العدل الأسري !
والظلم الأسري !
إنَّ من سنن الله - تبارك وتعالى - في خلقه أن يبارك في الأسرة العادلة وإن كانت غير مسلمة ، وينزع البركة عن الأسرة الظالمة وإن كانت مسلمة .فلا تخلو الأسرة إما أن تكون عادلة أو ظالمة ، والمراد بالعادلة التي يتحرى أفرادها العدل في العطاء والمعاملة ، ويحرصون عليه ، ويتعلمونه ، ويعلمونه أبناءهم ويربونهم على حُبِّ العدل وتحريه ؛ أما الأسرة الظالمة فهي تلك التي لا يتحرى أ...فرادها العدل ، ولا يحرصون عليه ، ولا يتعلمونه ، ولا يعلمونه أبناءهم .ومن مظاهر العدل أن يعدل الرجل مع زوجته فلا يظلمها مستغلاً قوته وسلطانه عليها ، وأن تعدل الزوجة مع زوجها فلا تظلمه مستغلة ذكاءها وحيل النساء ومكرهن ؛ وسعادتهما تكمن في أن يكونا صديقين ، يقدمان علاقتهما كصديقين على علاقتهما كزوجين ، ويتخليان عن الرغبة الجامحة في السيطرة ؛ ومن مظاهر الظلم ما ينجم عن الرغبة الجامحة في سيطرة أحد الزوجين على الآخر ، الرجل بقوته وسلطانه والمرأة بحيلها ومكرها . ومن مظاهر العدل أن يعدل الوالدان بين الأبناء فلا يفضلون أحداً على من سواه في عطاء أو معاملة ، ففي صحيح الخبر عن النعمان بن بشير –رضي الله عنه- أنَّ أبَاهُ نَحَلَ بعضَ وَلَدِهِ نَحلَا ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده ، فقال : (( أَكُلُّ وَلَدِكَ نَحلتَهُ مِثلَ هَذَا ؟ قال : لا قال : هذه تلجئة ، هذا جَورٌ ، أَشهِدْ غَيري ، وقال : اعدلوا بين أبنائكم )) .ومن مظاهر العدل أن يعدل الأخ بين إخوته وأخواته فلا يفضل أخاً على آخر ولا أختاً على أختها ، وأن تعدل الأخت بين إخوتها فلا تفضل أخاً على آخر ولا تفضل أختاً على أخرى في عطاء أو معاملة ، فإذا أعطى أخٌ أخاه عطاءاً في مناسبة ما! وجب عليه أن يعطي الآخر العطاء نفسه في مناسبة مثلها فلا يزيد ولا ينقص ، فهو بذلك يسد المنافذ على الشيطان الذي لا يلبث أن ينزغ بين الأخوة كما نزغ بين أخوة يوسف – عليه السلام - ﴿ إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ .فإذا كان الشيطان قادراً على أن يستغل مشاعر بغض والحسد فيدفع بعشرة من الإخوة أبناء نبي وأحفاد نبي إلى أن يأخذوا أخاً لهم صغيراً فيلقون به في غيابة الجُّبِّ ! فإنه قادرٌ على أن يفعل غير ذلك في أخوة أدنى رتبةً من أباءِ الأنبياء وأحفادهم .ومن ثمار العدل الأسري أن تنعم الأسرة العادلة بنعمة السعادة وإن كانت تعيش تحت خط الفقر ؛ ومن آثار الظلم الأسري أن تشقى الأسرة الظالمة وإن كانت تعيش في رغد مادي .