تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

  1. Post القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .


    القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .


    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
    هذه مسألة خلافية بين أهل العلم ، ولكن في هذا البحث ، سيتضح لنا أن القول بأن أسماء الله غير محصور في هذه العدد ، وأن للحديث توجيهٌ عند جماهير أهل العلم ، وهذا القول ؛ هو القول الأصوب في المسألة ، ولكن سينتظم بحث الباحث في مطالب إليك هي :
    · المطلب الأوّل: سياق الحديث المتوّهم إشكاله وبيان وجه الإشكال.
    · المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال.
    · المطلب الثالث: الترجيح.

    المطلب الأوّل.سياق الحديث المتوّهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

    عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال : " إنّ لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنّة "، متّفق عليه .

    وفي لفظ آخر:" لله تسعة وتسعون اسمًا، مائة إلا واحدًا، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنّة وهو وتر يحبّ الوتر ". متّفق عليه(2).

    بيان وجه الإشكال :
    هو أن هذا العدد المذكور في الحديث، هل هو حاصر لأسماء الله تعالى كلّها، فلا تزيد عليه، أم أن المراد به بيان عدّة الأسماء التي اختصت بأن من أحصاها دخل الجنّة؟ .

    وفي الحديث إشكالان آخران :
    أحدهما : في بيان معنى الإحصاء الوارد في الحديث.
    والثاني : هل يمكن معرفة هذه الأسماء التسعة والتسعين على وجه التعيين.
    وسيأتي الكلام عليهما في المطلب الثالث إن شاء الله تعالى.

    المطلب الثاني.أقوال أهل العلم في هذا الإشكال
    اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
    القول الأوّل: أن الأسماء الحسنى ليست محصورة بهذا العدد المذكور، وأن مقصود الحديث بيان أن هذه الأسماء قد اختصت بان من احصاها دخل الجنّة.

    وإلى هذا ذهب الجمهور، بل نقل النووي-رحمه الله تعالى- اتّفاق العلماء عليه قال: "واتّفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه: أنّه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنّما مقصود الحديث ان هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنّة ، فالمراد الإخبار عن دخول الجنّة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء".

    وقد نصّ جمع من أهل العلم على أن الحديث لا يفهم منه إرادة حصر أسماء الله تعالى بالعدد المذكور فيه، وممن نصّ على ذلك: الخطابي، والباقلاني (2)،والبيهقي، وابن العربي ،والقرطبي، وابن تيمية، وابن القيّم، وابن كثير،وابن الوزير،وابن حجر،والشوكاني،و حافظ الحكمي،محمد العثيمين، وغيرهم.

    قال الخطابي-رحمه الله تعالى- عند حديث (إن لله تسعة وتسعين اسما..):"فيه إثبات هذه الأسماء المحصورة بهذا العدد، وليس فيه نفي ما عداها من الزيادة عليها، وإنّما وقع التخصيص بالذكر لهده الأسماء لأنّها أشهر الأسماء وأبينها معاني وأطهرها.

    وجملة قوله:(إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنّة) قضية واحدة لا قضَيتان، ويكون تمام الفائدة في خبر(إن): في قوله:(من أحصاها دخل الجنّة)، لا في قوله: (تسعة وتسعين اسمًا)، وإنّما هو بمنزلة قولك:إن لزيد ألف درهم أعدّها للصدقة، وكقولك:إن لعمرو مائة ثوب، وإنّما دلالته: أن الذي أعدّه زيد من الدراهم للصدقة ألف درهم ، وأن الذي أرصده عمرو من الثيّاب للخلع مائة ثوب.

    وقال شيخ الاسلام ابن تيمية-الله تعالى-: والصّواب الذي عليه جمهور العلماء أن قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنّة، معناه: أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنّة، ليس مراده أنّه ليس له إلا تسعة وتسعون اسمًا.

    وقال ابن القيم-رحمه الله تعالى-:"الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تحدّ بعدد، فأن لله تعالى أسماءً وصفاتٍ استأثرها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرّب ولا نبّي مرسل...وأمّا قوله صلّى الله عليه وسلّم )إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنّة)، فالكلام جملة واحدة، وقوله:(من أحصاها دخل الجنّة) صفة لا خبر مستقلّ، والمعنى: له أسماء متعدّدة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنّة ،وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها، وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك قد أعدّهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد، وهذا الاختلاف بين العلماء فيه.

    أدلةٌعلى هذا القول:

    1.حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(ما أصاب أحد قطّ هم ولا حزن فقال: اللهم إنّي عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك أسألك بكلّ اسم هو لك سميّت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه ، وأبدله مكان حزنه فرحا).

    والشاهد من هذا الحديث قوله:(أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، فإن فيه دليلا على أن أسماء الله تعالى أكثر من تسعة وتسعين، وان له أسماءً وصفات استأثرها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره.

    قال الخطابي-رحمه الله تعالى- :" فهذا يدلك على ان لله أسماءً لم ينزلها في كتابه، حجبها عن خلقه،ولم يظهرها لهم".

    وقال ابن القيم تعليقا على هذا الحديث : "فجعل أسماءه ثلاثة أقسام : قسم سمّي به نفسه فاظهره، لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه".
    وقسم أنزل به فتعرّف به عباده.
    وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحدا من خلقه".

    وقال الشوكاني عند هذا الحديث :(فيه دليل على أن لله سبحانه وتعالى أسماءً غير التسعة والتسعين).

    2.حديث عائشة _رضي الله عنها_:أن رسول الله _صلّى الله عليه وسلّم_ كان يقول في دعائه وهو ساجد:(اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)، رواه مسلم.

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية:(فأخبر أنّه صلّى الله عليه وسلّم لا يحصي ثناءً عليه، ولو أحصى جميع أسماءه لأحصى صفاتها كلّها، فكان يحصي الثناء عليه، لأن صفاته إنّما يعبر عنها بأسمائه).

    3. حديث أبي هريرة في الشفاعة، وفيه أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:(ثمّ يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي)، متفق عليه.

    ووجه الاستشهاد لهذا الحديث :أن حمد النّبي صلّى الله عليه وسلّم لربّه وثناءه عليه إنّما يكون بأسماءه وصفاته،وقد اختص نبينا صلّى الله عليه وسلّم في هذا المقام بقدر زائد على ما هو معلوم منها، بدليل قوله:( لم يفتحه على أحد قبلي)، وهذا يدّل على أن أسماء الله تعالى غير محصورة بالتسعة والتسعين.

    قال القرطبي:(وقد دّل أن لله أسماءً أخر ماقدمناه من قوله صلّى الله عليه وسلّم:( فأحمده بمحامده أقدرّ عليها، إلا أن يلهمينها الله).

    القول الثاني: أن أسماء الله تعالى محصورة بهذا العدد المذكور في الحديث-تسعة وتسعين- لا تتجاوزه، وهي المنصوص عليها في الكتاب والسنّة.

    والى هذا ذهب ابن حزم رحمه الله تعالى، منكرًا أشدّ الانكار على من أجاز الزيادة على التسعة والتسعين، اليك نصّ كلامه:
    قال رحمه الله تعالى:( وإن له عزّ وجلّ تسعة وتسعين اسمًا مائة غير واحد، وهي أسماؤه الحسنى،من زاد شيئا من عند نفسه فقد ألحد في أسمائه، وهي الأسماء المذكورة في القرآن والسنّة... وقد صحّ أنّها تسعة وتسعون اسمًا فقط، ولا يحلّ لأحد أن يجيز أن يكون له اسم زائد، لأنّه عليه الصلاة والسلام قال: (مائة غير واحد)، فلو جاز أن يكون تعالى اسم زائد لكانت مائة اسم ولو كان هذا قوله عليه الصلاة والسلام ( مائة غير واحد) كذبا، ومن أجاز هذا فهو كافر.

    أدّلة القول:
    عمدة هذا القول هو حديث التسعة والتسعين، خاصة قوله صلّى اله عليه وسلّم:(مائة إلا واحدا)، حيث فهم منه ابن حزم الظاهري- رحمه الله تعالى- أن أسماء الله تعالى محصورة بهذا العدد، فمن ادّعى الزيادة عليها فقد كذّب هذا الحديث.

    قال رحمه الله تعالى:( ولا يجوز أن يقال :إن لله تعالى أسماء غيرها، لأنّه قول على الله عزّ وجلّ بغير علم، ولقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :(مائة غير واحد)، فنفى عليه الصلاة والسلام الزيادة في ذلك بنفيه الواحد المتمم للمائة، فلا يجوز إثباته البتّة ، ولا إثبات زيادة على ذلك.

    وقال أيضا:"قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (مائة غير واحد) مانع من أن يكون له أكثر من ذلك، ولو جاز كان قوله عليه الصلاة والسلام كذبا، وهذا كفر ممن أجازه، وبالله التوفيق.

    المطلب الثالث .الترجيح :
    لا ريب أن القول الأوّل –وهو قول الجمهور- هو المتعين، فالحديث لا يفيد حصر اسماء الله تعالى في التسعة والتسعين، غاية ما فيه أن من أحصى هذا العدد فهو موعود بدخول الجنّة ، وليس فيه ا،ّها لا تريد على هذا العدد، فهو كقول القائل: عندي مائة مملوك أعددتهم للعتق ،فإنّ هذا لا ينفي وجود مماليك سواهم غير معدين للعتق.

    فالتقييد في الحديث بالعدد المذكور هو في الموصوف لهذه الصفة، لا في أصل استحقاقه لذلك العدد، فإنّه لم يقل: إن أسماء الله تسعة وتسعون.

    وقد قال الله تعالى في كتابه:(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) [الأعراف:180]، فأمر أن يدّعى بأسمائه الحسنى مطلقا، ولم يقل، ليست أسماؤها الحسنى إلا تسعة وتسعين اسمًا.

    وجاءت الأدلة الصحيحة بما يفيد زيادتها على هذا العدد، كما في أدلة القول الأوّل.

    وأمّا القول الثاني، وهو القول بأن أسماء الله تعالى محصورة بهذا العدد الوارد في الحديث وأنّها لا تزيد عليه البتّة، فقول ضعيف شاذ، لم أجد من قال به-بعد البحث- غير ابن حزم رحمه الله تعالى، وقد أشار شيخ الاسلام ابن تيمية، الى أنّه قول ابن حزم وطائفة، لكنّه لم يسم أحداً.

    من كتاب : " أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين " لسليمان بن محمد الدبيجي .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,511

    افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    كلام مؤصل ورائع

  3. افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    مكمل للكلام الأول (2) :

    وأما استدلاله بالتأكيد في قوله _صلى الله عليه وسلم_ _ : "مائةٌ إلّا واحداً " ـ على تعيُّن الحصر بهذا العدد ، وعدم جواز الزيادة عليه ، فباطلٌ من وجوه :

    الوجه الأول : أن الحصر المذكور ، إنما هو باعتبار الوعد الحاصل لمن أحصاها ، ولا يلزم من ذلك ، أن لا يكون هناك اسمٌ زايدٌ عليها .

    الوجه الثاني :أن قوله _صلى الله عليه وسلم _ " مائة إلّا واحداً " مجرد تأكيد لقوله : "تسعةً وتسعين " ، حتى يتقرر ذلك في نفس السامع ، جمعاً بين جهتي الإجمال والتفصيل ، أو دفعاً للتصحيف الخطي والسمعي ، فقد تشبه مثلاً : بسبعةٍ وسبعين .

    ثم إن قوله _صلى الله عليه وسلم _ : " مائة إلاَّ واحداً " ، لم يفد شيئاً زائداً على قوله : "تسعةً وتسعين " _سوى التأكيد _ حتى يُفهم منه نفي الزيادة وإبطالها ، كما زعم ابن حزمٍ _رحمه الله تعالى _ .

    الوجه الثالث : إن الأسماء الموجودة في الكتاب والسنة ، أكثر من تسعةٍ وتسعين ، وقد تتبعها بعض العلماء ، فأوصلها إلى ستةٍ وأربعين ومائةٍ ، كابن العربي .

    وبعضهم أوصلها إلى خمسةٍ وخمسين ومائة ، كابن الوزير .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وإن قيل : لا تدعوا إلَّا باسم له ذكرٌ في الكتاب والسنة ، قيل : هذا اكثر من تسعةٍ وتسعين " .
    وقال ابن الوزير : "وقد ثبت أن أسماء الله تعالى ، أكثر من ذلك المروي بالضرورة والنصِّ ، أما الضرورة ؛ فإن في كتاب الله أكثر من ذلك ... وأما النصُّ ؛ فحديث ابن مسعودٍ _رضى الله عنه _ ، وقد تقدم في المطلب الثاني .
    إذا تبين هذا ، وهو أن أسماء الله تعالى ، غير محصورةٍ بالعدد المذكور ، بل تزيد عليه ؛ فما معنى الإحصاء الوارد في الحديث ؟ . وهل يمكن معرفة هذه الأسماء التسعة والتسعين على وجه التعيين ؟ ,

    والجواب عن هذا يمكن تقسيمه إلى مسألتين كما يلى :
    المسألة الأولى : في معنى الإحصاء الوارد في الحديث :
    إحصاء أسماء الله تعالى الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم ، فمن أحصى أسماءه ، كما ينبغي ؛ فقد أحصى جميع العلوم ، لأن المعلوما هي من مقتضاها ، ومرتبطةٌ بها .

    ولذلك فقد رتب الله تعالى على إحصائها ، أفضل الثواب واعظم الجزاء ، كما في قوله _صلى الله عليه وسلم _ " "إن لله تسعة وتسعين اسماً ، من أحصاها دخل الجنة " . متفقٌ عليه .

    وقد قيل في معنى الإحصاء الوارد في الحديث عدة أقوالٍ أشهرها ، أربعةٌ ؛ وهي كالتالي :
    القول الأول : أن المراد به العدَّ ، أي : أن يعدها حتى يستوفيها حفظاً ، فيدعو ربه بها ، ومنه قوله تعالى : {وأحصى كلَّ شئٍ عدداً } الجن :28 .
    وإلى هذا ذهب ابن الجوز ي ، والشوكاني ، واستظهره الخطابي ، والنووي ، وذكر أنه قول الأكثرين .
    ونسبه بعضهم للبخاري ، لأن قال بعد روايته للحديث : "أحصيناه : حفظناه " .

    ودليلُ هؤلاء : أنه جاء في بعض طرق الحديث _كما عند مسلمٍ _ :" من حفظها " بدل : " من أحصاها " ، وعند البخاري :"لا بحفظها أحدٌ إلَّا دخل الجنة " .

    قال ابن الجوزي : "لما ثبت في بعض طرق الحديث : " من حفظها " بدل : "من أحصاها " ؛ اخترنا ؛ أن المراد العدُّ / أي : من عدَّها ليستوفيها حفظاً " .
    لكن هذا القول ؛ تعقبه بعض العلماء ؛ مبينين أن الإحصاء ليس مجرد العد فقط .

    قال الأصيلي : "ليس المراد بالإحصاء عدَّها فقط ، لأنه قد بعدها الفاجر ، وإنما المراد العمل بها " .

    وقال أبو نعيمٍ : "الإحصاء المذكور في الحديث ؛ ليس هوالتعداد ، وإنما هو العمل والتعقل بمعاني الأسماء ، والإيمان بها " .

    وقال الحافظ ابن حجرٍ ، معقباً على كلام ابن الجوزي :" فيه نظرٌ ، لأنه لا يلزم من مجيئه بلفظ : "حفظها " ،تعيُّن السرد عن ظهر قلبٍ ، بل يحتمل الحفظ المعنوي " .

    القول الثاني : أن المراد بالإحصاء : الإطاقة ، كقوله سبحانه : [علم أن لا لن تحصوه ]. المزمل :20. أي : لن تطيقوه ، ويكون معنى الحديث ، من أطاقها ، وذلك ؛ بالمحافظة على حدودها ، والقيام بحقها ، والعمل بمقتضاها ، فإذا قال : السميع البصير ، علم أنه لا يخفى على اله خافية ، وأنه بمرأى منه ومسمعٍ ، فيخافه في سره وعلنه ، ويراقبه في كافة أحواله ، وإذا قال : الرزاق ؛ اعتقد أنه المتكفل برزقه ، يسوقه إليه في وقته ، فيثق بوعده ، ويعلم أنه لا رازق له غيره ، وهكذا بقية الأسماء .

    القول الثالث :أن المراد بالإحصاء : العقل والمعرفة ، مأخوذ من الحصاة ، وهي العقل ، قال طرفة :
    وإن لسان المرء ما لم تكن له ...... حصاةٌ على عوراته لدليل .
    والعرب تقول : فلانٌ ذو حصاةٍ ، أي : ذو عقلٍ ومعرفة بالأمور .
    ويكون معنى الحديث : من عرفها ، وعقل معانيها ، مؤمناً بها دخل الجنة .

    قال الزجاج : " ويجوز أن يكون معناه ، من عقلها ، وتدبر معانيها ، من الحصاة التي هي العقل " .

    القول الرابع : أن المراد بالإحصاء : أن يقرأ القرآن كاملاً ؛ حتى يختمه ، فيكون بذلك ؛ قد استوفي هذه الأسماء كلها ، في أضعاف التلاوة ، فكأنه قال : من حفظ القرآن ، وقرأه ؛ فقد استحق دخول الجنة ، وإلى نحو من هذا ؛ ذهب أبو عبد الله الزبيري .

    والذي يظهر _ والله أعلم _ أن الإحصاء يكون بمجموع الأقوال الثلاثة الأولى ، فيكون :
    1-بالعدِّ والحفظ .
    2-والعقل والمعرفة .
    3-والإطاقة ، بالتفسير المتقدم .
    ولا تنافي بينها ، بل كل واحدٍ منها مكملٌ للآخر ، فيكون المعني : من عدَّها ، وأحاط بها لفظاً ، وفهم معانيها ، ودعا الله بها ، وتعبده بمقتضاها ، دخل الجن .
    قال السعدي _رحمه الله _ في معنى : " أحصاها " : " أي : من حفظها ، وفهم معانيها ، واعتقدها ، وتعبد الله بها ، دخل الجنة " .
    ثم قال الباحث : " وأختم هذه المسألة بما حرره العلامة ابن القيم _رحمه الله _ حيث بيَّن أن للإحصاء ثلاث مراتب :
    المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعدها .
    المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .
    المرتبة الثالثة :دعاؤه بها _كما قال تعالى _ :{ولله الأسماء الحسنى ؛ فادعو بها } . الإعراف : 180 ، وهو مرتبتان :
    إحداهما : دعاء ثناءٍ وعبادةٍ .
    والثاني : دعاء طلبٍ ومسألة .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    السلام عليكم ورحمة الله أرى أن فهم إبن حزم لحديث التسع وتسعين إسما وأنه يفيد الحصر هو الأرجح لإمكان الإكتفاء والوقوف عند المقدمة الأولى وزيادة تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم بنفي ما فوق التسع والتسعين يقوي مذهب أبي محمد أما حديث بن مسعود فضعيف من كل طرقه فلن تستطيع إلزام الإمام به ولا من يرى رأيه في بطلا ن منهج التصحيح بالتقوية وعلى العموم هي مسألة دقيقة ولا أحد بإمكانه فصل النزاع فيها إلا أن يشاء الله وما أردت التنبيه عليه أن إختيارات فحول العلماء يجب أن تقف عندها كثيرا بتجرد وموضوعية ولا تستسهل الترجيح بالكثرة أو بوصف القول المخالف أنه شاذ فالشاذ ما خالف الحق ومن شذّ شذّفي النار وفقني الله وإياك وجميع المسلمين لكل خير

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    ظاهر حديث الباب يفيد الحصر وتاويله بحديث ابن مسعود لا يصح لضعف الحديث
    وعد الراوي تسعة وتسعين اسما بعد رواية الحديث يفيدك ان الراوي فهم من الحديث الحصر
    اذ لا يصح الاجتهاد في تعيين اسماء وجعلها مقصودة بالحديث مع ترك اسماء اخرى



  6. افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    ظاهر حديث الباب يفيد الحصر وتاويله بحديث ابن مسعود لا يصح لضعف الحديث ،وعد الراوي تسعة وتسعين اسما بعد رواية الحديث يفيدك ان الراوي فهم من الحديث الحصر ،اذ لا يصح الاجتهاد في تعيين اسماء وجعلها مقصودة بالحديث مع ترك اسماء اخرى "

    أخي الكريم_ قولك هذا ، لا أراه صواباً ؛ لا لغةً ولا واقعاً شرعاً ، بل العكسُ على خلافه ؛ وهذا ما ذهب إليه : جماهيرُ أهل العلم ، بل حكي النووي _رحمه الله_ الاتفاق عليه _كما مرَّ معنا_ ، وقد شذَّ ابن حزمٍ عنهم !.


    ثم قولك :" وتأويله بحديث ابن مسعود لا يصح لضعف الحديث" !.
    أما قولك بأن الحديث "ضعيف" ؛ فقد صححه جماعة من أهل العلم ، منهم الشيخ الألباني _رحمه الله_ ، وعلى فرض ضعفه ؛ فله شواهدٌ تشهدُ لمعناه ، كما فاتك _أخي الكريم_ أنه ليس الدليل الوحيدُ الذي أوَّل به الجمهور الحديثَ ، بل هناك أدلةٌ لغوية وعلمية شرعية أخرى لو انتبهت _راجع البحث_ !!.


    أما قولك :" وعد الراوي تسعة وتسعين اسما بعد رواية الحديث يفيدك ان الراوي فهم من الحديث الحصر " ! .
    وهل فهمه ملزمٌ وحجةٌ _أخي الكريم _؟ .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  7. افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    :" وعد الراوي تسعة وتسعين اسما بعد رواية الحديث يفيدك ان الراوي فهم من الحديث الحصر " ! .

    ثم قولك :" أنه فهم منه الحصر" ؛ لا يسلم لك _أخي الكريم_ ، بل اجتهد في الإحصاء لا الحصر .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: القول الأسمى في تحرير قوله :" إن لله تسعةً وتسعين اسماً " .

    هل يمكن تعين تسعة وتسعين اسم وجعل ثواب الحديث معلق عليها دون باقي الاسماء
    ام ان الاجتهاد في مثل هذا رجما بالغيب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •