بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وأشهد ان لا إله إلا هو وحده والصلاة والسلام على من بعثه هادياً ومبشراً ونذيرا وعلى آله وصحبه اجمعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد
فمن توفيق الله ان يسر لي زيارة معرض الرياض للكتاب الدولي لهذا العام 1434هـ فقد كُنت في أجازة ومررت بمدينة الرياض وأقمت فيها ليلة حتى اكمل رحلتي عائداً إلى مقر إقامتي وعملي في المنطقة الشرقية فتهيئت لي اسباب زيارة المعرض وهذه نبذه عن زيارتي احكي فيها رحلتي وعن نفسي احب قراءة مثل هذه المواضيع ولعل هناك من يشاركني هذا الامر.
ففي صباح يوم الاحد الموافق 28/4/1434هـ زرت المعرض وهدفي كان فقط معرفة موقع المعرض حتى ازوره في وقت الظهيرة لأني قرأت ان الفترة الصباحية مخصصة لزيارة طالبات المدارس ولكني تفاجأت بمنظر الناس يدخلون المعرض زرافات و وحدانا فأوقفت سيارتي في موقف داخل فناء المعرض وقريب من بوابة المبنى ونزلت وأنا بين الخوف والرجاء.
دخلت مبنى معرض الكتاب ولم يكلمني احد من الموظفين فأدركت أن زيارتي هذه خير من ألف ميعاد, ولكن بقي ان ابواب المعرض ظلت مغلقة إلى الساعة العاشرة التي بقي عليها بضعة دقائق فوقف الجميع ينتظرون ان تفتح الابواب وكنت واقفاً عند اول مدخل للمعرض وعندما ألتفت عن يساري إلى بقية مداخل المعرض لم تقع عيني إلا على سواد في سواد بسبب كثرة النساء ويبدوا انهن جئن عن طريق الجامعات وخاصة جامعة الاميرة نورة التي لم يكف المنظمين للمعرض النداء عليهن عبر مكبرات الصوت.
جأت الساعة العاشرة ودخلنا المعرض فكان اول ما وقعت عليه عيني جناح شبكتنا الغالية (الألوكة) والذي وجدت فيه إصدارات الالوكة من الروايات الهادفة الفائزة بمسابقة الالوكة وكذلك الاصدارات الفائزة بمسابقة (أنصر نبيك وكن داعياً) وأيضاً مؤلفات الشيخ زيد الفياض رحمه الله وكذلك مؤلفات الشيخ الجريسي وتحقيقات فضيلة الشيخ سعد الحميد. وقد لاحظت الطريقة العصرية التي طبعت بها الروايات فجزا الله القائمين عليها خير الجزاء على سدهم هذا الثغر المهم فباب الروايات اصبح يشكل خطر على الاجيال الناشئة.
ثم بعد ذلك انتقلت للبحث عن دور النشر السورية والتي كانت هي أحد اهم اسباب زيارتي لمعرض الكتاب فالشراء منها هو دعم مادي ومعنوي نسأل الله سبحانه وتعالى ان يكون في عون أهلنا في سوريا وان ينصرهم على الطاغية عاجلاً غير أجل.
بحثت في قائمة دور النشر المشاركة فلم اجد أي دار نشر او مكتبة سورية! وذهبت لسؤال الموظف في مكتب الاستعلامات فاخبرني إن لم أجد اسمهم في القائمة فهم غير موجودين ولكن بعد سؤال الاخ في جناح الالوكة أخبرني عن مشاركة ثلاثة دور سورية فقط جأت على غير موعد بسبب غياب ثلاثة دور نشر مصرية كما اخبرني بتوفر بعض الاصدارات السورية لدى جناح دار البشير الاردنية وكذلك مكتبة المحمدي.
فزرت هذين الجناحين وكان على راس الكتب التي كنت ابحثها عنها كتاب (الوافي بما في الصحيحين) الصادر عن دار القلم للشيخ صالح الشامي فلم اجده وإن كنت وجدت الكثير من مؤلفات الشيخ وعلى راسها (الجامع بين الصحيحين) الصادر عن نفس الدار والذي كان متوفراً في اكثر من جناح.
وجدت في مكتبة المحمدي العديد من الإصدارات السورية التراثية النادرة كإصدارات دار كنان و وزارة الثقافة السورية ومن ما وجدت كتاب (البارق السَّنِي من حياة مكِّي الحسَني) ومؤلفه هو الشيخ خلدون بن مكي الحسني صاحب كتاب (إلى اين ايها الحبيب الجفري؟) والشيخ خلدون منذ شهر رمضان الماضي وهو اسير في سجون النظام الاسدي المجرم نسأل الله ان يفك اسره ويقر أعين احبابه برؤيته أمناً سالماً.
