يقول الأشعري في الابانه"وقد قال الله تعالى مخبرا عن نفسه أنه يقول: (لمن الملك اليوم) من الآية (16 /40) وجاءت الرواية أنه يقول هذا القول ولا يرد عليه أحد شيئا، فيقول: (لله الواحد القهار) من الآية (16 /40) ، فإذا كان الله قائلا مع فناء الأشياء؛ إذ لا إنسان ولا ملك ولا حي ولا جان ولا شجر ولا مدر، فقد صح أن كلام الله خارج عن الخلق؛ لأنه يوجد ولا شيء من المخلوقات موجود." "وقد قال الله تعالى: (وكلم الله موسى تكليما) (164 /40) ، والتكليم هو المشافهة بالكلام، ولا يجوز أن يكون كلام المتكلم حالا في غيره، مخلوقا في شيء سواه، كما لا يجوز ذلك في العلم." "وقد قال الله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط) من الآية (18 /3) ولا بد أن يكون شهد بهذه الشهادة، وسمعها من نفسه؛ لأنه إن كان سمعها من مخلوق فليست شهادة له، وإذا كانت شهادة له وقد شهد بها فلا يخلو أن يكون شهد بها قبل كون المخلوقات؛ أو بعد كون المخلوقات.فإن كان شهد بها بعد كون المخلوقات؛ فلم يسبق شهادته لنفسه بآلهية الخلق، وكيف يكون ذلك كذلك؟ وهذا يوجب أن التوحيد لم يكن يشهد به شاهد قبل الخلق، ولو استحالت الشهادة بالوحدانية قبل كون الخلق لاستحال إثبات التوحيد ووجوده، وأن يكون واحدا قبل الخلق؛ لأن ما يستحيل الشهادة عليه فمستحيل.وإن كانت شهادته لنفسه قبل الخلق بالتوحيد فقد بطل أن يكون كلام الله تعالى مخلوقا؛ لأن كلام الله شهادته." هل هذه النقولات قاطعه فى كونه فى مرحله الابانه خالف شيخه بن كلاب فى مسأله الكلام النفسى القديم واثبت كلاما بعد كلام متعلق بالاراده ؟ خاصه مع وجود دلالات ظاهره فى كلامه مثل استعماله ظروف زمنيه داله على الترتيب زمنيا كأن الكلام مثلا بعد فناء المخلوقات,, وقوله ان التكليم المشافهه بالتكلم والكلام عن زمن الشهاده,, بل وقوله انه يسمع نفسه فهذا ظاهر فى انه ليس بكلام نفسى ذاتى أم تظل دلالتها على هذه المسأله ظنيه وربما لم يخالف بن كلاب فى مسأله الكلام وكلامه السابق له تأولات عنده ؟ أو يمكن القول انه توسط فى هذه المسأله بين أهل الحديث وبين بن كلاب (والذى هو نفسه كان وسطا بين المعتزله وأهل الحديث) جزاكم الله خيرا----------
الجواب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الحمد لله وبعد:فمن المعلوم أن أبا الحسن الشعري رحمه الله تعالى كان في أول أمره معتزلياً، ثم رجع عن الاعتزال إلى مذهب ابن كلاب، ولعل أوضح كتاب يعبر عن مرحلته الكلابية هو ( اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع )، ثم رجع إلى مذهب السلف كما في كتابه الإبانة، ومقالات الإسلاميين.والنصوص التي نقلها الأخ السائل يتضح منها أن الأشعري رحمه الله تعالى يريد الرد على مذهب المعتزلة في قولهم بخلق القرآن، وهذا هو منطوق النصوص وظاهرها، وليس فيها عبارات صريحة في أن كلام الله تعالى يكون بحرف وصوت؛ وهذه المسألة هي التي يمكن التفريق فيها بين مذهب الكلابية ومذهب السلف رحمهم الله تعالى، وإن كانت الإشارات التي ذكرها الأخ الفاضل تعتبر قرائن قوية على أنه لا يقول بالكلام النفسي.وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع رجوع الأشعري إلى مذهب السلف ولكنه أشار إلى أن الأشعري كانت معرفته بالكلام معرفة تفصيلية، ومعرفته بمذهب السلف معرفة مجملة، ولهذا نجد أن عباراته في الإبانة فيها إجمال وعموم.ولكن هذا لا ينبغي أن يشوش على رجوع الأشعري إلى السنة، وتركه لمذهب الكلابية، فقد ذكر في مقالات الإسلاميين مذهب ابن كلاب، ثم أعقبه بمذهب أهل الحديث وقال بعد ذلك " وبقولهم أقول ".وفي كتاب " موقف ابن تيمية من الأشاعرة"
تفصيل جيد يحسن الرجوع إليه والله أعلم.