سؤال4: في نفس الموضوع:
الأذان الموحد الآن في كثير من المساجد والزيادة عليه ، والزيادة على الأذان ، ما حكم هذا ؟
الجواب: الزيادة على الأذان فقد سبق عليه الكلام آنفا ، قلنا أن الأذان النبوي إنما هو يبدأ ب: الله أكبر الله أكبر وينتهي ب: لاإله إلاّ الله ، وتعجبني كلمة في بعض البلاد العربية............يق ول العامّة:"الزائد أخُ الناقص " وهذا صحيح ، هذا الكلام مأخوذ من السّنّة ، يقول عليه السلام :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ " والأحاديث تعرفونها والحمدلله وهي كثيرة في هذا المعنى ، فكما لايجوز للمسلم أن يصلي المغرب أربعًا كذلك لايجوز له أن يصلي المغرب ركعتين ، لماذا؟ الزائد أخُ الناقص ، كما لايجوز الزيادة في الدين كذلك لايجوز النقصان منه ، أو لعله العكس أن يُقال الصواب أكثر ، كما لايجوز النقص من الدين لايجوز الزيادة فيه .
ومن الغريب الذي سهى عنه جماهير الناس أنهم جميعًا يتفقون على استنكار النقص من العبادة ، ماأحد يرى أنه يجوز أن نصلي المغرب ركعتين كما يصلي الفجر لكن كثير من الناس يرون الزيادة على ما جاء به الرسول عليه الصلاةو والسلام من العبادات والطاعات كما نحن الآن بالنسبة للأذان ، أذان الرسول صلى الله عليه وسلم الذي علّمه أبا محذورة كما ذكرنا آنفا وعليه كان بلال الحبشي وكلّ المؤذنين على كل العصور والدّهور، كانوا يبدأون ب: الله أكبر الله أكبر وينتهون ب: لاإله إلاّ الله .
فماالذي صيّغ الزيادة مقدّما أو مؤخرا ؟ يستعملون عقولهم ، وليتها كانت عقولاً مثقّفة بثقافة إسلامية صحيحة .
يقول قائلهم ، إذا قيل له مثلا: ياأخي ، السنة أن تقف في أذانك عند : لاإله إلاّ الله ، ولاتزيد ، يقول لك :ياأخي شُو فيها ...شو فيها؟
هذا الذي يقول هذه الكلمة لم يفكر في معنى من معاني آيات وأحاديث صحيحة .
الآية الكريمة التي تقول:" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا " .
أتممت : انتهى ، بعد التمام مافيه إلاّ النقصان ، فكيف يقول هذا المسلم : شُو فيها ياأخي إذا أنا زدت مثلا بالصلاة على الرسول عليه السلام بعد أذاني ؟
يا أخي ...تأمّل ..وتفكّر ..فيها نسبة الخيانة لنبيّك عليه السلام ، لو أنك اعتقدت كفرت وخرجت عن الإسلام ، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد خوطب بنصّ القرآن ونفّذ ما أُمر به بهذا النصّ ألا وهو قوله عزوجل :" ياأيّها الرسول بلّغ ماأنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس " .
وما أحلى حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها حين قالت في حديثٍ لها [ لابأس من ذكره بتمامه فيما فيه من فائدة وربّما يكون بعض الناس ممّن يتبنّون شيئًا خلاف ما نصّ هذا الحديث عليه ].
جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم بسند صحيح عن مسروق من كبار التّابعين رجل فاضل يُسمّى ب"مسروق " جاء إلى السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها ، فقال لها: ياأمّ المؤمنين هل رأى محمّدٌ ربَّه ؟ قالت: لقد قَفَّ شعري ممّا قلت ، قال : ياأم المؤمنين إرحميني ولاتعجلي عليّ ، أليس يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم " ولقد رآه نزلة أخرى " قالت: أنا أعلم الناس بذلك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:"رأيتُ جبريل في صورته التي خُلق فيها مرّتين وله ستُّ مائة جناح وقد سدّ الأُفق "
إذن السيدة عائشة تفسّر لمسروق الآية التي سألها عنها متوهّمًا أن الآية تعني أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربَّه فقالت له :لا ..انا أعلم الناس بذلك، سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، فقال :" رأيتُ جبريل في صورته التي خُلق فيها مرّتين وله ستُّ مائة جناح وقد سدّ الأُفق " ثمّ تابعت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها كلامها فقالت :"ثلاثٌ من حدّثكمهنّ فقد أعظم على الله الفِرية : من حدّثكم بأنّ محمدًّا صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربَّه فقد أعظم على الله الفرية اقرأوا قوله تبارك وتعالى:"وما كان لبشرٍ أن يكلّمه الله إلاّ وحيًا أو من وراء حجاب "
فإذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين عُرج به إلى السموات العُلى مارأى ربّه لأن الله حينما فرض عليه ما فرض من الصلوات الخمس وكلّمه بذلك إنّما كلّمه من وراء حجاب ، وهذا من معاني الآية المذكورة :
"وما كان لبشرٍ أن يكلّمه الله إلاّ وحيًا" [بواسطة جبريل عليه السلام] " أو من وراء حجاب " أو يرسل رسولاً إلى البشر ، فاستشهدت السيدة عائشة على أنه لايمكن لبشر أن يرى ربّه في الدنيا .
"من حدّثكم أنّ محمدًّا صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية " ثمّ تلت الآية :"وما كان لبشرٍ أن يكلّمه الله إلاّ وحيًا أو من وراء حجاب ".
ثمّ قالت:" ومن حدّثكم أنّ محمّدًا صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية " ثم تلت قوله تعالى :" قُل لايعلم من في السماوات والأرض الغيب إلاّ الله " ثمّ قالت (وهنا الشاهد )"ومن حدّثكم أن محمّدًا صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئًا أُمِرَ بتبليغه " (انتبهوا هنا الشاهد) " ومن حدّثكم أن محمّدًا صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئًا أُمِرَ بتبليغه فقد أغظم على الله الفِرية "ثمّ تلت قوله تعالى:" ياأيّها الرّسول بلّغ ماأنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس " ثم قالت: "لو كان محمّد صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا أُمِرَ بتبليغه لكتم قول الله عزوجل :" وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتّقِ الله وتُخفي في نفيك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحقّ أن تخشاه " لو كان الرسول يكتم شيء قد يكتم هذه المعاتبة من ربّه له لكنّه تنفيذًا منه للآية السابقة :" ياأيّها الرّسول بلّغ ماأنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من النّاس " .
إذن قد بلّغ الرسول عليه السلام الإسلام كلّه بحذافره لم يُبقِ ولو حرفًا واحدًا لأحد حتى يستدرك عليه .
فإذا كان الرسول علّم المؤذنين في زمانه أن الأذان يبدأ ب: الله أكبر الله أكبر وينتهي ب: لاإله إلاّ الله ، إذن صحّ قولُ من قال : الزائد أخُ الناقص ، فلايجوز الزيادة في الدين إطلاقًا لأنّ الدّين قد كَمُل وما أحسن كلمة عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما حينما قال مفسّرًا للحديث المعروف :"كلّ بدعة ضلالة ".
الحديث هكذا :"كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار " أما ابن عمر فأضاف إلى هذه الجملة جملة يمكن أن نعتبرها جملة تفسيرية فقال :"كلّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ".
وهذا هو الواقع اليوم كما قلت آنفًا إذا قلت :لاتفعل هكذا ، بيقول لك :شو فيها ...ياأخي فيها أنك تستدرك على نبيّك ....ما بيكفّي هذا؟ يكفي هذا وبعضه يكفي ضلالاً وبُعْدًا عن السّنّة ، فنسأل الله عزوجل أن يحيينا على السنة وأن يتوفّانا عليها جميعًا إن شاء الله تبارك وتعالى .