أنا والأطفال والحاسوب... في العادة يقيم معي أحد الأبناء الصغار لأختي ليلى - كبرى شقيقاتي - لتسليتي أثناء تواجدي بالبيت ودفع ملل الوحدة عني
وللحق فهم أطفال كثيروا العبث، ولكن بكل حال هم خير من الوحدة، ولكني وإن تجاهلت عبثهم بكل شيء، فدائمًا أشدد عليهم ألا يدخلوا غرفة الحاسوب، وأكرر لهم جملة حتى حفظوها وكانوا يبتدرونني بها "إلا الكمبيوتر لأن عليه أبحاثك ورسالة الدكتوراه ".
ورغم ذلك زيادة في الحيطة كنت أغلق حجرة الحاسوب وأجعل المفتاح في جيب سترتي.
وفي يوم قالت لي ليلى: لن أرسل لك أحدًا من الأولاد غدًًا لأننا سنخرج لنزهة.
ولست أدري لماذا تنفست الصعداء مع هذا الخبر، وفي الصباح قمت مبكرًا وقمت بفك أجزاء الحاسوب لتنظيفها على عادتي، وأنا مستمتع بالوحدة، وفجاءة سمعت دقات العاشرة فخرجت منطلقٌا إلى الجامعة حيث موعدي مع المشرف في العاشرة والنصف.
وحضر المشرف متأخرًا قليلًا ولولا ذلك ما أدركته، وبينما هو يناقشني في بعض النقاط قال لي: هذه الفقرة أعد صياغتها وصفها على الحاسوب، و...
ولست أدري لما - وبحركة لا إرادية - تحسست مفتاح الحجرة في جيب سترتي ولم أجده، وتذكرت أن العجلة دفعتني لتركه في السترة الأخرى، وعندها انزعجت جدًا وتملكني قلق بالغ من عبث الأولاد، ثم تذكرت أنهم ليسوا في شقتي واطمأننت لكن قليلُا ثم عاودني القلق، وكان المشرف يكلمني وقلبي بين "الماوس والكيبورد".
عجيب هذا القلق ولا مناسبة له، نعم لا مناسبة له !!
الأولاد الآن في نزهتهم والبيت يصفر فيه الريح ففيما القلق، وسكنت خوفي بهذا وأنهيت اللقاء وانصرفت إلى البيت وقد نسيت هذا الخاطر المزعج.
وصلت البيت وصعدت درج السلم وأنا أدندن بأبيات لأبي الطيب وأحاول محاكاتها و....
ووصلت لباب الشقة وأدرت المفتاح في رتاجه ولكن الباب لم ينفتح أبدًا وسمعت من خلفه ضحكات وهمسات الأطفال فبلغت دهشتي ذروتها وطرقت الباب طرقًا متعاقبًا.
وفتح الباب ووجدت خالد الذي فتح لي الباب يقول بعفوية الطفل" والله أنا لم أصنع شيئًا...هم هم من أوقعوه على الأرض".
وصرخت بكل لهفة ماذا؟ ماذا؟.... ماذا حدث؟ وبكل لهفة أيضًا التفت إلى باب الغرفة فوجدته مفتوحًا فأحسست بالشلل قد تمكن من ساقيا فلم تحملاني وأنا أصرخ بصوت تملؤه لوعة الأسى يا أولالالالالالال الالالالالالالا لالاد يا أولالالالالالال الالالالالالالا لالاد ماذا فعلتم؟؟ ماذا فعلتم بحاسوبي؟؟
وفجاءة خرجوا من الغرفة – وأنا بعد لم أتجاسر على دخولها – وقال لي علي (أصغر الأولاد): "كنا بنغسِّله"
وخيل إلي أن هذا الولد يريد أن يقتلني بالجلطة فصرخت وأنا أجري لأفتح باب الغرفة: لا لا لا حرام حرام تعب السنين.
وفجأة وقعت عيني على الحاسوب و......
ورأيته قابعًا في مكانه كما هو ولم تلمسه يد بل حتى أجزاؤه المفككة لم يحرك الأولاد شيئا منها....وانفجرت في ضحك هستيري.
فاجتمع الأولاد ودخلت أمهم في هذا الوقت معهم من باب الشقة إلى الحجرة وهي تقول: اضحك الله سنك، خيرًا إن شاء الله!!؟؟
فأجبت سؤالها بسؤال وقلت لها: متى عدتم من المنتزه، فقالت قبل الظهر؛ شعرت هالة بارتفاع حرارتها فأتيت بإخوتها إلى هنا واصحبتها إلى الطبيب و....
ولكن علاما تضحك بهذه الصورة فقصصت عليها القصة، فنادت: يا خالد ألا تكف عن الوشاية، فقال لها: "والله يا أمي أنا لم أصنع شيئًا...هم هم من أوقعوه على الأرض".
- ما هو؟؟
- الدب الأحمر الذي في غرفة الحاسوب، أخذوه ليغسلوه فوقع على الأرض.
- وهنا انفجرت في الضحك من جديد.
تمت