أقسام الناس في منهج التلقي:
أولًا: منهج السلف:
نتلقى العقيدة من كتاب الله ومن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة وإجماع السلف الصالح.
والدليل على كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" ]النساء: 59[
وقال تعالى: "وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" ]الشورى: 10[.
والدليل على إجماع السلف الصالح، قال تعالى: "وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" ]النساء: 115[.
والسلف لغة: هم الجماعة المتقدمون، يقال سَلَفَ ويَسْلُف, أي: مضى، وسَلَفُ الإنسان آباؤه المتقدمون، قال تعالى: "فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ" ]الزخرف 55-56[
وللسلف أسماء عدة عُرِفُوا بها منها:
1- أهل السنة والجماعة:
وهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
سبب التسمية: سموا بأهل السنة لتمسكهم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- المبينة للقرآن عملًا بقوله -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث العرباض بن سارية "فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ" ([1]).
وسموا بأهل السنة والجماعة لأنهم اجتمعوا على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه السلف.
وهنا سؤال: ماذا يعني مفهوم الجماعة؟
هم ما كانوا على الحق لذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: أنت الجماعة ولو كنت وحدك، وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" ]النحل: 120[
قال نعيم بن حماد: إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانوا عليه من قبل، وإن كنت وحدك فأنت الجماعة حينئذ ([2]).
2ـ الفرقة الناجية:
قيل لنجاتهم من النار لاتباعهم السنة كما في حديث معاوية بن أبى سفيان قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً -يَعْنِى الأَهْوَاءَ- كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِىَ الْجَمَاعَةُ وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ لاَ يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلاَ مَفْصِلٌ إِلاَّ دَخَلَهُ" ([3]).
3- الفرقة المنصورة:
لأنهم منصورون إلى قيام الساعة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "وَلَنْ تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ" ([4]).
4- أهل الحديث:
وذلك لأنهم اهتموا بنقل ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أحاديث وتمييز الصحيح منها من الضعيف واتبعوا ما جاء به من العقائد والأحكام ولا يفرقون بين الآحاد والمتواتر، وكل من عَلِم الحديث وعمل به، وإن لم يتخصص في أصول علوم الحديث، فهو من أهل الحديث، وتنطبق عليه الأخبار والآثار في الفرقة الناجية المنصورة.
ثانيًا: منهج الفلاسفة والعقلانيين:
هم يسمون العقيدة بعلم الكلام([5]) وسبق القول بأن أهل العلم ذموا هذه التسمية، و قد وضع أصحاب هذا المنهج قواعد أربعة قال عنها ابن القيم -رحمه الله- في كتابه (الصواعق المرسلة) هي الطواغيت الأربعة التي سمها أصحاب التأويل الباطل معاقل الدين؛ فانتهكوا بها حرمة القرآن ومحو بها رسوم الإيمان، وهي:
1- أن كلام الله ورسوله أدلة لفظية لا تفيد علمًا ولا يحصل منها يقين.
2- آيات الصفات وأحاديث الصفات مجازات لا حقيقة لها.
3- أن أخبار رسول الله الصحيحة التي رواها العدول وتلقتها الأمة بالقبول لا تفيد العلم وغايتها أن تفيد
الظن.
4- إذا تعارض العقل ونصوص الوحي أخذنا بالعقل ولم نلتفت إلى الوحي.
ومن هذه الفرق الفلاسفة والقدرية([6]) والماتريدية([7]) والجهمية([8]) والمعتزلة([9]) والأشاعرة([10]) الذين قلدوا الجهمية فى بعض آرائهم.
ثالثًا: منهج الأشاعرة والمعتزلة:
وهم يثبتون بعض الصفات وينكرون الآخر ولا يقولون بقبول خبر الآحاد في العقائد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الأشاعرة والماتريدية لا يُعدون من أهل السنة والجماعة لأنهم مخالفون لما هم عليه.
ـ للفرق الضالة أسماء منها:
أهل الافتراق وأهل الأهواء وأهل الزيغ و أهل الضلال، وأهل البدع.