ت (التاء)
التاء حرف مهموس، ومعنى المهموس أنه حرف أُضْعِفَ الاعتماد عليه في موضعه فجرى معه النفس، أو لأن مخرجه دون المجهور في الصوت.
والتاء من الحروف النِّطْعية، أي إن مخرجها من النِّطع، وهو ما ظهر من غار الفم الأعلى، وهناك موقع اللسان في الحنك، ويشاركها في المخرج الطاء والدال. وهي من حروف الإدغام، أي ما يسمى الحروف الشمسية التي تدغم فيها لام أداة التعريف.
وتكون التاء اسماً وحرفاً، فالاسم قولك: قمتُ وخرجتُ، وسمى بعضهم تاء الاسم تاءَ النَّفسْ، وفي الإعراب النحوي تسمّى تاء الضمير. والحرف قولك: قامتْ هند. وفي الأسماء تكون التاء لمعانٍ خاصة، فهي تحمل معنى الوحدة عندما تدخل على اسم الجنس لتنقله من الدلالة على الكثرة أو القلة إلى الدلالة على الوحدة، نحو: ضربة، سفينة، تمرة. وتحمل معنى المبالغة عند دخولها على بعض الصفات لتكسبها مبالغة في الدلالة، نحو: علاّمة، ومدّاحة.
وتحمل معنى الدلالة على التذكير في بعض الأعداد ليتبيّن أن المعدود بها مذكر، نحو، ثلاثة، أربعة، خمسة. وتحمل معنى التأنيث في نحو: فاطمة، كاتبة، وتشبه في ذلك التاء التي ترِد سابقة مشكِّلة وحدة صرفية مشتركة Homonyme Morphe في مثل الصيغ: تعمل هي، تعمل أنت، تعملون (أنتم)، تعملن (أنتنّ)، تعملان (أنتما).
وتمثل التاء في علم الأصوات الحديث مايطلق عليه اسم «مورفيم مقيد»Bound Morpheme، أي وحدة صوتية لها معنى أو وظيفة إذا اتصلت باسم أو فعل، أو ارتبطت بمورفيم آخر حر، أو مقيد كعلامات التأنيث والتثنية والجمع في العربية. أما مستقلّة فلا وظيفة لها.
والتاءات سبع، وهي:
1 ـ تاء الجمع: نحو: مسلمات وصالحات في جمع المؤنث، وحكمها في النصب والجر أن تكون مكسورة، نحو: رأيت مسلماتٍ، ومررت بمسلماتٍ. أما في الرفع فمضمومة على الأصل، نحو: هؤلاءِ مسلماتٌ. وكل ما فيه هاء التأنيث فقياسه أن يجمع بألف وتاء، نحو: طلحة وطلحات، وتمرة وتمرات، وثقة وثقات.
2 ـ تاء التأنيث: في الواحدة تكون تاء في الوصل، وهاء في الوقف، نحو قوله تعالى:
}وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحصُوْها{ (النحل 18).
3 ـ التاء الأصلية: وتقع فاء وعيناً ولاماً من الأصل، نحو: تمر، وفتر، وبيت: ويقال: رأيت أبياتَك (بفتح التاء) لأنها أصلية، كما تقولك: رأيت أخوالَك. وكذلك التاء في وقت وأوقات وما شابه ذلك.
4 ـ التاء الزائدة في الواحد: نحو عنكبوت، ورَهَبُوت، وناقة حَلَبُوت (ذات لبن)، لأنه يقال: عنكب وعنكباء، ورَهِبَ، وحَلَبَ، فيُكشف منه ما تذهب فيه الزيادة. وهذه التاء هي حرف الإعراب، تجري مجرى الحرف الأَصلي في تعاقب حركات الإعراب عليها.
وتزاد التاء في أول الاسم، نحو: تَنْضُب (نوع من الشجر) والأصل اللغوي المجرد للكلمة: نضب، وتَتْفُل (ولد الثعلب) والأصل: تفل.
وتزاد في أول الفعل، نحو: تفعل وما أشبهه، وتزاد في ثانيه، نحو: اقتدر، وفي ثالثه، نحو: استفعل. وقد زيدت في أوائل الأفعال الماضية للمطاوعة، كقولك: كسّرته فتكسّر، ودحرجته فتدحرج، ولغير المطاوعة، نحو: تجاهَلَ وتغافل. ومن مثل هذه الزيادات التاء الداخلة على ثُمَّ، ورُبَّ، ولا، كقولهم: ثُمْتَ (بضم الثاء وفتحها)، ومنها قول الشاعر:
ولقد أَمُرّ على اللئيم يسبّني ... فمضيت ثُمْتَ قلت: لا يعنيني
ورُبت، ولات، وقيل في تاء «لات» هي هنا داخلة على «حين»، ويُستشهد على ذلك بقول أبي وجزة: العاطفون تَحِيْنَ ما من عاطف ... والمفضلون يداً إذا ما أنعموا
ولهذا الشاهد عند النحاة روايات وتخريجات صرفية وصوتية أخرى بسطها صاحب «لسان العرب» في مادة: حين.
5 ـ تاء العِوض: نحو: تاء بنت وأخت، جُعلت عوضاً من المحذوف وأصلهما: أَخَوة، وبَنَوة، ووزنهما: فَعَل، نقلوهما إلى بناء فُعْل وفِعْل مثل قُفْل وجِذْع، وليست التاء فيهما بعلامة التأنيث لسكون ما قبلها، وعند الجمع تحذف ويُؤتى بتاء الجمع فيقال: بنات وأخوات، مثل مسلمات، ولو أبُقي على التاء لقيل في الجمع: بنتات، وأُختات.
6 ـ التاء المحلقة: نحو: عِفْريت، وزنه «فِعْليت» مأخوذ من العفر، وهو ملحق بـ «شمليل» أي: الناقة السريعة. وتشبه هذه ما صنَّفه بعض النحاة في الزيادة من أنواع التاءات السبع كما ذكر في الرابعة.
7 ـ تاء البدل: وتبدل من الواو كما في تخمة، وتكأة، وتراث، وتقيّة، وتُجاه، والأصل فيها الواو؛ لأنها من الجذور اللغوية: وخم، وكأ، ورث، وقى، وجه.
وتبدل من السين في قولهم في العدد: «سِتّ» وأصلها: سِدْس لأنها من التسديس، كما أن خمسة من التخميس، ويدل على إبدالها من الدال جمعها على أسداس، وتصغيرها على «سدسية»، وإنما ساغ هذا الإبدال لأن التاء من مخرج الدال وتُقارِب في المخرج السينَ، فيُقبل أن تدغم التاء الأولى في الأخرى فتصير «ست».
وتبدل من السين أيضاً في بعض اللهجات العربية، كما في قول الشاعر عَلْباء بن أرقم اليشكري: يا قاتَلَ الله بني السِّعْلاةِ ... عمرَو بن يربوع شِرارَ النات
غير أعِفّاءَ ولا أكياتِ
يريد: الناس، وأكياس، فأبدل السين تاء لموافقتها إياها في الهمس والزيادة وتَجَاورُ المخارج.
كما تبدل تاء الافتعال دالاً في مثل: ازدجر (أصله: ازتجر)، وطاءً في مثل اصطبر (أصله:اصتبر)، وذالاً في مثل: اذّكر (أصل: اذتكر).
ومايقاس عليه لكثرته في مثل هذا ما كانت فاؤه واواً، فإنّ واوه تقلب تاء، وتدغم في تاء «افتعل» التي بعدها، وذلك نحو: «اتزن»، أصله: أوْتزن، فقلبت الواو تاءً وأدغمت في تاء افتعل، فصارت اتّزن، ومثله اتّعد، واتّصف، من الوصف، قال الأعشى: فإن تَتَّعِدْني أَتَّعِدْلَ بمثـلها ... وسوف أزَيد الباقيات القوارصا
وتبدل من الهاء في الوقف، مثل: شجرة وظلمة. ويتّسع بعض النحاة في الحديث عن إبدالها من عدة حروف في اللهجات العربية من غير اختلاف في معنى الكلمة التي يعتورها الإبدال. قال ابن جنّي في كتابه «سر صناعة الإعراب»: «فأما إبدالها فقد أُبدلت من ستة أحرف وهي: الواو والياء والسين والصاد والطاء والدال». وتُبدل عند أبي الطيِّب اللغوي[ر] من عشرين حرفاً كما قيَّد في كتابه «الإبدال».
ومن التاءات تاء القسم، نحو: تالله، ذكرها بعض النحاة في الأدوات العوامل، بيد أنها لاتعمل إلا في اسم الله تعالى في القسم، نحو: تالله لأخرجنَّ، وفيها معنى التعجب.
وتكتب تاء التأنيث في مثل: (رحمت الله) بالتاء المحضة الممدودة لأنه لمّا لزم استعمالها مع الله وحده صارت بمنزلة ما لا ينفصل كُتبت هكذا حملاً على اللفظ.
مسعود بوبو
الموسوعة العربية السورية
5/ 820
***
- أبو الفتح عثمان بن جنيّ، سرّ صناعة الإعراب، تحقيق حسن هنداوي (دار القلم، دمشق 1985).
- أبو القاسم الزجاجي، حروف المعاني، حققه علي توفيق الحمد (مؤسسة الرسالة، بيروت 1984).
- أبو الحسن الرُّماني، معاني الحروف، حققه عبد الفتاح إسماعيل شلبي (دار نهضة مصر، القاهرة 1973).