بعد ذلك زرت دار المعرفة السورية والتي كنت اتمنى زيارتها وأحمد الله سبحانه ان يسر لي ذلك ولكن للأسف يبدوا ان الظروف فرضت عليها جلب شيء يسير من إصداراتها فقد جئت باحثاً عن مؤلفات الدكتور عبد الرحمن الداية عن الاندلس وكذلك تحقيقه لديوان أبو أسحاق الالبيري رحمه الله فلم أجدها ولكن وجدت بعض مؤلفات الدكتور شوقي أبو خليل رحمه الله و وقعت عيني على كتابه عن (معركة شالديران) بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية فتذكرت النبذة التي وضعها في ذلك الكتاب عن الصراع بين السنة والروافض, فهل لو ادرك رحمه الله الحرب الطاحنة التي يدور رحاها الان على أهل السنة في الشام هل سيقول: لو أني استقبلت من أمري ما أستخرت لكتبت شيئاً أخر...
وبجوار دار المعرفة كانت دار سورية أخرى مشاركة لا يحضرني اسمها يتوفر لديها اصدارات دار الغرب الاسلامي الغنية عن التعريف وفيها وجدت نسخة (موطأ الامام مالك( تحقيق بشار معروف وقد نفذت هذه النسخة من المكتبات بعد مجلس سماع الشيخ الطريفي, ولكن ارتفاع سعرها منعني من شراءها.
بعد ذلك بدأت جولتي في بقية المعرض فوقعت عيني على دار النوادر وقد كُتب على عنوانها (دار النوادر اللبنانية) ومن الظريف ان اكثر من دار كل ما قلت لهم اسعاركم غالية قالوا: ماذا ستقول لو انك رأيت دار النوادر؟.
علماً باني وجدت أسعار إصدارات دار النوادر في المعرض ارخص منها في المكتبات وقد ادهشني ارتفاع سعر كتاب (المحلى) لابن حزم بتحقيق محمود شاكر ولا اذكر السعر كم هو بالضبط واخشى ان اظلمهم. ومع ذلك فدار النوادر لها جهد عظيم في تحقيق ونشر كتب التراث وطباعته في حلقة قشيبة وطبعة فاخرة وهذا بالتأكيد من ما يقلل اللوم عليها وكما قيل:وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ.... جاءت محاسنه بألف شفيع
ثم اكملت جولتي حتى مررت بجناح دار (المكتب الاسلامي) وقد كانت في زاوية ضيقة قد أمتلأت بالكتب وفيه بائع سوداني بشوش الوجه والمنطق ووجدت عنده الكثير من مؤلفات الشيخ صالح الشامي إلاأني للاسف لم أجد الكتاب الذي كنت ابحث عنه .
ولا يخلوا المعرض من منغصات على راسها كثرة النساء المتبرجات الكاشفات لوجههن بصورة لم نعهدها من قبل وكذلك توفر كتب الضلال والانحراف وقد دخلت إلى احدى الدور التونسية فلاحظت كثرة الكتب التي تحمل صور بورقيبة ووجدت على احد الرفوف كتاب يحمل اسم صحابي جليل رضي الله عنه فعندما رفعت الكتاب لقراءته ناداني العامل في الجناح وقال: هذا مؤلفه فلان الفلاني وهو من اشهر الشخصيات في تونس مع الشابي وبورقيبة. وكان مع العامل رجل سعودي سيما الليبرالية في وجهه المظلم فاخذ ذلك الرجل يهز رأسه مؤيداً فتصفحت الكتاب فلم افهم علاقة ذلك الصحابي بالكتاب والذي كان اشبه بالقصص لرجل معاصر يحمل اسم ذلك الصحابي الجليل وبعدها ادركت انك لا تجني من الشوك العنب فأعدت الكتاب إلى الرف وأعطيت الدار ظهري منصرفاً.
ومن خلال تجربتي القصيرة أقول ان المعرض كان رائع جداً وكل الشكر للقائمين على المعرض على كل ما بذلوه كما ان الزحام المعهود في السنوات الماضية قد تناقص كثيراً ويبدوا ان المتطفلين والقادمين والقادمات من اجل النزهة قد ملوا من المعرض.
يوم الاثنين الموافق 29/04/1434هـ