العقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان، أيا كان، ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين، مهما ارتكب من المعاصي، تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده، لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وقد نشأ هذا المذهب في أعقاب الخلاف السياسي الذي نشب بعد مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وعنه نشأ الاختلاف في مرتكب الكبيرة. فالخوارج يقولون بكفره والمرجئة يقولون برد أمره إلى الله تعالى إذا كان مؤمنا، وعلى هذا لا يمكن الحكم على أحد من المسلمين بالكفر مهما عظم ذنبه، لأن الذنب مهما عظم لا يمكن أن يذهب بالإيمان، والأمر يرجأ إلى يوم القيامة وإلى الله مرجعه. ويذهب الخوارج، خلافا للمرجئة، إلى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار. في حين وقف أكثر الفقهاء من أهل السنة والمحدثين موقفا وسطا، فرأوا أن قول المرجئة بعفو الله عن المعاصي قد يطمع الفساق، فقرروا أن مرتكب الذنب يعذب بمقدار ما أذنب ولا يخلد في النار، وقد يعفو الله عنه. ويعرف هؤلاء بمرجئة السنة ومنهم حماد بن أبي سليمان وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني و عبد المجيد بن أبي رواد وآخرون.[
معنى لغويا واصطلاحيا
يقول الشهرستانى : الإرجاء على معنيين: أحدهما بمعنى التأخير كما فى قوله تعالى:قالوا أرجه وأخاه [5] أى أمهله وأخره والثانى: إعطاء الرجاء وقد اطلق عليهم لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد. وأما بالمعنى الثانى فظاهر، فإنهم كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وقيل: الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضى عليه بحكم ما فى الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار [6]
كبارالمرجئة
من كبار المرجئة ومشاهيرهم: الجهم بن صفوان، وأبو الحسين الصالحى، ويونس السمرى، وأبو ثوبان، والحسين بن محمد النجار، وغيلان، ومحمد بن شبيب، وأبو معاذ التومنى، وبشر المريسى، ومحمد بن كرام، ومقاتل بن سليمان المشبه لله عز وجل بخلقه، ومثله الجواربى وهما من غلاة المشبهة [9]
اصول عقيدة المرجئة [10]
تكاد فرق المرجئة تتفق فى أصولها على مسائل هامة كتعريف الإيمان بأنه التصديق أو المعرفة بالقلب أو الإقرار. وأن العمل ليس داخلاً فى حقيقة الإيمان، ولا هو جزء منه، مع أنهم لا يغفلون منزلة العمل من الإيمان تماماً إلا عند الجهم ومن تبعه فى غلوه. وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأن التصديق بالشئ والجزم به لا يدخله زيادة ولا نقصان.وأن أصحاب المعاصى مؤمنون كاملو الإيمان بكمال تصديقهم وأنهم حتماً لا يدخلون النار فى الآخرة.
ولهم اعتقادات أخرى: كالقول بأن الإنسان يخلق فعله، وأن الله لا يرى فى الآخرة، وقد تأثروا فى هذه الآراء بالمعتزلة، وكذا رأيهم فى أن الإمامة ليست واجبة، فإن كان ولا بد فمن أى جنس كان ولو كان غير قرشى، وقد تأثروا بهذا الرأى من الخوارج الذين كانوا ينادون به ولم يطبقوه.
ومن عقائد المرجئة الجهمية أن الكفر بالله هو الجهل به –وهو قول جهم- وأن الإيمان هو المعرفة بالله فقط وأنه لا يتبعض، ومنها أن الجنة والنار تفنيان وتبيدان ويفنى أهلهما ولا خلود لأحد فيهما.