اشكر طالب العلم الاخ / أحمد الاقطش على زيارته لهذا الموضوع ..
لكن أنبه الى ان هذه الاخطاء ، واكرر بعض الامور ...
- الزعم بان الثلاث قطع المروية كل منها له معاملة مستقلة ! ، وكأن الصقعب قد وهم بادخال عدة احاديث في بعضها !
فهذا غير صحيح ، بل هو حديث واحد ، اختلفوا فيه وكل منهم يروي منه ما يريد ،
غير انه حتى هشام بن سعد قد ورد من طريقه الحديث كاملاً كقطعة واحدة ! فلعلك ترجع الى مصادرك نفسها ..
ومع هذا سنناقشك فيما ذكرته ، سواء كان الحديث كله متحد المخرج ، أم احاديث مستقلة باسانيد مختلفة !
[ بفرض ان الثلاث قطع هي حديث واحد ]
- [ بخصوص شك حماد عن الصقعب ] ... جعل الاخ الفاضل شك حماد بن زياد في (عطاء) أنه بمثابة العلة القادحة في صحة وصل الصقعب ! ، وقد تقدم من كلام الحافظ يعقوب بن شيبة أن خلاف ابن زيد في تلك الامور هو من عادته ، وانه كثير الشك والتوقّي ! وكثيراً ما يسقط الرواة بتوقيّه ! ، وكذلك فإن علل ابن ابي حاتم - لمن يزعم انه يسير على درب المتقدمين - تجدها مليئة بامثلة لاسقاط ابن زيد لرواة من الاسانيد ، فيقول ابو حاتم وابو زرعة : الحديث الموصول صحيح ، وابن زيد قصّر برجل ولا يضر ! ..
- ( اكرر ) حتى لو كان شك حماد بن زيد صحيحاً ! وان عطاءاً لا يوجد في السند ! وان الرواية هي من زيد بن أسلم عن ابن عمرو ... ألم يسمع زيد من ابن عمرو أصلاً ؟ .. الاجابة : بلى ، شرط المعاصرة موجود والادراك وارد جداً ، فالسماع وارد على مذهب الدهماء من أهل الحديث ..
هنا نقول ، لا قيمة لشك حماد رحمه الله .. فسواء كان عطاء موجوداً ام لا ، فغيابه لا يضر
فالحالة التي يكون فيها اثبات الرجل في بعض الطرق يقدح في السند ؛ هذا حين يكون الرجل متكلم فيه ، وان كان ثقة فلا يضر...
والحالة التي يكون فيها غياب رجل من السند تقدح في الصحة ، حين يكون بسقوطه يحصل ارسال ، اما ان كان بسقوطه لا يحتمل الارسال فلا ضرر ...
وعطاء هنا ليس بضعيف لكي نقول ان اثباته في بعض الطرق يقدح في الحديث ، وكذلك سقوطه لا يعني الانقطاع بين زيد وابن عمرو ، فلا ضير ...
وليس كل طريق يكون فيها زيادة رجل او نقصانه معناه اننا نعل الحديث من اجلها ، هذا كلام لا يقول به عاقل !
بل قد يقع فيه من يحاول ان يقلد ائمة العلل ، بدون أن يتذوق هذا العلم ... تعليل بمجرد الشبه فقط ! ...
كما يقال بالعامية المصرية : " يريد أن يعلل الحديث بالعافية " ...
- [ بخصوص طريق هشام بن سعد ] ...
اتفق الليث بن سعد ( حافظ ثقة )، و الحســن بن سوار ( ثقة ثقة ) ، وإسحاق بن إبراهيم الحنيني ( صالح الحديث ) ... ثلاثتهم على وصل الحديث من طريق هشام بن سعد ، بإثبات عطاء واثبات ابن عمرو ( وقصة نوح ) ! ...
وخالفهم علي بن ثابت الجزري ( صدوق له أوهام ) ! ...
ثم جزمت انت بأن المحفوظ هو طريق علي بن ثابت على ضعفه ؟ ففي شرع من هذا ؟ وعلى مذهب من هذا ؟
بأن تقدم الضعيف الواهم على اتفاق من هم أرجح منه حفظاً وأكثر منه عدداً ؟
- على هذا يظهر بكل وضوح أن الحديث متحد في مخرجه
وقد وصله ثقة متقن هو الصقعب ..
وتابعه هشام بن سعد [ اثبت الناس في زيد بن أسلم ] ! فرواه عنه ثلاثة على الوصل موافقين للصقعب ! ، ورواه شخص صدوق عنه فجعله مرسلاً ! ، والاشبه قول الثقات عنه بالوصل وليس قول الضعيف !
وتابعه عبد العزيز بن ابي حازم [ ثقة ] لكن للاسف مع اسقاط عطاء ، ولا يضر لمن كان في مثل حفظ زيد فيحتمل ان يكون حفظه تارة بواسطة وتارة بغير الواسطة ، وكذلك لا يضر حتى لو سقط عطاء مطلقاً لرجحان سماع زيد من ابن عمرو
فالحديث صحيح بفضل الله ...
وعلى هذا نقول بنفس طريقتك
[ على فرض تقطيع الحديث هكذا ، وان كلاً منها جزءاً مستقلاً سنداً ومتناً]
@ فأمَّا قصة الأعرابي :
- فوصلها الصقعب ، عن زيد ، عن عطاء ، عن ابن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- وخالفه ابن عجلان ، فرواها عن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
[ فالقصة صحيحة ، و لا قيمة لخلاف ابن عجلان ، لوجوب تقديم الاحفظ والصقعب أحفظ ]
[ ملحوظة : تقديم رواية الصقعب هنا هو ما جزم به الامام الحاكم ، ووافقه الحافظ ابن حجر في اتحاف المهرة
حيث قال الحاكم عقب حديث الصقعب ( 1 / 103 ) : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَا لِلصَّقْعَبِ بْنِ زُهَيْرٍ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ .. وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ : إِنَّ الثِّقَةَ إِذَا وَصَلَهُ لَمْ يَضُرَّهُ إِرْسَالُ غَيْرِهِ ...
فَقَدْ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ .. وذكر حديث ابن عجلان - معضلاً ... ]
ونقل عنه الحافظ ابن حجر في الاتحاف ( 12005 ) أنه قال عبارة ( الثِّقَةُ إِذَا وَصَلَ لا يَضُرُّهُ إِرْسَالُ غَيْرِهِ ) بعد معارضة رواية الصقعب برواية ابن عجلان ... ! ..
يعني أنه يقدّم رواية الصقعب على غيره ... ووافقه الحافظ إقراراً
@ وأمَّا قصة نوح :
- فرواها الصقعب بنفس الإسناد المذكور
- و[ تابعه ] هشام بن سعد في (المحفوظ) عنه ...
- و خالفهما الدراوردي ، بدون ذكر ابن عمرو !
[ وعلى هذا فهي صحيحة باذن الله ، لرجحان قول الاثنين عن الواحد الضعيف ]
**فائدة **
وما قلناه هو نفسه ما جزم الحافظ ابن عساكر ... بأن هشام بن سعد قد وافق الصقعب هنا ، فقال في تاريخ دمشق ( 62 / 283 ) : [ رواه هشام بن سعد والصقعب بن زهير عن زيد بن اسلم عن عطاء عن عبد الله بن عمرو ! ]
@ وأمَّا عن سؤال ابن عمرو:
- فرواه الصقعب بنفس الإسناد المذكور ، بالوصل ...
- و( تابعه) هشام بن سعد في رواية الليث عنه .. ( المستدرك )
- وخالفه عبد العزيز بن أبي حازم
- ومعمر ، فروياه عن زيد ، عن ابن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ليس فيه عطاء.
[ وعلى هذا فالحديث صحيح ، ولا يضر غياب عطاء عن السند ، فبوجوده أو بغيابه سماع زيد من ابن عمرو محتمل جداً ، غير أن اتفاق الصقعب هنا مع هشام بن سعد يرجح الوصل ويؤكد وهم غيرهم ]
فكما يقال كل الطرق تؤدي الى روما ! .. فكل الطرق تؤدي الى تصحيح الحديث ..
فسواء كان الحديث واحداً [ وهو الحق ] ، فان الصقعب الثقة وصله ، ووافقه هشام في المحفوظ عنه ، ولا يضر من خالفهما .. !
وسواء كان الحديث قطعاً متداخلة ، فقد أوضحنا ان كل قطعة صحيحة باذن الله ...