الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ..
قال فضيلة الشيخ حسن الزهيري حفظه الله في مقدمته لشريط ( الجهاد أحكامه وأقسامه ) لفضيلة الشيخ محمد بن عبد المقصود حفظه الله - بعد أن ذكر قصة الرحلة التي جمعت بين المحامد الأربعة ( محمد بن جرير الطبري - محمد بن إسحاق بن خزيمة - محمد بن نصر المروزي - محمد بن هارون الروياني ، انظر سير أعلام النبلاء ( ج14 ص270 - 271 ) - : ( المحامد الذين أعنيهم في هذا الزمان ، وإذا جاز لفظ الأبدال فهم عندي كذلك ، والله تعالى حسيبهم :
1 - الشيخ محمد بن عبد المقصود عفيفي في مصر .
2 - والشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف إمام المحدثين في مصر بلا منازع ، لا نقدم عليه أحدا.
3 - والشيخ محمد بن إسماعيل المقدَّم في الإسكندرية .
نسأل الله أن يحفظ الجميع بحفظه ، وأن يرعاهم برعايته ، ويكلأهم بكلئه ..... )
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...lesson_id=6405
أقول : إن العينَ لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، وإنا على فراق أحد المحامد لثلاثة لمحزونون لمحزونون ، و لا نقول إلا ما يرضي ربنا فإنا لله وإنا إليه راجعون .
فقدنا اليومَ عالما من علماء السنة ، بل من أشهر علماء السنة في هذا العصر ، جمع بين العلم والعمل والزهد والتواضع - نحسبه كذلك والله حسيبه و لا نزكي على الله أحدا- فنسأل الله تعالى أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جناته ، وأن يجعل عمله الصالح أنيسا له في قبره ، وأن يرزقه صحبة صاحب السنة صلى الله عليه وسلم في مقعد صدق عند مليك مقتدر ..
لا شك أن هؤلاء المحامد الثلاثة لهم معزة عالية في قلوب أهل السنة والجماعة - لا سيما أهل مصر - فهم أئمة الصحوة وشيوخها ، وهم العالمون العاملون كما نحسبهم كذلك والله حسيبهم ؛ لذلك أردتُ أن أضع قصتي مع هؤلاء المحامد فالله الموفق ...
1 - قصتي مع إمام الإسكندرية الشيخ المقدم
كنت أسمع عنه كثيرا منذ صغري ، وأسمع اّيات المدح له من قبل والدي - حفظه الله - فقد كان زميلا له في طب الإسكندرية ، ورأيت عند والدتي - حفظها الله - كتيبا صغيرا يحمل عنوان " الحجاب لماذا ؟ " فقرأته وأعجبت به إعجابا شديدا .
وبعد مرور بعض السنين أصبح يتغير شعوري من ناحيته نظرا لما أسمعه من الكثيرين من أعداء السلفية أن هذا الرجل متشدد و..........إلى غير هذه الشنشنات المعروفة من ....
إلى أن حدث موقف عجيب والله وهو أن الشيخ مسعد أنور أصدر شريطا بعنوان " اللحية لماذا ؟ " فأردت أن أسمع هذا الشريط وكان هدفي من السماع في الأصل مجرد السماع للتسلية أو نحو ذلك !ولكن والله ما إن انتهيت من سماع الشريط حتى قررت أن أطلق لحيتي - والحمد لله - ، وقمت بالبحث حول موضوع اللحية إلى أن سمعتُ شريط الشيخ محمد بن إسماعيل - حفظه الله - فأخذتني الدهشة من أسلوبه العلمي الحكيم وأيضا لأنه لا يلحن في اللغة العربية كما يلحن الكثيرون .
فقررت أن أذهب لأحضر درسا ولكي أراه بعيني ، فلم تكن عيني قد رأته إلى هذه اللحظة .
فسألت أحد الإخوة السلفيين في منطقتنا عن مواعيد دروسه ومكانها فأخبرني - جزاه الله خيرا - ، وكنت قد سألته تقريبا يوم الثلاثاء أو الأربعاء ، فكان أول معاد لدرس الشيخ هو يوم السبت .
جلست أعد الأيام وأنتظر قدوم السبت بتلهف شديد إلى أن جاء يوم السبت وذهبت إلى المسجد .
ذهبت والشيخ كان قد شرع في الدرس فقد ذهبت متأخرا ؛ لأنني كنت أبحث عن المسجد ، فعندما نظرت إلى الشيخ من بعيد ظننته لا يرتدي غطاء رأس لأنه كان يلبس غطاء رأس أسود فظننت أن هذا الغطاء هو شعره فقلت في نفسي : " الرجل مش متشدد اهو ليه بيقولو عليه متشدد " ؟!
إلى أن جلست قريبا من الشيخ وعلمت أنه يرتدي غطاء رأس أسود ووالله ثم والله ثم والله أخذتني رجفة في قلبي من نظري إلى الشيخ والله كأنني أرى نورا و أشهد الله على ذلك .
موقف لم أره من قبل أنظر حولي فإذا بالكل يكتب ويسجل ، وسمعت كلاما علميا لم أسمع مثله في حياتي ، وكان الشيخ يومها يشرح في منار السبيل وكان يتحدث عن الجنايات وتشعب فيها كثيرا ، إلا أنني لم أنتبه للدرس بقدر ما كنت أنظر إلى الشيخ وإلى هذا العالَم الجديد الذي لم أر مثله .
