حذفت نون ( كان) المضارع في ثمانية عشر موضعاً في القرآن الكريم ، منها قوله سبحانه : ( فإن يتوبوا يَكُ خيراً لهم) و قوله : ( و لم أَكُ بغيا) ، و قوله جلّ و علا : ( قالوا لم نَكُ من المصلين )
فيجوز حذف نون ( كان) المضارع :
أ – إذا وردَ مضارعاً مَجْزوماً بالسكون ، كقوله عزّ و جل: ( ذلك بأنّ الله لمْ يَكُ مغيّرًا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم )
ب - إذا تلاه حرف متحرِّك ( و ليس ساكناً )كقوله سبحانه: ( و إن يكُ كَاذباً فعليه كذبه ) ، لذلك ثبتتْ هذه النون و لم تُحذف في قوله عز و جل : ( و مَن يكُن الشَّيطان له قريناً فساءَ قريناً) لأن النون تَلاها ساكن ، و هو الشين في ( الشَّيطان ) .
ث - إذا لم يتلُه ضمير متصل ، فلا تجوز جملة : ( لم تَكُ هيَ )
وقد تنضاف - إلى هذه الشروط النحوية - عوامل بلاغية تُعزّزها ، حيث يُلاحَظ من الناحية الأسلوبية البيانية أنَّ الآيات القرآنية التي حُذفت فيها نون ( كان) المضارع كان للسياق الذي وردتْ فيه و للمضمون الذي تتحدَّث عنه أثرٌ في هذا الحذف ، فقوله سبحانه و تعالى مثلا: ( و إن تك حسنة يضاعفها) له دلالة الأمر القطعي البديهي الذي لا جدال و لا شكَّ فيه ، إذْ فيه تأكيدٌ و قطعٌ بمضاعفة الحسنة عند الله جلَّ و علا ، و من ثَمَّ فكأَنَّ قطع نون ( يكن) يفيد القطع في أمر مضاعفة الحسنة .
كما نلاحِظ أن الآية جاءتْ موجزة ليس فيها تفصيل لا لنوع الحسنة التي تُضاعَف ، و لا لمُواصفات مَن تُضاعف له الحسنة ، بل إنّ اللفظ جاء نكرة ( حسنة ) دلالة على الإيجاز و عدم التفصيل في الأمر . فأي حسنة مهما كانت فهي تُضاعف بمشيئة الله .
و هذا الإيجاز و استعمالُ أقل عدد من الكلمات : الشرط ( و إن تك حسنة ) و جوابه (يضاعفها ) دون إضافة أي متعلِّقات بأيّ ركن من أركان الشرط و جوابه فيه ما فيه من الدلالة على الاختصار ، و العمل على إفادة الدلالة بأقل تركيب .
فكان من المناسب في هذا المقام حذف نون ( يكن ) لأننا أمام سياق يطبعه الإيجاز و الاختصار ، و القطع كذلك بأمرٍ لا شكَّ فيه و هو مضاعفة الحسنة .
بقي أن نشير إلى أن نون ( كان) المضارع يجوز فيها الإثبات كما يجوز الحذف ، يقول ابن مالك :
ومن مضارع ٍ لكان منجزم*** تحذف نونٌ وهو حذف ٌ ما التزم.