بابٌ عــظيـــمٌ ينصــحُ به شيخ الإســــلامــــ ــــــ:
"أنه لا يجوز أن نغفل سد ذرائع المنكر، عندما ننظر إلى سد ذرائع الأضرار التي تترتب على إنكار المنكر، فقد يكون المنكر منكراً إلى درجة يهون معها وقوع الأذى الجزئي في إعلان النكير على فاعليه حتى لو كانت السلطة، فلا شيء يبيد النعم كظلم السلطة.

وقد ورد في الحديث "أخوف ما أخاف عليكم حيف الأئمة" وفيه "خَافُ عَلَى أُمَّتِى الأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ" ولهذا صار أعظم الجهاد الإنكار على جور السلطان، لأن في استمراره على جوره وقوع الفساد العام، وإنما تحل العقوبة الإلهية عند السكوت عنه كما صح في الحديث.

كما أن في ترك إظهار الإنكار بالكلية خشية حصول مفاسد جزئية، اختلاط الحق بالباطل، وانقلاب المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وخفاء الدين على الناس، واندراس معالمه، ولعمري، إن هذه المفاسد لا تضاهيها مفسدة، فينبغي أن ينظر في سد هذه الذريعة أيضاً عند الترجيح، وقد وجدنا بعض المفتين لا يعير لهذا الجانب، اهتماماً وإنما يتوجه نظره فحسب إلى منع الدعاة من إعلان النكير على شيء خوفاً عليهم، حتى عمت المنكرات وطمت، وصار ما كان يحذر منه، قد وقع في أعظم منه، فهذا باب مهم جداً "الحسبة"
(ص: 151).