وبعد أن فرغ الشيخ من الدرس رأيت الإخوة يتسابقون بشكل عجيب إلى الشيخ فتعجبت من ذلك تعجبا شديدا ولم أفهم ماذا يريدون ؟ إلا أنني تسابقت معهم ومشينا مع الشيخ وحدث موقف والله لم أنسه ولن أنساه أبدا وهو أنني ونحن واقفون في الطريق مع الشيخ إذا بسيارة قادمة بسرعة فجذبني الشيخ من كتفي وقال لي : " خلي بالك " فأحسست بحب شديد لهذا الرجل وكانت هذه أول رؤية له .
بعد ذلك عدت إلى المنزل وعكفت على أشرطة الشيخ وسمعت كثيرا منها ، وذهبت مرة أخرى إلى درس الشيخ وسألته وقلت له " حضرتك ذكرت في أشرطتك أن طلب العلم على التوالي أفضل من طلبه على التوازي فهل تفسير القراّن يطلب بالتوازي مع حفظ القراّن أم بعد الفراغ من الحفظ ؟ " فابتسم الشيخ وقال لي : " انت عمال تستخدم مصطلحات الفيزياء عالعموم ركز هدفك في حفظ القراّن فقط حتى تستمتع بالقراّن لأنه سيكون في صدرك "
وهذه الدعابة من الشيخ جعلتني أزداد حبا لهذا الشيخ ، ولله الحمد فالاّن أواظب على بعض دروس الشيخ وأسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في شيخنا وأن يجعله للمتقين إماما .
2 - قصتي مع فقيه القاهرة الشيخ محمد بن عبد المقصود عفيفي
عرفتُه أول ما عرفتُه عن طريق شريط ( معنى السلفية ) وللعلم فقد توصلتُ إليه بمحض قدر الله دون أن يكون هناك أي ترتيب !
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=56212
وكان أولُ إصدارٍ أسمعه في حياتي عن تعريف لمعنى الدعوة السلفية ، فأعجبتُ جدا بطرح الشيخ حفظه الله ، وأزال بعض المفاهيم المغلوطة لدي عن الدعوة السلفية ومفهومها ، مما دفعني إلى الاقتراب أكثر من أشرطة الشيخ ، فسمعتُ بعض أشرطته الصوتية ، وشاهدتُ مرئيات لفضيلته ، وكان أكثر ما شدني في الشيخ حفظه الله :
أ - فقهه العالي وتأصيله المحكم الذي يقل وجود مثله .
ب - صدعه بالحق وجهره به .
ج - سمو أخلاقه واحترامه لأدب الخلاف .
د - الضبط اللغوي المحكم عند الشيخ حفظه الله .
ومع تعلقي بالشيخ حفظه الله إلا أنني لم أره في حياتي إلا يوم جنازة فضيلة الشيخ محمد عمرو رحمه الله رحمة واسعة ، فوالله ما إن رأيته إلا شعرتُ بهيبة عظيمة ، فوالله في وجهه نور ومهابة وبشاشة وتواضع .
3 - قصتي مع الفقيد الغالي محدث مصر الأول فضيلة الشيخ محمد عمرو رحمه الله
ما كنتُ أعلمه رحمه الله ؛ حتى دخلتُ ذات يومٍ مكتبةً للاطلاع على ما لديهم من جديد ، فأثناء بحثي وتفتيشي وجدت كتابا قديما قد علق التراب به ، وتاّكل غِلافه ، لكن العنوان شدني وهو : ( تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة ) فتصفحتُ الكتابَ ، فإذا بي أرى اّية من اّيات الله عز وجل !
أُعجبتُ بفكرة الكتاب إعجابا شديدا ، فالشيخ كان يذكر الحديث الضعيف ثم يذكر الشاهد الصحيح له من كلام الصحابة أو التابعين رضوان الله عليه .
ورأيتُ ضبطا وتحقيقا منقطعي النظير ، ومما شدني أكثر أنني وجدتُ للمؤلف شخصية ظاهرةً ، فكثير من المحققين اليوم قد تأثروا بالعلامة الألباني رحمه الله أو العلامة أحمد شاكر رحمه الله ..... إلخ حتى إنهم من فرط التأثر تضيع شخصيتهم في التحقيق وهذا وجدته كثيرا ؛ لذلك سررت عندما وجدتُ اسما جديدا - أي بالنسبة إليّ - ذا شخصية مستقلة وضبط ونقد متينين .
وللأسف الشديد لم أر الشيخَ في حياته أبدا ، بل لم أر حتى صورة له ، ولم أره رحمه الله إلا محمولًا على الأكتاف، وللأسف أيضا لم أستفد الاستفادة المطلوبة من علمه ، فلم أقرأ إلا الجزء الأول من تبييض الصحيفة !
لكن لعل الله عز وجل أن يوفقني إلى الاستفادة منه سواء عن طريق كتبه أو أشرطته أو تلاميذه الذين ألتمس منهم أن يبثوا علوم الشيخ رحمه الله ، فإن كان الشيخ قد أحب الخمول - كما ذكر ذلك الشيخ الحويني والدكتور محمد يسري حفظهما الله تعالى - فلم تُبثَّ علومُه بالشكل المطلوب ، فلنبثها نحن الاّن وفاءً لحق الشيخ ، ورفعا لذكره ، وتجرية لأجره وثوابه عند الله تبارك وتعالى .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين .