَفَّرِ الْحَافِظُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ مِنَ الدَّمَاشِقَةِ وَالْمِصْرِيِّي نَ وَالرَّحَّالِين َ فِي الْحَدِيْثِ.
وَارْتَحَلَ إِلَى الشَّامِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمِائَتَيْنِ.
فَلَقِي الْقَاضِي أَبَا خَازِمٍ([3])، وَتفقَّهَ أَيْضًا عَلَيْهِ.
ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيْدٍ بْنُ يُوْنُسَ، فَقَالَ:كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا فَقِيْهًا عَاقِلًا، لَمْ يخلِّفْ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي ((طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ)):
وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَةَ بِمِصْرَ؛ أَخَذَ العِلْمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، وَأَبِي خَازِمٍ وَغيرِهِمَا، وَكَانَ شَافِعِيًّا يَقْرَأُ عَلَى أَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيِّ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا:
وَاللهِ لَا جَاءَ مِنْكَ شَيْءٌ، فَغَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ ذَلِكَ، وَانْتَقَلَ إِلى ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ، فَلَمَّا صَنَّفَ مُخْتَصَرَهُ، قَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَا إِبْرَاهِيْمَ لَوْ كَانَ حَيًّا لكفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ.
صَنَّفَ: ((اخْتِلاَفُ العُلَمَاءِ) ، وَ((الشُّرُوطُ))، وَ((أَحْكَامُ القُرْآنِ)، وَ((مَعَانِي الْآثَارِ)) .
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ زَبْرٍ: قَالَ لِي الطَّحَاوِيُّ:
أَوَّلُ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ الْحَدِيْثَ: الْمُزَنِيُّ، وَأَخذْتُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِنِيْنَ، قَدِمَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ قَاضِيًا عَلَى مِصْرَ، فصَحِبْتُهُ، وَأَخذْتُ بِقَوْلِهِ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: قُلْتُ: مَنْ نَظَرَ فِي توَالِيفِ هَذَا الْإِمَامِ عَلِمَ مَحِلَّهُ مِنَ الْعِلْمِ، وَسَعَةِ مَعَارِفِهِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: حَضَرَ رَجُلٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الْقَاضِي ابْنِ عَبْدَةَ فَقَالَ:
أَيْشْ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيْهِ؟ فَحَدَّثْتُهُ بِأَحَادِيثَ، فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ: تَدْرِي مَا تَقُولُ، وَمَا تَتَكَلَّمُ بِهِ؟
قُلْتُ: مَا الخَبَرُ؟
قَالَ: رَأَيْتُكَ الْعَشِيَّةَ مَعَ الْفُقُهَاءِ فِي مَيْدَانِهِمْ، وَرَأَيتُكَ الْآنَ فِي مَيْدَانِ أَهْلِ الْحَدِيْثِ، وَقلَّ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ.
فَقُلْتُ: هَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَإِنْعَامِهِ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مِائَةٍ، رَحِمَهُ اللهُ([4]).
[1])) نسبة إلى قبيلة يقال لها: حَجْرٌ.
[2])) إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم المزني: صاحب الامام الشافعي، من أهل مصر، كان زاهدا، عالمًا، مجتهدًا، قوي الحجة. توفي سنة / 264 / هـ. ((طبقات الشافعية)): (2 / 93 – 95).
[3])) عبد الحميد بن عبد العزيز، أبو خازم: قاض، فرضي، من أهل البصرة، ولي لقضاء بالشام والكوفة وكرخ بغداد. توفي سنة / 292 / هـ. ((تاريخ بغداد)): (11 / 62 – 67).
[4])) ((سير أعلام النبلاء)) (15/ 27- 33)، ط. الرسالة، بتصرف واختصار.