الشيخ: محمد ناصر الحزمي.
لا شك أن مساوئ الأخلاق عموماً من أشد الأمور تنفيراً للناس عن الداعية إذا اتصف بشيء منها، بيد أننا سنخص بعض المنفرات لما لها من الأثر الكبير في تنفير الناس، ومن هذه المنفرات:
أولاً: عدم مراعاة أحوال الناس وظروفهم: عن جابر قال: «كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم، ثم صلى وحده وانصرف. فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار، وإن معاذاً صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: يا معاذ! أفتان أنت اقرأ بكذا واقرأ بكذا» وفي رواية: «اقرأ والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، وسبح اسم ربك الأعلى» [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].
ثانياً: التعلق بمتاع الدنيا وزخرفها: ففي حديث سهل بن سعد الساعدي قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما أيدي الناس يحبوك» [رواه ابن ماجه].
وقال أعرابي لأهل البصرة: من سيدكم؟ قالوا: الحسن، قال: بم سادكم؟ قالوا: احتاج الناس إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم، فقال: ما أحسن هذا.
ثالثاً: الغلظة والفظاظة: وهذا المنفر أصله قول الحق عز وجل لسيد الدعاة عليه أفضل الصلاة والسلام: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِين َ} [آل عمران:159]. وما من شيء أشد تنفيراً للناس عن الحق والخير مثل دعوتهم إليه بالغلظة والخشونة.
ولقد انحسر أثر بعض الدعاة المخلصين في الناس ولم يوفقوا إلى إيصال ما لديهم من حق إلى عموم المسلمين وغيرهم، لأنهم أخطأوا الأسلوب الذي يفتحون به قلوب الناس وعقولهم، فغلب عليهم الجدل بالتي هي أخشن، والمواجهة بالغلظة والحدة.
رابعاً: التعسير والتعقيد: ولما للتيسير -في حدود الشرع- من أثر في تأليف القلوب، وزيادة ربطها بهذا الدين، نادى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاة قائلاً: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» [رواه البخاري ومسلم].
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
منبر علماء اليمن: