جمع "أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله النجيرمي الكاتب أيمان أهل الجاهلية في كراسة دعاها "أيمان العرب في الجاهلية". وقد ذكر في مقدمته لها أن العرب كانت في الجاهلية على مذاهب في أيمانها، وذلك على حسب عقيدتها ودينها.
فكان معظمها ممن يدين الله لذلك كان قسمها بالله تعالى، والقسم به عندهم أعظم الأيمان، ولذلك قال "النابغة الذبياني":
حلفت فلم أترك لنفسك ربية وليس وراء الله للمرء مذهبْ
وكان من قسمهم به قولهم: "والله، فإنها تملأ الفم، وترقئ الدم، أي تبرئ الظنين بالدم من الدم فيرقأ سَمه، أي يسكن محقوناً في مسكه فلا يراق، وقولهم: لا والذي يراني من فوق سبعة أرقعة، أي من فوق سبع سماوات. ويؤيد هذا القسم ما جاء في حديث الرسول أنه قال لسعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من قوق سبعة أرقعة". وقولهم: "لا والذي شق الرجال للخيل، والجبال للسيل". وقولهم: "لا، لا والذي شقهن خمساً من واحدة"، يعني أصابع يده إذا حلف فرفع يده وفرق أصابعه.
ومن أيمانهم أيضاً قولهم: "لا والذي وجهي زَمَم بيته"، وقولهم: "لا والذي لا يواريني منه خَمَر" والخمر ما واراك من شجر، والمعنى: لا يواريني منه شيءْ. وقولهم: لا، لا والذي لا يواريني منه غيب"، وقولهم: "لا، والذي لا يتقي بوجاح"، أي لا يستتر منه وجاح فيتقي به. والوجاح كل ما حال بينك وبين شيء من ستر أو ثوب أو حائط أو غير ذلك. وقولهم: "لاوالذي لا أتقيه إلا بمقتله"، أي كيف رمت أن أتقيه فهناك المقتل. وقولهم: لا والذي أخرج العذق من الجريمة، والنار من الوثيمة.
ومن أيمان هذه الطبقة المؤلهة: "لا، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة لا، وقولها: " لا، والذي سمك السماك"، و"لا، والذي يراني من حيث ما نظر"، و"لا، وفالق الإصباح وباعث الأرواح". وقولها: "لا، ومجري الرياح. ولا، ومجرى الإلهة"، أي الشمس. وقولها: "لا يأتمر له جُدولي والجُدول الأعضاء، أي إن أعضائي كلها جند لله تعالى عليّ.
ومن إيمانهم: لا، ومقطع القطر ولا ومميت الرياح، ولا مجري البحر، ولا ومنشىء السحاب، ولا والذي دحا الأرض ولا والذي سجد له النجم والشجر، ولا والذي حجت له العمائر، والعمارة الحي الكبير، والذي ذابت له الشعور، ولا وفاطر الأشباح، ولا والذي يرصدني أنى سلكت، ولا ورب الشمس والقمر، ولا ورب البيت والحجر، ولا والذي أخرح الماء من الحجر، والنار من الشجر. ولا ورازق الأنام، ولا ورب النور والظلام، ولا ورب الحل والحرام ولا ورب الحل والإحرام. قال مهلهل:
قتلوا كليباً ثم قالوا ألا اربعوا كذبوا ورب الحلّ والإحرام
ومن أيمانهم: لا والذي أمنه من كل أوب، ولا والراقصات ببطن مرّ، ووالذي رقصن ببطحائه، ولا والراقصات ببطن جمع، ولا والذي نادى الحجيج له، ولا وقائتي نفسي، أي الذي جعل نفسي قوتاً لمدة حياتي. ولا لا وقائت نفسي القصر، يريد قصر العمر. ويمين الله لقد كان كذا وايمن الله، و" ايم الله" وم الله لقد كان ذاك" وايم الله، و" ايمن الله، وايمن الكعبة، و"رب الراقصات.ومن ذلك قولهم: عمرك الله على ذلك،و قعيدك الله،و لا قعيدك الله، ولا ورافعها بغير عمد،لا وسامكها، لا وباسطها،لا وماهدها وداحيها، ولا والذي أمد اليه بيد قصيرة ولا والذي كل الشعوب تدين له ولا والذي يراني ولا أراه، وحرام الله و"يمين الله لا وأقسم باللّه وأقسم بالله قسماً صادقاً،وقسماً باراً.
ومما يؤيد قسمهم هذه الطائفة باللهِ ما جاء في القرآن: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم).