بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الرسول المصطفى
هذه القصيدة للعلامة الشيخ محمد بن محمد المامي اليعقوبي رحمه الله في تبيان عمل أهل المدينة الذي هو أصل من أصول المذهب المالكي
وقد أبرز في قصيدته تعدادا لأِهم المسائل المنسوبة لعمل أهل المدينة وبيان بعض مسائلها وبيان قوتها وسلامتها مبينا بعض اجتهاداته في ذلك
وسوف يتعرض فيها لبعض الاجوبة التي أجاب بها بعض فقهاء المالكية عن كثير من الاعتراضات التي اعترض بها بعض الفقهاء فمنها مثلا
القبض والسدل وقد ذكر عن السدل بأنه عزاه بعض الفقهاء المالكية لعمل أهل المدينة ولكنه ذكر بأنه لم يجد من عملهم
ومنها أيضا جوابهم عن الحديث الصحيح في مفارقة البيعين بعد البيع الذي عمل الفقهاء بخلافه اعتمادا على عمل المدينة وجوابهم في ذلك إلى أخره
يقول :
تواتر أعصرا عمل المدينة ينير لمن يريد العلم دينه
بها كانت خواتم فعل طه وكانت للهدى درعا حصينه
على عهد الصحابة خير عهد وعهد التابعين أضف سنينه
وكانت عشرة الآلاف فيها من الاصحاب وهي بها دفينه
وكان السبعة الفقهاء منها فلم تعمر عمارتها مدينه
إليها يأرز الايمان تنفى خبيثا من وبا فتن أمينه
كفى بالمسجد النبوي طوبى لمن صلى به أو مس طينه
وادرك مالك فيها قطينا فمن هذا الذي لاقى قطينه
إلى أن مات فيها عام قطع فأضحت بعده الدنيا حزينه
ولو ضربوا لها أكباد إبل وأقلق كل ذي نضو وضينه
فسل بالمذهب المدني صرفا مسائل في الموطإ مستبيه
أصح كتب بعد كتاب ربي فلا يرتاب في آثاره نهي
ومن يحلف بصحة ما حوى من حديث بر عن نفر يمينه
تفيد رواية الاحاد ظنا وهذا قد يبلغه يقينه
وقد عدوه أصلا من أصول عليها قام مذهبه متينه
وهذا المبحث القاضي عياض لنا من غثه أبدى سمينه
فضرب من طريق النقل ياتي وضرب باجتهاد ذوي السكينه
فما نقلوه من قول وفعل وتقرير روايته رصينه
فقد نقلوا لنا مدا وصاعا كما نقلوا إقامته أذينه
كذا صفة الصلاة وترك جهر ببسملة وأحباس ثمينه
مصلى العيد والقبر المفدى ومنبره الذي أبدى حنينه
وتقرير لأمر مستفيض كهدة ذي مدين أو مدينه
وتركهم الزكاة بخضروات مزارعة كذا تأبير لينه
دراهم كافر إنشاد شعر ولهو يوم عيد يشتهينه
فهذا النقل ليس له مرد فشد بمثله كفى ضنينه
وما عملوا برأي واجتهاد فمعركة النزاع به سخينه
فبعض المالكية ذو احتجاج به وبه يرجح للقرينه
ولم يجنح جل الاجلا فتقطع سنة ثبتت وتينه
فإن تتعارض الاثار رجح موافق سنة الدار المكينه
ولا تمنع مجال تخالف لن تصيد ظباءه أبدا وعينه
أبو عمرو بن عبد البر أبدى لنا الكافي على فقه المدينه
وفيه القبض والارسال جاءا معا والقبض حجته متينه
رواه النجم والمدني منهم وواطأ أشهب فيه قرينه
محل الكره في وضع المصلي على يسراه ياصحبي يمينه
إذا قبض استنادا لا استنانا وتأويلاته الاخرى مهينه
أرى متأخرين قد استدلوا بأن السدل من عمل المدينه
ولم أره صريحا للقدامى وإن نصرته طائفة رزينه
وصح الرفع بالاسناد عنهم ويروى تركه والرفع زينه
كفى إنصات مأموم بجهر كذا تسليمة تكفى يمينه
وترك دعاء الاستفتاح ترك لبسملة للجته سفينه
وترك تحية في خطبة ذا في الاستذكار جاء فرد معينه
وترك قراءة في صلاة ميت روته لنا المدونة المعينه
خيار البيعين أجيب عنه به لتفرق لم ندر حينه
وأول بافتراقهما بقول كذا منع الصكوك ببيع عينه
وما أسلفت نزر من كثير رجاءي للمطالع أن يعينه
ووقعة حرة عاثت فسادا بطيبة وقعة كانت مهينه
غزاها للفويسق في ثلاث وستين ابن عقبة ذوالضغينه
فكم قتلوا من الاصحاب فيها وكم ظلموا هنالك من ظعينه
ومالك بالمدينة كان أدرى حماه وكم حمى أسد عرينه
ويعلم نقلة الاصحاب منها وكل عنده سنن مبينه
شفيعي يوم تاتي كل نفس تجادل أو بما كسبت رهينه
لساكنها عليه الله صلى وسلم ما تذكرنا جبينه