قاعدة من كلام ابن دقيق العيد حول الخلاف الذى لا ينبنى عليه حكم فى العربية
قال(إن المقصود بالعربية إنماهو النطق بالصواب وذلك حكم لفظى و ما عداه من التقديرات و غيره مما لا يقدح فى اللفظ ليس هو بالمقصود فى علم العربية بالذات فمتى احتج محتج بشىء مسموع عن العرب لمذهب له فذكر فيه تأويل و كان ذلك التأويل مما يطرد فى جملة موارد الاستعمال فحينئذ لا يظهر للاختلاف فائدة لفظية لأن اللفظ جائز الاستعمال على الصورة و الهيئة المذكورة و على كل تقدير إما من غير تأويل كم يذهب إليه المستدل و إما بتأويل مطرد كما فى الموارد كما يذكر المجيب فلا يظهر للاختلاف فائدة فى الحكم اللفظى و هو المقصود من علم العربية مثاله فيما نحن فيه أنا إذا قلنا(فإن فى أحد جناحيه داء و الاخر شفاء) فأوله مؤول بحذف الجر و أول قولنا (ما كل سوداء تمرة و لا بيضاء شحمة) بحذف المضاف فاللفظ على الهيئة المذكورة جائز غير خارج عن الصواب و غاية ما فى الباب أن يكون الخلاف وقع فى وجه جوازه فقائل يقول هو على حذف المضاف و إبقاء عمله و هو جائز و قائل يقول هو على تقدير العطف على عاملين و هو جائز فالاتفاق وقع على جوازه و اختلف فى علته و ذلك لا يفيد فائدة لفظية اللهم إذا بين فى بعض المواضع فائدة بأن يكون الجواز مختصا بأحد المذهبين دون الاخر فحينئذ تظهر الفائدة المحققة المعتبرة فى علم العربية فانظر هذا فإنه يقع فى مواضع من مباحث النحويين) انتهى قلت و قد أشار الشاطبى إلى هذه القاعدة و نبه عليها فى أكثر من موضع فى شرحه على الألفية و مثل هذه الفوائد أنت واجد لها عند الحذاق من الفقهاء و الأصوليين لتضلهم فى علم العربية و من تمكنهم فى علومهم التى أكسبتهم حسن النظر و التأمل و لذلك قال الدكتور الطناحى قد يقع لغير المصنفين فى النحو ما لا يقع للمصنفين فيه و أن ذلك قد واتاهم بحسن النظر و التأمل و قد كان لبعضهم مشاركة ظاهرة فى النحو كالإمام السهيلى انتهى
رد مع اقتباس
