قال ابن القيم في النونية:
وحقيقة القدر الذي حار الورى في شأنه هو قدرة الرحمن
ما هو القدر؟؟
القدر أربع مراتب:
أذكر منها باختصار
1- علم الله بكل ما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
قال تعالى "والله بكل شيء عليم"
2- كتب الله كل ذلك في اللوح المحفوظ.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة "رواه مسلم
3- شاء الله أن يكون ذلك كما علمه وكتبه (وهي الإرادة الكونية)
قال تعالى :"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"
4- خلق الله ذلك كما علمه وكتبه وشاءه
قال تعالى:" الله خالق كل شيء"
فالله عز وجل خلق الملائكة خير محض لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
والأحب إلى الله من ذلك هو خلق فيهم الخير والشر يغلب خيرهم شرهم ويخضعون لله عز وجل يجاهدون الشرور والكفر بالنفس والمال والولد واللسان والجنان
قال تعالى :" ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"
وقبل أن يخلق الله الخلق علم من منهم سيكون على الخير ويغلب خيره شره ومن منهم يكون على الشر فيغلب شره خيره
ثم كتب ما علمه منهم
فإذا حاسبهم بمقتضى علمه وكتابته لم تكن الحجة بالغة
فخلقهم ومضى ما علم الله وكتبه كما علمه وكتبه وشاءه فإن علم الله محيط بكل شيء
أين الاختيار؟؟
الله خلقنا وشاء أن نكون مختارين وهذه قدرته عز وجل وهي صفة من صفاته العظيمة
وحاسبنا على ما فيه اختيار لنا
فنحن لا نحاسب على عمل القلب والكليتين والكبد والشرايين والمخ
لكن نحاسب على ما نختاره من عمل
فمتى ما وقع الجبر بطل الحساب
ماذا يعني هذا الكلام؟؟؟
نضرب مثالا برجلين كتب الله عليهما أنهما لن يصليا صلاة الظهر في يوم كذا
1- دخل وقت الصلاة وقام الرجل يتوضأ ليصلي
فوقع على رأسه وأغمي عليه
علم الله أنه لن يصلي وكتب أنه لن يصلي وأراد ذلك وخلقه
لكن الرجل أراد الصلاة وقام ليصلي فمضى قدر الله فلم يصلي الرجل
فهل عليه حساب؟؟
لا ليس عليه حساب بل مرفوع عنه القلم
2- الآخر رجل يضيع وقته بكامل إرادته المخلوقة في الخمور واللهو ويترك الصلاة عامدا متعمدا
ودخل وقت الصلاة
ففي قدر الله لن يصلي
والرجل لم يصلي كما علم الله وكتبه وأراده وخلقه
فهل عليه حساب؟؟
نعم عليه حساب ويعاقب على ترك الصلاة
فالمرء يشعر أنه مخير
فإنه يأكل بإرادته وقت ما يشعر بالجوع بغير إرادته
ويشرب بإرادته عندما يشعر بالعطش بغير إرادته
ويذهب للطبيب بإرادته عندما يشعر بالمرض بغير إرادته
ويلعب بإرادته ويؤذي جاره أو يبره بإرادته ويتكلم بأدب أو بسوء أدب بإرادته ويحرك يديه ورجليه بإرادته
ويطيع العبد ربه ويعصيه بإرادته
فمتى ما انتفت إرادته لسبب لا يملكه وليس داخلا في قدرته .......رُفع عنه القلم
والتوفيق بيد الله عز وجل فمتى ما رفع العبد يديه إلى الله مفتقرا إليه سائلا عونه على طاعته أُعطي
ومتى ما استغنى العبد واستكبر خُذل
وكل ذلك لا يخرج عن قدر الله علما وكتابة ومشيئة وخلقا لتمام قدرة الله وإحاطته بكل شيء
والله تعالى أعلى وأعلم